للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ، وَسَوَاءٌ كَانَا مِنْ بَيْعٍ، أَوْ مِنْ قَرْضٍ أَوْ اخْتَلَفَا؛ لِأَنَّهُ مَعَ اتِّحَادِ النَّوْعِ مُبَادَلَةٌ وَمَعَ اخْتِلَافِهِ صَرْفُ مَا فِي الذِّمَّةِ وَكِلَاهُمَا جَائِزٌ بِشَرْطِ التَّعْجِيلِ، وَالْحُلُولِ وَلِهَذَا قَالَ (إنْ حَلَّا) ، أَيْ: مَعًا لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى صَرْفِ مُتَأَخِّرٍ، أَوْ إلَى بَدَلِ مُسْتَأْجِرٍ وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ فَقَوْلُهُ (وَإِلَّا فَلَا) ، أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الدَّيْنَانِ مِنْ الْعَيْنِ حَالَّيْنِ بِأَنْ كَانَا مُؤَجَّلَيْنِ، أَوْ أَحَدُهُمَا فَلَا تَجُوزُ الْمُقَاصَّةُ إذْ هِيَ بَدَلٌ، أَوْ صَرْفٌ مُسْتَأْجَرٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ الْمَنْعُ بِمَا إذَا لَمْ تَبْعُدْ التُّهْمَةُ فَإِنْ بَعُدَتْ جَازَتْ كَمَا هُوَ فِي بُيُوعِ الْآجَالِ الْمُشَارِ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يُعَجِّلَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْمُتَأَخِّرِ جِدًّا فَإِنْ قِيلَ الِاخْتِلَافُ فِي النَّوْعِ يَسْتَلْزِمُ الِاخْتِلَافَ فِي الصِّفَةِ فَذِكْرُهُ الِاخْتِلَافَ فِي الصِّفَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى هَذَا مُسْتَدْرَكٌ، وَالْجَوَابُ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ اخْتِلَافُهُ تَوْكِيدٌ، وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا تَصْرِيحٌ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ صَرَّحَ بِهِ لِيُشَبِّهَ بِهِ قَوْلَهُ

(ص) كَإِنْ اخْتَلَفَا زِنَةً مِنْ بَيْعٍ (ش) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ سَابِقًا اتَّحِدَا قَدْرًا كَمَا أَنَّ مَا قَبْلَهُ مَفْهُومُ اتِّحَادِ الصِّفَةِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الدَّيْنَيْنِ إذَا اخْتَلَفَا زِنَةً، أَوْ عَدَدًا فَإِنْ كَانَا مِنْ بَيْعٍ مُنِعَتْ الْمُقَاصَّةُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُبَادَلَةِ وَأَحَدُ الْعَيْنَيْنِ أَكْثَرُ فَهُوَ تَفَاضُلٌ حَلَّا أَمْ لَا عَلَى مَا لِابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَعِنْدَ ابْن بَشِيرٍ وَارْتَضَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَالْجَوَازُ مَعَ حُلُولِهِمَا وَيُمْكِنُ تَمْشِيَةُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عَلَيْهِ بِجَعْلِ التَّشْبِيهِ تَامًّا فِيمَا قَبْلَهُ مِنْ قَوْلِهِ إنْ حَلَّا، وَإِلَّا فَلَا، وَأَمَّا إنْ كَانَا مِنْ قَرْضٍ امْتَنَعَتْ الْمُقَاصَّةُ وَإِنْ حَلَّا فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ بَيْعٍ، وَالْآخَرُ مِنْ قَرْضٍ فَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ بَشِيرٍ أَنَّهُ كَذَلِكَ حَيْثُ حَصَلَ قَضَاءُ الْقَرْضِ بِأَكْثَرَ مِنْهُ، وَأَمَّا إنْ حَصَلَ قَضَاءُ ثَمَنِ الْمَبِيعِ بِأَكْثَرَ مِنْهُ فَظَاهِرُ نَصِّ ابْنِ بَشِيرٍ أَنَّهُ جَائِزٌ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِظَاهِرِ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا مَرَّ وَثَمَنُ الْمَبِيعِ مِنْ الْعَيْنِ كَذَلِكَ وَجَازَ بِأَكْثَرَ

(ص) ، وَالطَّعَامَانِ مِنْ قَرْضٍ كَذَلِكَ (ش) التَّشْبِيهُ فِي قَوْلِهِ دَيْنَيْ الْعَيْنِ فَتَجُوزُ الْمُقَاصَّةُ إنْ اتَّحَدَا قَدْرًا وَصِفَةً كَإِرْدَبٍّ وَإِرْدَبٍّ كِلَاهُمَا مِنْ قَمْحٍ، أَوْ شَعِيرٍ مِنْ صِنْفٍ حَلَّا، أَوْ أَحَدُهُمَا أَمْ لَا وَإِنْ اخْتَلَفَا صِفَةً مَعَ اتِّحَادِ النَّوْعِ كَسَمْرَاءَ وَمَحْمُولَةٍ، أَوْ اخْتِلَافِهِ كَقَمْحٍ وَفُولٍ جَازَتْ إنْ حَلَّا، وَإِلَّا فَلَا كَأَنْ اخْتَلَفَا قَدْرًا فَيُمْنَعُ عَلَى مَا لِابْنِ بَشِيرٍ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ قَرْضٍ

(ص) وَمُنِعَا مِنْ بَيْعٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُقَاصَّةَ لَا تَجُوزُ فِي دَيْنَيْ الطَّعَامِ إذَا كَانَا مِنْ بَيْعٍ وَبَالَغَ عَلَى الْمَنْعِ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ مُتَّفِقَيْنِ) ، أَيْ: فِي الْأَجَلِ، وَالصِّفَةِ، وَالْقَدْرِ اتَّفَقَتْ رُءُوسُ الْأَمْوَالِ، أَوْ اخْتَلَفَتْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِعِلَلٍ ثَلَاثَةٍ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَهَذِهِ الْعِلَّةُ عَامَّةٌ وَطَعَامٌ بِطَعَامٍ وَدَيْنٌ بِدَيْنٍ نَسِيئَةً وَهَاتَانِ فِي غَيْرِ الْحَالَيْنِ، وَالْمَنْعُ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْأَجَلِ جَارٍ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ الْمُعَجِّلَ لِمَا فِي الذِّمَّةِ مُسَلِّفٌ وَأَجَازَهَا أَشْهَبُ فِي الْمُتَّفِقَيْنِ فِي جَمِيعِ مَا سَبَقَ مِنْ الْأَوْصَافِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ كَالْإِقَالَةِ

(ص) وَمِنْ قَرْضٍ وَبَيْعٍ تَجُوزُ إنْ اتَّفَقَا وَحَلَّا (ش) يَعْنِي أَنَّ دَيْنَيْ الطَّعَامِ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ قَرْضٍ، وَالْآخَرُ مِنْ بَيْعٍ تَجُوزُ الْمُقَاصَّةُ فِيهِمَا بِشَرْطَيْنِ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَا مُتَّفِقَيْنِ فِي النَّوْعِ، وَالصِّفَةِ، وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَا حَالَّيْنِ وَعِلَّةُ الْجَوَازِ أَنَّ الَّذِي أَسْلَمَ كَأَنَّهُ اقْتَضَى عَنْ طَعَامِ السَّلَمِ الَّذِي لَهُ طَعَامَ الْقَرْضِ الَّذِي عَلَيْهِ مِنْ نَفْسِهِ، وَلَا مَحْظُورَ فِي ذَلِكَ وَلَمْ يُنْظَرْ هُنَا إلَى بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ بِالنِّسْبَةِ لِطَعَامِ الْبَيْعِ تَغْلِيبًا لِجَانِبِ الْقَرْضِ؛ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ وَانْضَمَّ إلَى ذَلِكَ كَوْنُ الْمُقَاصَّةِ مَعْرُوفًا أَيْضًا وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ إنْ اتَّفَقَا يَنْبَغِي فِيهِ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ حِينَئِذٍ الْبَيْعُ

(ص) لَا إنْ لَمْ يَحِلَّا، أَوْ (حَلَّ) أَحَدُهُمَا (ش) يَعْنِي أَنَّ طَعَامَيْ الْبَيْعِ، وَالْقَرْضِ إذَا لَمْ يَحِلَّا مَعًا، أَوْ حَلَّ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ فَإِنَّ الْمُقَاصَّةَ لَا تَجُوزُ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ مَنْ عَجَّلَ مَا فِي الذِّمَّةِ يُعَدُّ مُسَلِّفًا، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ لَا إنْ لَمْ يَحِلَّا إلَخْ غَيْرُ ضَرُورِيِّ الذِّكْرِ عَلَى أَنَّ فِيهِ تَكْرَارًا إذْ قَوْلُهُ لَا إنْ لَمْ يَحِلَّا، أَيْ: مَعًا صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُؤَجَّلًا، أَوْ أَحَدُهُمَا فَقَطْ وَأَيْضًا النَّصُّ عَلَى الْمَنْعِ فِيمَا إذَا حَلَّ أَحَدُهُمَا فَقَطْ يُفِيدُ الْمَنْعَ فِيمَا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُؤَجَّلًا بِالْأَوْلَى

(ص) وَتَجُوزُ فِي الْعَرَضَيْنِ مُطْلَقًا إنْ اتَّحَدَا جِنْسًا وَصِفَةً (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُقَاصَّةَ تَجُوزُ فِي دَيْنَيْ الْعَرَضِ سَوَاءٌ اتَّفَقَ الْأَجَلُ، أَوْ اخْتَلَفَ كَانَا مِنْ بَيْعٍ، أَوْ قَرْضٍ، أَوْ أَحَدُهُمَا مِنْ بَيْعٍ، وَالْآخَرُ مِنْ قَرْضٍ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ: فَإِنْ بَعُدَتْ جَازَتْ) وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْكَثْرَةَ جِدًّا زِيَادَةُ الْمُعَجَّلِ عَلَى الْمُؤَخَّرِ بِقَدْرِ نِصْفِ الْمُؤَخَّرِ، وَلَا يُبْحَثُ فِي هَذَا الْقَيْدِ بِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي مُطَارَحَةِ مَا فِي الذِّمَّتَيْنِ لَا فِي زِيَادَةِ شَيْءٍ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ لِأَنَّا نَقُولُ قَدْ يَخْتَلِفُ عَدَدُ الدَّيْنَيْنِ (قَوْلُهُ: تَوْكِيدٌ) لَا يَظْهَرُ، وَلَا مَعْنَى لَهُ بَلْ الْمُنَاسِبُ لَهُ أَنْ يَقُولَ فَذِكْرُ اخْتِلَافِ الصِّفَةِ تَأْكِيدٌ أَيْ مَعْنَى (قَوْلِهِ فَظَاهِرُ نَصِّ ابْنِ بَشِيرٍ إلَخْ) هَذَا عِنْدَ حُلُولِهِمَا مَعًا، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَحِلَّا، أَوْ حَلَّ أَحَدُهُمَا فَيَمْتَنِعُ مُطْلَقًا فَهَذَا التَّفْصِيلُ فِيمَا إذَا حَلَّا مَعًا هَذَا مَا فِي عب وَانْظُرْهُ وَظَاهِرُ الشَّارِحِ الْإِطْلَاقُ وَطَرِيقَةُ غَيْرِهِ الْمَنْعُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَا مِنْ بَيْعٍ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ حَلَّا أَمْ لَا.

(قَوْلُهُ: جَارٍ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ) ، وَأَمَّا لَوْ لَمْ يُرَاعِ ذَلِكَ بِأَنْ قُلْنَا الْمُعَجِّلُ لِمَا فِي الذِّمَّةِ لَيْسَ بِمُسَلِّفٍ فَهُوَ جَائِزٌ وَعِبَارَةُ بَهْرَامَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَعَ الِاخْتِلَافِ قَدْ ظَهَرَ قَصْدُهُمَا إلَى بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَهُوَ أَيْضًا جَارٍ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ الْمُعَجِّلَ لِمَا فِي الذِّمَّةِ يُعَدُّ مُسَلِّفًا ابْنُ يُونُسَ وَعَلَى مَا قَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي إسْقَاطِ التَّأْجِيلِ يَجُوزُ ذَلِكَ.

[الْمُقَاصَّةَ تَجُوزُ فِي دَيْنَيْ الْعَرَضِ]

(قَوْلُهُ: إنْ اتَّحَدَا جِنْسًا وَصِفَةً) دَخَلَ فِي الْعَرَضِ الْحَيَوَانُ، وَالْعَقَارُ إنْ قُلْنَا بِدُخُولِ الْمُقَاصَّةِ فِي غَيْرِ الدَّيْنِ إذْ الْعَقَارُ لَا يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ، وَلَا يَدْخُلُ فِي الْإِطْلَاقِ اتَّفَقَا قَدْرًا أَمْ لَا إذْ يَدْخُلُهُمَا حَيْثُ اخْتَلَفَا قَدْرًا وَكَانَا مُؤَجَّلَيْنِ، أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا ضَعْ وَتَعَجَّلْ وَحُطَّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُك فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>