عَيْنًا فَيَلْزَمُ مُقْرِضَهَا أَخْذُهَا بِغَيْرِ مَحَلِّهَا إذْ لَا كُلْفَةَ فِي حَمْلِهَا وَلَوْ اتَّفَقَ فِي الطَّرِيقِ خَوْفٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلَ الْعَيْنِ الْجَوَاهِرُ النَّفِيسَةُ فِيمَا ذُكِرَ أَيْ وَإِنْ كَانَتْ فِي الْبَابِ السَّابِقِ كَالْعُرُوضِ، وَقَوْلُهُ: كَأَخْذِهِ إلَخْ مِثْلُهُ فِي دَفْعِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ كَمَا فِي الْبَيْعِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْعَيْنَ إذَا احْتَاجَتْ إلَى كَبِيرِ حَمْلٍ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهَا كَغَيْرِهَا
(فَصْلٌ) فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمُقَاصَّةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا وَهَذَا الْفَصْلُ بَيَّضَ لَهُ الْمُؤَلِّفُ وَأَلَّفَهُ الشَّيْخُ بَهْرَامُ؛ لِأَنَّ عَادَةَ الْأَشْيَاخِ فِي الْغَالِبِ أَنْ يُذَيِّلُوا هَذَا الْفَصْلَ بِذِكْرِ الْمُقَاصَّةِ وَعَرَّفَهَا ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ مُتَارَكَةُ مَطْلُوبٍ بِمُمَاثَلٍ صِنْفٌ مَا عَلَيْهِ لِمَالِهِ عَلَى طَالِبِهِ فِيمَا ذُكِرَ عَلَيْهِمَا فَقَوْلُهُ صِنْفٌ فَاعِلٌ بِمُمَاثَلٍ، أَيْ: بِمُمَاثَلٍ فِي الصِّنْفِيَّةِ فَيَخْرُجُ بِهِ الْمُخْتَلِفَانِ جِنْسًا، أَوْ نَوْعًا فَإِنَّهَا لَا تَصِحُّ فِي ذَلِكَ فَإِنْ تَمَاثَلَا فِي الصِّنْفِيَّةِ وَاخْتَلَفَا فِي صِفَةِ الْجَوْدَةِ، وَالرَّدَاءَةِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ بِاعْتِبَارِ حُلُولِ الْأَجَلِ وَعَدَمِهِ، وَقَوْلُهُ: مَا عَلَيْهِ خَيْرٌ مِنْ لَفْظِ الدَّيْنِ فَتَدْخُلُ الْمُقَاصَّةُ فِيمَا حَلَّ مِنْ الْكِتَابَةِ وَنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ، وَقَوْلُهُ: لِمَالِهِ مُتَعَلِّقٌ بِمُمَاثَلٍ، أَيْ: بِالْمَالِ الَّذِي لَهُ وَبِعِبَارَةٍ مُتَعَلِّقٌ بِمُمَاثَلٍ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ لَهُ وَإِنَّمَا عَدَّاهُ بِاللَّامِ وَإِنْ كَانَ فِعْلُهُ مُتَعَدِّيًا بِنَفْسِهِ لِضَعْفِهِ فِي الْعَمَلِ عَنْ الْفِعْلِ، وَقَوْلُهُ: فِيمَا ذُكِرَ مُتَعَلِّقٌ بِمُتَارَكَةٍ وَمَا ذُكِرَ هِيَ الصِّنْفِيَّةُ وَقَوْلُهُ عَلَيْهِمَا حَالٌ مِمَّا ذُكِرَ، أَيْ: حَالَ كَوْنِ مَا ذُكِرَ عَلَيْهِمَا، أَيْ: حَالَ كَوْنِ الْمُمَاثِلِ الَّذِي لِأَحَدِهِمَا هُوَ الَّذِي عَلَى الْآخَرِ وَبِعِبَارَةٍ وَاحْتَرَزَ بِهِ عَمَّا إذَا حَصَلَتْ الْمُتَارَكَةُ فِي غَيْرِ مَا ذُكِرَ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مُقَاصَّةً فَلَوْ تَارَكَ مَطْلُوبٌ طَالِبَهُ بِمُمَاثِلِ صِنْفِ مَا عَلَيْهِ فِي غَيْرِ مَا ذُكِرَ بِأَنْ تَارَكَهُ فِي حَقٍّ لَهُمَا عَلَى شَخْصٍ آخَرَ فَلَيْسَتْ مُقَاصَّةً
(ص) تَجُوزُ الْمُقَاصَّةُ فِي دَيْنَيْ الْعَيْنِ مُطْلَقًا إنْ اتَّحَدَا قَدْرًا وَصِفَةً حَلَّا أَوْ أَحَدُهُمَا أَمْ لَا (ش) اعْلَمْ أَنَّ الدَّيْنَيْنِ إمَّا مِنْ بَيْعٍ، أَوْ مِنْ قَرْضٍ، أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَا عَيْنًا، أَوْ طَعَامًا، أَوْ عَرَضًا فَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ هُنَا إلَى كَوْنِهِمَا عَيْنًا، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُقَاصَّةَ تَجُوزُ فِي دَيْنَيْ الْعَيْنِ إنْ اتَّحَدَا قَدْرًا كَعَشَرَةٍ وَعَشَرَةٍ مِثْلِهَا وَصِفَةً كَمُحَمَّدِيَّةٍ وَمِثْلِهَا وَيَلْزَمُ مِنْ اتِّحَادِهِمَا فِي الصِّفَةِ الِاتِّحَادُ فِي النَّوْعِ، وَسَوَاءٌ كَانَ سَبَبُ الدَّيْنَيْنِ بَيْعًا، أَوْ قَرْضًا، أَوْ هُمَا، وَسَوَاءٌ حَلَّا مَعًا، أَوْ حَلَّ أَحَدُهُمَا، أَوْ لَمْ يَحِلَّ وَاحِدٌ بِأَنْ كَانَا مُؤَجَّلَيْنِ اتَّفَقَ أَجَلُهُمَا، أَوْ اخْتَلَفَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ الْإِذْنُ فِي الْإِقْدَامِ عَلَيْهَا شَرْعًا بِاعْتِبَارِ حَقِّ اللَّهِ فَيَصْدُقُ بِالْوُجُوبِ لَا قَسِيمُ الْوَاجِبِ، أَوْ الْمُرَادُ بِهِ عَلَى بَابِهِ وَعَبَّرَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ مِنْ أَحْوَالِهَا وَبِعِبَارَةٍ، وَقَوْلُهُ: قَدْرًا، أَيْ: وَزْنًا، أَوْ عَدَدًا وَسَيَأْتِي مَفْهُومُ قَدْرًا وَصِفَةً وَقَوْلُهُ حَلَّا، أَيْ: وَيَقْضِي بِهَا، وَقَوْلُهُ: أَوْ أَحَدُهُمَا أَمْ لَا، أَيْ: وَلَا يُقْضَى بِهَا وَهَذَا حُكْمُهُ كَوْنُ الْمُؤَلِّفِ عَبَّرَ بِالْجَوَازِ لَا بِالْوُجُوبِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ أَحَدُهُمَا عُطِفَ عَلَى الْأَلِفِ وَفِيهِ الْعَطْفُ عَلَى الضَّمِيرِ الْمَرْفُوعِ الْمُتَّصِلِ مِنْ غَيْرِ فَاصِلٍ فَكَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يَقُولَ كِلَاهُمَا، أَوْ أَحَدُهُمَا، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى حَلَّا عَطْفَ الْجُمَلِ؛ لِأَنَّ هَذَا خَاصٌّ بِالْوَاوِ
(ص) وَإِنْ اخْتَلَفَا صِفَةً مَعَ اتِّحَادِ النَّوْعِ أَوْ اخْتِلَافِهِ فَكَذَلِكَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُقَاصَّةَ تَجُوزُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَيْضًا وَهِيَ مَا إذَا اخْتَلَفَ دَيْنَا الْعَيْنِ فِي الصِّفَةِ، وَالنَّوْعُ مُتَّحِدٌ كَمُحَمَّدِيَّةٍ وَيَزِيدِيَّةٍ، أَوْ مُخْتَلِفٌ
ــ
[حاشية العدوي]
[فَصْلٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمُقَاصَّةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]
(قَوْلُهُ: وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا) عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى قَوْلِهِ الْمُقَاصَّةُ، أَيْ: فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُقَاصَّةِ مِنْ الْأَحْكَامِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ عَادَةَ) تَعْلِيلٌ لِكَوْنِ الشَّيْخِ بَهْرَامَ أَلَّفَهُ فِي الْمُقَاصَّةِ لَا فِي غَيْرِهَا.
(قَوْلُهُ: أَنْ يُذَيِّلُوا هَذَا الْفَصْلَ) ، أَيْ: الَّذِي هُوَ الْقَرْضُ (قَوْلُهُ: مُتَارَكَةُ مَطْلُوبٍ إلَخْ) مَفْعُولُهُ مَحْذُوفٌ، أَيْ: مُتَارَكَةُ مَطْلُوبٍ طَالِبَهُ فَطَالِبُهُ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا فِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: بِمُمَاثِلٍ) ، أَيْ: بِدَيْنٍ مُمَاثِلٍ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا مُقَاصَّةَ بَيْنَ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ مَعَ أَنَّهَا تَكُونُ بَيْنَهُمَا إنْ حَلَّا كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَكِنْ لَوْ حَذَفَهَا لَاقْتَضَى أَنَّهَا لَا تَكُونُ بَيْنَ الشَّرِيفِيَّةِ، وَالْبَنَادِقَةِ، وَلَا بَيْنَ الْمَسْكُوكِ وَغَيْرِهِ مِنْ الذَّهَبِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي مِثْلِ الشَّيْءِ أَنَّهُ الْمُشَارِكُ لَهُ فِي كُلِّ الْأَوْصَافِ مَعَ أَنَّهَا قَدْ تَكُونُ فِي ذَلِكَ وَحِينَئِذٍ فَالْإِتْيَانُ بِهَا وَحَذْفُهَا يُوجِبُ الِاعْتِرَاضَ وَلَوْ قَالَ مُتَارَكَةُ مَطْلُوبٍ طَالِبَهُ بِمُمَاثِلٍ مَا عَلَيْهِ بِمَالِهِ جِنْسًا لِسَلَمٍ مِنْ هَذَا بَلْ يَأْتِي عَنْ ابْنِ بَشِيرٍ مَا يُقَيِّدُ أَنَّهَا تَكُونُ بَيْنَ مُخْتَلِفِي الْجِنْسِ فَتَكُونُ فِيمَا إذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى صَاحِبِهِ طَعَامٌ وَلِصَاحِبِهِ عَلَيْهِ عَرَضٌ، أَوْ نَقْدٌ عَلَى مَا يَأْتِي لَكِنْ ذَكَرَ بَعْضُ الشُّيُوخِ أَنَّ مَا سَيَأْتِي مِنْ جَوَازِهَا فِي الْعَرَضَيْنِ إنْ اخْتَلَفَا جِنْسًا.
(قَوْلُهُ: فِيمَا حَلَّ مِنْ الْكِتَابَةِ) فَلَيْسَتْ دَيْنًا؛ لِأَنَّهَا تَسْقُطُ بِالْعُسْرِ وَلَوْ كَانَتْ دَيْنًا لَمْ تَسْقُطْ بِالْعُسْرِ (قَوْلُهُ: وَمَا ذُكِرَ هِيَ الصِّنْفِيَّةُ) ، أَيْ: هِيَ الْمُتَمَاثِلَيْنِ فِي الصِّنْفِيَّةِ (قَوْلُهُ: أَيْ: حَالَ كَوْنِ الْمُمَاثِلِ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ حَالَةَ كَوْنِ الْمُتَمَاثِلَيْنِ عَلَيْهِمَا لَا عَلَى غَيْرِهِمَا كَمَا ذُكِرَ، ثُمَّ أَقُولُ إنَّ فِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ إظْهَارًا فِي مَحَلِّ الْإِضْمَارِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ مَا عَلَيْهِ هُوَ عَيْنُ الضَّمِيرِ الرَّاجِعِ لِمَا وَلَوْ لَمْ يَظْهَرْ لَقَالَ بِمُمَاثِلِ صِنْفِهِ وَكَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ: وَاحْتَرَزَ إلَخْ) كَمَا إذَا كَانَ لِكُلٍّ مِنْ زَيْدٍ وَعَمْرٍو عَلَى الْآخَرِ مِائَةٌ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا مِائَةٌ عَلَى بَكْرٍ فَتَطَارَحَا فِيمَا ذُكِرَ عَلَى بَكْرٍ وَفَائِدَةُ ذَلِكَ لَوْ كَانَ دَيْنُ أَحَدِهِمَا بِرَهْنٍ، أَوْ حَمِيلٍ، وَالْآخَرُ لَا (قَوْلُهُ: دَيْنَيْ الْعَيْنِ) بِالْإِضَافَةِ الْبَيَانِيَّةِ، أَيْ: الدَّيْنَيْنِ الْعَيْنَيْنِ.
(قَوْلُهُ: عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) وَمُقَابِلُهُ مَا رَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ مِنْ الْمَنْعِ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْأَجَلِ لِدُخُولِ الْمُكَايَسَةِ حِينَئِذٍ، وَالْوَقْفُ مَعَ اتِّفَاقِهِ؛ لِأَنَّنَا إنْ نَظَرْنَا إلَى قَصْدِ الْمُعَاوَضَةِ مُنِعَتْ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ وَإِنْ نَظَرْنَا إلَى قَصْدِ الْمُتَارَكَةِ لِتَسَاوِي الْأَجَلِ جَازَتْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ ابْنُ نَافِعٍ إذَا حَلَّ أَحَدُهُمَا جَازَ كَمَا إذَا حَلَّا، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَحِلَّ وَاحِدٌ مِنْهُمَا امْتَنَعَتْ الْمُقَاصَّةُ كَانَ الْأَجَلُ مُتَّفِقًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: أَيْ وَيَقْضِي بِهَا) وَكَذَا إنْ لَمْ يَحِلَّا وَاتَّفَقَ أَجَلُهُمَا، وَأَمَّا إنْ اخْتَلَفَا فَإِنْ طَلَبَهَا مَنْ حَلَّ دَيْنُهُ فَكَذَلِكَ وَإِنْ طَلَبَهَا مَنْ لَمْ يَحِلَّ دَيْنُهُ فَلِلْآخَرِ أَنْ يَقُولَ أَنَا آخُذُ دَيْنِي لِحُلُولِهِ وَأَنْتَفِعُ بِهِ فَإِذَا حَلَّ دَيْنُك أَعْطَيْتُك مَالَك إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَانْظُرْ قَوْلَهُ؛ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ مِنْ أَحْوَالِهَا.