الشَّخْصَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ سِلْعَةً، أَوْ يُؤَاجِرُهَا بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَا يَعِيشُ مِنْ الزَّمَانِ فَهُوَ جَهْلٌ بِالثَّمَنِ وَإِذَا وَقَعَ ذَلِكَ فُسِخَ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْمَالِكِ بِقِيمَةِ مَا أَنْفَقَ، إنْ كَانَ مُقَوَّمًا، أَوْ بِمِثْلِهِ، إنْ كَانَ مِثْلِيًّا جُهِلَ قَدْرُهُ كَمَا لَوْ كَانَ فِي جُمْلَةِ عِيَالِهِ، وَإِنْ عَلِمَ رَجَعَ بِمِثْلِهِ كَمَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ مَكِيلَةً مَعْلُومَةً مِنْ الطَّعَامِ، أَوْ دَنَانِيرَ، أَوْ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً وَاخْتُلِفَ هَلْ يَرْجِعُ بِمَا كَانَ سَرَفًا بِالنِّسْبَةِ لِلْبَائِعِ، أَوْ لَا يَرْجِعُ إلَّا بِالْمُعْتَادِ وَصَوَّبَ ابْنُ يُونُسَ الْأَوَّلَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ
(ص) وَرَجَعَ بِقِيمَةِ مَا أَنْفَقَ، أَوْ بِمِثْلِهِ، إنْ عَلِمَ وَلَوْ سَرَفًا عَلَى الْأَرْجَحِ (ش) وَقَوْلُهُ (وَرُدَّ إلَّا أَنْ يَفُوتَ) هُوَ مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِهِ وَرَجَعَ بِقِيمَةِ مَا أَنْفَقَ، أَوْ بِمِثْلِهِ؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ بِذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ رَدِّ الْمَبِيعِ بِعَيْنِهِ، إنْ كَانَ قَائِمًا، فَإِنْ فَاتَ بِهَدْمٍ، أَوْ بِنَاءٍ مَضَى وَقُضِيَ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ قَبْضِهِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ الْمُبْتَاعُ بِقِيمَةِ - مَا أَنْفَقَ فَيَتَقَاضَانِ فَمَنْ لَهُ فَضْلٌ أَخَذَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُؤَلِّفُ وَقْتَ اعْتِبَارِ الْقِيمَةِ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ الْبِيَاعَاتِ الْفَاسِدَةِ أَنَّهَا يَوْمَ الْقَبْضِ فَفِي الْبَيْعِ يَوْمَ قَبْضِ الْمَبِيعِ وَفِي الْإِجَارَةِ عَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَهُوَ قِيمَةُ الْمَنَافِعِ فِي أَزْمَانِهَا وَفِي النَّفَقَةِ عَلَيْهِ لَهُ قِيمَةُ مَا أَنْفَقَ فِي أَزْمَانِهِ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ فَمِثْلُهُ
، ثُمَّ عَطَفَ مَنْهِيًّا عَنْهُ عَلَى مِثْلِهِ مِنْ قَوْلِهِ كَحَيَوَانٍ بِلَحْمِ جِنْسِهِ بِقَوْلِهِ
(ص) وَكَعَسِيبِ الْفَحْلِ يُسْتَأْجَرُ عَلَى عُقُوقِ الْأُنْثَى (ش) يَعْنِي أَنَّهُ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ أَنْ يُؤَاجِرَ فَحْلَهُ لِيَضْرِبَ الْأُنْثَى حَتَّى تَحْمِلَ وَلَا شَكَّ فِي جَهَالَتِهِ إذْ قَدْ لَا تَحْمِلُ فَيُغْبَنُ رَبُّ الْفَحْلِ وَقَدْ تَحْمِلُ فِي زَمَنٍ قَرِيبٍ فَيُغْبَنُ رَبُّ الْأُنْثَى وَالدَّلِيلُ عَلَى حَمْلِهَا غَالِبًا أَنْ تُعْرَضَ عَنْ الْفَحْلِ وَعُقُوقٌ بِضَمِّ الْعَيْنِ لَا بِفَتْحِهَا خِلَافًا لح اُنْظُرْ وَجْهَهُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ
(ص) وَجَازَ زَمَانٌ، أَوْ مَرَّاتٌ، فَإِنْ أَعَقَّتْ انْفَسَخَتْ (ش) أَيْ: وَلِأَجْلِ أَنَّ عِلَّةَ الْفَسَادِ الْجَهْلُ بِالْأَكْوَامِ وَزَمَنِهَا لَوْ تَعَيَّنَ أَحَدُهُمَا جَازَ كَيَوْمٍ، أَوْ يَوْمَيْنِ، أَوْ مَرَّةٍ، أَوْ مَرَّاتٍ كَثَلَاثَةِ أَكْوَامٍ أَيْ: مَرَّاتٍ وَعَطَفَ بِ أَوْ: لِإِفَادَةِ عَدَمِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي الْوَاضِحَةِ، إنْ يَوْمًا، أَوْ شَهْرًا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُسَمِّيَ نَزَوَاتٍ ابْنُ عَرَفَةَ فِي هَذَا الْأَصْلِ خِلَافٌ، فَإِنْ حَصَلَ الْإِعْقَاقُ أَيْ: الْحَمْلُ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فِي الصُّورَتَيْنِ كَمَا ارْتَضَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَعَلَيْهِ بِحِسَابِ مَا انْتَفَعَ
(ص) وَكَبَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ (ش) عَطْفٌ عَلَى كَحَيَوَانٍ بِلَحْمٍ وَالنَّهْيُ عَنْهُ مَا فِي الْمُوَطَّأِ وَخَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَصَحَّحَهُ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ» وَمَحْمَلُهُ عِنْدَ مَالِكٍ عَلَى إحْدَى صُورَتَيْنِ أَشَارَ لِإِحْدَاهُمَا بِقَوْلِهِ (ص) يَبِيعُهَا بِإِلْزَامٍ بِعَشْرَةٍ نَقْدًا، أَوْ أَكْثَرَ لِأَجَلٍ (ش) أَيْ: يَبِيعُ سِلْعَتَهُ بِإِلْزَامٍ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: أَوْ يُؤَاجِرُهَا) أَفَادَ بِهِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ بِالْبَيْعِ مَا يَعُمُّ بَيْعَ الذَّوَاتِ وَالْمَنَافِعِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ مُقَوَّمًا) أَيْ: مُطْلَقًا مَعْلُومَ الْقَدْرِ أَمْ لَا فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ يَرْجِعُ بِالْقِيمَةِ فِي ثَلَاثٍ وَبِالْمِثْلِ فِي وَاحِدَةٍ وَالرُّجُوعُ فِي الْأَرْبَعِ مُخْتَلِفٌ فَالْمُقَوَّمُ الْمَعْلُومُ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ وَالْمَجْهُولُ مِنْ مُقَوَّمٍ وَمِثْلِيٍّ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ مَا يَأْكُلُ كُلَّ يَوْمٍ.
(قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ كَانَ فِي جُمْلَةِ عِيَالِهِ) فَإِذَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ لِتُنْفِقْ مَا يَكْفِينِي مُدَّةَ حَيَاتِي، أَوْ تَدْفَعْ كُلَّ يَوْمٍ كَذَا دِرْهَمًا وَكَذَا مُدَّةَ حَيَاتِي (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَرَفًا) وَإِنَّمَا يَرْجِعُ بِالسَّرَفِ فِي مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ إذَا كَانَ السَّرَفُ قَائِمًا كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا فَإِنْ فَاتَ لَمْ يَرْجِعْ بِهِ وَلَا بِعِوَضِهِ وَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ الْإِجَارَةِ فَيَرْجِعُ بِهِ وَبِعِوَضِهِ إنْ فَاتَ وَالْفَرْقُ أَنَّ مُشْتَرِيَ الذَّاتِ يَمْلِكُ فِيهِ الْغَلَّةَ بِمِلْكِ الرَّقَبَةِ فَلِذَا لَمْ يَرْجِعْ مَعَ الْفَوَاتِ بِالسَّرَفِ وَالْإِجَارَةُ لَا تُمْلَكُ فِيهَا غَلَّةٌ لِعَدَمِ مِلْكِهِ الرَّقَبَةَ وَيَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَرْجَحِ) أَيْ: الَّذِي صَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ مِنْ قَوْلَيْنِ حَكَاهُمَا عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ أَحَدُهُمَا الرُّجُوعُ كَمَا قَالَ وَهُوَ أَقْيَسُ وَالثَّانِي لَا يَرْجِعُ إلَّا بِالْوَسَطِ كَمَنْ أَنْفَقَ عَلَى يَتِيمٍ لَهُ مَالٌ فَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْوَسَطِ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ إلَّا أَنْ يَفُوتَ) يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَبْسُ الْمَبِيعِ مَعَ قِيَامِهِ فِي النَّفَقَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: هُوَ مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِهِ وَرَجَعَ إلَخْ) حَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا حَكَمَ بِالرُّجُوعِ عُرِفَ أَنَّ الْمَبِيعَ رُدَّ وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا كَانَ قَائِمًا تُرَدُّ عَيْنُهُ وَإِنْ فَاتَ تُرَدُّ قِيمَتُهُ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَا يُرَدُّ الْمَبِيعُ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ رُجُوعٌ بِالْقِيمَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ فَاتَ بِهَدْمٍ، أَوْ بِنَاءٍ) أَيْ: عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ دَارًا.
(قَوْلُهُ: مَضَى) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُنَاسِبَ أَنْ يُحْذَفَ مَضَى وَذَلِكَ أَنَّهُ مَتَى قِيلَ مَضَى فَالْمَعْنَى إنَّمَا يَمْضِي بِالثَّمَنِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى قَوْلِهِ وَرُدَّ وَذَلِكَ أَنَّ الرَّدَّ مَعَ قِيَامِ الْمَبِيعِ بِمَعْنَى رَدِّ ذَاتِهِ وَمَعَ فَوَاتِهِ فَمَعْنَاهُ رَدُّ قِيمَتِهِ
[يُؤَاجِرَ فَحْلَهُ لِيَضْرِبَ الْأُنْثَى حَتَّى تَحْمِلَ]
(قَوْلُهُ: وَكَعَسِيبِ الْفَحْلِ) بِالْيَاءِ يُطْلَقُ عَلَى ذَكَرِ الْفَحْلِ وَضِرَابِهِ وَأَمَّا بِدُونِ يَاءٍ فَلَا يُطْلَقُ إلَّا عَلَى ضِرَابِهِ وَقَوْلُهُ يَسْتَأْجِرُ تَفْسِيرِيَّةٌ، أَوْ بَدَلٌ، أَوْ مُسْتَأْنَفَةٌ بِتَقْدِيرِ الْمُبْتَدَأِ وَقَوْلُهُ عَقُوقٌ أَيْ: حَمْلٌ (قَوْلُهُ: تُعْرِضَ عَنْ الْفَحْلِ) أَيْ: فَإِذَا أَعْرَضَتْ عَنْ الْفَحْلِ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهَا حَمَلَتْ فِي الْحَالِ وَعَدَمُ ظُهُورِ الْحَمْلِ عِنْدَ ذَلِكَ أَمْرٌ نَادِرٌ. (قَوْلُهُ: اُنْظُرْ وَجْهَهُ إلَخْ) وَذَلِكَ أَنَّ الْمَصَادِرَ الْآتِيَةَ عَلَى فَعُولٍ بِالْفَتْحِ خَمْسَةٌ وَهِيَ الْقَبُولُ وَالْوَقُودُ وَالْوَلُوعُ وَالطَّهُورُ وَالْوَضُوءُ قَالَهُ ابْنُ عُصْفُورٍ فِي مُقَرَّبِهِ زَادَ الْجَمَالُ بْنُ هِشَامٍ فِي شَرْحِ خُطْبَةِ التَّسْهِيلِ وَمَا عَدَاهُنَّ فَبِالضَّمِّ كَالدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ وَيَجُوزُ النُّطْقُ بِالضَّمِّ قِيَاسًا فِيمَا وَرَدَ بِالْفَتْحِ وَاحْتَرَزَ بِالْمَصَادِرِ مِنْ الْأَسْمَاءِ فَإِنَّهَا تَأْتِي كَثِيرًا عَلَى فَعُولٍ بِالْفَتْحِ كَصَبُورٍ وَشَكُورٍ وَغَفُورٍ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ أَعَقَّتْ) أَيْ: نَفَرَتْ (قَوْلُهُ: فِي هَذَا الْأَصْلِ) أَيْ: الْقَاعِدَةِ وَهِيَ الْجَمْعُ بَيْنَ الزَّمَانِ وَالْمَرَّاتِ أَيْ: الَّذِي هُوَ كُلِّيُّ مَا ذَكَرَ وَهُوَ تَسْمِيَةُ الزَّمَنِ مَعَ تَسْمِيَةِ الْمَرَّاتِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ جُزْئِيٌّ مِنْ جُزْئِيَّاتِ الْقَاعِدَةِ وَهِيَ الْجَمْعُ بَيْنَ الزَّمَنِ وَالْعَمَلِ (قَوْلُهُ: كَمَا ارْتَضَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ) أَيْ: خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فَإِنَّهُ رَجَعَهُ لِلْمَرَّاتِ فَقَطْ وَأَمَّا فِي الزَّمَانِ فَلَا فَسْخَ بِعَقُوقِهَا أَوَّلَهُ، أَوْ أَثْنَاءَهُ بَلْ إمَّا أَنْ يَأْتِيَ بِأُنْثَى يَسْتَوْفِي بِهَا الْمَنْفَعَةَ، أَوْ يُؤَدِّيَ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ
. (قَوْلُهُ: عَلَى إحْدَى صُورَتَيْنِ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَلَعَلَّ الْمُنَاسِبَ عَلَى صُورَتَيْنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ