للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالشُّرُوطِ الْآتِيَةِ فِي بَابِهَا وَالْفَرْقُ أَنَّ الْهَدْيَ خَرَجَ عَنْ مِلْكِ رَبِّهِ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ فِيهِ تَصَرُّفٌ حَتَّى فِي الِاشْتِرَاكِ بِالْأَجْرِ بِخِلَافِ الضَّحِيَّةِ.

(ص) وَإِنْ وُجِدَ بَعْدَ نَحْرِ بَدَلِهِ نُحِرَ إنْ قُلِّدَ وَقَبْلَ نَحْرِهِ نُحِرَ إنْ قُلِّدَ، وَإِلَّا بِيعَ وَاحِدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا ضَلَّ، أَوْ سُرِقَ هَدْيُهُ الْوَاجِبُ أَوْ جَزَاءُ الصَّيْدِ فَأَبْدَلَهُ وَنَحَرَ الْبَدَلَ، ثُمَّ وَجَدَ هَدْيَهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ نَحْرُهُ إنْ كَانَ مُقَلَّدًا؛ لِأَنَّهُ تَعَيَّنَ بِالتَّقْلِيدِ وَلَا يَرُدُّهُ فِي مَالِهِ فَلَوْ وَجَدَهُ قَبْلَ أَنْ يَنْحَرَ بَدَلَهُ فَإِنْ كَانَا مُقَلَّدَيْنِ وَجَبَ عَلَيْهِ نَحْرُهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا تَعَيَّنَا بِالتَّقْلِيدِ، وَإِنْ كَانَا غَيْرَ مُقَلَّدَيْنِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُقَلَّدًا وَالْآخَرُ غَيْرَ مُقَلَّدٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ نَحْرُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الْأُولَى وَنَحْرُ الَّذِي قَلَّدَهُ فِي الثَّانِيَةِ، وَيَتَصَرَّفُ فِي الْآخَرِ بِبَيْعٍ، أَوْ غَيْرِهِ وَالْإِشْعَارُ كَالتَّقْلِيدِ.

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مَا أَرَادَ مِنْ مَسَائِلِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَوَانِعِهِمَا وَلَمَّا كَانَ الْمَانِعُ كَالطَّارِئِ عَلَى الْمَاهِيَّةِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ حَسُنَ الْفَصْلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَفْعَالِ الْحَجِّ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (فَصْلٌ) وَإِنْ مَنَعَهُ عَدُوٌّ، أَوْ فِتْنَةٌ، أَوْ حَبْسٌ لَا بِحَقٍّ بِحَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ فَلَهُ التَّحَلُّلُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَأَيِسَ مِنْ زَوَالِهِ قَبْلَ فَوْتِهِ وَلَا دَمَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا أَحْرَمَ بِحَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ فَحُصِرَ عَنْ مَوَاضِعِ النُّسُكِ الَّذِي أَحْرَمَ بِهِ بِعَدُوٍّ مِنْ الْكُفَّارِ أَوْ فِتْنَةٍ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ كَفِتْنَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَالْحَجَّاجِ بِأَنْ مُنِعَ مِنْ الْوُصُولِ إلَى الْبَيْتِ مَثَلًا، أَوْ مُنِعَ بِحَبْسٍ ظُلْمًا وَيَأْتِي مَفْهُومُهُ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَتَحَلَّلَ بِالنِّيَّةِ عَلَى الْمَشْهُورِ مِمَّا هُوَ مُحْرِمٌ بِهِ حَيْثُ كَانَ بِشَرْطَيْنِ وَلَهُ الْبَقَاءُ لِقَابِلٍ إنْ كَانَ عَلَى بُعْدٍ وَيُكْرَهُ إنْ قَارَبَ مَكَّةَ، أَوْ دَخَلَهَا كَمَا يَأْتِي الْأَوَّلُ مِنْ الشَّرْطَيْنِ أَنْ لَا يَعْلَمَ بِالْمَنْعِ بِأَنْ طَرَأَ الْعَدُوُّ، أَوْ سَبَقَ وَلَمْ يَعْلَمْهُ أَوْ عَلِمَهُ وَظَنَّ عَدَمَ مَنْعِهِ وَالثَّانِي أَنْ يَعْلَمَ، أَوْ يَظُنَّ أَنَّ الْمَنْعَ لَا يَزُولُ إلَّا بَعْدَ فَوَاتِ الْحَجِّ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ نُحِرَ إنْ قُلِّدَ) أَيْ وَيَصِيرُ تَطَوُّعًا؛ لِأَنَّ الْبَدَلَ نَابَ عَنْ الْوَاجِبِ الْمَوْجُودِ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَيَتَصَرَّفُ فِي الْآخَرِ إلَخْ) فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِيعَ وَاحِدٌ وَإِنَّمَا قَالَ بِيعَ وَإِنْ كَانَ لَا مَفْهُومَ لَهُ لِأَنَّهُ أَقْوَى فِي الدَّلَالَةِ عَلَى جَوَازِ التَّصَرُّفِ بِأَيِّ وَجْهٍ بِخِلَافِ الْأَكْلِ إذْ الْهَدْيُ يُؤْكَلُ مِنْهُ فِي بَعْضِ الْحَالَاتِ.

[فَصْل الحصر]

(قَوْلُهُ كَالطَّارِئِ) هُوَ طَارِئٌ وَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ عَلَى الْمَاهِيَةِ (فَصْلُ الْحَصْرِ) (قَوْلُهُ: أَوْ حُبِسَ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اسْمًا فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى عَدُوٍّ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِعْلًا فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَنَعَهُ وَالْحَبْسُ يَسْتَلْزِمُ الْمَنْعَ غَالِبًا فَيُفِيدُ الْمَنْعَ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ (قَوْلُهُ لَا بِحَقٍّ) أَيْ بَلْ ظُلْمًا فَإِنْ حُبِسَ فِي حَقٍّ مِنْ دَيْنٍ أَوْ قِصَاصٍ فَلَا يَتَحَلَّلُ إذْ لَا عُذْرَ لَهُ إذَا كَانَ يَقْدِرُ عَلَى أَدَائِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَدَائِهِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمَحْبُوسِ ظُلْمًا وَمَا يَأْتِي فِيمَنْ حُبِسَ بِحَقٍّ إنَّمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِيمَنْ حُبِسَ بِحَقٍّ عَنْ الْوُقُوفِ، وَأَمَّا مَنْ حُبِسَ بِحَقٍّ عَنْهُ وَعَنْ الْإِفَاضَةِ، أَوْ عَنْ الْإِفَاضَةِ فَقَطْ فَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ الْآتِي مَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَتَحَلَّلُ أَصْلًا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُهُ هُنَا وَهَلْ يُعْتَبَرُ فِي كَوْنِ الْحَبْسِ ظُلْمًا فِي ظَاهِرِ الْحَالِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ظُلْمًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا لِابْنِ رُشْدٍ، أَوْ يُعْتَبَرُ كَوْنُهُ ظُلْمًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَهُوَ مَا بَحَثَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ذَكَرَ ذَلِكَ الشَّارِحُ.

وَقَالَ اللَّقَانِيِّ وَالْمَنْقُولُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْحَقِّ وَغَيْرِهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ: بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ) الْبَاءُ لِلْمُلَابَسَةِ أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِ أَيْ الْمُحْرِمُ مُلْتَبِسًا بِحَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ وَاحْتِمَالُ أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ بِمَعْنَى عَنْ أَيْ عَنْ إكْمَالِ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ يَرُدُّهُ قَوْلُ الرَّضِيِّ إذَا أَمْكَنَ بَقَاءُ الْحَرْفِ عَلَى مَعْنَاهُ فَالْأَوْلَى أَنْ يَبْقَى عَلَى حَالِهِ بَلْ الْوَاجِبُ وَلَمَّا كَانَ الْحَصْرُ مُطْلَقًا ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ عَنْ الْبَيْتِ وَعَرَفَةَ مَعًا وَعَنْ الْبَيْتِ فَقَطْ وَعَنْ عَرَفَةَ فَقَطْ بَدَأَ بِالْأَوَّلِ وَالْحَبْسُ الْمُتَعَلِّقُ بِالْعُمْرَةِ يَكُونُ عَنْ الْبَيْتِ، أَوْ السَّعْيِ.

(قَوْلُهُ مِنْ الْكُفَّارِ) إنَّمَا قَالَ مِنْ الْكُفَّارِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ أَوْ فِتْنَةٌ وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْعَدُوِّ مُطْلَقَ الْمَانِعِ مَا احْتَاجَ لِقَوْلِهِ: أَوْ فِتْنَةٌ لِدُخُولِهِ فِي مُطْلَقِ الْمَانِعِ وَالرِّيحُ إذَا تَعَذَّرَ عَلَى أَصْحَابِ السُّفُنِ لَا يَكُونُ تَعَذُّرُهُ كَحِصَارِ الْعَدُوِّ بَلْ هُوَ مِثْلُ الْمَرَضِ لِأَنَّهُمْ يَقْدِرُونَ عَلَى الْخُرُوجِ إلَى الْبَرِّ فَيَمْضُونَ لِحَجِّهِمْ (قَوْلُهُ مَثَلًا) أَيْ، أَوْ عَنْ الْوُقُوفِ، ثُمَّ إنَّ فِي الْكَلَامِ شَيْئًا وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّهُ حُصِرَ فِيهِمَا مَعًا (قَوْلُهُ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَتَحَلَّلَ) بَلْ هُوَ فِي حَقِّهِ أَفْضَلُ مِنْ الْبَقَاءِ عَلَى إحْرَامِهِ قَارَبَ مَكَّةَ أَوْ دَخَلَهَا أَمْ لَا دَخَلَتْ أَشْهُرُ الْحَجِّ أَمْ لَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقَاتِهِمْ كَذَا قَالَ عج وَمَحَلُّ كَوْنِهِ لَهُ التَّحَلُّلُ إذَا كَانَ الْعُذْرُ قَائِمًا أَمَّا لَوْ تَرَاخَى حَتَّى زَالَ فَلَا يُحِلُّهُ إلَّا الْبَيْتُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ جَوَازُ تَحَلُّلِ الْمُحْصَرِ لَهُ بَعْدَ إفْسَادِ إحْرَامِهِ لَكِنْ يَجِبُ عَلَى هَذَا الْقَضَاءُ وَهَدْيٌ لِلْفَسَادِ وَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ لِلْحَصْرِ.

(قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ. . . إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ هَذَا فِي الْحَصْرِ عَنْ الْوُقُوفِ فَقَطْ لَا عَنْهُمَا مَعًا (قَوْلُهُ أَنْ لَا يَعْلَمَ بِالْمَنْعِ) شَامِلٌ لِصُورَةِ الشَّكِّ وَالنَّقْلُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ التَّحَلُّلُ عَنْ الشَّكِّ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ الشَّكَّ فِي الْمَانِعِ لَغْوٌ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ نَعَمْ لَهُ فِيهِ تَرْكُ الْإِحْرَامِ ابْتِدَاءً كَمَا فِي كَلَامِ الْحَطَّابِ، وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَرْجِعَ الضَّمِيرُ لِلْعَدُوِّ أَيْ أَنْ لَا يَعْلَمَ بِالْعَدُوِّ وَإِنْ عَلِمَ بِهِ فَلَيْسَ لَهُ التَّحَلُّلُ إلَّا أَنْ يَظُنَّ أَنْ لَا يَمْنَعَهُ فَمَنَعَهُ فَلَهُ التَّحَلُّلُ وَالْمَفْهُومُ إذَا كَانَ فِيهِ تَفْصِيلٌ لَا يَتَعَرَّضُ بِهِ قَالَ بَعْضٌ وَلَكِنَّ الْأَوْلَى عَوْدُهُ عَلَى الْمَنْعِ لِأَنَّهُ أَعَمُّ لِأَنَّهُ يَشْمَلُ الْعَدُوَّ وَالْفِتْنَةَ وَالْحَبْسَ لَا بِحَقٍّ وَلَا تَرِدُ صُورَةُ الشَّكِّ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ حُكْمَهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَحْكَامِ التَّيَقُّنُ أَيْ، أَوْ مَا قَرُبَ مِنْهُ كَالظَّنِّ.

(قَوْلُهُ أَنْ يَعْلَمَ أَوْ يَظُنَّ) لَا إنْ شَكَّ (قَوْلُهُ أَنَّ الْمَنْعَ لَا يَزُولُ إلَّا بَعْدَ فَوَاتِ الْحَجِّ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ قَبْلَ فَوْتِهِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ زَوَالِهِ أَيْ أَنَّ الزَّوَالَ قَبْلَ زَمَنِ الْفَوْتِ مَأْيُوسٌ مِنْهُ وَبَعْضُهُمْ جَعَلَهُ مُتَعَلِّقًا بِالتَّحَلُّلِ أَيْ لَهُ التَّحَلُّلُ قَبْلَ فَوْتِهِ، وَأَمَّا بَعْدَ فَوْتِهِ فَيَتَحَلَّلُ تَحَلُّلَ الْفَوَاتِ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ وَعَلَيْهِ الْهَدْيُ وَالْقَضَاءُ لَا تَحَلُّلَ الْإِحْصَارِ؛ لِأَنَّ تَحَلُّلَ الْإِحْصَارِ بِالنِّيَّةِ وَلَا هَدْيَ فِيهِ مَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَيَنْحَرُهُ وَلَا قَضَاءَ وَبَعْضُهُمْ جَعَلَهُ مُتَعَلِّقًا بِأَيِسَ فَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ يَتَحَلَّلُ إذَا أَيِسَ مِنْ زَوَالِ الْعَدُوِّ قَبْلَ فَوَاتِ الْحَجِّ وَلَوْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>