للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَاجِبِ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ اهـ وَهَدْيُ التَّطَوُّعِ إذَا عَطِبَ قَبْلَ مَحَلِّهِ فَإِنَّهُ يَنْحَرُهُ وَيَتْرُكُهُ لِلنَّاسِ يَأْكُلُونَهُ وَلَا يَأْكُلُ هُوَ مِنْهُ فَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ شَيْئًا أَبْدَلَهُ وَكَذَلِكَ هَذَا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَيْهِ فَلَوْ وَجَدَ بِالْأُمِّ عَيْبًا لَا تُجْزِئُ مَعَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي وَلَدِهَا وَكَانَ مَعَهَا فِي حُكْمِ الْهَدْيِ قَالَهُ سَنَدٌ، وَأَمَّا ذَبْحُ وَلَدِ الْهَدْيِ قَبْلَ التَّقْلِيدِ فَمُسْتَحَبٌّ كَوَلَدِ الْأُضْحِيَّةِ قَبْلَ الذَّبْحِ.

(ص) وَلَا يَشْرَبُ مِنْ اللَّبَنِ وَإِنْ فَضَلَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبَدَنَةَ الْهَدْيَ إذَا قَلَّدَهَا صَاحِبُهَا وَأَشْعَرَهَا خَرَجَتْ مِنْ مِلْكِهِ وَخَرَجَتْ مَنَافِعُهَا أَيْضًا فَلَا يَشْرَبُ مِنْ لَبَنِهَا وَإِنْ فَضَلَ عَنْ رِيِّ فَصِيلِهَا لَكِنْ إنْ أَضَرَّ بَقَاؤُهُ فِيهَا بِهَا فَإِنَّهُ يَحْلُبُهُ وَيَتَصَدَّقُ بِهِ؛ لِأَنَّ شُرْبَهُ نَوْعٌ مِنْ الْعَوْدِ فِي الْهِبَةِ فَإِنْ شَرِبَ لَبَنَ هَدْيِهِ وَحَصَلَ لِلْأُمِّ أَوْ الْوَلَدِ نَقْصٌ فَعَلَيْهِ الْأَرْشُ وَإِنْ حَصَلَ لِمَا ذُكِرَ هَلَاكٌ فَعَلَيْهِ الْبَدَلُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَغَرِمَ إنْ أَضَرَّ بِشُرْبِهِ الْأُمَّ أَوْ الْوَلَدَ مُوجَبَ فِعْلِهِ (ش) أَيْ مِنْ أَرْشٍ أَوْ بَدَلٍ كَمَا مَرَّ وَمُوجَبُ بِفَتْحِ الْجِيمِ، وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ فَضَلَ وَاوُ الْحَالِ وَقَوْلُهُ الْأُمَّ مَعْمُولُ أَضَرَّ وَمُوجَبُ فِعْلِهِ مَعْمُولُ غَرِمَ أَيْ مَا أَوْجَبَهُ.

(ص) وَنُدِبَ عَدَمُ رُكُوبِهَا بِلَا عُذْرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْهَدْيَ يُنْدَبُ لِصَاحِبِهِ عَدَمُ رُكُوبِهِ إذَا كَانَ لَا عُذْرَ لَهُ وَلَا يَحْمِلُ زَادَهُ وَلَا شَيْئًا يُتْعِبُهَا، وَأَمَّا مَعَ الْعُذْرِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرْكَبَهَا فَلَوْ تَلِفَتْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ: (فَلَا يَلْزَمُ النُّزُولُ) مُفَرَّعٌ عَلَى مَفْهُومِ بِلَا عُذْرٍ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (بَعْدَ الرَّاحَةِ) وَالْمُرَادُ بِالْعُذْرِ الِاضْطِرَارُ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ تت فَإِنَّهُ قَالَ فَإِنْ اُضْطُرَّ وَرَكِبَ فَلَا يَلْزَمُ النُّزُولُ بَعْدَ الرَّاحَةِ أَيْ وَيُطْلَبُ بِهِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْجَلَّابِ وَفَسَّرَ اللَّخْمِيُّ الِاضْطِرَارَ بِأَنْ لَا يَجِدَ مَا يَكْتَرِي بِهِ، أَوْ لَا يَجِدَ مَا يَكْتَرِيهِ اهـ.

وَإِذَا رَكِبَهَا لِغَيْرِ عُذْرٍ وَتَلِفَتْ ضَمِنَهَا وَإِمَّا إذَا رَكِبَهَا لِعُذْرٍ وَتَلِفَتْ فَهَلْ يَضْمَنُهَا أَوْ لَا؟ وَفِي تت مَا يُفِيدُهُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ إلَّا إذَا حَصَلَ مِنْهُ تَعَدٍّ عَلَيْهَا وَإِذَا نَزَلَ بَعْدَ الرَّاحَةِ فَلَا يَرْكَبُهَا ثَانِيًا إلَّا إذَا اُضْطُرَّ كَالْأَوَّلِ.

(ص) وَنَحْرُهَا قَائِمَةً أَوْ مَعْقُولَةً (ش) أَيْ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَنْحَرَ بَدَنَتَهُ قَائِمَةً عَلَى قَوَائِمِهَا الْأَرْبَعِ مُقَيَّدَةً أَوْ مَعْقُولَةَ الْيَدِ الْيُسْرَى أَيْ يُثْنِي ذِرَاعَهَا الْيُسْرَى إلَى عَضُدِهَا.

(ص) وَأَجْزَأَ إنْ ذَبَحَ غَيْرُهُ عَنْهُ مُقَلَّدًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْهَدْيَ الْمُقَلَّدَ، أَوْ الْمُشْعَرَ إذَا نَحَرَهُ شَخْصٌ عَنْ صَاحِبِهِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ إذَا كَانَ الَّذِي نَحَرَهُ مُسْلِمًا لَا كَافِرًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْقُرَبِ وَعَلَى صَاحِبِهِ بَدَلُهُ، وَقَوْلُهُ: أَجْزَأَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ فِي الْوَاجِبِ كَمَا قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ وَرَدَّ تت عَلَيْهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، قَوْلُهُ عَنْهُ مُتَعَلِّقٌ بِأَجْزَأَ وَكَانَ الْأَلْيَقُ تَقْدِيمَهُ فَيَقُولُ وَأَجْزَأَ عَنْهُ إنْ نَحَرَهُ غَيْرُهُ مُقَلَّدًا أَوْ مُشْعَرًا وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَيُرَجِّحُهُ قَوْلُهُ (وَلَوْ نَوَى عَنْ نَفْسِهِ) أَيْ وَلَوْ نَوَى النَّائِبُ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ عَنْ رَبِّهِ (إنْ غَلِطَ النَّائِبُ) ؛ لِأَنَّهُ نَوَى الْقُرْبَةَ لَا إنْ تَعَمَّدَ فَلَا يُجْزِئُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ لِرَبِّهِ.

(ص) وَلَا يُشْتَرَكُ فِي هَدْيٍ (ش) أَيْ لَا يَجُوزُ الِاشْتِرَاكُ فِي الْهَدْيِ لَا فِي ثَمَنِهِ وَلَا فِي أَجْرِهِ وَلَوْ كَانَ تَطَوُّعًا، وَالْأَقَارِبُ وَالْأَجَانِبُ سَوَاءٌ، وَمِثْلُ الْهَدْيِ فِي ذَلِكَ الْجَزَاءُ وَالْفِدْيَةُ فَلَوْ قَالَ فِي دَمٍ لَكَانَ أَشْمَلَ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْأُضْحِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ يَشْتَرِكُ فِيهَا فِي الْأَجْرِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ فَلَا يَشْرَبُ مِنْ لَبَنِهَا) أَيْ يُكْرَهُ حَيْثُ لَمْ يَضُرَّ وَإِلَّا مُنِعَ، حَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ شَارِحِنَا وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا مُنِعَ مِنْ أَكْلِهِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمَمْنُوعِ مِنْ أَكْلِهِ فَيَجُوزُ شُرْبُهُ وَفَضَلَ بِكَسْرِ الضَّادِ وَفَتْحِهَا إلَّا أَنَّهُ إنْ كَانَ بِمَعْنَى زَادَ فَهُوَ مِنْ بَابِ قَتَلَ فَقَطْ وَإِنْ كَانَ بِمَعْنَى بَقِيَ فَفِي مُضَارِعِهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ اُنْظُرْ عج (قَوْلُهُ وَإِنْ فَضَلَ عَنْ رَيِّ فَصِيلِهَا) فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ، أَوْ أَضَرَّ مُنِعَ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَحْلُبُهُ وَيَتَصَدَّقُ بِهِ) أَيْ نَدْبًا وَقَوْلُهُ لِأَنَّ شُرْبَهُ نَوْعٌ مِنْ الْعَوْدِ فِي الْهِبَةِ أَيْ وَهُوَ مَكْرُوهٌ أَيْ إذَا عَادَ اخْتِيَارًا (قَوْلُهُ بِشُرْبِهِ) أَيْ أَوْ حَلْبِهِ وَإِنْ لَمْ يَشْرَبْهُ أَوْ بَقَائِهِ بِضَرْعِهَا (قَوْلُهُ وَاوُ الْحَالِ) أَيْ لِأَنَّهَا إنْ جُعِلَتْ لِلْمُبَالَغَةِ وَالْحَالُ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَشْرَبُ أَيْ يُكْرَهُ لَاقْتَضَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَفْضُلْ يُكْرَهُ مَعَ أَنَّهُ يَحْرُمُ

(قَوْلُهُ وَنُدِبَ عَدَمُ رُكُوبِهَا إلَخْ) أَيْ بَلْ يُكْرَهُ كَمَا فِي النَّقْلِ وَعِبَارَتُهُ لَا تُفِيدُ لِاحْتِمَالِهَا الْكَرَاهَةَ وَخِلَافَ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ: أَيْ وَيُطْلَبُ بِهِ) أَيْ نَدْبًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ مَعْقُولَةً) عُلِمَ مِنْ تَقْرِيرِ الشَّارِحِ أَنَّ قَوْلَهُ: أَوْ مَعْقُولَةً عُطِفَ عَلَى مُقَدَّرٍ هُوَ مُقَيَّدَةٌ وَبِهِ يَسْقُطُ مَا يُقَالُ إذَا كَانَتْ مَعْقُولَةً هِيَ قَائِمَةٌ فَكَيْفَ يُقَابَلُ قَائِمَةً بِمَعْقُولَةٍ وَظَاهِرُهُ التَّخْيِيرُ وَهُوَ مُعْتَرَضٌ بِأَنَّهَا تُنْحَرُ قَائِمَةً مُقَيَّدَةً إلَّا أَنْ يَخَافَ ضَعْفَهُ عَنْهَا وَامْتِنَاعَهَا مِنْ الصَّبْرِ فَيَعْقِلُهَا، أَوْ حِينَئِذٍ تَكُونُ لِلتَّنْوِيعِ لَا لِلتَّخْيِيرِ وَنَقَلَ تت عَنْ سَنَدٍ أَنَّ الْبَقَرَ إذَا نُحِرَتْ فَقَائِمَةً أَيْضًا وَلَمْ يَذْكُرْ هَلْ تُقَيَّدُ وَهُوَ الظَّاهِرُ، أَوْ تُعْقَلُ لِعُذْرٍ فِيمَا يَظْهَرُ إنْ أَمْكَنَ عَقْلُهَا ك.

(قَوْلُهُ وَيُرَجِّحُهُ) أَيْ يُرَجِّحُ مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ الْأَوْلَى التَّقْدِيمُ (قَوْلُهُ لَا إنْ تَعَمَّدَ) أَيْ فَلَا يُجْزِئُ سَوَاءٌ وَكَّلَهُ صَاحِبُهُ عَلَى ذَبْحِهِ أَمْ لَا بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةِ فَيُجْزِئُ عَنْ رَبِّهَا وَلَوْ ذَبَحَهَا النَّائِبُ عَنْ نَفْسِهِ عَمْدًا مَعَ إنَابَةِ رَبِّهَا لَهُ دُونَ الْهَدْيِ فَهِيَ تُخَالِفُ الْهَدْيَ فِي هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ وَالْفَرْقُ فِي الْأَمْرِ الثَّانِي أَنَّ الضَّحِيَّةَ لَمَّا كَانَ لِرَبِّهَا أَكْلُهَا دُونَ وُجُوبِ تَصَدُّقٍ وَإِنَّمَا الْمَدَارُ عَلَى إظْهَارِ شَعِيرَةِ الْإِسْلَامِ طُلِبَ فِيهَا الِاسْتِنَابَةُ حَيْثُ لَمْ يَذْبَحْ وَلَمْ يَجْزِ مَعَ عَدَمِهَا وَالْهَدْيُ لَمَّا مُنِعَ مُهْدِيهِ مِنْ أَكْلِهِ إمَّا مُطْلَقًا أَوْ فِي بَعْضِ الْحَالَاتِ فَكَانَ كُلُّ أَحَدٍ كَأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِذَكَاتِهِ لِإِيصَالِهِ لِلْفُقَرَاءِ فَلِذَا أَجْزَأَ فِعْلَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَالْفَرْقُ فِي الْأَمْرِ الْأَوَّلِ مِنْهُمَا أَنَّ الضَّحِيَّةَ لَمَّا افْتَقَرَتْ لِإِنَابَةٍ أَجْزَأَتْ عَنْ رَبِّهَا مَعَ نِيَّةِ النَّائِبِ عَمْدًا عَنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ نِيَّتَهُ خِلَافُ نِيَّةِ الْمُنِيبِ وَالْهَدْيُ لَمَّا لَمْ يَفْتَقِرْ لِإِنَابَةِ لَمْ يَجْزِ عَنْ رَبِّهِ إنْ تَعَمَّدَ الْغَيْرُ ذَبْحَهُ عَنْ نَفْسِهِ

(قَوْلُهُ أَيْ لَا يَجُوزُ الِاشْتِرَاكُ فِي الْهَدْيِ) أَيْ يَحْرُمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>