للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:

عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَيْ أَوَّلُ مَنْ قَضَى بِهِ فِي الْإِسْلَامِ، فَلَا يُنَافِي مَا وَرَدَ أَنَّهُ «- عَلَيْهِ السَّلَامُ - سُئِلَ عَنْ مَوْلُودٍ لَهُ قُبُلٌ وَذَكَرٌ مِنْ أَيْنَ يُوَرَّثُ فَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مِنْ حَيْثُ يَبُولُ» وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيّ مِنْ طَرِيقِ يَعْقُوبَ بْنِ إبْرَاهِيمَ الْقَاضِي عَنْ الْكَلْبِيِّ، وَلَهُ شَاهِدٌ عَنْ عَلِيٍّ مَوْقُوفًا ذَكَرَ هَذَا الْحَافِظُ السُّيُوطِيّ فِي تَعَقُّبِهِ عَلَى مَوْضُوعَاتِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْأَصْلُ وَهُوَ الشَّيْخُ خَلِيلُ وَأَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَنْفَعَ بِهِ مَنْ كَتَبَهُ أَوْ قَرَأَهُ، أَوْ حَصَّلَهُ، أَوْ سَعَى فِي شَيْءٍ مِنْهُ

ــ

[حاشية العدوي]

أَمْسَيْت بَعْدُ أَمْ أَصْبَحْت فَخَرَجَ حِينَ أَصْبَحَ فَقَضَى بِذَلِكَ وَاسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْحُكْمُ فِي الْإِسْلَامِ وَفِي ذَلِكَ عِبْرَةٌ وَمَزْجَرَةٌ لِمُفْتِي هَذَا الزَّمَانِ وَقُضَاتِهِ فَإِنْ هَذَا مُشْرِكٌ تَوَقَّفَ فِي حُكْمِ حَادِثَةٍ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَعِبْرَةٌ أُخْرَى وَهِيَ جَرَيَانُ الْحُكْمِ عَلَى لِسَانِ غَيْرِ أَهْلِهِ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّهَا لَمَّا صَارَتْ شَيْخًا لَهُ سَامَحَهَا فِي التَّأْخِيرِ وَهُوَ أَدَبٌ مِنْهُ لَهَا؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ شَيْخًا لَهُ وَهِيَ تَحْصُلُ، وَلَوْ بِمَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ مَا نُقِلَ عَنْ سَيِّدِنَا عِيسَى أَنَّ إبْلِيسَ قَالَ لَهُ قُلْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَقَالَ أَقُولُهَا لَا لِقَوْلِك وَذَلِكَ كَمَا ذَكَرُوا أَنَّ إبْلِيسَ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ عِيسَى تِلْمِيذًا لَهُ بِذَلِكَ فَحَمَاهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ وَنُقِلَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْعَوَامّ كَانَ إذَا قَدِمَ عَلَى الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَقُومُ لَهُ فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ أَنَا سَمِعْت مِنْهُ أَنَّ الْكَلْبَ إذَا بَلَغَ يَرْفَعُ رِجْلَهُ عَنْ الْبَوْلِ وَأَنَّ الْحُرَّ مَنْ رَاعَى وِدَادَ لَحْظَةٍ وَانْتَمَى لِمَنْ أَفَادَهُ لَفْظَةً

وَاللَّئِيمُ إذَا ارْتَفَعَ جَفَا أَقَارِبَهُ وَأَنْكَرَ مَعَارِفَهُ وَنَسِيَ فَضْلَ مُعَلِّمِيهِ وَنُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَنْ اسْتَخَفَّ بِأُسْتَاذِهِ ابْتَلَاهُ اللَّهُ بِثَلَاثٍ قِصَرِ عُمُرِهِ وَكَلِّ لِسَانِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ وَنِسْيَانِ مَا حَفِظَ وَلِلَّهِ دَرُّ الْقَائِلِ حَيْثُ قَالَ

مَا وَهَبَ اللَّهُ لِامْرِئٍ هِبَةً ... أَحْسَنَ مِنْ عَقْلِهِ وَمِنْ أَدَبِهْ

هُمَا حَيَاةُ الْفَتَى فَإِنْ عَدِمَا ... فَإِنَّ فَقْدَ الْحَيَاةِ أَجْمَلُ بِهْ

وَفِي حَدِيثِ الْبُخَارِيِّ عَنْ مُجَاهِدٍ «لِيَكُنْ أَدَبُك دَقِيقًا وَعِلْمُك مِلْحًا» وَمِنْ مَقَالَاتِ نُورِ الدِّينِ آخِرِ الْمُحَقِّقِينَ الشَّيْخِ عَلِيٍّ الشبراملسي قِيرَاطٌ مِنْ أَدَبٍ خَيْرٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ قِيرَاطًا مِنْ الْعِلْمِ وَالظَّرِبُ كَمَا فِي الصِّحَاحِ بِفَتْحِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَاحِدُ الظِّرَابِ وَهِيَ الرَّوَابِي الصِّغَارُ وَمِنْهُ عَامِرُ بْنُ الظَّرِبِ آخِرُ حُكَّامِ الْعَرَبِ اهـ.

وَهَلْ هُوَ اسْمُ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ.

(قَوْلُهُ أَيْ: أَوَّلُ مَنْ قَضَى بِهِ) أَقُولُ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ التَّفْسِيرِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ هُوَ الْقَضَاءُ فَخَرَجَ الْإِفْتَاءُ بِدُونِ احْتِيَاجٍ لِلتَّفْسِيرِ وَمَا كَانَ يَحْتَاجُ لِذَلِكَ التَّفْسِيرِ إلَّا لَوْ كَانَ الْحُكْمُ يُطْلَقُ عَلَى مَعْنًى آخَرَ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ إنَّمَا احْتَاجَ لَهُ خَوْفًا مِنْ تَوَهُّمِ إنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ الْقَضَاءَ الَّذِي هُوَ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيُّ.

(قَوْلُهُ مِنْ أَيْنَ يُوَرَّثُ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الْوَاوِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمَفْتُوحَةِ أَيْ: مِنْ مَكَانِ يُوَرَّثُ أَيْ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ كَوْنُهُ يُوَرَّثُ أَمِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ ذَكَرًا أَمْ مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ أُنْثَى (قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ يَبُولُ) أَيْ: مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ يَبُولُ أَيْ: مِنْ جِهَةٍ هِيَ كَوْنُهُ يَبُولُ فَإِضَافَةُ حَيْثُ لِمَا بَعْدَهُ لِلْبَيَانِ وَلَا بُدَّ مِنْ حَذْفِ أَيْ: مِنْ مَوْضِعٍ هُوَ جِهَةُ كَوْنِهِ يَبُولُ وَذَلِكَ الْمَوْضِعُ الذَّكَرُ أَوْ الْفَرْجُ أَيْ: إنَّ إرْثَهُ مُرَاعًى فِيهِ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ مَوْلُودٌ أَنَّ الْحَادِثَةَ وَقَعَتْ قُرْبَ وِلَادَتِهِ (قَوْلُهُ الْبَيْهَقِيّ) هُوَ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الشَّافِعِيُّ قَالَ السُّبْكِيُّ تَصَدَّى الْبَيْهَقِيّ إلَى تَخْرِيجِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي رَدَّهَا أَرْبَابُ الْأَحَادِيثِ عَلَى الشَّافِعِيِّ وَتَقْوِيمِهَا فَمَا لِأَحَدٍ مِنَّةٌ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ مِثْلُهُ وَقِيلَ إنَّهُ زَادَ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ النِّصْفَ.

(قَوْلُهُ وَلَهُ شَاهِدٌ عَنْ عَلِيٍّ مَوْقُوفًا إلَخْ) أَيْ: وَهُوَ ضَعِيفُ السَّنَدِ كَمَا فِي الْحَطَّابِ اعْلَمْ أَنَّ لَهُ شَاهِدًا وَتَابِعًا فَالشَّاهِدُ أَنْ يُرْوَى الْحَدِيثُ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى بِالْمَعْنَى لَا بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ وَأَمَّا إذَا كَانَ بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ فَهُوَ التَّابِعُ وَقَوْلُهُ مَوْقُوفًا أَيْ: عَلَى الصَّحَابِيِّ فَلَيْسَ بِمَرْفُوعٍ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْحَاصِلُ أَنَّ لَهُمْ مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا وَالْمَرْفُوعُ مَا كَانَ مَرْفُوعًا صَرِيحًا وَمَا كَانَ مَرْفُوعًا حُكْمًا فَالْمَرْفُوعُ الصَّرِيحُ كَأَنْ يَقُولَ الصَّحَابِيُّ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَذَا وَأَمَّا الْمَرْفُوعُ الْحُكْمِيُّ فَهُوَ أَنْ يَقُولَ قَوْلًا وَلَا يُسْنِدُهُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَكِنْ لَا مَجَالَ لِلرَّأْيِ فِيهِ وَأَمَّا الْمَوْقُوفُ فَهُوَ مَا قَالَهُ الصَّحَابِيُّ وَلَمْ يُسْنِدْهُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَكِنْ لِلرَّأْيِ فِيهِ مَجَالٌ.

(قَوْلُهُ ذَكَرَ ذَلِكَ الْحَافِظُ السُّيُوطِيّ) هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بِتَثْلِيثِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَيُقَالُ أَيْضًا الْأَسْيُوطِيُّ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِهَا الْمِصْرِيُّ الشَّافِعِيُّ وُلِدَ بَعْدَ الْمَغْرِبِ لَيْلَةَ الْأَحَدَ عَشَرَ غُرَّةَ رَجَبٍ سُنَّةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَثَمَانِمِائَةٍ بِالْقَاهِرَةِ وَلَقَّبَهُ وَالِدُهُ جَلَالَ الدِّينِ رَجَاءَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ وَقَدْ حَقَّقَ اللَّهُ رَجَاءَهُ وَكَانَ يَرَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقَظَةً وَلُقِّبَ بِابْنِ الْكُتُبِ وَكَانَتْ أُمُّهُ أُمَّ وَلَدٍ فَسَأَلَهَا أَبُوهُ عَنْ كِتَابٍ فَذَهَبَتْ لِتَأْتِي بِهِ فَوَلَدَتْهُ بَيْنَ الْكُتُبِ فَلُقِّبَ بِهِ وَيُكَنَّى أَبَا الْفَضْلِ نَفَعَنَا اللَّهُ بِهِ (قَوْلُهُ وَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْأَصْلُ إلَخْ) وَقَدْ اسْتَجَابَ اللَّهُ دُعَاءَهُ فَنَفَعَ اللَّهُ بِهَذَا الْكِتَابِ شَرْقًا وَغَرْبًا، وَكَذَلِكَ الْفَقِيرُ يَقُولُ وَأَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى مِنْ فَضْلِهِ وَإِحْسَانِهِ أَنْ يَنْفَعَ بِهَذِهِ الْأَوْرَاقِ وَيَخْتِمَ لِي وَلِإِخْوَانِي بِالْخَاتِمَةِ الْحُسْنَى عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ وَأَخْتِمُهَا كَمَا فَعَلَ فِي ك بِالدُّعَاءِ الْمَأْثُورِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ وَقَلْبٍ لَا يَخْشَعُ وَدُعَاءٍ لَا يُسْمَعُ وَنَفْسٍ لَا تَشْبَعُ أَعُوذُ بِك مِنْ شَرِّ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ وَصَلَاتُهُ وَسَلَامُهُ عَلَى أَشْرَفِ الْخَلَائِقِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَعِتْرَتِهِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ» (فَائِدَةٌ) قَالَ الْإِمَامُ بَهْرَامُ عَنْ الْمُصَنِّفِ وَكَانَ الْفَرَاغُ مِنْ تَأْلِيفِ هَذَا الْمُخْتَصَرِ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ ثَانِيَ عَشَرَ رَمَضَانَ الْمُعَظَّمِ قَدْرُهُ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَسَبْعَمِائَةٍ (وَأَقُولُ) وَكَانَ الْفَرَاغُ مِنْ تَصْلِيحِ هَذِهِ الْحَوَاشِي غَايَةَ شَهْرِ جُمَادَى الْآخِرَةِ الَّذِي هُوَ مِنْ شُهُورِ سَنَةِ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ وَأَلْفٍ مِنْ هِجْرَةِ مَنْ لَهُ الْعِزُّ وَالشَّرَفُ

<<  <  ج: ص: