للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَعَلَى النُّسْخَةِ الْأُولَى بِالرَّفْعِ فَكَانَ تَامَّةٌ، وَالْغَرِيمُ رَبُّ الدَّيْنِ.

(ص) ، وَلَا يُمَكَّنُ ذِمِّيٌّ مِنْ تَجْرٍ فِي كَخَمْرٍ إنْ اتَّجَرَ لِسَيِّدِهِ، وَإِلَّا فَقَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ الذِّمِّيَّ إذَا أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ الْمُسْلِمُ فِي أَنْ يَتَّجِرَ لَهُ فَإِنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ التِّجَارَةِ فِيمَا لَا يَحِلُّ لِلْمُسْلِمِ تَمَلُّكُهُ مِنْ خَمْرٍ وَرِبًا سَوَاءٌ بَاعَ لِذِمِّيٍّ أَوْ لِمُسْلِمٍ لَكِنْ إنْ بَاعَهَا الْمُسْلِمُ كُسِرَتْ عَلَى الْمُسْلِمِ فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ الذِّمِّيُّ ثَمَنَهَا فَفِي الْمُدَوَّنَةِ يَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَيْهِ أَدَبًا لَهُ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْهُ إنْ قَبَضَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَإِنَّمَا لَمْ يُمَكَّنْ مِنْ التَّجْرِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ لِسَيِّدِهِ قَائِمٌ مَقَامَهُ، وَالسَّيِّدُ لَا يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ فَكَذَا وَكِيلُهُ وَإِنْ كَانَ هَذَا الذِّمِّيُّ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ إنَّمَا يَتَّجِرُ لِنَفْسِهِ وَيُعَامِلُ أَهْلَ الشِّرْكِ فَهَلْ يُمَكَّنُ مِنْ التِّجَارَةِ فِي الْخَمْرِ وَنَحْوِهِ وَيَحِلُّ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَأْخُذَ مَا أَتَى بِهِ مِنْ ذَلِكَ، أَوْ لَا يُمَكَّنُ مِنْ التِّجَارَةِ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ بَنَاهُمَا اللَّخْمِيُّ عَلَى خِطَابِهِمْ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ وَعَدَمِ خِطَابِهِمْ، وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ مِنْ تَجْرٍ بِدَلِيلِ مَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ وَمُنِعَ ذِمِّيٌّ مِنْ بَيْعٍ، أَوْ شِرَاءٍ، أَوْ تَقَاضٍ وَهَذِهِ أَحْكَامُ الْمَأْذُونِ مِنْ الْعَبِيدِ أَمَّا غَيْرُ الْمَأْذُونِ فَلَا يُشْتَرَى مِنْهُ وَإِنْ قَلَّ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إنْ أَهْلُهُ أَذِنُوا لَهُ حَتَّى يَسْأَلَهُمْ إلَّا لِقَرِينَةٍ.

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى السَّبَبِ الرَّابِعِ مِنْ أَسْبَابِ الْحَجْرِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْخَامِسِ مِنْهَا وَهُوَ الْمَرَضُ الْمَخُوفُ فَقَالَ (ص) وَعَلَى مَرِيضٍ حَكَمَ الطِّبُّ بِكَثْرَةِ الْمَوْتِ بِهِ (ش) وَإِنَّمَا أَتَى بِحَجْرِ الْمَرَضِ عَقِبَ حَجْرِ الرِّقِّ لِمُنَاسَبَتِهِ لَهُ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا الْحَجْرُ لِغَيْرِهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجِبُ الْحَجْرُ عَلَى مَرِيضٍ نَزَلَ بِهِ مَرَضٌ حَكَمَ أَهْلُ الطِّبِّ بِأَنَّهُ يَكْثُرُ الْمَوْتُ مِنْ مِثْلِهِ كَالْأَمْثِلَةِ الَّتِي يَذْكُرُهَا فِي غَيْرِهَا مُؤْنَتُهُ وَتَدَاوِيهِ وَمُعَاوَضَةٌ مَالِيَّةٌ كَالْعَطَايَا، وَالتَّبَرُّعَاتِ الزَّائِدَةِ عَلَى الثُّلُثِ لِحَقِّ وَارِثِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْكَثْرَةِ أَنْ لَا يُتَعَجَّبَ مِنْ صُدُورِ الْمَوْتِ عَنْهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ غَالِبًا عَنْهُ خِلَافًا لِلْمَازِرِيِّ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ كَكَلَامِ الْمَازِرِيِّ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَاحْتَرَزَ بِهِ مِنْ نَحْوِ وَجَعِ الضِّرْسِ، وَالرَّمَدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ إذَا مَاتَ مِنْ ذَلِكَ يُتَعَجَّبُ مِنْهُ، وَقَوْلُهُ: بِهِ الْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ، أَوْ بِمَعْنَى مِنْ

(ص) كَسِلٍّ وَقُولَنْجِ وَحُمًّى قَوِيَّةٍ وَحَامِلِ سِتَّةٍ وَمَحْبُوسٍ لِقَتْلٍ، أَوْ لِقَطْعٍ إنْ خِيفَ الْمَوْتُ وَحَاضِرِ صَفِّ الْقِتَالِ (ش) هَذِهِ الْأَمْثِلَةُ لِلْمَرَضِ الْمَخُوفِ الَّذِي يُحْجَرُ عَلَى صَاحِبِهِ بِسَبَبِ وُجُودِ وَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ مِنْهُ السِّلُّ بِكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ مَرَضٌ يَنْتَحِلُ الْبَدَنُ مَعَهُ فَكَأَنَّ الرُّوحَ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: إنْ اتَّجَرَ لِسَيِّدِهِ) ، أَيْ: إنْ اتَّجَرَ بِمَالِ سَيِّدِهِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لِسَيِّدِهِ وَهُوَ إذَنْ وَكِيلٌ لَا مَأْذُونٌ، أَوْ بِمَالِ نَفْسِهِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لِلسَّيِّدِ وَهُوَ حِينَئِذٍ مَأْذُونٌ، وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَقَوْلَانِ، أَيْ: بِأَنْ اتَّجَرَ بِمَالِ سَيِّدِهِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لَهُ أَوْ اتَّجَرَ بِمَالِ نَفْسِهِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لَهُ أَيْضًا، وَالرَّاجِحُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ التَّمْكِينُ مِنْ التَّجْرِ لِنَفْسِهِ.

(قَوْلُهُ: كُسِرَتْ عَلَى الْمُسْلِمِ) ، أَيْ: وَضَاعَ عَلَى الْمُسْلِمِ ثَمَنُهَا، أَيْ: وَأَمَّا الذِّمِّيُّ فَلَا تُكْسَرُ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ الذِّمِّيُّ ثَمَنَهَا رَاجِعٌ لِلطَّرَفَيْنِ أَعْنِي قَوْلَهُ سَوَاءٌ بَاعَ لِذِمِّيٍّ، أَوْ مُسْلِمٍ.

(قَوْلُهُ: فَفِي الْمُدَوَّنَةِ يَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَيْهِ أَدَبًا لَهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّ التَّصَدُّقَ عَلَى الذِّمِّيِّ وَبَعْدَ ذَلِكَ يَغْرَمُهُ لِلسَّيِّدِ مَعَ أَنَّ التِّجَارَةَ لِلسَّيِّدِ وَهُوَ الَّذِي مَكَّنَّهُ مِنْ تِلْكَ التِّجَارَةِ فَالْوَجْهُ أَنْ لَا رُجُوعَ وَيَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّ الْأَدَبَ فِي الْحَقِيقَةِ لِلسَّيِّدِ، وَقَوْلُهُ: وَلَا يُنْزَعُ مِنْهُ إنْ قَبَضَهُ، أَيْ: وَلَا يُنْزَعُ مِنْ الذِّمِّيِّ إنْ قَبَضَهُ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الذِّمِّيَّ يَتَّجِرُ لِلسَّيِّدِ فَيَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّ الْمُسْلِمَ يَفُوزُ بِذَلِكَ إنْ قَبَضَهُ الذِّمِّيُّ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَحِلُّ لَهُ تَمَلُّكُ ذَلِكَ، ثُمَّ إنِّي وَجَدْت فِي مُحَشِّي تت مَا يَقْتَضِي خِلَافَ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ، وَلَا إشْكَالَ فَإِنَّهُ قَالَ، وَلَا يُمَكَّنُ ذِمِّيٌّ، نَحْوُ عِبَارَتِهِ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَمُرَادُهُمَا بِعَدَمِ التَّمْكِينِ مَنْعُ أَخْذِ السَّيِّدِ مَا أَتَى بِهِ مِنْ ذَلِكَ وَبِالتَّمْكِينِ جَوَازُهُ لَا حَقِيقَةُ التَّمْكِينِ إذْ لَا يَسُوغُ لَهُ تَمْكِينُهُ مِنْ التَّجْرِ مُطْلَقًا فِيمَا ذَكَرَ وَفِي غَيْرِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي الْوَكَالَةِ وَمُنِعَ ذِمِّيٌّ مِنْ بَيْعٍ، أَوْ شِرَاءٍ، أَوْ تَقَاضٍ، وَالْحَمْلُ عَلَى مَا قُلْنَا يُوَافِقُ قَوْلَهَا لَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَتَّجِرَ إلَخْ وَيُوَافِقُ مَا يَأْتِي فِي الْوَكَالَةِ.

وَهَذَا الَّذِي قُلْنَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ اللَّخْمِيِّ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْجَوَاهِرِ وَابْنُ الْحَاجِبِ قَصَدَ اخْتِصَارَهُ وَتَبِعَهُ الْمُؤَلِّفُ فَيُحْمَلُ كَلَامُهُمَا عَلَى ذَلِكَ وَنَصُّ الْجَوَاهِرِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ اللَّخْمِيُّ لَا يَنْبَغِي لِلسَّيِّدِ أَنْ يَأْذَنَ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ إذَا كَانَ غَيْرَ مَأْمُونٍ فِيمَا يَتَوَلَّاهُ إمَّا؛ لِأَنَّهُ يَعْمَلُ بِالرِّبَا، أَوْ خَائِنٌ فِي مُعَامَلَاتِهِ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَإِنْ تَجَرَ وَرَبِحَ وَكَانَ يَعْمَلُ بِالرِّبَا تَصَدَّقَ السَّيِّدُ بِالْفَضْلِ فَإِنْ كَانَ يَجْهَلُ مَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ مِنْ الْفَسَادِ فِي بَيْعِهِ ذَلِكَ اُسْتُحْسِنَ لَهُ التَّصَدُّقُ بِالرِّبْحِ مِنْ غَيْرِ إجْبَارٍ قَالَ مَالِكٌ فِي الْكِتَابِ لَا أَرَى لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَسْتَتْجِرَ عَبْدَهُ النَّصْرَانِيَّ، وَلَا يَأْمُرَهُ بِبَيْعِ شَيْءٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ} [النساء: ١٦١] اهـ (أَقُولُ) وَهَذَا الَّذِي نَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ عَنْ مَالِكٍ هُوَ مَا رَأَيْته فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي مُخْتَصَرِ الْبَرَادِعِيِّ فِي بَابِ الْمَأْذُونِ وَلَمْ أَجِدْ فِيهِ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ مِنْ قَوْلِهِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَيُعَامِلُ أَهْلَ الشِّرْكِ) ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يُعَامِلْ أَهْلَ الشِّرْكِ فَأَشَارَ لَهُ اللَّخْمِيُّ بِقَوْلِهِ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فَتَجَرَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ كَانَ الْحُكْمُ فِيمَا يَأْتِي بِهِ كَالْحُكْمِ فِي الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ: بَنَاهُمَا اللَّخْمِيُّ إلَخْ) حَيْثُ قَالَ وَيَخْتَلِفُ إذَا اتَّجَرَ مَعَ أَهْلِ دِينِهِ فَأَرْبَى، أَوْ تَجَرَ فِي الْخَمْرِ فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ يَكُونُ الْجَوَابُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ إذَا بَايَعَ مُسْلِمًا وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُمْ غَيْرُ مُخَاطَبِينَ فَيَكُونُ لِلسَّيِّدِ مَا أَتَى بِهِ مِنْ ذَلِكَ.

[الْحَجْرُ عَلَى الْمَرِيض]

(قَوْلُهُ: وَعَلَى مَرِيضٍ) ، أَيْ: أَوْ مَنْ يُنَزَّلُ مَنْزِلَتَهُ بِدَلِيلِ تَمْثِيلِهِ لِلْقِسْمَيْنِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْمَازِرِيِّ) ، أَيْ: فَإِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمَازِرِيِّ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمَوْتُ عَنْهُ غَالِبًا وَحِينَئِذٍ يَكُونُ مُوجِبًا لِلْحَجْرِ هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ لَكِنْ أَقُولُ فِي هَذَا الْكَلَامِ شَيْءٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَعْنَى غَالِبًا، أَيْ: إنَّهُ إذَا قَامَ ذَلِكَ الْمَرَضُ بِذَلِكَ الْإِنْسَانِ فَالْغَالِبُ الْمَوْتُ بِحَيْثُ لَا يُتَعَجَّبُ مِنْ حُدُوثِ الْمَوْتِ مِنْهُ لَا إنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْمَوْتَ وَاقِعٌ كَثِيرًا فِي الْإِنْسَانِ بِسَبَبِهِ (قَوْلُهُ: يَنْحُلُ الْبَدَنُ) مِنْ بَابِ

<<  <  ج: ص:  >  >>