للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَنْسَلُّ مَعَهُ قَلِيلًا كَمَا تَنْسَلُّ الْعَافِيَةُ، وَمِنْهَا الْقُولَنْجُ بِضَمِّ الْقَافِ وَإِسْكَانِ الْوَاوِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَقَدْ تُكْسَرُ لَامُهُ وَقَدْ تُفْتَحُ الْقَافُ وَهُوَ مَرَضٌ مَعِدِيٌّ مُؤْلِمٌ يَعْسُرُ مَعَهُ خُرُوجُ الْغَائِطِ، وَالرِّيحِ، وَمِنْهَا الْحُمَّى الْقَوِيَّةُ.

وَعَبَّرَ ابْنُ الْحَاجِبِ عَنْ الْقَوِيَّةِ بِالْحَادَّةِ وَهِيَ مَا جَاوَزَتْ الْعَادَةَ فِي الْحَرَارَةِ وَإِزْعَاجِ الْبَدَنِ مَعَ الْمُدَاوَمَةِ وَأَوَّلُ حُمَّى نَزَلَتْ إلَى الْأَرْضِ لَمَّا حَمَلَ نُوحٌ الْأَسَدَ فِي السَّفِينَةِ فَخَافَهُ أَهْلُهَا فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْحُمَّى، وَمِنْهَا الْحَامِلُ إذَا كَمَّلَتْ سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَدَخَلَتْ فِي الشَّهْرِ السَّابِعِ وَلَوْ بِيَوْمٍ وَاحِدٍ فَالْإِضَافَةُ فِي وَحَامِلِ سِتَّةٍ عَلَى مَعْنَى اللَّامِ، أَيْ: الْحَامِلِ الْمَنْسُوبَةِ لِلسِّتَّةِ وَهِيَ لَا تُنْسَبُ لَهَا إلَّا إذَا أَتَتْ عَلَى جَمِيعِهَا وَيُعْلَمُ أَنَّهَا بَلَغَتْ سِتَّةَ أَشْهُرٍ مِنْ قَوْلِهَا، وَلَا يُسْأَلُ النِّسَاءُ، وَمِنْهَا مَنْ حُبِسَ لِأَجْلِ الْقَتْلِ الثَّابِتِ عَلَيْهِ بِبَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ، أَوْ بِاعْتِرَافِهِ، وَأَمَّا مَنْ حُبِسَ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى لِيُسْتَبْرَأَ أَمْرُهُ فَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ، وَمِنْهَا مَنْ قُرِّبَ لِقَطْعٍ ثَبَتَ عَلَيْهِ فِي سَرِقَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا كَيَدٍ، أَوْ رِجْلٍ، وَالْحَالُ أَنَّهُ يُخَافُ عَلَيْهِ الْمَوْتُ مِنْ الْقَطْعِ لَا إنْ لَمْ يُخَفْ عَلَيْهِ الْمَوْتُ وَأَعَادَ اللَّامَ فِي قَوْلِهِ، أَوْ لِقَطْعٍ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى قَتْلٍ، وَإِلَّا كَانَ يَقُولُ، أَوْ قَطْعٍ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ مَعْطُوفٍ عَلَى مَا مَرَّ، أَيْ: أَوْ قُرِّبَ لِقَطْعٍ، وَأَمَّا كَوْنُهُ أَعَادَهَا لِيَرْجِعَ الشَّرْطُ لِمَا بَعْدَهَا كَمَا قِيلَ فَفِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْمَحْبُوسَ لِلْقَتْلِ لَيْسَ مُتَرَدِّدًا بَيْنَ الْقَتْلِ وَعَدَمِهِ حَتَّى يُتَوَهَّمَ رُجُوعُ الْقَيْدِ لَهُ، وَمِنْهَا مَنْ يَكُونُ حَاضِرًا صَفَّ الْقِتَالِ وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْمُقَاتِلِينَ لَا إنْ كَانَ فِي النَّظَّارَةِ، أَوْ فِي صَفِّ الرَّدِّ، وَصَفُّ النَّظَّارَةِ هُمْ الَّذِينَ يَنْظُرُونَ مَنْ غُلِبَ يَنْصُرُونَهُ، ثُمَّ عَطَفَ عَلَى الْمُقَدَّرِ فِي قَوْلِهِ وَعَلَى مَرِيضٍ أَيْ مَخُوفٍ مَرَضُهُ قَوْلَهُ (ص) لَا كَجَرَبٍ وَمُلْجِجٍ بِبَحْرٍ وَلَوْ حَصَلَ الْهَوْلُ (ش) أَيْ لَا خَفِيفٍ كَجَرَبٍ وَحُمَّى الرِّبْعِ، وَالرَّمَدِ، وَالْبَرَصِ وَمُلْجِجٍ فِي الْبَحْرِ الْحُلْوِ أَوْ الْمِلْحِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ وَلَوْ حَصَلَ الْهَوْلُ بِالْفِعْلِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَمْرَاضَ لَيْسَتْ مَخُوفَةً، وَبِعِبَارَةِ وَلَا حَجْرَ عَلَى مُلْجِجٍ، أَيْ: عَلَى الشَّخْصِ الَّذِي صَارَ فِي اللُّجَّةِ وَهُوَ مُعْظَمُ الْمَاءِ وَقَالَ بَعْضٌ اللُّجَّةُ الْمَاءُ الْكَثِيرُ الْعَمِيقُ، وَالْهَوْلُ الْفَزَعُ

(ص) فِي غَيْرِ مُؤْنَتِهِ وَتَدَاوِيهِ وَمُعَاوَضَةٍ مَالِيَّةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ صَاحِبَ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ يُحْجَرُ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ مُؤْنَتِهِ وَفِي غَيْرِ مَا يَتَدَاوَى بِهِ لِضَرُورَةِ قِوَامِ بَدَنِهِ، وَفِي غَيْرِ الْمُعَاوَضَةِ الْمَالِيَّةِ كَالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ مِمَّا فِيهِ تَنْمِيَةٌ لِمَالِهِ إذَا كَانَ ذَلِكَ بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ، وَإِلَّا فَفِي ثُلُثِهِ إنْ مَاتَ حَيْثُ كَانَتْ الْمُحَابَاةُ لِغَيْرِ وَارِثٍ، وَإِلَّا بَطَلَتْ إلَّا أَنْ يُجِيزَهَا لَهُ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ فَتَكُونَ عَطِيَّةً مِنْهُمْ لَهُ فَتَفْتَقِرَ لِلْحَوْزِ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي مُحَابَاتِهِ يَوْمُ فِعْلِهَا لَا يَوْمُ

ــ

[حاشية العدوي]

دَخَلَ وَفِيهِ لُغَةٌ مِنْ بَابِ تَعِبَ (فَائِدَةٌ) تُوُفِّيَ إبْرَاهِيمُ وَدَاوُد وَسُلَيْمَانُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ فَجْأَةً وَفِي الْحَدِيثِ «مَوْتُ الْفَجْأَةِ رَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِ» (قَوْلُهُ: مَعِدِيٌّ) كَذَا فِي الْأَصْلِ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ وَبِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَيُقَالُ مِعَوِيٌّ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَبِالْوَاوِ نِسْبَةٌ لِلْمِعَى وَهُوَ الصَّوَابُ لِحُلُولِهِ فِيهَا لَا فِي الْمَعِدَةِ (قَوْلُهُ: مَعَ الْمُدَاوَمَةِ) فَمَا يَأْتِي يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ غَيْرُ مَخُوفٍ (قَوْلُهُ: وَمِنْهَا الْحَامِلُ إلَخْ) فَيَكُونُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَحَامِلِ سِتَّةٍ مَعْطُوفًا عَلَى سِلٍّ، أَيْ: كَحَمْلِ حَامِلٍ؛ لِأَنَّ الْمَرَضَ هُوَ الْحَمْلُ إلَّا أَنَّهُ مَرَضٌ حُكْمًا.

(قَوْلُهُ: فَالْإِضَافَةُ عَلَى مَعْنَى اللَّامِ) ، أَيْ: لَا عَلَى مَعْنَى فِي لِصِدْقِ ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ فِي السِّتَّةِ (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا أَتَتْ عَلَى جَمِيعِهَا) ، أَيْ: بَلَغَتْ جَمِيعَهَا (قَوْلُهُ: أَيْ: أَوْ قُرِّبَ لِقَطْعٍ) وَحِينَئِذٍ يَرِدُ أَنَّ ابْنَ مَالِكٍ قَدْ قَالَ وَهِيَ، أَيْ: الْوَاوُ انْفَرَدَتْ

بِعَطْفِ عَامِلٍ مُزَالٍ قَدْ بَقِيَ ... مَعْمُولُهُ دَفْعًا لِوَهْمٍ اُتُّقِيَ

لَكِنَّ هَذَا مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ وَمَذْهَبُ غَيْرِهِمْ جَوَازُ الْعَطْفِ بِأَوْ وَأَيْضًا إنَّمَا لَمْ يَقُلْ، أَوْ مَحْبُوسٍ لِقَطْعٍ؛ لِأَنَّ الْمَحْبُوسَ لِلْقَطْعِ لَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ خِلَافًا فَالظَّاهِرُ كَلَامُهُ وَاعْتُرِضَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ كَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ يُقْطَعَ مَنْ خِيفَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ وَقَدْ قَالُوا إنَّهُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ يُؤَخَّرُ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ، وَالْبَرْدِ خَشْيَةَ الْمَوْتِ عَلَيْهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَوْفِ الْخَوْفُ الْمَوْهُومُ، وَأَمَّا الْخَوْفُ الْمَعْلُومُ أَوْ الْمَظْنُونُ فَإِنَّهُ يُتْرَكُ الْقِصَاصُ لِأَجْلِهِ أَوْ يَكُونُ ذَلِكَ رُفِعَ لِحَاكِمٍ يَرَى قَطْعَهُ حِينَئِذٍ، أَوْ يَجْهَلُ ذَلِكَ.

وَأَجَابَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ بِأَنَّ الْخَوْفَ إنَّمَا حَدَثَ مِنْهُ وَأَدْرَكَهُ مِنْ الْجَزَعِ مَا يُدْرِكُ حَاضِرَ الزَّحْفِ فَحَكَمَ لَهُ بِحُكْمِهِ وَهَذَا أَشْبَهُ وَأَوْلَى وَلَوْ كَانَ الْقَطْعُ لِحِرَابَةٍ لَمْ يَنْبَغِ أَنْ يُلْتَفَتَ إلَى الْخَوْفِ عَلَيْهِ وَأُقِيمَ الْحَدُّ عَلَيْهِ بِكُلِّ حَالٍ إذْ أَحَدُ حُدُودِهِ الْقَتْلُ (قَوْلُهُ: أَمَّا إنْ كَانَ فِي النَّظَّارَةِ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ (قَوْلُهُ: وَصَفُّ النَّظَّارَةِ) بِتَشْدِيدِ الظَّاءِ وَصَفُّ الرَّدِّ هُمْ الَّذِينَ يَرُدُّونَ مَنْ فَرَّ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ أَسْلِحَةً لِلْمُسْلِمِينَ، وَمِثْلُ ذَلِكَ صَفُّ التَّهَيُّؤِ لِلْقِتَالِ قَبْلَ مُلَاقَاةِ الْعَدُوِّ (قَوْلُهُ: مُلْجِجٍ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ فِي سَفِينَةٍ، أَوْ عَائِمًا حَيْثُ أَحْسَنَهُ لَا غَيْرَ مُحْسِنٍ لَهُ فَكَمَرِيضٍ مَرَضًا مَخُوفًا فِيمَا يَظْهَرُ، وَقَوْلُهُ: حُمَّى الرِّبْعِ هِيَ الَّتِي تَأْتِي يَوْمًا وَتُقْلِعُ يَوْمَيْنِ وَهِيَ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْبَاءِ وَكَذَا حُمَّى الثِّلْثِ وَمَرَضٌ وَجُذَامٌ وَفَالِجٌ.

(فَائِدَةٌ) قَالَ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ الْحُمَّى الْمُطْبِقَةُ بِكَسْرِ الْبَاءِ الَّتِي لَا تَبْرَحُ، وَالْوِرْدُ الَّتِي تَأْتِي كُلَّ يَوْمٍ، وَالْغِبُّ هِيَ الَّتِي تَأْتِي يَوْمًا وَتُقْلِعُ يَوْمًا، وَالثِّلْثُ هِيَ الَّتِي تَأْتِي يَوْمَيْنِ وَتُقْلِعُ يَوْمًا وَحُمَّى الْأَخَوَيْنِ هِيَ الَّتِي تَأْتِي يَوْمَيْنِ، وَالرِّبْعُ هِيَ الَّتِي تَأْتِي يَوْمًا وَتُقْلِعُ يَوْمَيْنِ فَهِيَ عَكْسُ الثِّلْثِ فَلَيْسَتْ هَذِهِ مَحْذُوفَةً دُونَ الْمُتَقَدِّمَةِ؛ لِأَنَّ الْمَحْمُومَ بِهَا يَأْخُذُ قُوتَهُ فِي يَوْمَيْ الْإِقْلَاعِ، وَالْحُمَّى الْخَفِيفَةُ لَيْسَتْ مَخُوفَةً بِحَالٍ، وَالرِّبْعُ، وَالثِّلْثُ، وَالْغِبُّ، وَالْوِرْدُ بِكَسْرِ أَوَّلِهَا اهـ.

وَحُمَّى الْأَخَوَيْنِ هِيَ الَّتِي تَأْتِي يَوْمَيْنِ لَعَلَّ هُنَا حَذْفًا، وَالتَّقْدِيرُ وَتُقْلِعُ يَوْمَيْنِ، ثُمَّ أَقُولُ لَك إنَّ الشَّارِحَ أَفَادَ أَوَّلًا أَنَّ الْحُمَّى الَّتِي عَدُّوهَا مِنْ الْمَخُوفَات مَا دَاوَمَتْ مَعَ كَوْنِهَا مُزْعِجَةً لِلْبَدَنِ فَيَقْتَضِي أَنَّ الْمُدَاوَمَةَ لَا مَعَ الْإِزْعَاجِ لَيْسَ مَخُوفًا وَيَقْتَضِي أَنَّ الْوِرْدَ، وَالثِّلْثَ وَغَيْرَهُمَا لَيْسَتْ مَخُوفَةً كَالرِّبْعِ فَلَا يَنْبَغِي لِلشَّارِحِ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى الثِّلْثِ وَعِبَارَةُ شب لَا خَفِيفًا كَجَرَبٍ وَرَمَدٍ وَوَجَعِ الضِّرْسِ وَحُمَّى يَوْمٍ وَرِبْعٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: الْعَمِيقُ) بِالْعَيْنِ بِالْمُهْمَلَةِ كَمَا فِي نُسْخَتِهِ (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مُعَاوَضَةٍ مَالِيَّةٍ) صَادِقٌ بِأَنْ لَا مُعَاوَضَةَ أَصْلًا كَالْهِبَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>