للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُنْتَسِبِ لَا الْعَرَبِيِّ إلَّا الْقُرَشِيَّةَ تَتَزَوَّجُهُ عَلَى أَنَّهُ قُرَشِيٌّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَقَالَ لَهَا إنَّهُ مِنْ الْقَبِيلَةِ الْفُلَانِيَّةِ يَعْنِي أَنَّهُ انْتَسَبَ إلَى فَخِذٍ مِنْ الْعَرَبِ فَتَزَوَّجَتْهُ عَلَى ذَلِكَ فَلَمَّا دَخَلَ بِهَا وَجَدَتْهُ غَيْرَ عَرَبِيٍّ أَيْ وَجَدَتْهُ مَوْلًى أَيْ عَتِيقًا لِقَوْمٍ مِنْ الْعَرَبِ، فَإِنَّهُ يَثْبُتُ الْخِيَارُ لَهَا فِي رَدِّهِ وَعَدَمِهِ فَلَوْ وَجَدَتْهُ عَرَبِيًّا إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْقَبِيلَةِ الَّتِي انْتَسَبَ إلَيْهَا بَلْ مِنْ قَبِيلَةٍ أُخْرَى أَدْنَى مِنْهَا فَإِنَّهُ لَا خِيَارَ لَهَا.

وَأَمَّا الْقُرَشِيَّةُ تَتَزَوَّجُ رَجُلًا عَلَى أَنَّهُ قُرَشِيٌّ فَتَجِدُهُ عَرَبِيًّا لَا قُرَشِيًّا فَلَهَا أَنْ تَرُدَّهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّ قُرَيْشًا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِمْ مِنْ الْعَرَبِ كَالْعَرَبِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَوَالِي.

وَالْمُرَادُ بِالْعَرَبِيَّةِ مَنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ عَلَيْهَا رِقٌّ لِأَحَدٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا مَنْ تَتَكَلَّمُ بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ وَإِنَّمَا كَانَ لَهَا رَدُّ الْمَوْلَى مَعَ أَنَّهُ قَدَّمَ أَنَّ الْمَوْلَى وَالْأَقَلُّ جَاهًا وَغَيْرُ الشَّرِيفِ كُفْءٌ؛ لِأَنَّهُ هُنَا وَقَعَ غُرُورٌ وَيُرْشِدُ لِذَلِكَ قَوْلُهُ الْمُنْتَسِبُ.

وَلَمَّا أَنْهَى مَا أَرَادَهُ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى السَّبَبَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ لِلْخِيَارِ وَهُمَا الْعَيْبُ وَالْغُرُورُ شَرَعَ فِي الثَّالِثِ وَهُوَ الْعِتْقُ وَأَخَّرَهُ عَنْهُمَا لِضَعْفِ سَبَبِ الْفُرْقَةِ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ فِيهِمَا لِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ وَفِي هَذَا لِلزَّوْجَةِ فَقَطْ؛ وَلِأَنَّ السَّبَبَ فِيهِمَا غَيْرُ مَدْخُولٍ عَلَيْهِ وَهَذَا مَدْخُولٌ عَلَيْهِ وَلِجَوَازِ النِّكَاحِ فِيهِ مَعَ الْعِلْمِ بِالرِّقِّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ بِخِلَافِ الْغُرُورِ فَقَالَ (فَصْلٌ) لِإِتْمَامِ الْكَلَامِ عَلَى أَسْبَابِ الْخِيَارِ وَهُوَ الْعِتْقُ عَاطِفًا لَهُ عَلَى قَوْلِهِ قَبْلَهُ وَلِلْعَرَبِيَّةِ رَدُّ الْمَوْلَى بِقَوْلِهِ.

(ص) وَلِمَنْ كَمُلَ عِتْقُهَا فِرَاقُ الْعَبْدِ فَقَطْ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَمَةَ إذَا صَارَتْ حُرَّةً وَهِيَ تَحْتَ عَبْدٍ كُلًّا أَوْ بَعْضًا فَإِنَّ لَهَا أَنْ تَبْقَى تَحْتَهُ وَلَهَا فِرَاقُهُ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ، سَوَاءٌ بَيَّنَتْ الْوَاحِدَةَ أَوْ أَبْهَمَتْهَا بِأَنْ قَالَتْ اخْتَرْت نَفْسِي فَقَطْ أَبُو عِمْرَانَ لَا مَعْنَى لِلْقَوْلِ بِأَنَّهَا رَجْعِيَّةٌ إذْ لَوْ مَلَكَ رَجْعَتَهَا لَمْ يَكُنْ لِاخْتِيَارِهَا مَعْنًى وَلَهَا أَنْ تَقْضِيَ بِاثْنَتَيْنِ كَمَا هِيَ رِوَايَةُ الْأَقَلِّ لِلْمُدَوَّنَةِ وَرَجَعَ إلَيْهَا مَالِكٌ فَقَوْلُهُ (أَوْ اثْنَتَيْنِ) إشَارَةٌ لِرِوَايَةِ الْأَقَلِّ فَلَيْسَتْ أَوْ لِلتَّخْيِيرِ.

(ص) وَسَقَطَ صَدَاقُهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ (ش) لَمَّا أَطْلَقَ الْمُؤَلِّفُ فِي الْفِرَاقِ فَشَمِلَ مَا كَانَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ وَكَانَ الْحُكْمُ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّدَاقِ مُفْتَرِقًا أَشَارَ إلَيْهِ الْآنَ، وَالْمَعْنَى أَنَّ نِصْفَ صَدَاقِهَا يَسْقُطُ عَنْ زَوْجِهَا الْعَبْدِ إذَا اخْتَارَتْ زَوْجَتُهُ الَّتِي صَارَتْ حُرَّةً فِرَاقَهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ؛ لِأَنَّهُ جَاءَ مِنْ قِبَلِهَا، وَلَوْ اخْتَارَتْ الْمُقَامَ مَعَهُ لَمْ يَسْقُطْ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ مِنْ أَمْوَالِهَا فَيَتْبَعُهَا إذَا عَتَقَتْ إلَّا أَنْ يَكُونَ السَّيِّدُ أَخَذَهُ أَوْ اشْتَرَطَهُ قَبْلَ الْعِتْقِ كَمَا يَأْتِي

(ص) وَالْفِرَاقُ إنْ قَبَضَهُ السَّيِّدُ وَكَانَ عَدِيمًا (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّيِّدَ إذَا قَبَضَ صَدَاقَ أَمَتِهِ مِنْ الْعَبْدِ ثُمَّ نَجَّزَ عِتْقَ أَمَتِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَكَانَ السَّيِّدُ عَدِيمًا يَوْمَ الْعِتْقِ فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ لِلزَّوْجَةِ الْمَذْكُورَةِ خِيَارٌ وَتَصِيرُ زَوْجَةً حُرَّةً تَحْتَ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَمَّا قَبَضَ صَدَاقَهَا وَهُوَ عَدِيمٌ صَارَ دَيْنًا عَلَيْهِ.

فَلَوْ مُكِّنَتْ مِنْ الْخِيَارِ فَاخْتَارَتْ

ــ

[حاشية العدوي]

هِيَ الْغَارَّةُ تَرَكَ لَهَا رُبْعُ دِينَارٍ وَرَدَّتْ مَا بَقِيَ وَاللُّغَيَّةُ بِكَسْرِ اللَّامِ وَفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ وَحَكَى بَعْضُ اللُّغَوِيِّينَ فَتْحَ اللَّامِ وَكَسْرَ الْغَيْنِ بِنْتُ الزِّنَا

. (قَوْلُهُ: لَا الْعَرَبِيِّ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَفْهُومَ أَوَّلِ كَلَامِهِ وَآخِرِهِ يَتَعَارَضَانِ فِي الْفَارِسِيِّ الْمُنْتَسِبِ لِلْعَرَبِ وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ يُفِيدُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ مَفْهُومُ الثَّانِي. (قَوْلُهُ: إلَى فَخِذٍ مِنْ الْعَرَبِ) الْمُرَادُ بِهَا الْقَبِيلَةُ لَا خُصُوصُ الْفَخِذِ كَمَا نُبَيِّنُهُ فِي بَابِ الْجِنَايَاتِ. (قَوْلُهُ: مِنْ قَبِيلَةٍ أُخْرَى أَدْنَى إلَخْ) الرَّاجِحُ أَنَّ لَهَا الرَّدَّ مَتَى وَجَدَتْهُ أَدْنَى مِمَّا انْتَسَبَ أَوْ اشْتَرَطَ فَالِانْتِسَابُ بِمَنْزِلَةِ الشَّرْطِ سَوَاءٌ كَانَ أَدْنَى مِنْ قَبِيلَتِهَا أَوْ مُسَاوِيًا لَهَا أَوْ أَعْلَى فَهَذِهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ وَلَا رَدَّ لَهَا إنْ وَجَدَتْهُ مِنْ قَبِيلَةٍ مُسَاوِيَةٍ لِمَا انْتَسَبَ أَوْ اشْتَرَطَ أَوْ أَعْلَى وَلَوْ كَانَ أَدْنَى مِنْ قَبِيلَتِهَا ثُمَّ إنَّهُ يَجْرِي فِيمَا إذَا كَانَ الْمُشْتَرَطُ الرَّجُلَ مِثْلُ مَا جَرَى إذَا كَانَ الْمُشْتَرَطُ الْمَرْأَةَ مِنْ التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ كَمَا أَفَادَهُ عج.

(قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْعَرَبِيَّةَ عَلَى ظَاهِرِهَا وَالْأَشْمَلُ الْفَارِسِيَّةُ

[فَصْلٌ لِإِتْمَامِ الْكَلَامِ عَلَى أَسْبَابِ الْخِيَارِ فِي النِّكَاح]

. (قَوْلُهُ: غَيْرُ مَدْخُولٍ عَلَيْهِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ فِي الْكُلِّ مَدْخُولٌ عَلَيْهِ أَيْ مُجَوِّزٌ لِحُصُولِهِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْغُرُورِ) هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ تَزْوِيجُ الْأَمَةِ الْحُرَّ. (فَصْلٌ وَلِمَنْ كَمُلَ عِتْقُهَا فِرَاقُ الْعَبْدِ) . (قَوْلُهُ: عَاطِفًا لَهُ إلَخْ) أَيْ وَلَا يَمْنَعُ الْفَصْلُ مِنْ الْعَطْفِ.

(قَوْلُهُ: وَلِمَنْ كَمُلَ عِتْقُهَا) أَيْ بِتَلَافِي مَرَّةٍ أَوْ مَرَّاتٍ بِأَنْ أَعْتَقَ السَّيِّدُ جَمِيعَهَا إنْ كَانَتْ كَامِلَةَ الرِّقِّ أَوْ بَاقِيَهَا إنْ كَانَتْ مُبَعَّضَةً أَوْ عَتَقَتْ بِأَدَاءِ كِتَابَتِهَا أَوْ كَانَتْ مُدَبَّرَةً وَعَتَقَتْ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ أَوْ أُمَّ وَلَدٍ وَعَتَقَتْ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا لَمْ يَكْمُلْ عِتْقُهَا بِأَنْ صَارَتْ مُبَعَّضَةً أَوْ مُدَبَّرَةً أَوْ مُعْتَقَةً لِأَجَلٍ أَوْ مُكَاتَبَةً أَوْ مُسْتَوْلَدَةً كَمَا إذَا كَانَ عِنْدَهُ أَمَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ بِعَبْدٍ وَعَزَلَ عَنْهَا لِغَيْبَةٍ مَثَلًا فَوَطِئَهَا السَّيِّدُ بَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا مِنْ مَاءِ الْعَبْدِ بِحَيْضَةٍ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَتَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ وَإِنْ كَانَ هَذَا الْوَطْءُ لَا يَجُوزُ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت.

(قَوْلُهُ: فَقَطْ) أَيْ لِمَنْ كَمُلَ عِتْقُهَا فَقَطْ فِرَاقُ الْعَبْدِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: وَلَهَا فِرَاقُهُ) هَذَا إذَا كَانَتْ بَالِغَةً رَشِيدَةً وَيَنْظُرُ السُّلْطَانُ لِلصَّغِيرَةِ بِالْمَصْلَحَةِ، وَكَذَا السَّفِيهَةُ مَا لَمْ تُبَادِرْ لِاخْتِيَارِ نَفْسِهَا، وَلَوْ رَضِيَتْ الصَّغِيرَةُ مَعَهُ لَمْ يَلْزَمْهَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ لَمْ يَكُنْ حَسَنَ نَظَرٍ وَلَزِمَهَا عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ. (قَوْلُهُ: وَلَهَا أَنْ تَقْضِيَ بِاثْنَتَيْنِ) الْمَعْنَى أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي لُزُومِ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ بَعْدَ الْوُقُوعِ، وَأَمَّا ابْتِدَاءً فَيُتَّفَقُ عَلَى أَنَّهَا تُؤْمَرُ بِإِيقَاعِ وَاحِدَةٍ فَقَطْ هَذَا وَاسْتَبْعَدَ مُحَشِّي تت كَوْنَ أَوْ إشَارَةً لِلْخِلَافِ بِأَنَّهُ لَمْ يُعْهَدْ بَلْ هِيَ لِلتَّخْيِيرِ عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوعِ عَنْهُ.

(قَوْلُهُ: إذَا اخْتَارَتْ زَوْجَتُهُ إلَخْ) هَذَا يُشِيرُ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ قَبْلَ الْبِنَاءِ لَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِسَقَطَ بَلْ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وَهُوَ اخْتَارَتْ الْفِرَاقَ

. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ السَّيِّدَ لَمَّا قَبَضَ صَدَاقَهَا وَهُوَ عَدِيمٌ) لَا يَلْزَمُ ذَلِكَ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ عَدِيمًا يَوْمَ الْعِتْقِ، وَلَوْ كَانَ وَقْتَ قَبْضِ الصَّدَاقِ مَلِيئًا

<<  <  ج: ص:  >  >>