أَيْ لَا ذِي شُرْطَةٍ وَلَا ذِي كَنَفٍ أَخَاهُ وَقَوْلُهُ أَوْ أَبٍ إلَخْ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ ذِي شُرْطَةٍ.
ثُمَّ خَتَمَ الْبَابَ بِمَسْأَلَةٍ وَارِدَةٍ عَلَى قَوْلِهِ وَأُفْرِدَ كُلُّ نَوْعٍ وَلِذَا نَسَبَهَا لِلْمُدَوَّنَةِ فَقَالَ (ص) وَفِيهَا قَسْمُ نَخْلَةٍ وَزَيْتُونَةٍ إنْ اعْتَدَلَا وَهَلْ هِيَ قُرْعَةٌ لِلْقِلَّةِ أَوْ مُرَاضَاةٌ؟ تَأْوِيلَانِ (ش) هُنَا حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ وَفِيهَا جَوَازُ قَسْمِ نَخْلَةٍ وَزَيْتُونَةٍ إنْ اعْتَدَلَا فِي الْقَسْمِ وَإِنَّمَا دَخَلَتْ الْقُرْعَةُ هُنَا فِيمَا اخْتَلَفَ جِنْسُهُ لِلْقِلَّةِ وَهِيَ لَا يُمْنَعُ دُخُولُهَا فِيمَا ذُكِرَ حَيْثُ كَانَ قَلِيلًا كَمَا يُمْنَعُ إذَا كَثُرَ حِفْظًا لِلْقَاعِدَةِ وَهَذَا فَهْمُ ابْنِ يُونُسَ لِقَوْلِهَا إنْ اعْتَدَلَا وَاعْتَذَرُوا عَنْ قَوْلِهِ فِيهَا تَرَاضَيَا أَيْ بِالِاسْتِهَامِ لِقَوْلِهَا بَعْدُ وَإِنْ تَرَكُوهَا لَمْ يُجْبَرُوا عَلَيْهَا وَلِقَوْلِهَا إنْ اعْتَدَلَا أَوْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْقِسْمَةَ الْوَاقِعَةَ فِيهَا مُرَاضَاةٌ وَاعْتَذَرُوا عَنْ قَوْلِهَا اعْتَدَلَا بِأَنَّ التَّرَاضِي لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الِاعْتِدَالُ بِأَنَّهُمَا دَخَلَا عَلَى بَيْعٍ لَا غَبَنَ فِيهِ تَأْوِيلَانِ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ إنْ لَمْ يَعْتَدِلَا فِي الْقَسْمِ لَمْ يَجُزْ وَقَوْلُهُ اعْتَدَلَا أَيْ نَوْعَا الشَّجَرِ وَالْوَاجِبُ اعْتَدَلَتَا وَقَوْلُهُ لِلْقِلَّةِ عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ وَأُجِيزَتْ لِلْقِلَّةِ.
(بَابٌ) يَتَكَلَّمُ فِيهِ عَلَى صِفَةِ الْقِرَاضِ وَأَحْكَامِهِ وَلَهُ مُنَاسَبَةٌ لِمَا قَبْلَهُ لِأَنَّ فِي الْقِرَاضِ قَسْمُ الرِّبْحِ بَيْنَ الْعَامِلِ وَرَبِّ الْمَالِ وَهُوَ بِكَسْرِ الْقَافِ مُشْتَقٌّ مِنْ الْقَرْضِ وَهُوَ الْقَطْعُ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْمَالِكَ قَطَعَ لِلْعَامِلِ قِطْعَةً مِنْ مَالِهِ يَتَصَرَّفُ فِيهَا بِقِطْعَةِ مِنْ الرِّبْحِ هَذَا اسْمُهُ عِنْدَ أَهْلِ الْحِجَازِ، وَأَهْلُ الْعِرَاقِ لَا يَقُولُونَ قِرَاضًا أَلْبَتَّةَ وَلَا عِنْدَهُمْ كِتَابُ الْقِرَاضِ وَإِنَّمَا يَقُولُونَ مُضَارَبَةً وَكِتَابُ الْمُضَارَبَةِ أَخَذُوا ذَلِكَ مِنْ قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ} [النساء: ١٠١] وَمِنْ قَوْله تَعَالَى {وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ} [المزمل: ٢٠] وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ يَدْفَعُ إلَى الرَّجُلِ مَالَهُ عَلَى الْخُرُوجِ بِهِ إلَى الشَّامِ وَغَيْرِهَا فَيَبْتَاعُ الْمَتَاعَ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ وَلَا خِلَافَ فِي «جَوَازِ الْقِرَاضِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَكَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَقَرَّهُ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْإِسْلَامِ» لِأَنَّ الضَّرُورَةَ دَعَتْ إلَيْهِ لِحَاجَةِ النَّاسِ إلَى التَّصَرُّفِ فِي أَمْوَالِهِمْ وَلَيْسَ كُلُّ أَحَدٍ يَقْدِرُ عَلَى التَّنْمِيَةِ بِنَفْسِهِ، وَحَدَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ تَمْكِينُ مَالٍ لِمَنْ يَتَّجِرُ بِهِ بِجُزْءٍ مِنْ رِبْحِهِ لَا بِلَفْظِ إجَارَةٍ فَيَدْخُلُ بَعْضُ الْفَاسِدِ كَالْقِرَاضِ بِالدَّيْنِ الْوَدِيعَةِ وَيَخْرُجُ عَنْهُ قَوْلُهَا قَالَ مَالِكٌ مَنْ أَعْطَى
ــ
[حاشية العدوي]
[مَسْأَلَة قَسْمُ نَخْلَةٍ وَزَيْتُونَةٍ إنْ اعْتَدَلَا وَهَلْ هِيَ قُرْعَةٌ لِلْقِلَّةِ أَوْ مُرَاضَاةٌ]
(قَوْلُهُ وَلِذَا نَسَبَهَا لِلْمُدَوَّنَةِ) أَيْ لِأَجْلِ الْوُرُودِ نَسَبَهَا أَيْ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ يَذْكُرُ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ اسْتِشْكَالًا أَوْ اسْتِشْهَادًا. (قَوْلُهُ قَسْمِ نَخْلَةٍ وَزَيْتُونَةٍ) أَيْ نَخْلَةٍ مِنْ طَرَفٍ وَزَيْتُونَةٍ مِنْ طَرَفٍ (قَوْلُهُ فِيمَا ذُكِرَ) وَهُوَ مَا اخْتَلَفَ جِنْسُهُ (قَوْلُهُ كَمَا يُمْنَعُ إذَا كَثُرَ) أَيْ كَمَا يُمْنَعُ دُخُولُهَا فِيمَا ذُكِرَ إذَا كَانَ كَثِيرًا، وَقَوْلُهُ حِفْظًا لِلْقَاعِدَةِ هِيَ أَنَّ قِسْمَةَ الْقُرْعَةِ إنَّمَا تَكُونُ فِيمَا تَمَاثَلَ أَوْ تَجَانَسَ (قَوْلُهُ وَهُوَ فَهْمُ ابْنِ يُونُسَ) أَيْ كَوْنُهَا قِسْمَةَ قُرْعَةٍ (قَوْلُهُ لِقَوْلِهَا إنْ اعْتَدَلَا) أَيْ؛ لِأَنَّ الِاعْتِدَالَ إنَّمَا يَكُونُ فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ نَذْكُرُ لَك لَفْظَهَا: قُلْت فَإِنْ كَانَتْ نَخْلَةٌ وَزَيْتُونَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ هَلْ يَقْسِمَانِهِمَا قَالَ إنْ اعْتَدَلَتَا فِي الْقَسْمِ وَتَرَاضَيَا بِذَلِكَ قُسِمَتَا بَيْنَهُمَا يَأْخُذُ هَذَا وَاحِدَةً وَهَذَا وَاحِدَةً وَإِنْ كَرِهَا لَمْ يُجْبَرَا اهـ.
(قَوْلُهُ وَاعْتَذَرُوا إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ وَرَدَ عَلَى قَوْلِهِمْ قَسْمُ قُرْعَةٍ قَوْلُهَا تَرَاضَيَا فَإِنَّهُ يُشْعِرُ بِأَنَّهَا قِسْمَةُ تَرَاضٍ لَا قُرْعَةٍ وَحَاصِلُ الِاعْتِذَارِ أَنَّ الْمُرَادَ تَرَاضَيَا بِالِاسْتِهَامِ أَيْ بِالِاقْتِرَاعِ بِأَنْ يَقْتَسِمُوا قِسْمَةَ قُرْعَةٍ (قَوْلُهُ لِقَوْلِهَا بَعْدُ وَإِنْ تَرَكُوهَا لَمْ يُجْبَرُوا) أَيْ فَإِنَّ نَفْيَ الْجَبْرِ إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا شَأْنُهُ الْجَبْرُ وَهُوَ قِسْمَةُ قُرْعَةٍ؛ لِأَنَّهُ يُجْبَرُ الْآبِي لِلطَّالِبِ كَمَا تَقَدَّمَ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ الْمَعْنَى عَلَى هَذَا وَإِنْ تَرَكَهَا بَعْضُهُمْ وَطَلَبَهَا بَعْضُهُمْ لَمْ يُجْبَرْ الْآبِي لِلطَّالِبِ فَيَكُونُ قَوْلُهُمْ يُجْبَرُ الْآبِي لِلطَّالِبِ فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ غَيْرَ مَا هُنَا إلَّا أَنَّ هَذَا يَتَوَقَّفُ عَلَى نَصٍّ صَرِيحٍ، وَقَوْلُهُ وَلِقَوْلِهَا إنْ اعْتَدَلَا أَيْ وَالِاعْتِدَالُ إنَّمَا شَأْنُهُ فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ ثُمَّ أَقُولُ الْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ إنْ اعْتَدَلَا أَيْ لِأَنَّهُ الَّذِي جُعِلَ مُوجِبًا لِلْحَمْلِ عَلَى قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ (قَوْلُهُ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْقِسْمَةَ الْوَاقِعَةَ فِيهَا مُرَاضَاةٌ) أَيْ مِنْ قَوْلِهَا تَرَاضَيَا الْمُشْعِرِ بِالرِّضَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ الَّذِي يَكُونُ فِي قِسْمَةِ الْمُرَاضَاةِ (قَوْلُهُ وَاعْتَذَرُوا عَنْ قَوْلِهَا اعْتَدَلَا) أَيْ عَنْ إيرَادِ قَوْلِهَا اعْتَدَلَا، وَقَوْلُهُ بِأَنَّ التَّرَاضِيَ تَصْوِيرٌ لِلْوُرُودِ، وَقَوْلُهُ بِأَنَّهُمَا إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِاعْتَذَرُوا وَسَكَتَ عَنْ إيرَادِ قَوْلِهِ وَإِنْ تَرَكُوهَا لَمْ يُجْبَرُوا؛ لِأَنَّ وُرُودَهُ مِنْ حَيْثُ الْإِشْعَارُ الْمُتَقَدِّمُ وَهُوَ خَفِيٌّ (قَوْلُهُ عَلَى بَيْعٍ لَا غَبَنَ فِيهِ) أَيْ بَيْعًا حُكْمًا أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ كَبَيْعٍ (قَوْلُهُ وَالْوَاجِبُ) أَيْ لِأَنَّ الْوَاجِبَ أَيْ إنَّمَا احْتَجْنَا إلَى هَذَا التَّأْوِيلِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يُعَبَّرَ بِاعْتَدَلَتَا فَانْدَفَعَ ذَلِكَ بِأَنَّ التَّذْكِيرَ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِمَا نَوْعَا الشَّجَرِ أَيْ نَوْعَيْنِ مِنْ أَنْوَاعِ الشَّجَرِ.
[بَاب الْقِرَاض]
. (بَابُ الْقِرَاضِ) (قَوْلُهُ عَلَى صِفَةِ الْقِرَاضِ) أَيْ حَقِيقَتِهِ، وَلَوْ عَبَّرَ بِهَا لَكَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ وَأَحْكَامِهِ) أَيْ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهِ (قَوْلُهُ مُشْتَقٌّ مِنْ الْقَرْضِ) أَيْ اُشْتُقَّ الْمَصْدَرُ الْمَزِيدُ مِنْ الْمَصْدَرِ الْمُجَرَّدِ، وَقَوْلُهُ سُمِّيَ بِذَلِكَ أَيْ سُمِّيَ الْعَقْدُ الْمَذْكُورُ بِالْقِرَاضِ (قَوْلُهُ أَخَذُوا ذَلِكَ) أَيْ هَذِهِ التَّسْمِيَةُ (قَوْلُهُ وَذَلِكَ) أَيْ وَوَجْهُ الْأَخْذِ إلَخْ حَاصِلُهُ أَنَّ وَجْهَ الْأَخْذِ أَنَّ تِلْكَ الْعُقْدَةَ الشَّأْنُ فِيهَا أَنَّهَا مُحْتَوِيَةٌ عَلَى سَيْرٍ فِي الْأَرْضِ (قَوْلُهُ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ) يَظْهَرُ مِنْ الْعِبَارَةِ بِبَادِئِ الرَّأْيِ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِيَبْتَاعُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِمُرَادٍ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ عَلَى الْخُرُوجِ وَكَأَنَّهُ قَالَ كَأَنْ يَدْفَعَ الرَّجُلُ مَالَهُ عَلَى شَرْطِ الْخُرُوجِ بِهِ إلَى الشَّامِ وَغَيْرِهَا فَيَبْتَاعُ الْمَتَاعَ، وَرُبَّمَا يَخْطُرُ بِالْبَالِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا الشَّرْطِ أَيْ شَرْطِ أَنَّ لَهُ جُزْءًا مِنْ الرِّبْحِ وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ أَصْلُهَا لِلْحَطَّابِ وَلَيْسَ فِيهَا مَا يُشْعِرُ بِأَنَّ الْمُرَادَ شَرْطُ جُزْءٍ مِنْ الرِّبْحِ فَتَأَمَّلْ لَعَلَّك تَطَّلِعْ (قَوْلُهُ تَمْكِينُ مَالٍ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لَفْظٌ بَلْ تَكْفِي الْمُعَاطَاةُ (قَوْلُهُ لَا بِلَفْظِ إجَارَةٍ) وَأَمَّا إذَا كَانَ بِلَفْظِ إجَارَةٍ فَتَكُونُ إجَارَةً فَاسِدَةً (قَوْلُهُ فَيَدْخُلُ بَعْضُ الْفَاسِدِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ كُلُّ الْفَاسِدِ بَلْ بَعْضُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute