رَجُلًا مَالًا يَعْمَلُ لَهُ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لِلْعَامِلِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْعَامِلِ لَا بَأْسَ بِهِ اهـ.
وَسَيَأْتِي أَنَّ الضَّمَانَ عَلَى الْعَامِلِ فِي الرِّبْحِ لَهُ إنْ لَمْ يَنْفِهِ وَلَمْ يُسَمِّ قِرَاضًا فَإِنْ سَمَّاهُ قِرَاضًا أَوْ نَفَى الضَّمَانَ عَنْهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْعَامِلِ وَتَسْمِيَةُ الْمَالِ الْمَدْفُوعِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لِغَيْرِهِمَا قِرَاضًا مَجَازٌ لَا حَقِيقَةٌ وَعَقْدُ الْقِرَاضِ غَيْرُ لَازِمٍ قَبْلَ الْعَمَلِ وَلِذَا لَمْ يَقُلْ عَقْدٌ عَلَى تَمْكِينِ إلَخْ وَعَرَّفَهُ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ (ص) الْقِرَاضُ تَوْكِيلٌ عَلَى تَجْرٍ فِي نَقْدٍ مَضْرُوبٍ مُسَلَّمٍ بِجُزْءٍ مِنْ رِبْحِهِ إنْ عُلِمَ قَدْرُهُمَا (ش) عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ تَوْكِيلٌ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ وَالْعَامِلَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَا مِنْ أَهْلِ التَّوْكِيلِ فَعُلِمَ مِنْهُ حُرْمَةُ مُقَارَضَةِ الْمُسْلِمِ لِلذِّمِّيِّ وَهُوَ قَوْلٌ وَالْمَذْهَبُ الْكَرَاهَةُ إذَا لَمْ يَعْمَلْ بِمُحَرَّمٍ كَالرِّبَا ثُمَّ إنَّ الْمُرَادَ بِالْقِرَاضِ الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيُّ لِقَوْلِهِ تَوْكِيلٌ، وَأَمَّا مَا فِي بَابِ الزَّكَاةِ مِنْ قَوْلِهِ وَالْقِرَاضُ الْحَاضِرُ يُزَكِّيهِ رَبُّهُ إنْ أَرَادَ أَوْ الْعَامِلُ فَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ وَمَالُ الْقِرَاضِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ هُنَا الْمَعْنَى الِاسْمِيُّ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ ذُو تَوْكِيلٍ أَيْ مَالٍ ذُو تَوْكِيلٍ إلَخْ وَقَوْلُهُ عَلَى تَجْرٍ أَخْرَجَ بِهِ مَا عَدَا الشَّرِكَةَ، وَالتَّجْرُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ لِتَحْصِيلِ الرِّبْحِ وَقَوْلُهُ فِي نَقْدٍ خَرَجَتْ الشَّرِكَةُ لِجَوَازِهَا بِمَا هُوَ أَعَمُّ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِتَجْرٍ وَفِي بِمَعْنَى الْبَاءِ فَالنَّقْدُ مُتَّجَرٌ بِهِ لَا فِيهِ، وَالْبَاءُ بَاءُ الِاسْتِعَانَةِ أَوْ الْآلَةِ أَيْ مُسْتَعَانًا بِهِ عَلَى التَّجْرِ أَوْ هُوَ آلَةُ التَّجْرِ وَمُتَعَلِّقُ تَجْرٍ مَحْذُوفٌ أَيْ فِي كُلِّ نَوْعٍ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ قَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّ الْمُرَادَ عَلَى تَجْرٍ مُطْلَقٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ فَيَخْرُجُ التَّجْرُ الْمُقَيَّدُ الْفَاسِدُ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ مَضْرُوبٌ عَنْ التِّبْرِ وَالْفُلُوسِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ مُسَلَّمٍ عَمَّا لَوْ قَارَضَهُ بِالدَّيْنِ وَنَحْوِهِ كَمَا يَأْتِي، وَقَوْلُهُ بِجُزْءٍ مُتَعَلِّقٌ بِتَجْرٍ أَوْ تَوْكِيلٍ وَهُوَ أَوْلَى وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ شَائِعًا وَلَمَّا كَانَ الْجُزْءُ فِي الْمُسَاقَاةِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ نَخْلَةٍ أَوْ عَدَدٍ مِنْ نَخَلَاتٍ احْتَاجَ إلَى زِيَادَةِ شَائِعٍ وَالْمُرَادُ فِي الْحَائِطِ، فَيَخْرُجُ مَا قُلْنَاهُ بِخِلَافِ الْجُزْءِ هُنَا فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ مَعَهُ تَعْيِينٌ
وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ مِنْ رِبْحِهِ مِمَّا إذَا جَعَلَ لِلْعَامِلِ جُزْءًا مِنْ رِبْحِ غَيْرِ الْمَالِ الْمُتَّجَرِ فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ بِجُزْءٍ مِنْ رِبْحِهِ يَقْتَضِي أَنَّ مَا جُعِلَ فِيهِ الرِّبْحُ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لِغَيْرِهِمَا لَيْسَ بِقِرَاضٍ حَقِيقَةً وَهُوَ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ إنْ عُلِمَ قَدْرُهُمَا أَيْ قَدْرُ الْمَالِ الْمَدْفُوعِ وَالْجُزْءِ الْمُشْتَرَطِ لِلْعَامِلِ لِأَنَّ الْجَهْلَ بِرَأْسِ الْمَالِ يُؤَدِّي إلَى الْجَهْلِ بِالرِّبْحِ كَمَا لَوْ دَفَعَ لَهُ صُرَّةً مَجْهُولَةَ الْوَزْنِ يَعْمَلُ بِهَا، ثُمَّ بَالَغَ عَلَى الْجَوَازِ
ــ
[حاشية العدوي]
؛ لِأَنَّ الْحَقَائِقَ تَشْمَلُ صَحِيحَهَا وَفَاسِدَهَا مَعَ أَنَّهُ يَتَرَاءَى دُخُولُ جَمِيعِ الْفَاسِدِ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ بِلَفْظِ إجَارَةٍ فَهُوَ وَإِنْ كَانَ إجَارَةً فَاسِدَةً هُوَ قِرَاضٌ فَاسِدٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ لَا بَأْسَ بِهِ) أَيْ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ وَرُبَّمَا يَقَعُ فِي الْوَهْمِ ابْتِدَاءً أَنَّهُ إذَا كَانَ ضَمَانٌ عَلَى الْعَامِلِ يَكُونُ بِهِ بَأْسٌ أَيْ لَا يَكُونُ جَائِزًا مَعَ أَنَّهُ جَائِزٌ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنْ يُقَالَ أَنَّهُ نَصٌّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ
وَأَمَّا إذَا كَانَ عَلَيْهِ ضَمَانٌ فَلَا مَانِعَ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مَنْ لَهُ الْغُنْمُ عَلَيْهِ الْغُرْمُ (قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي إلَخْ) أَتَى بِهِ إشَارَةً إلَى أَنَّ نَفْيَ الضَّمَانِ عَلَى الْعَامِلِ لَا يَتَقَيَّدُ بِهَذِهِ الصُّورَةِ (قَوْلُهُ مَجَازٌ) إمَّا مَجَازٌ اسْتِعَارَةٌ أَوْ مُرْسَلٌ عَلَاقَتُهُ الْإِطْلَاقُ وَالتَّقْيِيدُ أَوْ التَّقْيِيدُ فَقَطْ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ غَيْرُ لَازِمٍ) أَيْ فَلِأَحَدِهِمَا أَنْ يَنْحَلَّ عَنْ تِلْكَ الْعُقْدَةِ، وَقَوْلُهُ قَبْلَ الْعَمَلِ أَيْ الَّذِي هُوَ شِرَاءُ الْأَمْتِعَةِ بِمَالِ الْقِرَاضِ (قَوْلُهُ وَلِذَا لَمْ يَقُلْ عَقَدَ عَلَى تَمْكِينٍ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ عَقَدَ لَأَفَادَ اللُّزُومَ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لَا يَنْصَرِفُ إلَّا لِمَا كَانَ لَازِمًا فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَازِمًا يُصَرَّحُ بِمَا يُفِيدُ عِنْدَ اللُّزُومِ كَقَوْلِهِ فِي بَابِ الْمُزَارَعَةِ وَلِكُلٍّ فَسْخُهَا إنْ لَمْ يَبْذُرْ (قَوْلُهُ فِي نَقْدٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْقِرَاضُ بِمَا يُتَعَامَلُ بِهِ مِنْ غَيْرِ النَّقْدِ، وَلَوْ انْفَرَدَ التَّعَامُلُ بِهِ كَالْوَدْعِ فِي بِلَادِ السُّودَانِ، وَهُوَ كَذَلِكَ قَصْرًا لِلرُّخْصَةِ عَلَى مُورِدِهَا، وَقَوْلُهُ مَضْرُوبٌ أَيْ ضَرْبًا يُتَعَامَلُ بِهِ فِي ذَلِكَ لَا بِمَضْرُوبٍ لَا يُتَعَامَلُ بِهِ كَمَا فِي غَالِبِ بِلَادِ السُّودَانِ (قَوْلُهُ مُسَلَّمٍ) أَيْ بِدُونِ أَمِينٍ عَلَيْهِ لَا إنْ جَعَلَ عَلَيْهِ أَمِينًا فَإِنَّ تَسْلِيمَهُ حِينَئِذٍ كَلَا تَسْلِيمٍ (قَوْلُهُ فَعُلِمَ مِنْهُ حُرْمَةُ) أَيْ وَأَمَّا عَكْسُهُ فَهُوَ مَكْرُوهٌ (قَوْلُهُ فَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ) أَيْ مُجَارَاةً عَلَى مَا هُنَا أَنْ يُرَادَ مِنْ الْقِرَاضِ الْفِعْلُ وَإِلَّا فَيَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِالْقِرَاضِ فِي بَابِ الزَّكَاةِ الْمَالُ بَلْ وَيَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِالْقِرَاضِ هُنَا الْمَالُ وَيَكُونُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ ذُو تَوْكِيلٍ ثُمَّ إنَّكَ خَبِيرٌ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حَذْفٍ فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ لِتَسْتَقِيمَ الْعِبَارَةُ وَكَأَنَّهُ قَالَ ثُمَّ الْمُرَادُ بِالْقِرَاضِ الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيُّ وَلَا حَذْفَ وَأَمَّا فِي بَابِ الزَّكَاةِ إلَخْ
(قَوْلُهُ خَرَجَتْ الشَّرِكَةُ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى فِي نَقْدٍ لَا فِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ فَالنَّقْدُ مُتَّجَرٌ بِهِ لَا فِيهِ) أَيْ وَالْمُتَّجَرُ فِيهِ إنَّمَا هُوَ الْأَمْتِعَةُ مِنْ عَرْضٍ وَغَيْرِهِ وَفِيهِ أَنَّ التَّجْرَ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ فَكَمَا أَنَّ التَّجْرَ مُتَعَلِّقٌ بِالْأَمْتِعَةِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا مُثَمَّنًا فَقَدْ يَتَعَلَّقُ بِالدَّرَاهِمِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا ثَمِينًا (قَوْلُهُ أَوْ الْآلَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّ بَاءَ الْآلَةِ هِيَ بَاءُ الِاسْتِعَانَةِ (قَوْلُهُ وَبِهِ يَنْدَفِعُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَبِهِ يَتَبَيَّنُ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ عَلَى تَجْرٍ مُطْلَقٍ (قَوْلُهُ فَيَخْرُجُ التَّجْرُ الْمُقَيَّدُ) أَيْ بِنَوْعٍ فَإِنَّهُ فَاسِدٌ مَا لَمْ يُوجَدْ فِي كُلِّ الْعَامِ (قَوْلُهُ وَهُوَ أَوْلَى) وَذَلِكَ لِأَنَّ تَعَلُّقَهُ بِتَوْكِيلٍ يُؤْذِنُ بِأَنَّ ذَلِكَ الْجُزْءَ مَدْخُولٌ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً بِخِلَافِ تَعَلُّقِهِ بِتَجْرٍ بَلْ إذَا تَأَمَّلْت تَجِدُ تَعَلُّقَهُ بِتَجْرٍ أَوْلَى وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْجُزْءَ إنَّمَا هُوَ فِي مُقَابَلَةِ التَّجْرِ وَيُؤْذِنُ قَطْعًا بِأَنَّ الْجُزْءَ مَدْخُولٌ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ شَائِعًا) أَيْ لَا بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ مِنْ رِبْحِهِ كَعَشَرَةِ دَنَانِيرَ أَيْ إلَّا أَنْ يَنْسُبَهَا بِقَدْرٍ سَمَّاهُ مِنْ الرِّبْحِ كَلَكَ عَشَرَةٌ إنْ كَانَ الرِّبْحُ مِائَةَ دِينَارٍ فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ عُشْرِ الرِّبْحِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ فَيَخْرُجُ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ احْتَاجَ إلَى زِيَادَةِ شَائِعٍ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْجَهْلَ بِرَأْسِ الْمَالِ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ أَنَّ اشْتِرَاطَ عِلْمِ قَدْرِ الرِّبْحِ ظَاهِرٌ وَأَمَّا اشْتِرَاطُ عِلْمِ قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ فَلَمْ يَظْهَرْ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ اشْتِرَاطَ عِلْمِ قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ لِيُعْلَمَ قَدْرُ الرِّبْحِ
(أَقُولُ) وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ الرِّبْحَ لَيْسَ مُحَدَّدًا بِحَدٍّ مَحْدُودٍ وَبِاعْتِبَارِ رَأْسِ الْمَالِ إنَّمَا هُوَ جُزْءُ الرِّبْحِ الَّذِي يَتَحَصَّلُ مِنْ الْمَالِ الَّذِي يُشْتَرَى بِهِ كَانَ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا، وَحَيْثُ عُدَّ الْعَامِلُ أَمِينًا فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الصُّرَّةَ وَإِنْ جُهِلَتْ بِاعْتِبَارِ حَالَةِ الْعُقْدَةِ فَالشِّرَاءُ الصَّادِرُ مِنْ الْعَامِلِ بَعْدُ لَا يَكُونُ إلَّا بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ فَيَأْتِي الرِّبْحُ عَلَى حَسَبِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute