بِقَوْلِهِ (ص) وَلَوْ مَغْشُوشًا (ش) أَيْ وَلَوْ كَانَ النَّقْدُ الْمَضْرُوبُ مَغْشُوشًا يُرِيدُ يُتَعَامَلُ بِهِ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ كَالْعَرْضِ وَرَدَّ بِلَوْ قَوْلَ ابْنِ وَهْبٍ بِعَدَمِ الْجَوَازِ ثُمَّ إنَّ الْجَوَازَ فِي الْمَغْشُوشِ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الرَّوَاجِ وَالْكَامِلِ أَمْ لَا بِخِلَافِ مَا فِي بَابِ الزَّكَاةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الِاشْتِرَاطَ هُنَاكَ إنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ الْإِخْرَاجِ وَعَدَمِهِ، وَأَمَّا هُنَا فَالْغَرَضُ التَّعَامُلُ وَهُوَ حَاصِلٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ رَأْسَ الْمَالِ الَّذِي يُعْطَى عِنْدَ الْمُفَاصَلَةِ مِثْلُهُ مَغْشُوشًا.
(ص) لَا بِدَيْنٍ عَلَيْهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ لَهُ دَيْنٌ فِي ذِمَّةِ شَخْصٍ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقُولَ لَهُ اعْمَلْ بِالدَّيْنِ قِرَاضًا وَالرِّبْحُ بَيْنَنَا لِلتُّهْمَةِ لَأَنْ يَكُونَ أَخَّرَهُ عَلَى أَنْ يَزِيدَهُ فِيهِ وَمِثْلُهُ الْوَدِيعَةُ فَإِنْ وَقَعَ وَعَمِلَ بِمَا ذُكِرَ عَلَى وَجْهِ الْقِرَاضِ فَإِنَّ الرِّبْحَ لَهُ وَالْخَسَارَةُ عَلَيْهِ وَلَا شَيْءَ مِنْ الرِّبْحِ لِرَبِّ الْمَالِ لِلنَّهْيِ عَنْ رِبْحٍ مَا لَمْ يُضْمَنْ وَيَسْتَمِرُّ الدَّيْنُ فِي ذِمَّةِ الْعَامِلِ عَلَى مَا كَانَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَاسْتَمَرَّ (ش) وَمَحَلُّ النَّهْيِ مَا لَمْ يَقْبِضْ أَوْ يُحْضِرْهُ وَيُشْهِدْ لِأَنَّهُ قَبْلَ مَا ذُكِرَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَخَّرَهُ لِيَزِيدَهُ فِيهِ، وَأَمَّا بَعْدَ الْقَبْضِ وَدَفْعِهِ لَهُ أَوْ إحْضَارِهِ مَعَ الْإِشْهَادِ عَلَى بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ مِنْهُ فَيَجُوزُ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ فَإِذَا قَالَ لِلْعَامِلِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ أَوْ بَعْدَهُ اعْمَلْ فِيهِ قِرَاضًا صَحَّ وَكَانَ الرِّبْحُ عَلَى مَا دَخَلَا عَلَيْهِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) مَا لَمْ يَقْبِضْ أَوْ يُحْضِرْهُ وَيُشْهِدْ (ش) وَالْإِشْهَادُ بِرَجُلَيْنِ أَوْ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ هُنَا بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فَهُوَ نَظِيرُ الْوَكَالَةِ وَقَوْلُهُ وَاسْتَمَرَّ مُسْتَأْنَفٌ وَهُوَ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ كَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ قَدْ قُلْتَ إنَّ الْقِرَاضَ بِالدَّيْنِ لَا يَصِحُّ فَمَا حُكْمُهُ إذَا وَقَعَ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ وَاسْتَمَرَّ اهـ. أَيْ وَاسْتَمَرَّ عَلَى حُكْمِ الدَّيْنِ وَهُوَ الْمَنْعُ مُدَّةَ انْتِفَاءِ الْقَبْضِ وَانْتِفَاءِ الْإِحْضَارِ الْمُقَيَّدِ بِالْإِشْهَادِ فَالْمَنْعُ مُقَيَّدٌ بِانْتِفَاءِ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ مَعًا فَيَكُونُ الْجَوَازُ بِوُجُودِهِمَا أَوْ بِوُجُودِ أَحَدِهِمَا وَعَلَى هَذَا كَانَ الْمُنَاسِبُ التَّعْبِيرُ بِالْوَاوِ لَا بِأَوْ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ الْأَحَدُ الدَّائِرُ وَهُوَ صَادِقٌ بِكُلٍّ مِنْهُمَا فَلَا بُدَّ مِنْ انْتِفَائِهِمَا مَعًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان: ٢٤] .
(ص) وَلَا بِرَهْنٍ أَوْ وَدِيعَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّهْنَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَأْسَ مَالِ الْقِرَاضِ لِأَنَّهُ شَبِيهٌ بِالدَّيْنِ وَكَذَلِكَ الْوَدِيعَةُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ لِأَنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ أَنْفَقَهَا فَصَارَتْ عَلَيْهِ دَيْنًا وَالْمَنْعُ ظَاهِرٌ حَيْثُ كَانَ كُلٌّ فِي غَيْرِ يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَالْمُودَعِ بِالْفَتْحِ بَلْ بِيَدِ أَمِينٍ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ انْتَفَعَ بِتَخْلِيصِ الْعَامِلِ الرَّهْنَ أَوْ الْوَدِيعَةَ مِنْ الْأَمِينِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ كُلٌّ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ الْمُودَعِ فَيُتَوَهَّمُ فِيهَا الْجَوَازُ لِكَوْنِهِ لَا يَحْتَاجُ فِيهِ لِتَخْلِيصٍ فَلَمْ يَنْتَفِعْ رَبُّ الْمَالِ بِتَخْلِيصِ الْعَامِلِ مَعَ أَنَّ الْمَشْهُورَ الْمَنْعُ فَلِذَا بَالَغَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (ص) وَإِنْ بِيَدِهِ (ش) أَيْ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْ الرَّهْنِ الْوَدِيعَةِ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ وَالْمُودَعِ بِالْفَتْحِ، وَبِعِبَارَةٍ الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْعَامِلِ فَالْمُبَالَغَةُ فِي مَحَلِّهَا خِلَافًا لِابْنِ غَازِيٍّ وَيُتَصَوَّرُ كَوْنُ الْوَدِيعَةِ بِيَدِ أَمِينٍ بِأَنْ أَوْدَعَ لِسَفَرٍ عِنْدَ عَجْزِ الرَّدِّ أَوْ لِعَوْرَةٍ حَدَثَتْ ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ الْمَنْعِ فِي الرَّهْنِ الْوَدِيعَةِ حَيْثُ لَمْ يَقْبِضْ، وَأَمَّا الْإِحْضَارُ مَعَ الْإِشْهَادِ فِيهِمَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ وَلَوْ مَغْشُوشًا) أَيْ وَلَوْ كَانَ النَّقْدُ الْمَوْصُوفُ بِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُتَعَامَلُ بِهِ مَغْشُوشًا فَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي مُقَدَّرٍ لَا مِنْ تَمَامِ التَّعْرِيفِ لِئَلَّا يَلْزَمَ أَخْذُ الْحُكْمِ فِيهِ (قَوْلُهُ وَرَدَّ بِلَوْ قَوْلَ ابْنِ وَهْبٍ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ قَوْلَ الْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ (قَوْلُهُ إنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ الْإِخْرَاجِ) أَيْ الَّذِي أَوْجَبَهُ الشَّارِعُ وَاَلَّذِي أَوْجَبَهُ الشَّارِعُ لَا يَكُونُ إلَّا فِيمَا رَاجَ كَالْكَامِلِ؛ لِأَنَّهُ بِمَثَابَةِ الْكَامِلِ فَإِذَا لَمْ يَرُجْ كَالْكَامِلِ فَلَا يَكُونُ بِمَثَابَةِ الْكَامِلِ فَلَا تَجِبُ الزَّكَاةُ؛ لِأَنَّ النِّصَابَ لَمْ يَكْمُلْ.
(قَوْلُهُ لَأَنْ يَكُونَ) أَيْ عَلَى أَنْ يَكُونَ أَخَّرَهُ، وَقَوْلُهُ عَلَى أَنْ أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يَزِيدَهُ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ الْوَدِيعَةُ) أَيْ فِي ذَلِكَ التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ فَإِنْ وَقَعَ وَعَمِلَ إلَخْ) هَذَا رَاجِعٌ لِمَسْأَلَةِ الدَّيْنِ لَا لِمَسْأَلَةِ الْوَدِيعَةِ فَإِنَّ حُكْمَهَا سَيَأْتِي أَيْ يُتَّهَمُ عَلَى أَنَّهُ فِي الْوَاقِعِ لَيْسَ قَصْدُهُمَا الْقِرَاضَ وَإِنَّمَا قَصْدُهُمَا التَّأْخِيرُ بِزِيَادَةٍ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَضْمَنْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ إذَا ضَاعَ الْمَالُ يَكُونُ الْمَدِينُ ضَامِنًا لَهُ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ هَلَّا قِيلَ الرِّبْحُ لَهُ وَيَنْتَقِلُ الضَّمَانُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَوْ يُحْضِرْهُ وَيُشْهِدْ) أَيْ عَلَى بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْأَبِيّ وَكَلَامُ بَهْرَامَ وَلَكِنَّ الَّذِي فِي الْمَوَّاقِ وَالْحَطَّابِ أَنَّ الْمُرَادَ يُشْهِدُ عَلَى زِنَتِهِ وَهُوَ وَاضِحٌ فِيمَا يُتَعَامَلُ بِهِ وَزْنًا وَأَمَّا لَوْ كَانَ عَدَدًا أَوْ بِهِمَا فَالْإِشْهَادُ عَلَى مَا بِهِ التَّعَامُلُ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ الصِّحَّةُ، وَلَوْ أَعَادَهُ بِالْقُرْبِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ قِيلَ إذَا قُبِضَ الدَّيْنُ انْتَفَى كَوْنُهُ دَيْنًا فَلَا يُحْتَاجُ إلَى إخْرَاجِهِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْقَابِضَ لَمَّا كَانَ يَرُدُّ مَا قَبَضَهُ بِالْحَضْرَةِ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ قَبْضَهُ كَلَا قَبْضٍ وَإِنْ وَقَعَ بِالدَّيْنِ، فَتَعَرَّضَ لَهُ لِنَفْيِ هَذَا التَّوَهُّمِ (قَوْلُهُ وَلَا يُتَصَوَّرُ) أَيْ أَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يُحْضِرَهُ وَيَقُولَ وَاَللَّهِ إنِّي بَرِئَتْ ذِمَّتِي، وَقَوْلُهُ فَهُوَ نَظِيرُ الْوَكَالَةِ فِي أَنَّهَا لَا تَكُونُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ أَيْ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَقُولَ أَشْهَدَنَا فُلَانٌ عَلَى أَنِّي وَكَّلْتُهُ وَاَللَّهِ إنِّي وَكَّلْته (قَوْلُهُ أَيْ وَاسْتَمَرَّ عَلَى حُكْمِ الدَّيْنِ) أَيْ وَاسْتَمَرَّ الْقِرَاضُ عَلَى حُكْمِ الدَّيْنِ أَيْ الْحُكْمِ الْمُتَعَلِّقِ بِالدَّيْنِ ثُمَّ أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَاسْتَمَرَّ الدَّيْنُ.
(قَوْلُهُ قَالَ لِأَنِّي أَخَافُ) هَذَا لَا يَأْتِي عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ بِيَدِ أَمِينٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ خَلْفَ ذَلِكَ عِلَّةٌ أُخْرَى وَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ انْتَفَعَ إلَخْ (قَوْلُهُ فَيُتَوَهَّمُ فِيهَا الْجَوَازُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَقَدْ قِيلَ بِالْجَوَازِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ مَعَ أَنَّ الْمَشْهُورَ إلَخْ (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِلْعَامِلِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْمُرْتَهِنُ، وَالْمُودَعُ بِالْفَتْحِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِابْنِ غَازِيٍّ) فَإِنَّهُ قَالَ ظَاهِرُهُ انْطِبَاقُ الْإِغْيَاءِ عَلَيْهِمَا مَعًا وَإِنَّمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الرَّهْنِ فِيمَا رَأَيْت، وَلَوْ سُلِّمَ فَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يَجْعَلَ غَايَةَ مَا بِيَدِ أَمِينِهِ لَا مَا بِيَدِهِ فِيهِمَا مَعًا وَفِي بَعْضِ الْحَوَاشِي أَنَّ مَعْنَاهُ وَلَوْ كَانَ قَائِمًا بِيَدِهِ لَمْ يَفُتْ وَفِيهِ بُعْدٌ اهـ. فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُهُ فَالْمُبَالَغَةُ تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ كُلٌّ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ إلَخْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute