للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْد عِشْرِينَ سَنَةً، وَخَالَفَهَا الزَّوْجُ فَالْحَدُّ، وَعَنْهُ فِي الرَّجُلِ يَسْقُطُ مَا لَمْ يُقِرَّ بِهِ، أَوْ يُولَدْ لَهُ، وَأَوَّلًا عَلَى الْخِلَافِ، أَوْ لِخِلَافِ الزَّوْجِ فِي الْأَوَّلِ فَقَطْ، أَوْ لِأَنَّهُ يَسْكُتُ، أَوْ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ، لَمْ تَبْلُغْ عِشْرِينَ تَأْوِيلَاتٌ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَقَامَتْ مَعَ زَوْجِهَا عِشْرِينَ سَنَةً، ثُمَّ وُجِدَتْ تَزْنِي، فَقَالَتْ: مَا جَامَعَنِي زَوْجِي فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ، وَكَذَّبَهَا زَوْجُهَا، وَقَالَ: بَلْ وَطِئْتهَا، فَإِنَّهَا تُحَدُّ أَيْ: تُرْجَمُ؛ لِأَنَّهَا مُحْصَنَةٌ، وَلَا عِبْرَةَ بِإِنْكَارِهَا الْوَطْءَ وَعَنْ مَالِكٍ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً، وَطَالَ مُكْثُهُ مَعَهَا، ثُمَّ شَهِدَتْ الْعُدُولُ عَلَيْهِ بِالزِّنَا، فَقَالَ مَا جَامَعْتُ زَوْجَتِي مُنْذُ دَخَلْت بِهَا، وَأَنَا الْآنَ غَيْرُ مُحْصِنٍ، فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ: وَلَا يُرْجَمُ بَلْ يُجْلَدُ جَلْدَ الْبِكْرِ مَا لَمْ يُقِرَّ، أَوْ يَظْهَرُ حَمْلٌ لَهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ، فَإِنَّهُ يُرْجَمُ، فَقَوْلُهُ: فَالْحَدُّ الْمُرَادُ بِهِ الرَّجْمُ، وَقَوْلُهُ: وَعَنْهُ أَيْ: الْإِمَامِ، وَقَوْلُهُ: يَسْقُطُ أَيْ: الرَّجْمُ، وَأَمَّا الْجَلْدُ فَلَا نِزَاعَ فِي أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ إذَا سَقَطَ الرَّجْمُ، ثُمَّ إنَّ الْأَشْيَاخَ تَأَوَّلُوا الْمَسْأَلَتَيْنِ عَلَى أَنَّهُمَا مُتَعَارِضَتَانِ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ قُبِلَ قَوْلُهُ: وَالْمَرْأَةُ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهَا، وَمِمَّنْ حَمَلَهُمَا عَلَى الْخِلَافِ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ وَسَحْنُونٌ وَأَبُو عِمْرَانَ وَاللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ، وَالْخِلَافُ هُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ فَاخْتُلِفَ فِي تَعْيِينِ الْمَذْهَبِ فِي حُكْمِ أَيِّ الْمَسْأَلَتَيْنِ فَعَيَّنَهُ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ فِي حُكْمِ الثَّانِيَةِ، وَعَيَّنَهُ سَحْنُونَ فِي حُكْمِ الْأُولَى، وَانْظُرْ مَا الْمَشْهُورُ مِنْهُمَا انْتَهَى، وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَشْيَاخِ إلَى التَّوْفِيقِ بَيْنَهُمَا بِوُجُوهٍ ذَكَرَهَا عَبْدُ الْحَقِّ فِي نُكَتِهِ، مِنْهَا: إنَّمَا قُبِلَ قَوْلُ الزَّوْجِ حَيْثُ أَنْكَرَ الْوَطْءَ فَلَمْ يُرْجَمْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تُكَذِّبْهُ زَوْجَتُهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ كَذَّبَهَا فَلَوْ لَمْ يُكَذِّبْهَا فِي مَسْأَلَتِهَا، أَوْ كَذَّبَتْهُ فِي مَسْأَلَتِهِ لَاتَّفَقَا، وَمِنْهَا إنَّمَا قُبِلَ قَوْلُ الزَّوْجِ، وَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ إذَا حَصَلَ لَهُ مَا يَمْنَعُهُ الْجِمَاعُ لِزَوْجَتِهِ يَسْكُتُ عَنْهُ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ إذَا حَصَلَ لَهَا عَدَمُ الْوَطْءِ مِنْ زَوْجِهَا، فَالْعَادَةُ أَنَّهَا لَا تَسْكُتُ عَنْهُ، بَلْ تُظْهِرُهُ، وَتُبْدِيهِ وَمِنْهَا إنَّمَا قُبِلَ قَوْلُ الزَّوْجِ، وَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي أَنْكَرَ الزَّوْجُ وَطْأَهَا لَمْ تَبْلُغْ الْمُدَّةَ فِيهَا عِشْرِينَ سَنَةً، وَمَسْأَلَةُ الزَّوْجَةِ بَلَغَتْ عِشْرِينَ، فَالتَّأْوِيلَاتُ أَرْبَعَةٌ: الْأَوَّلُ يَحْكِي الْخِلَافَ، وَالثَّلَاثَةُ تُوَفِّقُ بَيْنَ مَا وَقَعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ

. (ص) وَإِنْ قَالَتْ: زَنَيْتُ مَعَهُ فَادَّعَى الْوَطْءَ وَالزَّوْجِيَّةَ، أَوْ وُجِدَا بِبَيْتٍ، وَأَقَرَّا بِهِ وَادَّعَيَا النِّكَاحَ، أَوْ ادَّعَاهُ فَصَدَّقَتْهُ هِيَ وَوَلِيُّهَا، وَقَالَا لَمْ نُشْهِدْ حُدَّا. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا قَالَتْ: زَنَيْت مَعَ هَذَا الرَّجُلِ، فَأَقَرَّ بِوَطْئِهَا، وَأَنَّهَا زَوْجَتُهُ، وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ فَإِنَّهُمَا يُحَدَّانِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ السَّبَبِ الْمُبِيحِ، وَيَأْتَنِفَانِ نِكَاحًا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ إنْ أَحَبَّا، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ طَارِئَيْنِ، أَوْ حَصَلَ فُشُوٌّ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ الزَّوْجَانِ غَيْرُ الطَّارِئَيْنِ إذَا وُجِدَا فِي بَيْتٍ، أَوْ طَرِيقٍ، وَأَقَرَّا بِالْوَطْءِ وَادَّعَيَا النِّكَاحَ، وَلَا بَيِّنَةَ، وَلَا فُشُوَّ يَقُومُ مَقَامَهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ السَّبَبِ الْمُبِيحِ لِلْوَطْءِ، وَيَأْتَنِفَانِ نِكَاحًا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ إنْ أَحَبَّا، فَإِنْ حَصَلَ فُشُوٌّ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِمَا، وَأَمَّا لَوْ كَانَا طَارِئَيْنِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُمَا، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَدَّعِيَا شَيْئًا مُخَالِفًا لِلْعُرْفِ بِدَلِيلِ مَا قَدَّمَهُ فِي بَابِ التَّنَازُعِ، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ الزَّوْجَانِ إذَا ادَّعَى الرَّجُلُ وَطْءَ امْرَأَةٍ، فَصَدَّقَتْهُ هِيَ وَوَلِيُّهَا، وَقَالَا أَيْ: الْمَرْأَةُ وَوَلِيُّهَا لَمْ نُشْهِدْ أَيْ: قَالَا عَقَدْنَا النِّكَاحَ بِلَا إشْهَادٍ، وَنَحْنُ الْآنَ نُشْهِدُ أَيْ: وَلَمْ يَحْصُلْ فُشُوٌّ يَقُومُ مَقَامَ الْإِشْهَادِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ السَّبَبِ الْمُبِيحِ، وَيَأْتَنِفَانِ نِكَاحًا جَدِيدًا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ إنْ أَحَبَّا، وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَا طَارِئَيْنِ، وَهُوَ كَذَلِكَ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّهُمَا دَخَلَا بِلَا إشْهَادٍ، فَقَوْلُهُ: حُدَّا رَاجِعٌ لِلْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ

. (بَابٌ) ذَكَرَ فِيهِ (حَدَّ الْقَذْفِ وَحُكْمَهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) وَهُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، وَأَصْلُهُ الرَّمْيُ بِالْحِجَارَةِ وَنَحْوِهَا، ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ مَجَازًا فِي الرَّمْيِ بِالْمَكَارِهِ وَسَمَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى رَمْيًا فَقَالَ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: ٤] وَيُسَمَّى أَيْضًا فِرْيَةً كَأَنَّهُ مِنْ الِافْتِرَاءِ، وَالْكَذِبِ، وَهُوَ مِنْ الْكَبَائِرِ وَالْمُوبِقَاتِ وَلِعَظَمِهِ أَوْجَبَ اللَّهُ فِيهِ الْحَدَّ، وَلَوْ نَسَبَ شَخْصٌ غَيْرَهُ لِلْكُفْرِ لَمْ يُحَدَّ،

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُقِرَّ بِهِ أَوْ يُولَدُ لَهُ) أَيْ: فَإِنْ ظَهَرَ وَطْؤُهُ بِوِلَادَتِهَا مِنْهُ أَوْ أَقَرَّ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُرْجَمُ، وَظَاهِرُهُ كَغَيْرِهِ، وَلَوْ بَعْدَ حَدِّهِ حَدَّ الْبِكْرِ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: أَوْ يُولَدُ لَهُ يَشْمَلُ مَا إذَا نَفَاهُ بِلِعَانٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ لِأَنَّهُ يَسْكُتُ إلَخْ) يُرَدُّ بِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ وَطِئَهَا لَمْ يَسْكُتْ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْأَنْسَبَ بِالتَّأَمُّلِ قَبْلَهُ أَنْ يَقُولَ: أَوْ لِأَنَّهَا لَا تَسْكُتُ، وَقَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلِهِ: وَأَوَّلًا أَيْ: لِأَنَّ قَوْلَهُ: أَوْ لِخِلَافِ الزَّوْجِ بِمَثَابَةِ الْوِفَاقِ فَلَوْ لَمْ يَأْتِ بِتَأْوِيلَانِ كَانَ الْمَعْنَى أَوَّلًا عَلَى الْخِلَافِ وَالْوِفَاقِ، وَتَعْدَادُ أَوْجُهِ الْوِفَاقِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا ثَلَاثَةٌ.

(قَوْلُهُ: وَانْظُرْ مَا الْمَشْهُورُ مِنْهُمَا) الظَّاهِرُ تَصْدِيقُهُمَا مَعًا

. (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَتْ: زَنَيْت مَعَهُ إلَخْ) ذَكَرَ الْبَدْرُ لُغْزًا فِي هَذَا الْعِلْمِ لَا بَأْسَ بِذِكْرِهِ وَهُوَ خَمْسَةٌ زَنَوْا بِامْرَأَةٍ فَقُتِلَ وَاحِدٌ وَرُجِمَ آخَرُ وَحُدَّ آخَرُ وَحُدَّ النِّصْفَ آخَرُ وَلَا حَدَّ عَلَى الْخَامِسِ، فَالْأَوَّلُ مُشْرِكٌ، وَالْأَخِيرُ مَجْنُونٌ، لَكِنَّ وَطْءَ الصَّبِيِّ، وَالْمُشْرِكِ وَالْمَجْنُونِ لَا يُسَمَّى زِنًا. اهـ. .

[بَابٌ حَدَّ الْقَذْفِ وَحُكْمَهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

(بَابُ الْقَذْفِ) . (قَوْلُهُ: وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى قَوْلِهِ: حُكْمَهُ أَيْ: فَالْمُرَادُ بِالْحُكْمِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ الْأَحْكَامِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْحُرْمَةَ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ مَجَازًا) أَيْ: لُغَوِيًّا وَإِلَّا فَهُوَ الْآنَ حَقِيقَةٌ عُرْفِيَّةٌ شَرْعِيَّةٌ. (قَوْلُهُ: كَأَنَّهُ إلَخْ) كَانَ لِلتَّحْقِيقِ. (قَوْلُهُ: وَالْكَذِبِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ، وَقَوْلُهُ: وَالْمُوبِقَاتِ أَيْ: الْمُهْلِكَاتِ، وَهُوَ لَازِمٌ لِمَا قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَسَبَ شَخْصٌ إلَخْ) أَيْ: فَنِسْبَتُهُ لِلزِّنَا أَشَدُّ مِنْ نِسْبَتِهِ لِلْكُفْرِ هَذَا حَاصِلُهُ، وَفِيهِ أَنَّ الْكُفْرَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْخُلُودُ فِي النَّارِ بِخِلَافِ الزِّنَا، وَالْجَوَابُ أَنَّ نِسْبَتَهُ لِلْكُفْرِ لَا تَسْلَمُ وَيُكَذَّبُ فِيهَا بِخِلَافِ نِسْبَتِهِ لِلزِّنَا، فَيُمْكِنُ التَّسْلِيمُ، وَتَلْحَقُهُ الْمَعَرَّةُ نَظِيرُهُ مَا قَالُوهُ فِي سَبِّ النَّبِيِّ يُقْتَلُ مُطْلَقًا بِخِلَافِ مَنْ سَبَّ اللَّهَ تَعَالَى

<<  <  ج: ص:  >  >>