للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كُلَّ وَاحِدٍ يَسْتَنْبِطُ عِلْمَ مَنْ هُوَ مِنْ قِبَلِهِ فَإِذَا خَرَجَا عَنْ أَنْ يَكُونَا مِنْ الْأَهْلِ أَجْزَأَ وَاحِدٌ قَالَ: وَكَذَا إذَا كَانَا مُوَلًّى عَلَيْهِمَا وَالتَّحْكِيمُ مِنْ قِبَلِ مَنْ وُلِّيَ عَلَيْهِمَا فَمَحَلُّ التَّرَدُّدِ حَيْثُ كَانَ الْمُقِيمُ لِلْوَاحِدِ الْوَلِيَّيْنِ أَوْ الْحَاكِمَ وَكَانَ الْمُقَامُ أَجْنَبِيًّا فَإِنْ كَانَ قَرِيبًا امْتَنَعَتْ إقَامَتُهُ مِنْ الْوَلِيَّيْنِ أَوْ الْحَاكِمِ اتِّفَاقًا وَسُئِلَ الْمُؤَلِّفُ لِمَ جَازَ هُنَا بِحُكْمِ وَاحِدٍ وَلَمْ يَجُزْ فِي تَحْكِيمِ الصَّيْدِ إلَّا اثْنَانِ وَقَدْ جَاءَ النَّصُّ بِتَحْكِيمِ اثْنَيْنِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ فَأَجَابَ بِأَنَّ جَزَاءَ الصَّيْدِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَمْ يَجُزْ إسْقَاطُهُ وَهَذَا حَقٌّ لِلزَّوْجَيْنِ فَلَهُمَا إسْقَاطُهُ.

(ص) وَلَهُمَا إنْ أَقَامَاهُمَا الْإِقْلَاعُ مَا لَمْ يَسْتَوْعِبَا الْكَشْفَ وَيَعْزِمَا عَلَى الْحُكْمِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلزَّوْجَيْنِ إذَا أَقَامَا حَكَمَيْنِ أَنْ يَرْجِعَا عَنْ ذَلِكَ وَيَعْزِلَا الْحَكَمَيْنِ مَا لَمْ يَسْتَوْعِبَا الْكَشْفَ عَنْ أَمْرِ الزَّوْجَيْنِ وَيَعْزِمَا عَلَى الْحُكْمِ بَيْنَهُمَا أَمَّا إنْ اسْتَوْعَبَا الْكَشْفَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَعَرَفَا أَمْرَهُمَا وَعَزَمَا عَلَى الْحُكْمِ بَيْنَهُمَا فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا عِبْرَةَ بِرُجُوعِ مَنْ رَجَعَ مِنْ الزَّوْجَيْنِ وَيَلْزَمُهُمَا مَا يَحْكُمَانِ بِهِ مِنْ أَمْرِهِمَا وَسَوَاءٌ رَجَعَ أَحَدُهُمَا أَوْ رَجَعَا مَعًا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ رَضِيَا بِالْبَقَاءِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَوَّازِيَّةِ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ لَعَلَّهُ يُرِيدُ إذَا رَجَعَ أَحَدُهُمَا أَمَّا إذَا رَجَعَا وَرَضِيَا بِالْإِصْلَاحِ وَالْبَقَاءِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا.

(ص) وَإِنْ طَلَّقَا وَاخْتَلَفَا فِي الْمَالِ فَإِنْ لَمْ تَلْتَزِمْهُ فَلَا طَلَاقَ (ش) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ اتَّفَقَ الْحَكَمَانِ عَلَى وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَاخْتَلَفَا فِي الْعِوَضِ وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْمَالِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: وَقَعَ الطَّلَاقُ بِعِوَضٍ وَقَالَ الْآخَرُ: بِلَا عِوَضٍ فَإِنْ الْتَزَمَتْ الْمَرْأَةُ الْمَالَ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَبَانَتْ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا يَقَعُ طَلَاقٌ أَصْلًا وَعَادَ الْحَالُ كَمَا كَانَ لِأَنَّ مَجْمُوعَهُمَا قَائِمٌ مَقَامَ الْحَاكِمِ الْوَاحِدِ وَلَا وُجُودَ لِلْمَجْمُوعِ عِنْدَ انْتِفَاءِ بَعْضِ أَجْزَائِهِ فَقَوْلُهُ وَاخْتَلَفَا فِي الْمَالِ أَيْ فِي أَصْلِهِ أَمَّا لَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ لَوَجَبَ لَهُ خُلْعُ الْمِثْلِ وَكَذَا فِي صِفَتِهِ وَجِنْسِهِ كَذَا يَنْبَغِي، وَيَنْبَغِي مَا لَمْ يَزِدْ خُلْعُ الْمِثْلِ عَلَى دَعْوَاهُمَا جَمِيعًا أَوْ يَنْقُصْ عَنْ دَعْوَى أَقَلِّهِمَا كَمَا فِي شَرْحِ (هـ) .

وَلَمَّا جَرَى فِي نُشُوزِ الزَّوْجَيْنِ ذِكْرُ الْخُلْعِ عَقَدَ لَهُ فَصْلًا عَقِبَهُ فَقَالَ:

(فَصْلٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْخُلْعِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) وَمَعْنَاهُ الزَّوَالُ وَالْبَيْنُونَةُ يُقَالُ: خَلَعَ الرَّجُلُ ثَوْبَهُ وَخَلَعَ امْرَأَتَهُ وَخَالَعَهَا إذَا افْتَدَتْ مِنْهُ فَطَلَّقَهَا وَأَبَانَهَا مِنْ نَفْسِهِ وَسُمِّيَ ذَلِكَ الْفِرَاقُ خُلْعًا لِأَنَّ اللَّهَ جَعَلَ النِّسَاءَ لِبَاسًا لِلرِّجَالِ وَالرِّجَالَ لِبَاسًا لَهُنَّ فَإِذَا افْتَدَتْ مِنْهُ بِمَالٍ تُعْطِيهِ لِيُبِينَهَا مِنْهُ فَأَجَابَهَا إلَى ذَلِكَ فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ وَخَلَعَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِبَاسَ صَاحِبِهِ وَالطَّلَاقُ لُغَةً إزَالَةُ الْقَيْدِ كَيْفَ كَانَ ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِي إرْسَالِ الْعِصْمَةِ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ تَزُولُ عَنْ الزَّوْجِ فَكَأَنَّهُ أَطْلَقَهَا مِنْ وِثَاقٍ وَلِذَا تَقُولُ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ قَرِيبًا امْتَنَعَتْ) أَيْ وَلَمْ تَسْتَوِ الْقَرَابَةُ وَأَمَّا لَوْ كَانَ قَرِيبًا لِلزَّوْجَيْنِ قَرَابَةً مُسْتَوِيَةً فَكَالْأَجْنَبِيِّ وَأَمَّا لَوْ كَانَ قَرِيبًا لِأَحَدِهِمَا فَقَطْ أَوْ لِأَحَدِهِمَا أَقْرَبَ فَيُمْنَعُ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: وَأَجَابَ بِأَنَّ جَزَاءَ الصَّيْدِ إلَخْ) وَأَجَابَ اللَّخْمِيُّ بِأَنَّ حَكَمَيْ الزَّوْجَيْنِ بِإِقَامَةِ الْقَاضِي وَحَكَمَيْ الصَّيْدِ بِإِقَامَةِ الْمَطْلُوبِ فَلَزِمَ تَعَدُّدُهُ لِتَنْتَفِيَ تُهْمَتُهُ وَلِأَنَّ الْمَحْكُومَ لَهُ فِي الزَّوْجَيْنِ لَهُ خَصْمٌ لَيْسَ هُوَ فِي الصَّيْدِ.

(قَوْلُهُ: وَلَهُمَا إنْ أَقَامَاهُمَا إلَخْ) وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ إنْ أَقَامَاهُمَا أَنَّهُمَا لَوْ كَانَا مُوَجَّهَيْنِ مِنْ جَانِبِ السُّلْطَانِ فَلَيْسَ لِلزَّوْجَيْنِ الْإِقْلَاعُ عَنْهُمَا وَإِنْ لَمْ يَسْتَوْعِبَا الْكَشْفَ كَمَا فِي الشَّيْخِ أَحْمَدَ (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ يُونُسَ) مُفَادُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ اعْتِمَادُهُ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ طَلَّقَا إلَخْ) وَكَذَا لَا يَلْزَمُ شَيْءٌ إذَا حَكَمَ أَحَدُهُمَا بِالطَّلَاقِ وَالْآخَرُ بِالْبَقَاءِ (قَوْلُهُ: فَقَالَ أَحَدُهُمَا وَقَعَ الطَّلَاقُ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا طَلَّقْنَا مَعًا بِمَالٍ وَقَالَ الْآخَرُ بِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا وُجُودَ لِلْمَجْمُوعِ عِنْدَ انْتِفَاءِ بَعْضِ أَجْزَائِهِ) بَيَانُهُ أَنَّ هَذَا الَّذِي شَهِدَ بِالْمَالِ لَمَّا لَمْ تَلْتَزِمْ الْمَرْأَةُ مَا حَكَمَ بِهِ مِنْ الْمَالِ كَأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ حُكْمٌ أَصْلًا فَقَدْ انْتَفَى بَعْضُ الْمَجْمُوعِ فَلَمْ يَحْصُلْ الْمَجْمُوعُ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَزِدْ خُلْعُ الْمِثْلِ) أَيْ فَإِذَا قَالَ أَحَدُهُمَا بِعَشَرَةٍ وَقَالَ الْآخَرُ بِعِشْرِينَ وَكَانَ خُلْعُ الْمِثْلِ ثَلَاثِينَ مَثَلًا فَاللَّازِمُ الْعِشْرُونَ وَإِذَا كَانَ خُلْعُ الْمِثْلِ ثَمَانِيَةً فَاللَّازِمُ عَشَرَةٌ.

[فَصْل الْخُلْعِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

(فَصْلٌ: الْخُلْعُ) وَأَرْكَانُهُ خَمْسَةٌ الْقَابِلُ وَالْمُوجِبُ وَالْعِوَضُ وَالْمُعَوَّضُ وَالصِّيغَةُ فَالْقَابِلُ الْمُلْتَزِمُ لِلْعِوَضِ، وَالْمُوجِبُ زَوْجٌ أَوْ وَلِيُّ صَغِيرٍ، وَالْعِوَضُ الشَّيْءُ الْمُخَالَعُ بِهِ، وَالْمُعَوَّضُ بُضْعُ الزَّوْجَةِ، وَالصِّيغَةُ خَالَعْتُك (قَوْلُهُ: وَالْبَيْنُونَةُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: يُقَالُ خَلَعَ الرَّجُلُ ثَوْبَهُ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَعْنَى أَزَالَهُ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ أَوَّلًا وَمَعْنَاهُ الْإِزَالَةُ وَالْإِبَانَةُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: هَذَا تَفْسِيرٌ لِلشَّيْءِ بِأَثَرِهِ (قَوْلُهُ: إذَا افْتَدَتْ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ وَمَعْنَاهُ الزَّوَالُ إلَخْ أَنْ يُقَالَ خَلَعَ امْرَأَتَهُ وَخَالَعَهَا إذَا أَزَالَهَا عَنْ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ) الْأَوْلَى أَبَانَهَا (قَوْلُهُ: لِبَاسَ صَاحِبِهِ) الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ (قَوْلُهُ: كَيْفَ كَانَ) أَيْ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ كَانَ مِنْ لِيفٍ أَوْ حِلْفٍ أَوْ جِلْدٍ حِسِّيًّا أَوْ مَعْنَوِيًّا بِحَيْثُ يَكُونُ مِنْ أَفْرَادِهِ الْعِصْمَةُ فَلَا يُنَاسِبُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ كَمَا تَبَيَّنَ وَقَوْلُهُ: ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ أَيْ لُغَةً وَتَبِعَهُ الشَّرْعُ أَيْ عَلَى وَجْهِ الْحَقِيقَةِ الْمَنْقُولَةِ وَقَوْلُهُ: فِي إرْسَالٍ أَيْ فِي إزَالَةٍ وَقَوْلُهُ: فَكَأَنَّهُ أَطْلَقَهَا مِنْ وِثَاقٍ أَيْ حِسِّيٍّ أَيْ وَأَطْلَقَهَا مِنْ وِثَاقٍ مَعْنَوِيٍّ وَهُوَ الْعِصْمَةُ فَاتَّضَحَ الْحَالُ وَهَذَا وَجْهُ مَا قُلْنَاهُ أَوَّلًا وَقَوْلُهُ: هِيَ فِي حِبَالِك أَيْ مُقَيَّدَةٌ بِحِبَالِك أَيْ كَأَنَّهَا مُقَيَّدَةٌ بِحِبَالِك الْحِسِّيَّةِ أَوْ أَرَادَ بِهَا الْوِثَاقَ بِمَعْنَى الْعِصْمَةِ أَيْ أَرَادَ جِنْسَ الْحِبَالِ الْمُتَحَقِّقَ فِي وَاحِدٍ فَيَكُونُ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً فِي الْعِصْمَةِ أَوْ مَجَازًا مَشْهُورًا.

(فَائِدَةٌ) قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: إذَا كَانَ النَّعْتُ مُنْفَرِدًا بِهِ الْأُنْثَى دُونَ الذَّكَرِ لَمْ تَدْخُلْ الْهَاءُ نَحْوُ طَالِقٍ وَطَامِثٍ وَحَائِضٍ لِأَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ لِفَارِقٍ لِاخْتِصَاصِ الْأُنْثَى بِهِ انْتَهَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>