للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّاسُ: هِيَ فِي حِبَالِك إذَا كَانَتْ تَحْتَك وَعَرَّفَ الْمُؤَلِّفُ الْخُلْعَ مُقَدِّمًا ذِكْرَ حُكْمِهِ (ص) جَازَ الْخُلْعُ (ش) أَيْ جَوَازًا مُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ أَيْ لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ فَفِيهِ رَدٌّ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَصَّارِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُؤَلِّفُ لِتَعْرِيفِ الطَّلَاقِ الصَّادِقِ بِالْخُلْعِ وَغَيْرِهِ وَعَرَّفَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تَرْفَعُ حِلِّيَّةَ مُتْعَةِ الزَّوْجِ بِزَوْجَتِهِ مُوجِبًا تَكَرُّرُهَا مَرَّتَيْنِ لِلْحُرِّ وَمَرَّةً لِذِي رِقٍّ حُرْمَتَهَا عَلَيْهِ قَبْلَ زَوْجٍ فَقَوْلُهُ " مُوجِبًا " بِالنَّصْبِ عَلَى الْحَالِ إمَّا مِنْ ضَمِيرِ " تَرْفَعُ " أَوْ مِنْ الْمُبْتَدَإِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالرَّفْعِ صِفَةٌ لِلصِّفَةِ جَرَتْ عَلَى غَيْرِ مَنْ هِيَ لَهُ (ص) وَهُوَ الطَّلَاقُ بِعِوَضٍ (ش) وَهَذَا التَّعْرِيفُ مُعْتَرَضٌ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهُ مَا إذَا كَانَ بِلَفْظِ الْخُلْعِ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ فَإِنَّهُ خُلْعٌ أَيْضًا مَعَ انْتِفَاءِ الْعِوَضِ فِيهِ وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا التَّعْرِيفَ لَفْظِيٌّ أَوْ تَعْرِيفٌ لِأَحَدِ نَوْعَيْ الْخُلْعِ، وَتَرَكَ تَعْرِيفَ النَّوْعِ الْآخَرِ لِكَوْنِهِ بَدِيهِيًّا، وَجَوَابٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ بِعِوَضٍ مُتَعَلِّقٌ بِ " جَازَ " لَا بِالطَّلَاقِ أَيْ وَجَازَ الْخُلْعُ بِعِوَضٍ وَهُنَا تَمَّ الْكَلَامُ، وَرَدَّ بِقَوْلِهِ وَهُوَ الطَّلَاقُ عَلَى مَنْ يَقُولُ إنَّهُ فَسْخٌ.

(ص) وَبِلَا حَاكِمٍ (ش) الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ مُقَدَّرٌ حَالٌ مِنْ الْخُلْعِ أَيْ حَالَ كَوْنِهِ بِحَاكِمٍ وَبِلَا حَاكِمٍ وَلَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى بِعِوَضٍ لِئَلَّا يُوهِمَ أَنَّهُ لَا يُسَمَّى خُلْعًا إلَّا إذَا وَقَعَ بِعِوَضٍ وَبِلَا حَاكِمٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

(ص) وَبِعِوَضٍ مِنْ غَيْرِهَا (ش) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِعِوَضٍ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِكَوْنِهِ مِنْهَا أَيْ جَازَ الْخُلْعُ بِعِوَضٍ مِنْهَا وَبِعِوَضٍ مِنْ غَيْرِهَا أَجْنَبِيٍّ أَوْ لَا وَلَوْ سَكَتَ عَنْهُ أَغْنَى عَنْهُ عُمُومُ قَوْلِهِ بِعِوَضٍ وَنَبَّهَ بِقَوْلِهِ (إنْ تَأَهَّلَ) عَلَى أَنَّ شَرْطَ دَافِعِ الْعِوَضِ مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ غَيْرِهَا أَنْ يَكُونَ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ أَيْ غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: بَاذِلُ الْخُلْعِ مَنْ صَحَّ مَعْرُوفُهُ لِأَنَّ عِوَضَهُ غَيْرُ مَالٍ انْتَهَى وَهُوَ الْعِصْمَةُ.

(ص) لَا مِنْ صَغِيرَةٍ وَسَفِيهَةٍ وَذِي رِقٍّ وَرَدَّ الْمَالَ وَبَانَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّغِيرَةَ وَالسَّفِيهَةَ مُوَلًّى عَلَيْهِمَا أَمْ لَا وَمَنْ فِيهَا بَعْضُ رِقٍّ إذَا خَالَعَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ زَوْجَهَا الرَّشِيدَ عَلَى عِوَضٍ دَفَعَتْهُ إلَيْهِ فَإِنَّ ذَلِكَ الْعِوَضَ لَا يَلْزَمُهَا وَيَقَعُ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَيَرُدُّ الْعِوَضَ فِي الْأَحْوَالِ الْمَذْكُورَةِ إنْ كَانَ قَبَضَهُ وَيَسْقُطُ عَنْ الزَّوْجَةِ إنْ لَمْ يَقْبِضْهُ وَلَوْ رَاجَعَهَا فِي إحْدَى هَذِهِ الْمَسَائِلِ يَظُنُّ أَنَّهُ رَجْعِيٌّ أَوْ مُقَلِّدًا لِمَنْ يَرَاهُ رَجْعِيًّا فَإِنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَلَوْ بَعْدَ الْوَطْءِ وَيَكُونُ الْوَطْءُ وَطْءَ شُبْهَةٍ إنْ لَمْ يَكُنْ حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ يَرَاهُ رَجْعِيًّا انْتَهَى وَهَذَا فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ يُحِلُّ الْحَرَامَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَوْلُهُ " وَذِي رِقٍّ " أَيْ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ فَإِنْ فَعَلَتْ دُونَ إذْنِهِ فَلَهُ رَدُّهُ وَلَا تُتْبَعْ إنْ عَتَقَتْ وَبَانَتْ وَهَذَا فِيمَنْ يُنْتَزَعُ مَالُهَا أَمَّا غَيْرُهَا كَالْمُدَبَّرَةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: مُقَدِّمًا ذِكْرَ حُكْمِهِ) أَيْ عَلَى تَعْرِيفِهِ الَّذِي هُوَ تَصْوِيرٌ لِلْغَيْرِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْمُصَنِّفَ تَصَوَّرَهُ فَلَا يَرِدُ أَنْ يُقَالَ الْحُكْمُ عَلَى الشَّيْءِ فَرْعُ تَصَوُّرِهِ وَالْمُصَنِّفُ حَكَمَ قَبْلَ التَّصَوُّرِ (قَوْلُهُ: فَفِيهِ رَدٌّ لِقَوْلِ ابْنِ إلَخْ) لَا يُقَالُ الْجَائِزُ يَصْدُقُ بِالْمَكْرُوهِ فَلَيْسَ فِيهِ رَدٌّ لِأَنَّا نَقُولُ الْجَائِزُ إذَا أُطْلِقَ فِي الْأُصُولِ يَنْصَرِفُ إلَى الْجَائِزِ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ، وَالْجَائِزُ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ هُوَ الَّذِي فِعْلُهُ وَتَرْكُهُ مُسْتَوِيَانِ (قَوْلُهُ: صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ حُكْمِيَّةٌ أَيْ لَا حِسِّيَّةٌ أَوْ حَكَمَ الشَّرْعُ بِهَا فَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ الطَّلَاقُ هُوَ التَّلَفُّظَ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ وَلَا اللَّفْظُ الْمَذْكُورُ بَلْ صِفَةٌ تَنْشَأُ عَنْ التَّلَفُّظِ بِهِ (فَإِنْ قُلْتَ) وَهَلْ هِيَ إرْسَالُ الْعِصْمَةِ الْمُشَارِ لَهَا أَوْ لَا؟ قُلْت لَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ وَقَوْلُهُ: مُوجِبًا تَكَرُّرُهَا أَيْ تَكَرُّرُ مَا نَشَأَتْ عَنْهُ الَّذِي هُوَ التَّلَفُّظُ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: تَكَرُّرُهَا) فَاعِلٌ بِقَوْلِهِ مُوجِبًا وَقَوْلُهُ: حُرْمَتَهَا إلَخْ مَفْعُولٌ بِهِ (قَوْلُهُ: جَرَتْ عَلَى غَيْرِ إلَخْ) لِأَنَّ " تَكَرُّرُهَا " فَاعِلٌ بِقَوْلِهِ مُوجِبًا (قَوْلُهُ: بِعِوَضٍ) نَبَّهَ بِقَوْلِهِ بِعِوَضٍ عَلَى أَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ لَا يَحْتَاجُ لِحَوْزٍ لَا عَطِيَّةٌ فَلَوْ أَحَالَ عَلَيْهَا الزَّوْجُ فَمَاتَتْ أُخِذَ مِنْ تَرِكَتِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهُ إلَخْ) أَيْ فَالتَّعْرِيفُ غَيْرُ جَامِعٍ (قَوْلُهُ: وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا التَّعْرِيفَ لَفْظِيٌّ) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ جَامِعًا وَفِيهِ أَمْرَانِ الْأَوَّلُ أَنَّ التَّعْرِيفَ اللَّفْظِيَّ هُوَ التَّعْرِيفُ بِالْمُرَادِفِ فَلَا يُعْقَلُ فِيهِ عَدَمُ جَمْعٍ الثَّانِي أَنَّ التَّعْرِيفَ اللَّفْظِيَّ مِنْ قَبِيلِ الرَّسْمِ وَيُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ جَامِعًا مَانِعًا (قَوْلُهُ: وَتَرَكَ تَعْرِيفَ النَّوْعِ الْآخَرِ لِكَوْنِهِ بَدِيهِيًّا) لَا تَظْهَرُ الْبَدَاهَةُ (قَوْلُهُ: وَرَدَّ بِقَوْلِهِ وَهُوَ الطَّلَاقُ) أَيْ فَلَا يَكُونُ قَصْدُهُ التَّعْرِيفَ بَلْ مَا قَصَدَ إلَّا الرَّدَّ.

(أَقُولُ) : وَحِينَئِذٍ فَكَانَ قَوْلُهُ: وَبِعِوَضٍ مِنْ غَيْرِهَا وَلَوْ قَصَدَ الْأَجْنَبِيُّ بِدَفْعِ الْعِوَضِ صَيْرُورَةَ الطَّلَاقِ بَائِنًا لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُنَاسِبَ لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَهُوَ طَلَاقٌ.

(قَوْلُهُ: وَبِلَا حَاكِمٍ) أَتَى بِهِ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ أَنَّ الطَّلَاقَ عَلَى عِوَضٍ مَظِنَّةُ الْجَوْرِ فَلَا يَفْعَلُهُ إلَّا الْحَاكِمُ. (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ) هَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ التَّعْرِيفِ.

(قَوْلُهُ: أَيْ جَازَ الْخُلْعُ بِعِوَضٍ مِنْهَا إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ لَيْسَ مِنْ تَتِمَّةِ التَّعْرِيفِ حَتَّى يَكُونَ الْمَعْطُوفُ كَذَلِكَ وَإِلَّا فَيُعْتَرَضُ (قَوْلُهُ: بَاذِلُ الْخُلْعِ) أَيْ مُعْطِي الْمَالِ الْمُخَالَعِ بِهِ فَأَطْلَقَ الْخُلْعَ عَلَى الْمَالِ الْمُخَالَعِ بِهِ أَوْ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ بَاذِلُ مَالِ الْخُلْعِ أَيْ الَّذِي هُوَ فِي الْخُلْعِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ عِوَضَهُ غَيْرُ مَالٍ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ كَانَ عِوَضُهُ مَالًا لَمْ تَتَوَقَّفْ الصِّحَّةُ عَلَى صِحَّةٍ مَعْرُوفِهِ كَصِحَّةِ بَيْعِ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ وَالسَّفِيهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَازِمًا.

(قَوْلُهُ: وَسَفِيهَةٍ) أَيْ مُهْمَلَةٍ أَوْ ذَاتِ أَبٍ أَوْ وَصِيٍّ أَوْ مُقَدَّمِ قَاضٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَا يَجُوزُ وَلَا يَصِحُّ فَإِنْ أَذِنَ لَهَا جَازَ وَصَحَّ (قَوْلُهُ: مُوَلًّى عَلَيْهَا) أَيْ كَانَ لَهَا أَبٌ أَوْ وَصِيٌّ أَوْ مُقَدَّمُ قَاضٍ وَقَوْلُهُ " أَمْ لَا " أَيْ بِأَنْ كَانَتْ مُهْمَلَةً (قَوْلُهُ: فَإِنَّ ذَلِكَ الْعِوَضَ لَا يَلْزَمُهَا) لَيْسَ هَذَا مَدْلُولَ لَفْظِ الْمُصَنِّفِ بَلْ مَدْلُولُهُ لَا مِنْ صَغِيرَةٍ فَلَا يَجُوزُ.

(قَوْلُهُ: أَوْ مُقَلِّدًا إلَخْ) فِيهِ أَنَّ التَّقْلِيدَ جَائِزٌ قَالُوا وَلَوْ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْحَاكِمَ الَّذِي لَا يَرَى ذَلِكَ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا وَلَا يَنْظُرُ لِتَقْلِيدِهِ إنَّمَا يَنْفَعُهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ وَأَمَّا إذَا رُفِعَ لِحَاكِمٍ لَا يَرَى ذَلِكَ فَيَحْكُمُ بِذَلِكَ وَلَا يَلْتَفِتُ لِتَقْلِيدِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) كَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى ضَعْفِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا أُحِلُّ حَرَامًا وَسَيَأْتِي تَوْجِيهُهُ بِمَا يُفِيدُ عَدَمَ ضَعْفِهِ مِنْ أَنَّ مَعْنَاهُ لَا أُحِلُّ حَرَامًا مِمَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>