للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَضْمَنُ بَدَلَهُ لِتَعَدِّيهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ صُدِّقَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى التَّعَدِّي أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ حَلَفَ الْمُعِيرُ أَمْ لَا هَذَا مَعْنَى الْإِطْلَاقِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهَا وَمَعْنَى ضَمِنَ أَنَّهُ صَارَ مُتَعَلِّقًا بِضَمَانِهِ إذَا تَلِفَ، أَوْ ضَاعَ أَوْ سُرِقَ مَثَلًا لَا أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ قَائِمًا وَثَبَتَتْ الْمُخَالَفَةُ لَا وُصُولَ لَهُ إلَيْهِ

(ص) ، أَوْ إذَا أَقَرَّ الْمُسْتَعِيرُ لِمُعِيرِهِ وَخَالَفَ الْمُرْتَهِنُ وَلَمْ يَحْلِفْ الْمُعِيرُ تَأْوِيلَانِ (ش) ، أَيْ: أَوْ مَحَلُّ الضَّمَانِ الْمَذْكُورِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا أَقَرَّ الْمُسْتَعِيرُ لِمُعِيرِهِ بِالتَّعَدِّي وَوَافَقَهُ الْمُعِيرُ عَلَى ذَلِكَ وَخَالَفَهُمَا الْمُرْتَهِنُ وَقَالَ لَمْ يَتَعَدَّ وَنَكَلَ الْمُعِيرُ عَنْ الْيَمِينِ عَلَى مَا ادَّعَى مِنْ التَّعَدِّي فَإِنَّ الْمُسْتَعِيرَ يَضْمَنُ حِينَئِذٍ قِيمَةَ السِّلْعَةِ لِلْمُعِيرِ لِتَصْدِيقِهِ عَلَى التَّعَدِّي، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ وَهَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ يُونُسَ وَعَلَيْهِ لَوْ حَلَفَ الْمُعِيرُ عَلَى مَا ادَّعَى، أَوْ أَقَرَّ الْمُرْتَهِنُ بِالتَّعَدِّي فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ وَكَانَتْ السِّلْعَةُ رَهْنًا فِيمَا أَقَرَّ بِهِ الْمُعِيرُ، وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَى الْمُرْتَهِنِ حِينَئِذٍ وَبِعِبَارَةٍ أَمَّا إنْ لَمْ يُقِرَّ الْمُسْتَعِيرُ لِمُعِيرِهِ بِالتَّعَدِّي فَلَا ضَمَانَ بَلْ يَكُونُ رَهْنًا فِيمَا رُهِنَ فِيهِ، وَأَمَّا إنْ وَافَقَ الْمُرْتَهِنُ الْمُعِيرَ، وَالْمُسْتَعِيرَ عَلَى التَّعَدِّي، أَوْ حَلَفَ الْمُعِيرُ عَلَى التَّعَدِّي فَلَا ضَمَانَ وَيَكُونُ رَهْنًا فِيهِمَا فِيمَا أُعِيرَ لَهُ

وَلَمَّا ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ الْأَمَاكِنَ الَّتِي يَصِحُّ فِيهَا الرَّهْنُ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْأَمَاكِنِ الَّتِي لَا يَصِحُّ فِيهَا الرَّهْنُ فَقَالَ (ص) وَبَطَلَ بِشَرْطٍ مُنَافٍ كَأَنْ لَا يَقْبِضَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّاهِنَ إذَا شَرَطَ فِي الرَّهْنِ شَرْطًا يُنَافِيهِ، أَيْ: يُنَافِي حُكْمَهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَيَفْسُدُ الرَّهْنُ بِسَبَبِ ذَلِكَ الشَّرْطِ كَمَا إذَا شَرَطَ أَنْ لَا يَقْبِضَهُ الْمُرْتَهِنُ، أَوْ أَنْ لَا يُبَاعَ عِنْدَ الْأَجَلِ فِي الْحَقِّ الَّذِي رُهِنَ فِيهِ، أَوْ شَرَطَ الرَّاهِنُ أَجَلًا مُعَيَّنًا وَبَعْدَهُ لَا يَكُونُ رَهْنًا، أَوْ لَا يَكُونُ الْوَلَدُ رَهْنًا مَعَ أُمِّهِ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ حُكْمُهُ فَقَوْلُهُ وَبَطَلَ أَيْ الرَّهْنُ بِمَعْنَى الِارْتِهَانِ لَا بِمَعْنَى الذَّاتِ الْمَرْهُونَةِ إذْ لَا مَعْنَى لِبُطْلَانِ الذَّاتِ، وَالْبَاءُ فِي بِشَرْطٍ سَبَبِيَّةٌ، أَيْ: بِسَبَبِ اشْتِرَاطِ شَرْطٍ مُنَافٍ لِمُقْتَضَاهُ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَلَوْ أُسْقِطَ الشَّرْطُ وَعَلَيْهِ فَالْفَرْقُ بَيْنَ الرَّهْنِ، وَالْبَيْعِ الْمُصَاحِبِ لِلشَّرْطِ الْمُنَاقِضِ

ــ

[حاشية العدوي]

وَأَمَّا إذَا وَافَقَ الْمُرْتَهِنُ، أَوْ حَلَفَ الْمُعِيرُ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُسْتَعِيرِ ضَمَانٌ وَيَكُونُ رَهْنًا فِي الدَّرَاهِمِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ الْمُعِيرُ فَلَمَّا عَلِمْنَا بِقَوْلِ الْمُعِيرِ لَمْ يَضْمَنْ الْمُسْتَعِيرُ؛ لِأَنَّ تَعَدِّيه لَمْ يُؤَثِّرْ شَيْئًا وَقَوْلِ الْمُصَنِّفِ، أَوْ إذَا أَقَرَّ الْمُسْتَعِيرُ هُوَ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ.

(قَوْلُهُ: يَضْمَنُ حِينَئِذٍ قِيمَةَ السِّلْعَةِ) ، أَيْ: يَتَعَلَّقُ بِهِ الضَّمَانُ، وَقَوْلُهُ: وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ، أَيْ: فِي أَنَّ السِّلْعَةَ رَهْنٌ فِي الطَّعَامِ وَحِينَئِذٍ يَتَعَلَّقُ الضَّمَانُ بِالْمُسْتَعِيرِ (قَوْلُهُ: فِيمَا أَقَرَّ بِهِ الْمُعِيرُ) ، أَيْ: وَهِيَ الدَّرَاهِمُ، وَقَوْلُهُ: لَا تُقْبَلُ دَعْوَى الْمُرْتَهِنِ حِينَئِذٍ، أَيْ: فِي كَوْنِ السِّلْعَةِ رَهْنًا فِي الطَّعَامِ (قَوْلُهُ: بَلْ يَكُونُ رَهْنًا) أَيْ فِيمَا رَهَنَ فِيهِ مِنْ الطَّعَامِ (قَوْلُهُ: فِيمَا أُعِيرَ لَهُ) ، أَيْ: فِي الدَّرَاهِمِ الَّتِي أُعِيرَ لَهَا، أَيْ: فِي عَدَدِ الدَّرَاهِمِ مِنْ قِيمَةِ الطَّعَامِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعِيرَ، وَالْمُسْتَعِيرَ مُتَّفِقَانِ عَلَى أَنَّ الِاسْتِعَارَةَ إنَّمَا وَقَعَتْ عَلَى أَنْ يَرْهَنَ الْمُسْتَعَارَ فِي دَرَاهِمَ إلَّا أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ تَعَدَّى وَرَهَنَهُ فِي طَعَامٍ فَهُوَ مُوَافِقٌ لِلْمُرْتَهِنِ فِي أَنَّ الرَّهْنَ إنَّمَا هُوَ فِي طَعَامٍ وَمُتَّفِقٌ هُوَ، وَالْمُعِيرُ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا اسْتَعَارَهُ لِيَرْهَنَهُ فِي دَرَاهِمَ هَذَا الْكَلَامُ لَا مَحِيدَ عَنْهُ وَنَرْجِعُ لِقَوْلِ الشَّارِحِ وَهَلَكَ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّا قُلْنَا لَا مَفْهُومَ لَهُ عَلَى مَا قَالَ عب وشب.

أَمَّا شب فَقَالَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا اسْتَعَارَ عَبْدًا لِيَرْهَنَهُ فِي دَرَاهِمَ فَرَهَنَهُ فِي طَعَامٍ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ، أَيْ: إنَّ لِلْمُعِيرِ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَتَهُ وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ شَيْءٌ لِتَعَدِّيهِ وَلَهُ أَنْ يَجْعَلَهُ رَهْنًا فِيمَا ادَّعَاهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ لَا فِيمَا رَهَنَهُ فِيهِ الْمُسْتَعِيرُ وَهُوَ ظَاهِرُ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُعِيرِ وَقَالَ أَشْهَبُ يَكُونُ رَهْنًا فِي قَدْرِ الدَّرَاهِمِ مِنْ قِيمَةِ الطَّعَامِ وَاخْتُلِفَ هَلْ بَيْنَهُمَا خِلَافٌ وَهُوَ الصَّوَابُ.

وَعِبَارَةُ عب وَضَمِنَ إنْ خَالَفَ، أَيْ: لِلْمُعِيرِ تَضْمِينُهُ قِيمَتَهُ وَلَوْ لَمْ يَتْلَفْ لِتَعَدِّيهِ وَلَهُ أَخْذُهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ وَتَبْطُلُ الْعَارِيَّةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُعِيرِ أَنَّهُ إنَّمَا أَعَارَهُ لَهُ لَيَرْهَنَهُ فِي دَرَاهِمَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ يَكُونُ رَهْنًا فِي قَدْرِ الدَّرَاهِمِ مِنْ قِيمَةِ الطَّعَامِ إلَخْ وَشَارِحُنَا قَدْ عَرَفْت أَنَّهُ مُخَالِفٌ لَهُمَا؛ لِأَنَّهُ قَالَ وَهَلَكَ ذَلِكَ الْمُسْتَعَارُ بِرَهْنٍ، أَوْ فَاتَ عَلَى رَبِّهِ، أَيْ: بِأَنْ ضَاعَ، أَوْ سُرِقَ، ثُمَّ قَالَ الشَّارِحُ بَعْدُ وَمَعْنَى ضَمِنَ فَقَدْ تَخَالَفَ كَلَامُ شَارِحِنَا كَمَا عَلِمْت، وَالْحَقُّ الْمُوَافِقُ لِلنَّقْلِ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ شَارِحُنَا آخِرًا وَأَنَّ مَعْنَى ضَمِنَ تَعَلَّقَ بِهِ الضَّمَانُ مُطْلَقًا، أَيْ: إذَا تَلِفَتْ، أَيْ: عَلَى فَرْضِ التَّلَفِ؛ لِأَنَّهُ مَوْجُودٌ كَأَنْ يُغَابَ عَلَيْهِ أَمْ لَا قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ أَمْ لَا أَيْ، وَالسِّلْعَةُ رَهْنٌ فِي الطَّعَامِ وَهُوَ الْأَمْرُ الَّذِي يُرِيدُهُ الْمُرْتَهِنُ.

وَأَشْهَبُ يَقُولُ يَكُونُ رَهْنًا فِي الدَّرَاهِمِ كَمَا يَقُولُ الْمُعِيرُ فَعَلِمْنَا بِقَوْلِ الْمُعِيرِ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ فَلَمْ يَكُنْ الْمُسْتَعِيرُ مُتَعَدِّيًا بِهَذَا الِاعْتِبَارِ لِكَوْنِنَا قَدْ عَمِلْنَا بِقَوْلِ الْمُعِيرِ وَقَوْلِ شَارِحِنَا إمَّا إنْ لَمْ يُقِرَّ الْمُسْتَعِيرُ حَاصِلُهُ إذَا تَنَازَعَ الْمُعِيرُ، وَالْمُسْتَعِيرُ فَيَقُولُ الْمُعِيرُ إنَّمَا أَعَرْتُهَا لِتُرْهَنَ فِي دَرَاهِمَ وَيَقُولُ الْمُسْتَعِيرُ إنَّمَا أَعَرْتنِي لِأَرْهَنَهَا فِي طَعَامٍ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُسْتَعِيرِ لَا قَوْلَ الْمُعِيرِ، وَمِثْلُهُ فِي عب؛ لِأَنَّهُ قَالَ قَوْلَهُ إذَا أَقَرَّ الْمُسْتَعِيرُ لِمُعِيرِهِ لَا دَخْلَ لَهُ فِي التَّوْفِيقِ إذْ هُوَ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى عَدَمِ الضَّمَانِ حَيْثُ خَالَفَ الْمُسْتَعِيرُ الْمُعِيرَ انْتَهَى، وَلَكِنْ يُخَالِفُهُمَا مَا فِي شَرْحِ شب فَإِنَّهُ قَالَ إنَّ مَحَلَّ التَّأْوِيلَيْنِ حَيْثُ وَافَقَ الْمُسْتَعِيرُ الْمُعَيَّرَ فِي أَنَّ الْإِعَارَةَ إنَّمَا وَقَعَتْ عَلَى أَنْ يَرْهَنَ الْمُعَارَ فِي قَدْرٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَلَمْ يُوَافِقْهُمَا الْمُرْتَهِنُ عَلَى ذَلِكَ إذْ لَوْ اخْتَلَفَ الْمُعِيرُ وَالْمُسْتَعِيرُ فِيمَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ الْإِعَارَةُ لَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُعِيرِ بِيَمِينِهِ وَيَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ لَهُ قِيمَةَ سِلْعَتِهِ وَارْتَفَعَ التَّأْوِيلَانِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنْ يُعْمَلَ بِقَوْلِ دَافِعِ مَالِهِ لِغَيْرِهِ انْتَهَى، وَمِثْلُهُ فِي عج فِيمَا أَظُنُّ وَهُوَ الظَّاهِرُ.

[الْأَمَاكِنِ الَّتِي لَا يَصِحُّ فِيهَا الرَّهْنُ]

(قَوْلُهُ: أَيْ: يُنَافِي حُكْمَهُ) ، أَيْ: مُقْتَضَاهُ مِنْ كَوْنِهِ يُقْبَضُ وَيُبَاعُ وَنَحْوُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوَّلًا يَكُونُ الْوَلَدُ رَهْنًا مَعَ أُمِّهِ) بِأَنْ رَهَنَهُ حَامِلًا وَاشْتَرَطَ أَنَّ وَلَدَهَا الَّذِي تَلِدُهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي عَقْدِ الرَّهْنِيَّةِ وَسَيَأْتِي مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَبْطُلُ حُكْمُهُ) وَهُوَ كَوْنُهُ رَهْنًا (قَوْلُهُ: أَيْ: بِسَبَبِ اشْتِرَاطِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>