(ش) يَعْنِي أَنَّ الْفَادِيَ إذَا كَانَ مُسْلِمًا فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْمَيْتَةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ عَلَى الْأَسِيرِ الْمُسْلِمِ أَوْ الْكَافِرِ وَهَذَا إذَا فَدَاهُ بِهِ مِنْ عِنْدِهِ أَمَّا لَوْ اشْتَرَاهُ رَجَعَ بِثَمَنِهِ عَلَى الْأَسِيرِ كَائِنًا مَا كَانَ. وَأَمَّا إذَا كَانَ الْفَادِي ذِمِّيًّا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْأَسِيرِ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا بِقِيمَةِ الْخَمْرِ وَمَا مَعَهُ إنْ كَانُوا يَمْلِكُونَهَا فَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَلَا يَرْجِعُ بِهِ مُسْلِمٌ وَأَسْقَطَ حَرْفَ الْجَرِّ لَكَانَ أَحْسَنَ.
(ص) وَفِي الْخَيْلِ وَآلَةِ الْحَرْبِ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ اُخْتُلِفَ هَلْ يَجُوزُ فِدَاءُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَيْدِي الْعَدُوِّ بِالْخَيْلِ وَبِآلَةِ الْحَرْبِ أَوْ لَا يَجُوزُ الْفِدَاءُ بِذَلِكَ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فَابْنُ الْقَاسِمِ يَقُولُ بِمَنْعِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْخَيْلِ مِنْهُمْ وَالسِّلَاحُ مَعْصِيَةٌ وَأَشْهَبُ يَقُولُ بِجَوَازِ الْفِدَاءِ بِذَلِكَ وَمَحَلُّهُمَا حَيْثُ لَمْ يُخْشَ بِسَبَبِ ذَلِكَ الظُّهُورُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ.
[بَابٌ الْمُسَابَقَةُ]
وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى أَحْكَامِ الْجِهَادِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا يُتَقَوَّى بِهِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمُسَابَقَةُ فَقَالَ.
(بَابٌ) (الْمُسَابَقَةُ) مُشْتَقَّةٌ مِنْ السَّبْقِ بِسُكُونِ الْبَاءِ مَصْدَرُ سَبَقَ إذَا تَقَدَّمَ وَبِفَتْحِهَا الْمَالُ الَّذِي يُوضَعُ بَيْنَ أَهْلِ السِّبَاقِ قَالَ الْقَرَافِيُّ الْمُسَابَقَةُ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ ثَلَاثِ قَوَاعِدَ الْقِمَارِ بِكَسْرِ الْقَافِ وَتَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ لِغَيْرِ مَأْكَلَةٍ وَحُصُولِ الْعِوَضِ وَالْمُعَوَّضِ لِشَخْصٍ وَاحِدٍ انْتَهَى قَوْلُهُ وَحُصُولِ الْعِوَضِ إلَخْ أَيْ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ وَهِيَ مَا إذَا كَانَ الْجُعْلُ مِنْ غَيْرِ الْمُتَسَابِقِينَ عَلَى أَنْ يَأْخُذَهُ السَّابِقُ كَمَا يَأْتِي وَالْمُعَوَّضُ هُوَ الثَّوَابُ؛ لِأَنَّ السَّبَقَ لَهُ ثَوَابٌ لِتَدْرِيبِهِ عَلَى الْحُرُوبِ وَإِنَّمَا اُسْتُثْنِيَتْ مِنْ هَذِهِ الْقَوَاعِدِ الْمَمْنُوعَةِ لِمَصْلَحَةِ الْجِهَادِ وَعَقْدُ الْمُسَابَقَةِ لَازِمٌ بِمُجَرَّدِ وُقُوعِهِ كَمَا يَأْتِي آخِرَ الْبَابِ (ص) بِجُعْلٍ فِي الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ وَبَيْنَهُمَا وَالسَّهْمِ (ش) أَيْ الْمُسَابَقَةُ حَالَ كَوْنِهَا بِالْجُعْلِ جَائِزَةٌ فِيمَا ذُكِرَ فَقَطْ فَلَا تَجُوزُ فِي غَيْرِهِ إلَّا مَجَّانًا كَمَا يَأْتِي فَقَوْلُهُ فِي الْخَيْلِ خَبَرُ الْمُسَابَقَةِ فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ لَكِنَّهُ خَاصٌّ أَيْ جَائِزَةٌ فِيمَا ذَكَرَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي وَجَازَ فِيمَا عَدَاهُ مَجَّانًا وَقَوْلُهُ فِي الْخَيْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَفَرَسَيْنِ أَوْ أَفْرَاسٍ وَقَوْلُهُ وَفِي الْإِبِلِ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ وَبَيْنَهُمَا أَيْ الْخَيْلِ مِنْ جَانِبٍ وَالْإِبِلِ مِنْ آخَرَ وَلَا يَدْخُلُ الْفِيلُ فِي ذِي الْخُفِّ وَلَا الْحِمَارُ وَلَا الْبَغْلُ فِي ذِي الْحَافِرِ؛ لِأَنَّهَا لَا يُقَاتَلُ عَلَيْهَا وَالْأَظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ الْجَوَازُ لِدُخُولِهِ فِي الْخَبَرِ الْمَذْكُورِ.
(ص) إنْ صَحَّ بَيْعُهُ (ش) أَيْ أَنَّ شَرْطَ الْمُسَابَقَةِ
ــ
[حاشية العدوي]
بِالطَّعَامِ بِالْأَوْلَى وَقَوْلُهُ وَلَا بَأْسَ بِابْتِيَاعِ ذَلِكَ لَهُمْ أَيْ إذَا امْتَنَعَ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْفَادِيَ إذَا كَانَ) حَاصِلُهُ أَنَّ الصُّوَرَ ثَمَانِيَةٌ وَذَلِكَ أَنَّ الْفَادِيَ إمَّا مُسْلِمٌ أَوْ كَافِرٌ وَالْمَفْدِيُّ كَذَلِكَ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَشْتَرِيَ مَا ذَكَرَ أَوْ يَكُونَ عِنْدَهُ فَإِذَا كَانَ الْفَادِي مُسْلِمًا فَلَا يَرْجِعُ إذَا كَانَ مَا ذَكَرَ عِنْدَهُ كَانَ الْمَفْدِيُّ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا. وَأَمَّا إذَا اشْتَرَاهُ فَيَرْجِعُ بِثَمَنِهِ مُطْلَقًا كَانَ الْمَفْدِيُّ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا ثُمَّ إنَّ الشَّارِحَ تَبِعَ الطِّخِّيخِيَّ تَبَعًا لِبَهْرَامَ فِيمَا إذَا كَانَ الْفَادِي مُسْلِمًا وَاشْتَرَاهُ فِي أَنَّهُ يَرْجِعُ بِثَمَنِهِ وَلَكِنْ فِي شَرْحِ عَبَّ عَلَى مَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ مُطْلَقًا، وَلَوْ اشْتَرَاهُ وَالظَّاهِرُ التَّفْصِيلُ وَهُوَ أَنَّ الْمُسْلِمَ إذَا تَوَقَّفَ الْفِدَاءُ عَلَى الشِّرَاءِ فَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يَتَوَقَّفْ فَلَا يَرْجِعُ (قَوْلُهُ بِقِيمَةِ الْخَمْرِ وَمَا مَعَهُ) أَيْ سَوَاءٌ اشْتَرَاهُ أَوْ لَا فَهَذِهِ صُوَرٌ أَرْبَعٌ فِي الْفَادِي الذِّمِّيِّ وَسَبَقَتْ أَرْبَعَةٌ فِي الْفَادِي الْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ إذَا كَانُوا يَمْلِكُونَهَا) أَيْ يَصِحُّ عِنْدَهُمْ تَمَلُّكُهَا. وَأَمَّا إذَا كَانَ لَا يَصِحُّ عِنْدَهُمْ تَمَلُّكُهَا فَيَكُونُ كَالْمُسْلِمِ فَيَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُهُ وَفِي عب خِلَافُهُ فَإِنَّهُ قَالَ وَمَفْهُومُ قَوْلِنَا فَادِي مُسْلِمٌ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْفَادِي كَافِرًا رَجَعَ بِهِ عَلَى مُسْلِمٍ مَفْدِيٍّ بِقِيمَتِهِ عِنْدَهُمْ لَا بِثَمَنِهِ سَوَاءٌ اشْتَرَاهُ أَوْ كَانَ عِنْدَهُ، فَإِنْ فَدَى كَافِرًا رَجَعَ بِهِ سَوَاءٌ اشْتَرَاهُ أَوْ كَانَ عِنْدَهُ إنْ تَرَافَعَا إلَيْنَا انْتَهَى وَقَوْلُهُ رَجَعَ بِهِ أَيْ بِمِثْلِهِ (أَقُولُ) وَكَلَامُ شَارِحِنَا أَحْسَنُ نَعَمْ لَا يَظْهَرُ كَلَامُهُ إلَّا إذَا كَانَ الْخَمْرُ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ. وَأَمَّا قَتْلُ الْخِنْزِيرِ فَلَا يَظْهَرُ إلَّا الرُّجُوعُ بِقِيمَتِهِ فَتَدَبَّرْ.
(بَابُ الْمُسَابَقَةِ) (قَوْلُهُ الْمُسَابَقَةُ) مُفَاعَلَةٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ بِاعْتِبَارِ إرَادَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا السَّبَقَ لَا بِاعْتِبَارِهَا نَفْسِهَا (قَوْلُهُ الْقِمَارِ) مَصْدَرٌ فَأَمْرُهُ مُقَامَرَةٌ وَقِمَارًا إذَا غَالَبَهُ وَفِي شَرْحِ شب وَالْقِمَارُ بِكَسْرِ الْقَافِ وَهُوَ اللَّعِبُ يُقَالُ تَقَامَرُوا إذَا لَعِبُوا (قَوْلُهُ لِغَيْرِ مَأْكَلَةٍ) أَيْ لِغَيْرِ أَكْلِنَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَجُوزُ لَنَا تَعْذِيبُهُ بِأَكْلِنَا لَهُ أَوْ بِمَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ لَهُ كَالْكَيِّ (قَوْلُهُ وَحُصُولُ إلَخْ) اُنْظُرْهُ فَإِنَّ الْمُعَوَّضَ إنَّمَا هُوَ السَّبَقُ لَا الثَّوَابُ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا كَانَ النَّاشِئُ عَنْ السَّبَقِ الثَّوَابُ كَانَ الثَّوَابُ مُعَوَّضًا بِهَذَا الِاعْتِبَارِ (قَوْلُهُ وَعَقْدُ الْمُسَابَقَةِ إلَخْ) أَيْ فَهِيَ إجَارَةٌ تُشْبِهُ الْجَعَالَةَ (قَوْلُهُ بِجُعْلٍ) إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِكَوْنِهِ مَحْمَلَ الْخِلَافِ. وَأَمَّا بِغَيْرِ جُعْلٍ فَجَائِزٌ بِاتِّفَاقٍ انْتَهَى ك، وَاعْلَمْ أَنَّهُ أَطْلَقَ عَلَيْهِ جُعْلًا لِكَوْنِهِ يُشْبِهُ الْجَعَالَةَ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَقُّ إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ الَّذِي هُوَ السَّبَقُ انْتَهَى ك (قَوْلُهُ وَالسَّهْمُ) فِيهِ صُورَتَانِ الْإِصَابَةُ وَالتَّبَاعُدُ وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي التَّسَمُّحِ فِي التَّعْبِيرِ بِالْمُسَابَقَةِ (قَوْلُهُ أَيْ جَائِزَةٌ) الْمُرَادُ بِالْجَوَازِ الْإِذْنُ إذْ قَدْ تَجِبُ إنْ تَوَقَّفَتْ مَعْرِفَةُ الْجِهَادِ عَلَيْهَا وَقَدْ تَنْدُبُ (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ خَاصٌّ) الْحَاصِلُ أَنَّ الْعَامِلَ إنَّمَا قُدِّرَ خَاصًّا؛ لِأَنَّ الْقَرِينَةَ عَلَى ذَلِكَ قَائِمَةٌ وَهُوَ الْجَوَازُ وَمَحَلُّ تَقْدِيرِ الْعَامِلِ عَامًّا إذَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى الْخُصُوصِ (قَوْلُهُ فِي الْخَيْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ) فِي ك وَانْظُرْ هَلْ يُشْتَرَطُ اتِّفَاقُ النَّوْعِ فِيمَا بَيْنَ الْإِبِلِ أَوْ الْخَيْلِ أَوْ، وَلَوْ اخْتَلَفَ وَالْأَوَّلُ هُوَ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ س فِي شَرْحِهِ انْتَهَى مِنْ ك وَانْظُرْ لَوْ ظَهَرَ الْجُعْلُ فَاسِدًا بَعْدَ السَّبَقِ هَلْ يَرْجِعُ بِجُعْلٍ مِثْلِهِ أَوْ لَا شَيْءَ لَهُ انْتَهَى (قَوْلُهُ لِدُخُولِهِ فِي الْخَبَرِ الْمَذْكُورِ) أَيْ الْمَذْكُورِ عِنْدَهُمْ أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ «لَا سَبَقَ إلَّا فِي خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ أَوْ نَصْلٍ» انْتَهَى وَسَبَقَ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ الْمَالُ الْمَأْخُوذُ فِي الْمُسَابَقَةِ وَيُرْوَى بِالسُّكُونِ مَصْدَرًا وَالْمَعْنَى عَلَى رِوَايَةِ الْفَتْحِ لَا سَبَقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute