بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الدَّالِ إذَا كَانَ مَحْرَمًا عَلَى الْفَادِي يَحْرُمُ نِكَاحُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ أَوْ كَانَ زَوْجًا فَإِنَّ الْفَادِيَ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا دَفَعَهُ عَنْهُ لِلْعَدُوِّ فِي فِدَائِهِ إنْ كَانَ الْفَادِي عَالِمًا حِينَ الْفِدَاءِ بِأَنَّهُ زَوْجٌ لَهُ أَوْ بِأَنَّهُ مَحْرَمٌ لَهُ أَوْ كَانَ الْقَرِيبُ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ كَالْأُصُولِ وَالْفُصُولِ وَالْحَاشِيَةِ الْقَرِيبَةِ، وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُ بِالْفِدَاءِ حَالَ كَوْنِ الْمَفْدِيِّ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الدَّالِ مُلْتَزِمًا لِلْفِدَاءِ فَإِنَّ الْفَادِيَ حِينَئِذٍ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا دَفَعَهُ عَنْهُ فِي فِدَائِهِ، وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ قَرِيبُهُ الَّذِي يَعْتِقُ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ زَوْجٌ لَهُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى إلَّا مَحْرَمًا أَيْ مِنْ الْأَقَارِبِ هَذَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَحِينَئِذٍ يَخْرُجُ الْمَحْرَمُ مِنْ الصِّهْرِ وَالرَّضَاعِ.
(ص) وَقُدِّمَ عَلَى غَيْرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ فَدَى أَسِيرًا مِنْ الْعَدُوِّ وَعَلَى الْأَسِيرِ دَيْنٌ لِغَيْرِ الْفَادِي فَإِنَّ الْفَادِيَ يُقَدَّمُ عَلَى أَرْبَابِ الدُّيُونِ؛ لِأَنَّ الْفِدَاءَ آكَدُ مِنْ الدَّيْنِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْأَسِيرَ يُفَدَّى بِغَيْرِ رِضَاهُ وَبِأَضْعَافِ قِيمَتِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَالِ الْأَسِيرِ الَّذِي قَدِمَ بِهِ وَمَالِهِ الَّذِي بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ فِي أَنَّ الْفَادِيَ يُقَدَّمُ عَلَى أَرْبَابِ الدُّيُونِ فِي الْجَمِيعِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ فِي غَيْرِ مَا بِيَدِهِ) وَأَشَارَ بِلَوْ لِمُخَالَفَةِ ابْنِ الْمَوَّازِ فِي أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِمَا فِي يَدِهِ بِمَبْلَغِ دَيْنِهِ وَهُوَ فِي غَيْرِ مَا بِيَدِهِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ.
(ص) عَلَى الْعَدَدَانِ جَهِلُوا قَدْرَهُمْ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ فَدَى جَمَاعَةً بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ كَخَمْسِينَ أَسِيرًا بِأَلْفٍ وَفِيهِمْ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ وَالشَّرِيفُ وَالْوَضِيعُ وَالْحُرُّ وَالْعَبْدُ قُسِّمَ فِدَاؤُهُمْ عَلَى الْعَدَدِ مِنْ غَيْرِ تَفَاضُلٍ بَيْنَهُمْ إنْ جَهِلَ الْعَدُوُّ قَدْرَ الْأَسْرَى مِنْ غِنًى وَفَقْرٍ وَغَيْرِهِمَا فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ فِي الْمِثَالِ عِشْرُونَ وَيُخَيَّرُ سَيِّدُ الْعَبْدِ بَيْنَ فِدَائِهِ وَإِسْلَامِهِ، وَإِنْ عَلِمُوا قَدْرَهُمْ وَشَحُّوا بِسَبَبِهِ قُسِّمَ عَلَى تَفَاوُتِهِ.
(ص) وَالْقَوْلُ لِلْأَسِيرِ فِي الْفِدَاءِ أَوْ بَعْضِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اخْتَلَفَ الْأَسِيرُ وَالْفَادِي فِي أَصْلِ الْفِدَاءِ فَقَالَ الْأَسِيرُ قَدْ فَدَيْتنِي بِغَيْرِ شَيْءٍ أَوْ لَمْ تَفْدِنِي أَصْلًا أَوْ فِي قَدْرِهِ فَقَالَ الْفَادِي فَدَيْتُك بِكَثِيرٍ وَقَالَ الْأَسِيرُ بِدُونِهِ، وَلَوْ يَسِيرًا كَانَ الْقَوْلُ لِلْأَسِيرِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ بِيَمِينِهِ فِي الْفِدَاءِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ، وَلَوْ أَتَى بِمَا لَا يُشْبِهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْفَادِي بَيِّنَةٌ ابْنُ رُشْدٍ وَلَيْسَ هَذَا عَلَى أُصُولِهِمْ وَالْأَشْبَهُ إذَا اخْتَلَفَا فِي مَبْلَغِ الْفِدَاءِ أَنْ يُصَدَّقَ الْأَسِيرُ إنْ أَشْبَهَ وَإِلَّا فَالْفَادِي إنْ أَشْبَهَ وَإِلَّا حَلَفَا وَلَزِمَهُ مَا يُفْدَى بِهِ مِثْلُهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ وَكَذَا إنْ نَكَلَا وَيُقْضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ وَحَقُّ الْمُبَالَغَةِ فِي قَوْلِهِ (وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ) أَنْ يُقَالَ، وَلَوْ كَانَ بِيَدِهِ أَيْ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْأَسِيرِ فِي أَصْلِ الْفِدَاءِ، وَلَوْ كَانَ بِيَدِ الْفَادِي وَلَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لِمَا كَانَ بِيَدِ الْفَادِي أَشْبَهَ الرَّهْنَ فَيَكُونُ الْفَادِي أَحَقَّ بِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الرَّهْنَ يُبَاعُ وَالْأَسِيرَ حُرٌّ لَا يُبَاعُ وَلَك أَنْ تَقُولَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْأَسِيرِ، وَلَوْ كَانَ مَالُ الْأَسِيرِ بِيَدِ الْفَادِي وَعَلَى هَذَا الضَّمِيرِ فِي يَكُنْ يَرْجِعُ لِمَالِ الْأَسِيرِ لَا لِلْأَسِيرِ نَفْسِهِ وَهُنَا كَلَامٌ طَوِيلٌ اُنْظُرْهُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ.
(ص) وَجَازَ بِالْأَسْرَى الْمُقَاتَلَةِ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَجُوزُ فِدَاءُ أُسَارَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَيْدِي الْعَدُوِّ بِالْأَسْرَى الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا الْقِتَالُ الَّذِينَ عِنْدَنَا مِنْ الْعَدُوِّ إذَا لَمْ يَرْضَوْا إلَّا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ قِتَالَهُمْ مُتَرَقَّبٌ وَخَلَاصُ الْأَسَارَى مُحَقَّقٌ.
(ص) وَبِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ عَلَى الْأَحْسَنِ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِالْأَسْرَى أَيْ وَيَجُوزُ أَيْضًا الْفِدَاءُ بِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْمَيِّتَةِ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَصِفَةُ مَا يُفْعَلُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَأْمُرَ الْإِمَامُ أَهْلَ الذِّمَّةِ أَنْ يَدْفَعُوا ذَلِكَ إلَى الْعَدُوِّ ثُمَّ يُحَاسِبُ الْإِمَامُ أَهْلَ الذِّمَّةِ بِقِيمَةِ ذَلِكَ مِمَّا عَلَيْهِمْ مِنْ الْجِزْيَةِ، فَإِنْ أَبَوْا لَمْ يُجْبَرُوا عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ بَأْسٌ بِابْتِيَاعِ ذَلِكَ لَهُمْ وَهَذِهِ ضَرُورَةٌ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ يَجُوزُ الْفِدَاءُ بِمَا ذَكَرَ، وَلَوْ أَمْكَنَ الْخَلَاصُ بِغَيْرِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ النَّقْلِ (ص) وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى مُسْلِمٍ
ــ
[حاشية العدوي]
فَضَعِيفٌ ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْفَادِيَ يَرْجِعُ عَلَى الْأَسِيرِ إذَا أَمَرَهُ بِالْفِدَاءِ يُقَيَّدُ بِغَيْرِ الْأَبِ الْمُعْدَمِ. وَأَمَّا الْأَبُ الْمُعْدَمُ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ وَلَدُهُ الْفَادِي لَهُ، وَلَوْ فَدَاهُ بِأَمْرِهِ وَكَذَا لَوْ أَشْهَدَ وَمِثْلُ الْأَبِ الْأُمُّ بَلْ يُقَالُ وَكُلُّ مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ مِنْ وَلَدِهِ كَذَلِكَ أَفَادَهُ عج.
(قَوْلُهُ يُقَدَّمُ عَلَى أَرْبَابِ الدُّيُونِ) وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ عَلَى دَيْنِ الْمُرْتَهِنِ لَكِنْ يُعَارِضُهُ قَوْلُهُ وَقُدِّمَ عَلَى غَيْرِ دَيْنِ الْمُرْتَهِنِ وَقَوْلُهُ يَخْرُجُ مِنْ التَّرِكَةِ حَقٌّ تَعَلَّقَ بِعَيْنٍ كَالْمَرْهُونِ وَعَبْدٍ جَنَى وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مَا إذَا افْتَدَى وَالدَّيْنُ مُحِيطٌ بِمَالِهِ.
(قَوْلُهُ عَلَى الْعَدَدِ) أَيْ قُسِّمَ عَلَى الْعَدَدِ أَوْ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ عَلَى غَيْرِهِ فَلَا يَلْزَمُ تَعَلُّقُ حَرْفَيْ جَرٍّ مُتَّحِدَيْ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى بِعَامِلٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ إنْ جَهِلُوا قَدْرَهُمْ) ثُمَّ إنْ عَلِمُوا قَدْرَهُمْ أَوْ جَهِلُوهُ، وَلَوْ بِقَرِينَةٍ عَمِلَ بِذَلِكَ وَإِلَّا حَمَلُوا عَلَى الْجَهْلِ بِقَدْرِهِمْ (قَوْلُهُ وَغَيْرُهُمَا) مِنْ شَرَفٍ فَفِي الْمَوَّاقِ مَا يُفِيدُ اعْتِبَارَ الْقَدْرِ بِالشَّرَفِ وَهَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ إذَا كَانَ الشَّرَفُ مَنْظُورًا لَهُ بِحَيْثُ يَشِحُّونَ بِسَبَبِهِ وَإِلَّا فَلَا يُعْتَبَرُ.
(قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ) الْقَاعِدَةُ أَنَّهُ إذَا قِيلَ الْقَوْلُ قَوْلُهُ فَالْمُرَادُ بِالْيَمِينِ، وَإِنْ قَالُوا صُدِّقَ فَبِغَيْرِ يَمِينٍ (قَوْلُهُ ابْنُ رُشْدٍ وَلَيْسَ هَذَا عَلَى أُصُولِهِمْ) أَيْ قَوَاعِدِهِمْ وَحَلُّ عَبَّ يَقْتَضِي ضَعْفَهُ؛ لِأَنَّهُ حَمَلَ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ يُصَدَّقُ الْأَسِيرُ إنْ أَشْبَهَ) ظَاهِرُهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ وَكَذَا الْفَادِي إنْ أَشْبَهَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ فِي يَدِ الْفَادِي) أَيْ رَدًّا عَلَى سَحْنُونَ الْقَائِلُ الْقَوْلُ لِلْفَادِي إنْ كَانَ الْأَسِيرُ بِيَدِهِ كَالرَّهْنِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ الْقَوْلُ لِلْأَسِيرِ، وَلَوْ كَانَ فِي يَدِ الْفَادِي وَسَحْنُونٍ جَعَلَ الْقَوْلَ لِلْفَادِي إنْ كَانَ الْأَسِيرُ بِيَدِهِ.
(قَوْلُهُ بِالْأَسْرَى الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا الْقِتَالُ) قَيَّدَهُ اللَّخْمِيُّ بِمَا إذَا لَمْ يُخْشَ الظُّهُورُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ إلَّا أَنْ يَحْلِفُوا عَلَى عَدَمِ الْقِتَالِ وَيَرَى أَنَّهُمْ يُوفُونَ بِذَلِكَ وَلَا بَأْسَ بِالْفِدَاءِ بِصِغَارِ أَطْفَالِهِمْ إذَا لَمْ يُسْلِمُوا وَبِالذِّمِّيِّ إذَا رَضِيَ وَكَانُوا لَا يُسْتَرَقُّونَ مِنْ ك.
(قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ النَّقْلِ) أَقُولُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مَصْلَحَةٍ فِي الْجُمْلَةِ وَإِلَّا لَمَا كَانَ لِلشِّرَاءِ مَعْنًى إلَّا أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي الْجَوَازِ أَيْ وَيُفْهَمُ مِنْهُ الْفِدَاءُ