للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَاءَ بِاخْتِيَارِهِ وَأَشَارَ إلَى شَرْطِ الرَّدِّ بِقَوْلِهِ (إنْ كَانَ ذَكَرًا) أَيْ إنْ كَانَ مَنْ أَسْلَمَ ذَكَرًا وَهَذَا شَامِلٌ لِلرَّهَائِنِ وَغَيْرِهِمْ. وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَلَا تُرَدُّ، وَلَوْ وَقَعَ شَرْطُ رَدِّهَا صَرِيحًا إلَّا لِمَفْسَدَةٍ أَعْظَمَ.

(وَفُدِيَ بِالْفَيْءِ ثُمَّ بِمَالِ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ بِمَالِهِ) وَالْمَعْنَى أَنَّ الْأَسِيرَ الْمُسْلِمَ مِمَّنْ تَقَدَّمَ وَغَيْرِهِ، وَلَوْ هَرَبَ إلَيْهِمْ طَوْعًا مِنْ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ يَجِبُ فِدَاؤُهُ وَيُبْدَأُ فِي فِدَائِهِ بِالْفَيْءِ وَهُوَ بَيْتُ الْمَالِ عَلَى طَرِيقِ ابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ رُشْدٍ ثُمَّ إنْ عَجَزَ بَيْتُ الْمَالِ أَوْ لَمْ يُوصَلْ إلَيْهِ أَوْ كَانَ وَقَصَرَ عَنْ الْفِدَاءِ فُدِيَ بِمَالِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ بِمَا قَصَرَ عَنْهُ بَيْتُ الْمَالِ عَلَى قَدْرِ أَمْوَالِهِمْ، وَلَوْ اسْتَغْرَقَهَا مَا لَمْ يُخْشَ اسْتِيلَاءُ الْعَدُوِّ بِذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْأَسِيرُ كَأَحَدِهِمْ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ ثُمَّ إنْ مَنَعَ الْمُسْلِمُونَ ذَلِكَ فُدِيَ بِمَالِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَإِنَّمَا قُدِّمَ مَالُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مَالِهِ؛ لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ فِي تَعَلُّقِ الْفِدَاءِ بِمَالِ الْمُسْلِمِينَ أَشَدُّ مِنْهَا فِي تَعَلُّقِهِ بِمَالِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَحْمِلُهُمْ عَلَى قِتَالِهِمْ لِلْكُفَّارِ مَعَ أَنَّ تَيَسُّرَهُ مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ أَشَدُّ مِنْ تَيَسُّرِهِ مِنْ مَالِهِ وَقَوْلُنَا الْمُسْلِمُ احْتِرَازًا مِنْ الْأَسِيرِ الْكَافِرِ فَلَيْسَ حُكْمُهُ كَذَلِكَ.

(وَ) إذَا فَدَاهُ وَاحِدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ جَمَاعَةٌ مَعَ عِلْمِ الْفَادِي أَوْ ظَنِّهِ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَفْدِيهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَلَا يَجِدُ مَا يَفْدِيهِ بِهِ مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ وَفْدَاهُ بِقَصْدِ الرُّجُوعِ (رَجَعَ بِمِثْلِ الْمُثْلَى وَقِيمَةِ غَيْرِهِ) وَهُوَ الْمُقَوِّمُ (عَلَى الْمَلِيءِ وَالْمُعْدِمِ بِأَنْ يَتْبَعَ) ذِمَّتَهُ. وَأَمَّا إنْ عَلِمَ أَوْ شَكَّ أَوْ ظَنَّ أَنَّ الْإِمَامَ يَفْدِيهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ يَجْبِي مِنْ الْمُسْلِمِينَ مَا يَفْدِيهِ بِهِ وَفْدَاهُ بِقَصْدِ الرُّجُوعِ فَإِنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ لِحَمْلِهِ عَلَى التَّبَرُّعِ وَتَفْرِيطِهِ وَإِذَا جَهِلَ أَنَّ الْإِمَامَ يَلْزَمُهُ أَنْ يَفْدِيهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ يَجْبِي مِنْ الْمُسْلِمِينَ مَا يَفْدِيهِ بِهِ أَوْ يَفْدِيهِ مِنْ مَالِهِ وَفْدَاهُ بِقَصْدِ الرُّجُوعِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ أَيْضًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حَلْفِهِ كَمَا يُرْشِدُ لَهُ قَوْلُهُ فِي بَابِ الرَّهْنِ وَحَلَفَ الْمُخْطِئُ الرَّاهِنُ أَنَّهُ ظَنَّ لُزُومَ الدِّيَةِ وَرَجَعَ وَبِهَذَا الْحَمْلِ يَنْدَفِعُ التَّنَاقُضُ بَيْنَ جَعْلِهِ الْفِدَاءَ وَاجِبًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَبَيْنَ الرُّجُوعِ بِهِ عَلَى الْمُفْدِي.

(ص) إنْ لَمْ يَقْصِدْ صَدَقَةً وَلَمْ يُمْكِنْ الْخَلَاصُ بِدُونِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَحَلَّ الرُّجُوعِ بِالْفِدَاءِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْفَادِي بَيْتَ الْمَالِ وَلَمْ يَقْصِدْ الْفَادِي صَدَقَةً عَلَى الْأَسِيرِ بِالْفِدَاءِ وَلَمْ يُمْكِنْ الْخَلَاصُ بِدُونِ ذَلِكَ الْقَدْرِ. وَأَمَّا إنْ كَانَ الْفِدَاءُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ قَصَدَ الْفَادِي بِالْفِدَاءِ الصَّدَقَةَ عَلَى الْمَفْدِيِّ فَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ كَمَا لَا يَرْجِعُ بِالزَّائِدِ عَلَى مَا يُمْكِنُ أَنْ يُفْدَى بِهِ عَادَةً كَمَا إذَا أَمْكَنَ فِدَاؤُهُ مَجَّانًا فَإِنَّ الْفَادِيَ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ عَلَى الْأَسِيرِ مِمَّا دَفَعَهُ عَنْهُ لِلْعَدُوِّ (ص) إلَّا مَحْرَمًا أَوْ زَوْجًا إنْ عَرَفَهُ أَوْ عَتَقَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُ بِهِ وَيَلْتَزِمَهُ (ش) هَذَا مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ وَرَجَعَ بِمِثْلِ الْمُثْلَى وَقِيمَةِ غَيْرِهِ يَعْنِي أَنَّ الْمَفْدِيَّ

ــ

[حاشية العدوي]

أَرْسَلُوهُ لَنَا وَقَوْلُهُ أَيْضًا إلَخْ لَعَلَّ الْمُنَاسِبَ أَنْ يَقُولَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ عَدَمُ دُخُولِهِ تَحْتَ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ جَاءَنَا بِاخْتِيَارِهِمْ فَيَذْكُرُهُ فِي مَقَامِ التَّعْلِيلِ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ قَوْلِهِ، وَإِنْ رَسُولًا حَيْثُ قَالُوا فِي شَرْطِهِمْ مَنْ جَاءَكُمْ، فَإِنْ قَالُوا مَنْ جَاءَنَا مِنْكُمْ هَارِبًا فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ رَدُّ الرَّسُولِ.

(تَنْبِيهٌ) : يُمَكَّنُ الرَّسُولُ بِقَدْرِ قَضَاءِ حَاجَتِهِ، فَإِنْ أَبْطَأَ أَمَرَ الْإِمَامُ بِإِخْرَاجِهِ وَلَا يَبِيعُ شَيْئًا لِأَجَلٍ، وَلَوْ ظَهَرَ عَلَى الرَّسُولِ دَيْنٌ أَوْ حَقٌّ لِمُسْلِمٍ أَوْ زِنًا أَوْ شُرْبٌ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ. وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَلَا تُرَدُّ إلَخْ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ} [الممتحنة: ١٠] إلَخْ وَيَنْبَغِي لِعُمُومِ الْآيَةِ، وَلَوْ كَانَ لَنَا عِنْدَهُمْ مُسْلِمَةٌ سَافَرَتْ فِي جَيْشِ أَمْنٍ وَأَسَرُّوهَا وَتَوَقَّفَ تَحْصِيلُهَا عَلَى رَدِّ الَّتِي أَسْلَمَتْ.

(قَوْلُهُ عَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ بَشِيرٍ) وَطَرِيقَةُ ابْنِ حَارِثٍ عَنْ ابْنِ عَبْدُوسٍ عَنْ سَحْنُونَ يَبْدَأُ مِنْ مَالِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ فَدَى بِمَالِ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ مَنْ يُمْكِنُ الْأَخْذُ مِنْهُمْ مِنْ أَهْلِ قُطْرِهِ لَا مَا بَعُدَ جِدًّا وَأَعَادَهُ مَعَ تَقَدُّمِهِ فِي الْجِهَادِ لِبَيَانِ تَأْخِيرِهِ عَنْ الْفَيْءِ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الْإِمَامَ يَتَوَلَّى ذَلِكَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِنَائِبِهِ بِأَنْ يَجْبِي مِنْ النَّاسِ وَيُخَلِّصُ الْأَسَارَى وَلَا رُجُوعَ لِمَنْ دَفَعَ شَيْئًا عَلَى الْأَسِيرِ، وَلَوْ قَصَدَ الرُّجُوعَ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُمْ جَعَلُوهُ كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ مَعَ أَنَّ تَيَسُّرَهُ إلَخْ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ يُجْبَى مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَسْهُلُ الْأَمْرُ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَدْفَعُ شَيْئًا لَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ فِيهِ بِخِلَافِ فِدَائِهِ بِمَالِهِ (قَوْلُهُ وَلَا يَجِدُ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لَا يَفْدِيهِ (قَوْلُهُ رَجَعَ بِمِثْلِ الْمِثْلِيِّ) يَدْفَعُهُ لِلْفَادِي فِي مَحَلِّ الْفِدَاءِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَقِيمَتُهُ بِمَحَلِّ الْفِدَاءِ وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَ غَيْرَ عَيْنٍ وَاخْتَلَفَتْ قِيمَتُهُ بِمَكَانِ دَفْعِهِ وَمَكَانِ قَضَائِهِ (قَوْلُهُ وَقِيمَةُ غَيْرِهِ) بُحِثَ فِيهِ بِأَنَّ الْفِدَاءَ فَرْضٌ وَفِيهِ الْمِثْلُ مُطْلَقًا قَالَهُ الْبَدْرُ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَلِيءِ وَالْمُعْدِمِ) ، وَلَوْ فَدَاهُ عَالِمًا بِعَدَمِهِ (قَوْلُهُ وَإِذَا جَهِلَ) هَذِهِ غَيْرُ صُورَةِ الشَّكِّ الْمُتَقَدِّمَةِ؛ لِأَنَّهُ فِي صُورَةِ الشَّكِّ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ لَكِنْ يَشُكُّ فِي كَوْنِهِ هَلْ الْإِمَامُ يَقَعُ مِنْهُ ذَلِكَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حَلْفِهِ) أَيْ فِي صُوَرِ الرُّجُوعِ (قَوْلُهُ وَرَجَعَ إلَخْ) أَيْ، وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ فَقِيرٌ بِخِلَافِ الْمُنْفِقِ عَلَى صَغِيرٍ يَعْلَمُ أَنَّهُ فَقِيرٌ فَإِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى التَّبَرُّعِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْكَبِيرَ قَادِرٌ عَلَى الْكَسْبِ قَالَهُ الْبَدْرُ (قُلْت) يَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنَّ الْأَسِيرَ إذَا كَانَ صَغِيرًا فَقِيرًا لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ الْفَادِي وَتَقَدَّمَ قَوْلُهُ وَلَهُ الثَّمَنُ إنْ وَجَدَ قَالَهُ الْبَدْرُ (قَوْلُهُ وَبِهَذَا الْحَمْلِ) أَيْ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ وَإِذَا فَدَاهُ وَاحِدٌ إلَخْ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَقْصِدْ صَدَقَةً) أَيْ بِأَنْ قَصْدَ الرُّجُوعَ أَوْ لَا قَصَدَ لَهُ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي قَصْدِ الصَّدَقَةِ وَعَدَمِهِ إذْ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ كَذَا قَالَ عج (قَوْلُهُ وَلَمْ يُمْكِنْ الْخَلَاصُ بِدُونِهِ) هَذَا وَجِيهٌ وَلَكِنْ النَّقْلُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ الْقَيْدُ فَيَرْجِعُ، وَلَوْ أَمْكَنَ الْخَلَاصُ بِدُونِهِ (قَوْلُهُ أَوْ زَوْجًا) وَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ بِالْفِدَاءِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَفْتَكَ رَقَبَتَهَا (قَوْلُهُ إنْ عَرَفَهُ) وَانْظُرْ هَلْ الْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي عَدَمِ الْمَعْرِفَةِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُ بِهِ إلَخْ) حَلُّ الشَّارِحِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَأَمَّا جَعْلُ الْوَاوِ فِي الْمُصَنِّفِ بِمَعْنَى أَوْ وَأَنَّ الْأَمْرَ كَافٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>