إذَا كَانَ لَبَنًا وَفِعْلُ عُمَرَ مَذْهَبُ صَحَابِيٍّ أَيْ فَلَيْسَ مَذْهَبًا لَنَا وَقَوْلُهُ وَتَصَدَّقَ بِمَا غَشَّ أَيْ عَلَى مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَغُشُّ (ص) إلَّا أَنْ يَكُونَ اشْتَرَى كَذَلِكَ إلَّا الْعَالِمَ لِيَبِيعَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا كَانَ اشْتَرَى شَيْئًا أَوْ وَهَبَهُ فَوَجَدَهُ مَغْشُوشًا فَلَا يُنْزَعُ مِنْهُ، وَلَا يُتَصَدَّقُ بِهِ لَكِنْ لَا يُمَكَّنُ مِنْ بَيْعِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِغِشِّهِ وَاشْتَرَاهُ لِيَبِيعَهُ لِمَنْ يَغُشُّ بِهِ فَإِنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَبِعْهُ حَيْثُ فَاتَ عِنْدَهُ بِأَنْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ لِرَبِّهِ، وَإِلَّا فُسِخَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَفُسِخَ مِمَّنْ يَغُشُّ إلَّا أَنْ يَفُوتَ فَإِنْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي تَصَدَّقَ بِثَمَنِهِ وَفِي تَصَدُّقِ الْبَائِعِ لَهُ بِثَمَنِهِ أَوْ بِالزَّائِدِ وَعَدَمِ تَصَدُّقِهِ الْأَقْوَالُ السَّابِقَةُ، وَأَمَّا إذَا اشْتَرَاهُ غَيْرَ عَالِمٍ بِغِشِّهِ أَوْ عَالِمٍ بِغِشِّهِ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَشْتَرِهِ لِيَغُشَّ بِهِ بَلْ لِيَكْسِرَهُ فَإِنَّهُ لَا يَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَيْهِ وَلِلْغِشِّ وُجُوهٌ كَثِيرَةٌ أَدْخَلَ مَا لَمْ يَذْكُرْهُ فِيمَا ذَكَرَهُ بِالْكَافِ فِي قَوْلِهِ (ص) كَبَلِّ الْخَمْرِ بِالنَّشَا (ش) لِقَوْلِهِ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا خَيْرَ فِي خَمْرٍ تُعْمَلُ مِنْ الْخَزِّ وَتُرَشُّ بِخُبْزٍ مَبْلُولٍ لِتَشْتَدَّ وَتَصْفِقَ وَهُوَ غِشٌّ ابْنُ رُشْدٍ لِظَنِّ مُشْتَرِيهَا أَنَّ شِدَّتَهَا مِنْ صَفَاقَتِهَا فَإِنْ عَلِمَ مُشْتَرِيهَا أَنَّ شِدَّتَهَا مِنْ ذَلِكَ فَلَا كَلَامَ لَهُ، وَإِلَّا فَلَهُ رَدُّهَا فَإِنْ فَاتَتْ رُدَّتْ لِلْأَقَلِّ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ (ص) وَسَبْكُ ذَهَبٍ جَيِّدٍ بِرَدِيءٍ وَنَفْخُ اللَّحْمِ (ش) ابْنُ رُشْدٍ لَا يَجُوزُ خَلْطُ الْجَيِّدِ بِالرَّدِيءِ وَلِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ إلَّا أَنْ يُبَيِّنَ مِقْدَارَ الْجَيِّدِ مِنْ الرَّدِيءِ وَصِفَتَهُمَا قَبْلَ الْخَلْطِ قَوْلُهُ وَنَفْخُ اللَّحْمِ ابْنُ رُشْدٍ بَعْدَ السَّلْخِ؛ لِأَنَّهُ يُغَيِّرُ طَعْمَ اللَّحْمِ وَيُظْهِرُ أَنَّهُ سَمِينٌ فَإِنْ عَلِمَ بِذَلِكَ الْمُشْتَرِي فَلَهُ الرَّدُّ، وَأَمَّا نَفْخُ الذَّبِيحَةِ قَبْلَ السَّلْخِ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَيْهِ وَفِيهِ إصْلَاحٌ وَمَنْفَعَةٌ وَلَا بَأْسَ بِخَلْطِ اللَّبَنِ بِالْمَاءِ لِاسْتِخْرَاجِ زُبْدِهِ وَبِالْعَصِيرِ لِيَتَعَجَّلَ تَخْلِيلَهُ لِلْإِصْلَاحِ، وَكَذَلِكَ التِّبْنُ يُجْعَلُ تَحْتَ الْقَمْحِ لَكِنْ إضَافَةُ الْمُؤَلِّفِ النَّفْخَ لِلَّحْمِ يُخْرِجُ نَفْخَ الْجِلْدِ فَلَا يَحْتَاجُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ إلَى أَنْ يُقَالَ فِيهِ بَعْدَ السَّلْخِ لِاسْتِفَادَةِ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِهِ. .
وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى وُجُوهِ الرِّبَا فِي النَّقْدِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى كَوْنِهِ تَعَبُّدًا أَوْ مُعَلَّلًا وَعَلَى أَنَّهُ مُعَلَّلٌ هَلْ عِلَّتُهُ غَلَبَةُ الثَّمَنِيَّةِ أَوْ مُطْلَقُ الثَّمَنِيَّةِ وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ دُخُولُ الْفُلُوسِ النَّحَاسِ فَتَخْرُجُ عَلَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى عِلَّتِهِ فِي الطَّعَامِ وَعَلَى مُتَّحِدِ الْجِنْسِ وَمُخْتَلِفِهِ لِحُرْمَةِ التَّفَاضُلِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَحُرْمَةِ رِبَا النَّسَاءِ فِيهِمَا كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ كُلِّهِ إجْمَالًا بِقَوْلِهِ وَحَرُمَ فِي نَقْدٍ وَطَعَامٍ رِبَا فَضْلٍ وَنَسَاءٍ فَقَالَ (فَصْلٌ فِي بَيَانِ ذَلِكَ تَفْصِيلًا) وَاعْلَمْ أَنَّ عِلَّةَ رِبَا النَّسَاءِ مُجَرَّدُ الطُّعْمِ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ التَّدَاوِي كَانَ مُدَّخَرًا مُقْتَاتًا أَمْ لَا كَرَطْبِ الْفَوَاكِهِ نَحْوِ تُفَّاحٍ وَمُشْمِسٍ وَكَالْخُضَرِ نَحْوِ بِطِّيخٍ وَكَالْبُقُولِ نَحْوِ
ــ
[حاشية العدوي]
وَرُدَّ عَلَيْهِ بِالْفَسْخِ، وَأَمَّا إذَا تَعَذَّرَ الرَّدُّ عَلَيْهِ فَهُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنْ يَكُونَ اشْتَرَى كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَفِعْلُ عُمَرَ) أَيْ مِنْ طَرْحِ اللَّبَنِ (قَوْلُهُ فَلَا يُنْزَعُ مِنْهُ) أَيْ وَتَعَذَّرَ رَدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ.
(قَوْلُهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ بَيْعِهِ) أَيْ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَأَمَّا لَوْ أَرَادَ أَنْ يَبِيعَهُ وَيُبَيِّنَ غِشَّهُ لِمَنْ لَا يَغُشُّ بِهِ فَلَا بَأْسَ (قَوْلُهُ لِمَنْ يَغُشُّ بِهِ) أَيْ أَوْ يَبِيعُهُ غَيْرَ مُبَيِّنٍ غِشَّهُ، وَأَمَّا لَوْ اشْتَرَاهُ وَأَرَادَ أَنْ يَبِيعَهُ لِمَنْ لَا يَغُشُّ بِهِ فَلَا (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَبِعْهُ) أَيْ أَوْ بَاعَهُ وَأَمْكَنَ رَدُّهُ قَالَ عج ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ وَإِطْلَاقِ غَيْرِهِ أَنَّهُ مَتَى بَاعَهُ مِمَّنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَغُشُّ بِهِ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ بَيْعُهُ إذَا لَمْ يَفُتْ سَوَاءٌ اشْتَرَاهُ الْمُشْتَرِي وَهُوَ عَالِمٌ بِغِشِّهِ بِهِ أَمْ لَا.
(قَوْلُهُ فَإِنْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي) أَيْ وَتَعَذَّرَ رَدُّهُ تَصَدَّقَ بِثَمَنِهِ كَذَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ وَفِي ك وَأَمَّا إذَا كَانَ عَالِمًا حِينَ الشِّرَاءِ بِغِشِّهِ وَاشْتَرَاهُ لِيَغُشَّ بِهِ بِأَنْ يَبِيعَهُ وَلَا يُبَيِّنَ غِشَّهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ بِهِ إنْ لَمْ يَبِعْهُ وَبِثَمَنِهِ إنْ بَاعَهُ انْتَهَى، وَقَوْلُهُ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ بِهِ أَيْ إذَا تَعَذَّرَ رَدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ وَفِي عب يَجْرِي فِيهِ مَا جَرَى فِي بَائِعِهِ مِنْ الْأَقْوَالِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ عَالِمًا بِغِشِّهِ وَاشْتَرَاهُ لِيَغُشَّ بِهِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَحْدَثَ فِيهِ الْغِشَّ، وَهُوَ الَّذِي يُعَوَّلُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا إذَا اشْتَرَاهُ مَنْ يَكْسِرُهُ) أَيْ مَنْ يُرِيدُ كَسْرَهُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَهُ رَدُّهَا) أَيْ فَيُخَيَّرُ فِي الرَّدِّ وَالْبَقَاءِ وَلَوْ عَلِمَ أَنَّ أَصْلَ النَّشَا وَالصَّمْغِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَخْفَى عَلَيْهِ قَدْرُ مَا فِيهِ فَبَيْعُ الْغِشِّ صَحِيحٌ (قَوْلُهُ وَرَدِيءٍ) أَيْ مَعَ رَدِيءٍ وَكَذَلِكَ الْفِضَّةُ وَيُكْسَرُ إنْ خِيفَ التَّعَامُلُ بِهِ.
(قَوْلُهُ وَفِيهِ) أَيْ فَفِيهِ إصْلَاحٌ وَمَنْفَعَةٌ أَيْ مِنْ حَيْثِيَّةِ تَمْيِيزِ اللَّحْمِ عَنْ الْجِلْدِ وَتَيَسُّرِ السَّلْخِ وَعِبَارَةُ شَبَّ فَفِيهِ بِالْفَاءِ فَيَظْهَرُ الْمُرَادُ (قَوْلُهُ وَبِالْعَصِيرِ) ظَاهِرُهُ وَلَا بَأْسَ بِخَلْطِ اللَّبَنِ بِالْعَصِيرِ لِيَتَعَجَّلَ تَخْلِيلَهُ أَيْ لِيَتَعَجَّلَ كَوْنَهُ خَلًّا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ وَلَا بَأْسَ بِخَلْطِ الْمَاءِ بِالْعَصِيرِ (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ التِّبْنُ يُجْعَلُ تَحْتَ الْقَمْحِ) أَيْ فَإِذَا صَارَ الْقَمْحُ مُخْتَلَطًا بِذَلِكَ التِّبْنِ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ حَرَامًا؛ لِأَنَّهُ فُعِلَ لِإِصْلَاحٍ
(قَوْلُهُ وُجُوهُ الرِّبَا) هِيَ الزِّيَادَةُ فِي الْعَدَدِ أَوْ الْوَزْنِ مُحَقَّقَةٌ أَوْ مُتَوَهَّمَةٌ، وَالتَّأْخِيرُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ تَفْصِيلُهُ.
(قَوْلُهُ عَلَى كَوْنِهِ) أَيْ كَوْنِ الرِّبَا أَيْ حُرْمَتِهِ (قَوْلُهُ وَعَلَى أَنَّهُ مُعَلَّلٌ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ، وَالتَّقْدِيرُ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى كَوْنِهِ تَعَبُّدًا أَوْ مُعَلَّلًا مَعَ أَنَّهُ مُعَلَّلٌ، وَاخْتُلِفَ عَلَى أَنَّهُ مُعَلَّلٌ هَلْ عِلَّتُهُ غَلَبَةُ الثَّمَنِيَّةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَوْلُهُ أَوْ مُطْلَقُ الثَّمَنِيَّةِ وَهُوَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ، وَقَوْلُهُ فَتُخَرَّجُ عَلَى الْأَوَّلِ إلَخْ إلَّا أَنَّ جُلَّ قَوْلِ مَالِكٍ فِيهَا الْكَرَاهَةُ لِلتَّوَسُّطِ بَيْنَ الدَّلِيلِ، وَهِيَ مَحْمُولَةٌ عَلَى بَابِهَا لَا عَلَى الْحُرْمَةِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ (قَوْلُهُ الْفُلُوسُ النُّحَاسُ) أَيْ الَّتِي مِنْ النَّحَّاسِ وَهُوَ وَصْفٌ كَاشِفٌ وَقَوْلُهُ بِقَوْلِهِ أَيْ بِبَعْضِ قَوْلِهِ إلَخْ وَهُوَ قَوْلُهُ وَطَعَامٌ.
[فَصَلِّ فِي الربا]
(قَوْلُهُ: الطُّعْمِ) بِالضَّمِّ الطَّعَامُ أَيْ: مُجَرَّدُ كَوْنِهِ طَعَامًا. (قَوْلُهُ: أَمْ لَا) صَادِقٌ بِمَا انْتَفَى عَنْهُ الْأَمْرَانِ، أَوْ أَحَدُهُمَا. (قَوْلُهُ: نَحْوَ تُفَّاحٍ وَمِشْمِشٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ التُّفَّاحَ لَا يُدَّخَرُ؛ لِأَنَّهُ يَفْسُدُ بِالتَّأْخِيرِ وَهَلْ هُوَ مُقْتَاتٌ تَقُومُ الْبَيِّنَةُ بِهِ وَقَوْلُهُ وَمِشْمِشٍ لَا يَخْفَى أَنَّ بَعْضَ الْبِلَادِ يَدَّخِرُهُ وَبَعْضَهَا لَا وَهَلْ هُوَ مُقْتَاتٌ، أَوْ لَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُقْتَاتٍ (قَوْلُهُ: وَكَالْخُضَرِ) مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهَا لَيْسَتْ مُقْتَاتَةً وَقَدْ تُدَّخَرُ كَالْمُلُوخِيَّةِ وَالْبَامِيَةِ فَإِنَّهُمَا قَدْ يُدَّخَرَانِ. (قَوْلُهُ: كَالْخُضَرِ وَالْبُقُولِ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْبُقُولَ مَا يُقْلَعُ مِنْ أَصْلِهِ بِخِلَافِ الْخُضَرِ