بِسِكَّةٍ وَصِيَاغَةٍ وَجَوْدَةٍ (ش) الْوَاوُ فِي وَصِيَاغَةٍ بِمَعْنَى أَوْ وَفِي جَوْدَةٍ بِمَعْنَى مَعَ أَيْ وَدَارَ الْفَضْلُ فِي بَابِ الِاقْتِضَاءِ بِسِكَّةٍ أَوْ صِيَاغَةٍ مَعَ جَوْدَةٍ أَيْ يُقَابِلَانِ الْجَوْدَةَ فَلَا يَجُوزُ قَضَاءُ عَشَرَةٍ تِبْرًا طَيِّبَةٍ عَنْ مِثْلِهَا رَدِيئَةٍ مَسْكُوكَةٍ أَوْ مَصُوغَةٍ وَلَا الْعَكْسُ، وَأَمَّا فِي بَابِ الْمُرَاطَلَةِ فَلَا يَدُورُ الْفَضْلُ عَلَى مَذْهَبِ الْأَكْثَرِ إلَّا بِالْجَوْدَةِ خَاصَّةً لَا بِالسِّكَّةِ وَالصِّيَاغَةِ، وَلَمَّا كَانَتْ النُّقُودُ وَمَا فِي حُكْمِهَا مِمَّا يَجْرِي بِهِ التَّعَامُلُ كَالْفُلُوسِ مِثْلِيَّاتٍ تُضْمَنُ بِمِثْلِهَا شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَضَائِهَا إذَا تَرَتَّبَتْ فِي الذِّمَّةِ مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ غَيْرِهِمَا ثُمَّ حَصَلَ خَلَلٌ فِي الْمُعَامَلَةِ بِهَا بِقَوْلِهِ (ص) وَإِنْ بَطَلَتْ فُلُوسٌ فَالْمِثْلُ أَوْ عُدِمَتْ فَالْقِيمَةُ وَقْتَ اجْتِمَاعِ الِاسْتِحْقَاقِ وَالْعَدَمِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا تَرَتَّبَ لَهُ عَلَى آخَرَ فُلُوسٌ أَوْ نَقْدٌ مِنْ قَرْضٍ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ قَطَعَ التَّعَامُلَ بِهَا أَوْ تَغَيَّرَتْ مِنْ حَالَةٍ إلَى أُخْرَى فَإِنْ كَانَتْ بَاقِيَةً فَالْوَاجِبُ عَلَى مَنْ تَرَتَّبَتْ عَلَيْهِ الْمِثْلُ فِي ذِمَّتِهِ قَبْلَ قَطْعِ التَّعَامُلِ بِهَا أَوْ التَّغَيُّرِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَإِنْ عُدِمَتْ فَالْوَاجِبُ عَلَى مَنْ تَرَتَّبَتْ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا مِمَّا تَجَدَّدَ وَظَهَرَ وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا وَقْتَ أَبْعَدِ الْأَجَلَيْنِ عِنْدَ تَخَالُفِ الْوَقْتَيْنِ مِنْ الْعَدَمِ وَالِاسْتِحْقَاقِ فَلَوْ كَانَ انْقِطَاعُ التَّعَامُلِ بِهَا أَوْ تَغَيُّرُهَا أَوَّلَ الشَّهْرِ الْفُلَانِيِّ، وَإِنَّمَا حَلَّ الْأَجَلُ آخِرَهُ فَالْقِيمَةُ آخِرَهُ وَبِالْعَكْسِ بِأَنْ حَلَّ الْأَجَلُ أَوَّلَهُ وَعُدِمَتْ آخِرَهُ فَالْقِيمَةُ يَوْمَ الْعَدَمِ وَلَوْ أَخَّرَهُ أَجَلًا ثَانِيًا، وَقَدْ عَدِمَتْ عِنْدَ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ فَالْقِيمَةُ عِنْدَ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ الثَّانِيَ إنَّمَا كَانَ بِالْقِيمَةِ وَبِعِبَارَةٍ وَلَوْ أَخَّرَهُ بِهَا بَعْدَ حُلُولِ أَجَلِهَا وَقَبْلَ عَدَمِهَا ثُمَّ عَدِمَتْ فِي أَثْنَاءِ أَجَلِ التَّأْخِيرِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا عِنْدَ حُلُولِ أَجَلِ التَّأْخِيرِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ أَبِي الْحَسَنِ، وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا تَأَخَّرَ عَدَمُهَا عَنْ الْأَجَلِ الثَّانِي أَنَّ قِيمَتَهَا تُعْتَبَرُ يَوْمَ عَدَمِهَا، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْ الْمَدِينِ مَطْلٌ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ مَالٌ إلَيْهِ أَيْ مِنْ الْمُعَامَلَةِ الْجَدِيدَةِ لَا الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ ظَالِمٌ فَإِنْ قِيلَ إذَا كَانَ حُكْمُ النَّقْدِ حُكْمَ الْفُلُوسِ فَلِمَ اقْتَصَرَ عَلَيْهَا فَالْجَوَابُ أَنَّ الْفُلُوسَ مَحَلُّ التَّوَهُّمِ فِيهَا لِكَوْنِهَا كَالْعُرُوضِ أَيْ فِيهَا الْقِيمَةُ كَذَا قِيلَ وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ الْعَرْضَ يَنْقَسِمُ إلَى مِثْلِيٍّ وَمُقَوَّمٍ فَالْمِثْلِيُّ يَلْزَمُ فِيهِ الْمِثْلُ وَالْمُقَوَّمُ يَلْزَمُ فِيهِ الْقِيمَةُ وَالْعِبْرَةُ بِالْعَدَمِ فِي بَلَدِ الْمُعَامَلَةِ أَيْ فِي الْبَلَدِ الَّتِي تَعَامَلَا فِيهَا وَلَوْ وُجِدَتْ فِي غَيْرِهَا
وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى أَنْوَاعِ الْبَيْعِ وَمُتَعَلِّقَاتِهِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ الْغِشِّ لِوُقُوعِهِ غَالِبًا فِي الْبِيَاعَاتِ وَهُوَ ضِدُّ النَّصِيحَةِ يُقَالُ غَشَّهُ يَغُشُّهُ غِشًّا بِالْكَسْرِ وَاسْتَغَشَّهُ ضِدُّ اسْتَنْصَحَهُ وَهُوَ حَرَامٌ بِالْإِجْمَاعِ لِخَبَرِ «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا» أَيْ لَيْسَ عَلَى سُنَّتِنَا وَلَا عَلَى هَدْيِنَا وَبَدَأَ مِنْ أَحْكَامِهِ بِقَوْلِهِ (ص) وَتَصَدَّقَ (ش) وُجُوبًا (ص) بِمَا غَشَّ (ش) أَدَبًا لِلْغَاشِّ لِئَلَّا يَعُودَ (ص) وَلَوْ كَثُرَ (ش) فَيَتَصَدَّقُ بِهِ كُلِّهِ وَبِعِبَارَةٍ، وَتَصَدَّقَ بِمَا غَشَّ أَيْ عَنْ الْبَائِعِ إذَا عَدِمَ وَيَتْبَعُهُ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِهِ إنْ وَجَدَهُ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْبَائِعُ مَوْجُودًا فَهُوَ قَوْلُهُ وَفُسِخَ مِمَّنْ يَغُشُّ إلَخْ فَلَا تَكْرَارَ وَقَوْلُهُ وَتَصَدَّقَ بِمَا غَشَّ وَلَا يُطْرَحُ فِي الْأَرْضِ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ بِسِكَّةٍ وَصِيَاغَةٍ مَعَ جَوْدَةٍ) أَيْ وَأَمَّا اقْتِضَاءُ الْمَسْكُوكِ عَنْ الْمَصُوغِ وَعَكْسُهُ فَجَائِزٌ (قَوْلُهُ وَأَمَّا فِي بَابِ إلَخْ) وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُرَاطَلَةَ لَمْ يَجِبْ لِأَحَدِهِمَا قِبَلَ الْآخَرِ شَيْءٌ قَبْلَهَا فَيُتَّهَمُ فِي تَرْكِ الْفَضْلِ لِأَجْلِهِ، وَهُنَا قَدْ وَجَبَ لَهُ ذَهَبٌ مَسْكُوكٌ أَوْ مَصُوغٌ فَفِي أَخْذِهِ عَنْهُ تِبْرًا أَجْوَدَ تُهْمَةٌ لِتَرْكِ الْفَضْلِ فِيهِمَا لِأَجْلِ الْجَوْدَةِ انْتَهَى (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرُهُمَا) كَنِكَاحٍ (قَوْلُهُ وَقْتَ اجْتِمَاعٍ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْقِيمَةَ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْحُكْمِ وَعَلَيْهِ فَانْظُرْ إذَا لَمْ يَقَعْ تَحَاكُمٌ هَلْ يَكُونُ الْحُكْمُ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ أَوْ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا يَوْمَ حُلُولِهَا إنْ كَانَتْ مُؤَجَّلَةً وَيَوْمَ طَلَبِهَا إنْ كَانَتْ حَالَّةً أَوْ يُقَالُ طَلَبُهَا بِمَنْزِلَةِ التَّحَاكُمِ (قَوْلُهُ ثُمَّ قُطِعَ التَّعَامُلُ بِهَا) أَيْ بَطَلَ التَّعَامُلُ بِهَا وَقَوْلُهُ أَوْ تَغَيَّرَتْ أَيْ أَوْ تَغَيَّرَ بَعْضُهَا وَالْمَعْنَى وَقَعَ التَّغَيُّرُ فِيهَا أَوْ لَمْ يَعُمَّهَا بِالتَّحْتِيتِ أَوْ النَّقْصِ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَزِيدَ أَوْ عُدِمَتْ رَأْسًا لِأَجْلِ أَنْ يَنْطَبِقَ عَلَى قَوْلِهِ بَعْدُ فَإِنْ كَانَتْ بَاقِيَةً إلَخْ وَقَوْلُهُ فَلَوْ كَانَ انْقِطَاعٌ إلَخْ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَلَوْ كَانَ عَدَمُهَا أَوَّلَ الشَّهْرِ الْفُلَانِيِّ إلَخْ (قَوْلُهُ أَوْ تَغَيَّرَتْ) أَيْ بِأَنْ قُصَّتْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ ظَالِمٌ) فَإِنْ قُلْت مَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغَاصِبِ الَّذِي يَضْمَنُ الْمِثْلِيَّ وَلَوْ بِغَلَاءٍ مَعَ أَنَّهُ أَشَدُّ ظُلْمًا مِنْ الْمُمَاطِلِ أَوْ مِثْلُهُ، فَالْجَوَابُ أَنَّ الْغَاصِبَ لَمَّا كَانَ يَغْرَمُ الْغَلَّةَ فِي الْجُمْلَةِ خُفِّفَ عَنْهُ وَلَا كَذَلِكَ الْمُمَاطِلُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعَرْضَ يَنْقَسِمُ) أَيْ فَأَرَادَ بِالْعَرْضِ مَا قَابَلَ الْعَيْنَ وَالْفُلُوسَ فَيَدْخُلُ فِي الْعَرْضِ الْمَكِيلَاتُ وَالْمَوْزُونَاتُ وَالْمَعْدُودَاتُ
(قَوْلُهُ بِالْكَسْرِ) ظَاهِرُهُ إنْ غِشًّا بِالْكَسْرِ مَصْدَرٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ مِنْ بَابِ قَتَلَ وَالِاسْمُ الْغِشُّ بِكَسْرِ الْغَيْنِ (قَوْلُهُ أَيْ لَيْسَ عَلَى سُنَّتِنَا) لَمَّا كَانَ الظَّاهِرُ غَيْرَ مُرَادٍ بِالْإِجْمَاعِ أَوَّلَهُ بِمَا يَقْرُبُ مِنْ الْأَصْلِ وَهَذَا الَّذِي يَقْرُبُ الْحُرْمَةُ؛ لِأَنَّهَا قَرِيبَةٌ مِنْ الْكُفْرِ فَأَرَادَ بِالسُّنَّةِ الطَّرِيقَةَ الشَّامِلَةَ لِلْوَاجِبِ الَّذِي هُوَ الْمُرَادُ (قَوْلُهُ وَتَصَدَّقَ وُجُوبًا) كَذَا فِي تت وَاعْتَرَضَهُ مُحَشِّيهِ؛ لِأَنَّ مَالِكًا عِنْدَهُ التَّصَدُّقُ جَائِزٌ لَا وَاجِبٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَتَصَدَّقُ بِالْكَثِيرِ كَذَا فِي عِبَارَةِ اللَّخْمِيِّ الَّذِي كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مُنْسَلِخٌ مِنْهُ كَمَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ فَلَا سَلَفَ لَهُ فِي التَّعْبِيرِ بِالْوُجُوبِ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَثُرَ) هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَرُدَّ عَلَى ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَتَصَدَّقُ بِالْكَثِيرِ بَلْ يُؤَدَّبُ صَاحِبُهُ وَيُتْرَكُ لَهُ حَيْثُ يُؤْمَنُ أَنْ يَغُشَّ بِهِ، وَإِلَّا بِيعَ مِمَّنْ يُؤْمَنُ (قَوْلُهُ إذَا عُدِمَ إلَخْ) أَيْ فُقِدَ وَقَوْلُهُ مَوْجُودًا أَيْ غَيْرَ مَفْقُودٍ.
(قَوْلُهُ فَلَا تَكْرَارَ) الْمُنَاسِبُ فَلَا تَنَافِي ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْحَلَّ لِلَّقَانِيِّ وَلَا يُنَاسِبُ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنْ يَكُونَ اشْتَرَى كَذَلِكَ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَنْ أَحْدَثَ فِيهِ الْغِشَّ وَأَعَدَّهُ لِيَغُشَّ بِهِ النَّاسَ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ أَحْدَثَ فِيهِ الْغِشَّ لَا لِبَيْعِهِ أَوْ لِبَيْعِهِ مُبَيِّنًا غِشَّهُ مِمَّنْ يُؤْمَنُ أَنَّهُ يَغُشُّ بِهِ أَوْ شَكَّ فِيهِ أَنَّهُ لَا يَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَيْهِ انْتَهَى، وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِيمَا إذَا لَمْ يَبِعْهُ أَصْلًا أَوْ بِيعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute