للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ عَمْدًا لَا قِصَاصَ فِيهِ كَجَائِفَةٍ وَمَأْمُومَةٍ لَيْسَ لَهُ الْعَفْوُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ، وَقَوْلُهُ: لِلدِّيَةِ، أَيْ: عَلَى الدِّيَةِ أَيْ عَلَى أَخْذِ الدِّيَةِ، وَلَا يَلْزَمُهُ انْتِزَاعُ مَالِ رَقِيقِهِ الْمُتَقَدِّمِ نَعَمْ إنْ اخْتَارَ هُوَ ذَلِكَ جَازَ عَلَى الْمُسْتَحْسَنِ، أَيْ: جَازَ لَهُ أَنْ يَنْتَزِعَ مَالَ مَنْ يَنْتَزِعُ مَالَهُ كَالْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ إنْ لَمْ يَمْرَضْ السَّيِّدُ، وَالْمُعْتَقُ لِأَجَلٍ إنْ لَمْ يَقْرُبْ الْأَجَلُ فَإِنْ مَرِضَ، أَوْ قَرُبَ الْأَجَلُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الِانْتِزَاعُ، وَلَا يَلْزَمُهُ اعْتِصَارُ مَا وَهَبَهُ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ، أَوْ الْكَبِيرِ قَبْلَ إحَاطَةِ الدَّيْنِ إذْ مَا وَهَبَهُ لَهُ بَعْدَ الْإِحَاطَةِ لَهُمْ رَدُّهُ، ثُمَّ إنَّ الْمُؤَلِّفَ اسْتَعْمَلَ الِانْتِزَاعَ فِي حَقِيقَتِهِ وَهُوَ انْتِزَاعُ مَالِ رَقِيقِهِ وَمَجَازِهِ وَهُوَ انْتِزَاعُ مَا وَهَبَهُ لِوَلَدِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُقَالُ فِيهِ اعْتِصَارٌ فَإِطْلَاقُ الِانْتِزَاعِ عَلَى هَذَا مَجَازٌ بِالنِّسْبَةِ لِعُرْفِ الْفُقَهَاءِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِلُّغَةِ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ فِيهِ الِانْتِزَاعُ فِيهِمَا.

، ثُمَّ أَخَذَ يُبَيِّنُ كَيْفِيَّةَ بَيْعِ مَالِ الْمُفَلَّسِ مِنْ اسْتِينَاءٍ وَتَعْجِيلٍ فَذَكَرَ مَا يُعَجَّلُ بَيْعُهُ لَكِنْ بَعْدَ الِاسْتِينَاءِ الْأَيَّامَ الْيَسِيرَةَ وَمَا يُطَالَبُ بِاسْتِينَائِهِ وَسَكَتَ عَمَّا لَا يُسْتَأْنَى بِهِ مِمَّا يُخْشَى فَسَادُهُ كَطَرِيِّ لَحْمٍ وَفَاكِهَةٍ فَلَا يُسْتَأْنَى بِهِ إلَّا كَسَاعَةٍ، وَأَمَّا يَسِيرُ الْعَرَضِ كَسَوْطٍ وَدَلْوٍ فَيُبَاعُ مِنْ حِينِهِ فَقَالَ مُشِيرًا إلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ

(ص) وَعُجِّلَ بَيْعُ الْحَيَوَانِ (ش) الْمُرَادُ بِالتَّعْجِيلِ أَنَّهُ لَا يُسْتَأْنَى بِهِ كَمَا يُسْتَأْنَى بِبَيْعِ عَقَارِهِ وَعَرَضِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِينَاءِ بِالْحَيَوَانِ الْأَيَّامَ الْيَسِيرَةَ؛ لِأَنَّ الْحَيَوَانَ سَرِيعُ التَّغَيُّرِ وَيَحْتَاجُ إلَى مُؤْنَةٍ وَفِي ذَلِكَ نَقْصٌ لِمَالِ الْغُرَمَاءِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالتَّعْجِيلِ أَنَّهُ يُبَاعُ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ أَصْلًا، وَلَا أَنَّهُ يُبَاعُ بِلَا خِيَارٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ كَمَا تَوَهَّمَهُ صَاحِبُ التَّكْمِلَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ وَإِلَى الثَّانِي بِقَوْلِهِ

(ص) وَاسْتُؤْنِيَ بِعَقَارِهِ كَالشَّهْرَيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُفَلَّسَ لَا يَتَعَجَّلُ بِبَيْعِ عَقَارِهِ أَيْ وَعُرُوضِهِ الَّتِي لَا يَخْشَى فَسَادَهَا، وَلَا تَغَيُّرَهَا بَلْ يُسْتَأْنَى بِهِ فِي الْمُنَادَاةِ عَلَيْهِ الشَّهْرَيْنِ وَمَا قَارَبَهُمَا، ثُمَّ يُبَاعُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُرَاعَاةً لِحَالِ الْمُفَلَّسِ؛ لِأَنَّ الْعَقَارَ لَا يُخْشَى عَلَيْهِ التَّغَيُّرُ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى مُؤْنَةٍ وَكُلْفَةٍ

(ص) وَقُسِمَ بِنِسْبَةِ الدُّيُونِ (ش) ، أَيْ: وَقُسِمَ مَالُ الْمُفَلَّسِ الْمُجْتَمِعِ مِنْ أَثْمَانِ مَا بِيعَ، وَنَاضَّهُ إنْ كَانَ إمَّا بِنِسْبَةِ الدُّيُونِ بِأَنْ يُنْسَبَ كُلُّ دَيْنٍ لِمَجْمُوعِ الدُّيُونِ فَلَوْ كَانَ لِشَخْصٍ مِائَةٌ وَلِآخَرَ خَمْسُونَ وَلِآخَرَ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ وَمَالُ الْمُفَلَّسِ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ فَنِسْبَةُ دَيْنِ الْأَوَّلِ لِمَجْمُوعِ الدُّيُونِ ثُلُثٌ فَيَأْخُذُ أَرْبَعِينَ وَنِسْبَةُ الثَّانِي سُدُسٌ فَيَأْخُذُ عِشْرِينَ وَنِسْبَةُ الثَّالِثِ النِّصْفُ فَيَأْخُذُ سِتِّينَ وَيَحْتَمِلُ طَرِيقًا آخَرَ وَهُوَ نِسْبَةُ مَالِ الْمُفَلَّسِ لِجُمْلَةِ الدُّيُونِ وَطَرِيقُ ذَلِكَ أَنْ تُعْلَمَ كَمِّيَّةُ مَالِ الْمُفَلَّسِ، ثُمَّ تُعْلَمَ كَمِّيَّةُ الدُّيُونِ اللَّازِمَةِ لِذِمَّتِهِ، ثُمَّ يُنْسَبَ مَالُ الْمُفَلَّسِ إلَى مَجْمُوعِ الدُّيُونِ فَبِتِلْكَ النِّسْبَةِ يَأْخُذُ كُلُّ غَرِيمٍ مِنْ دَيْنِهِ مَثَلًا لَوْ كَانَ جَمِيعُ مَالِ الْمُفَلَّسِ عِشْرِينَ دِينَارًا وَجَمِيعُ الدُّيُونِ أَرْبَعُونَ فَنِسْبَةُ الْعِشْرِينَ إلَى الْأَرْبَعِينَ النِّصْفُ فَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْغُرَمَاءِ نِصْفَ دَيْنِهِ وَقَوْلُنَا اللَّازِمَةِ لِذِمَّتِهِ يُخْرِجُ الْكِتَابَةَ فَلَا يُحَاصَصُ بِهَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِدَيْنٍ لَازِمٍ فَلِهَذَا لَوْ كَاتَبَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ الْمَأْذُونَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، ثُمَّ قَامَ الْغُرَمَاءُ عَلَى هَذَا الْعَبْدِ فَفَلَّسُوهُ وَاقْتَسَمُوا مَالَهُ فَإِنَّ السَّيِّدَ لَا يُحَاصِصُ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِالْكِتَابَةِ لِمَا مَرَّ بَلْ وَإِنْ وَفَّى عَتَقَ وَإِنْ عَجَزَ رَقَّ فَقَوْلُهُ بِنِسْبَةِ الدُّيُونِ جَعَلَهُ صَاحِبُ التَّكْمِلَةِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ، أَيْ: بِنِسْبَةِ الدُّيُونِ بَعْضِهَا إلَى بَعْضٍ، أَيْ: بِقَدْرِ نِسْبَةِ الدُّيُونِ بَعْضِهَا إلَى بَعْضٍ وَجَعَلَهُ الشَّارِحُ لِمَفْعُولِهِ، وَالْفَاعِلُ مَحْذُوفٌ، أَيْ: بِنِسْبَةِ الدُّيُونِ، أَيْ: بِنِسْبَتِهِ لِلدُّيُونِ فَكَلَامُهُ مُحْتَمِلٌ لِلطَّرِيقَتَيْنِ لَكِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي طَرِيقَةِ صَاحِبِ التَّكْمِلَةِ

(ص) بِلَا بَيِّنَةِ حَصْرِهِمْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَسْمَ عَلَى غُرَمَاءِ الْمُفَلَّسِ، أَوْ الْمَيِّتِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إثْبَاتِ أَنْ لَا غَرِيمَ غَيْرُهُمْ بِخِلَافِ الْوَرَثَةِ فَإِنَّ

ــ

[حاشية العدوي]

لِلْمُقْتَرَضِ بِحَسَبِ الْمَعْنَى وَإِنْ كَانَ فِي الظَّاهِرِ الطَّالِبُ يَقْصِدُ نَفْعَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ اخْتَارَ إلَخْ) فَإِذَا اُنْتُزِعَ أَخَذُوهُ بِخِلَافِ حَبْسِ شَرْطِ مُحْبِسِهِ لِمُحْبَسٍ عَلَيْهِ بَيْعُهُ إنْ شَاءَ فَلَهُمْ بَيْعُهُ وَإِنْ أَبَى هُوَ لِقُوَّةِ شَبَهِهِ بِبَاقِي عُرُوضِهِ بِجَامِعِ أَنَّ لَهُ بَيْعَ كُلٍّ بِخِلَافِ رَقِيقِهِ الْمَذْكُورِ لِمَا فِيهِ مِنْ شَائِبَةِ الْحُرِّيَّةِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُسْتَحْسَنِ) ، أَيْ: مِنْ الْقَوْلَيْنِ.

(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَمْرَضْ السَّيِّدُ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ كَالْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنَّ الْمُؤَلِّفَ إلَخْ) أَقُولُ لَيْسَ هُنَاكَ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ بَلْ فِي حَقِيقَتِهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الِاعْتِصَارَ جُزْئِيٌّ مِنْ جُزَيْئَاتِ الِانْتِزَاعِ فَغَايَةُ مَا هُنَاكَ أَنَّهُ عَبَّرَ بِالِانْتِزَاعِ الَّذِي هُوَ كُلِّيٌّ شَامِلٌ وَاسْتِعْمَالُ الْكُلِّيِّ فِي فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهِ مِنْ حَيْثُ ذَلِكَ حَقِيقَةٌ لَا مَجَازٌ.

[كَيْفِيَّةَ بَيْعِ مَالِ الْمُفَلَّسِ]

(قَوْلُهُ: الْأَيَّامُ الْيَسِيرَةُ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَنَحْوُهَا (قَوْلُهُ: مِنْ حِينِهِ) ، أَيْ: مِنْ غَيْرِ اسْتِينَاءٍ (قَوْلُهُ: صَاحِبُ التَّكْمِلَةِ) هُوَ النُّوَيْرِيُّ، أَيْ: تَكْمِلَةِ الْبِسَاطِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُكْمِلْ الشَّرْحَ (قَوْلُهُ: وَاسْتُؤْنِيَ) الظَّاهِرُ وُجُوبُ الِاسْتِينَاءِ الْمَذْكُورِ، وَالْأَخِيرُ الْمُفَلَّسُ بَيْنَ إمْضَاءِ الْبَيْعِ وَرَدِّهِ، وَلَا يَضْمَنُ الْحَاكِمُ الزِّيَادَةَ الَّتِي فِي سِلَعِ الْمُفَلَّسِ حَيْثُ بَاعَهَا الْحَاكِمُ بِغَيْرِ اسْتِينَاءٍ إذَا أَمْضَى الْمُفَلَّسُ بَيْعَ الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَيْسَتْ مُحَقَّقَةً حِينَ بَيْعِ الْحَاكِمِ، وَالذِّمَّةُ لَا تَلْزَمُ إلَّا بِأَمْرٍ مُحَقَّقٍ.

(قَوْلُهُ: وَمَا قَارَبَهُمَا) حَيْثُ إنَّ الْكَافَ تَكُونُ غَيْرَ اسْتِقْصَائِيَّةٍ تُدْخِلُ الثَّالِثَ كَمَا هُوَ الشَّأْنُ، وَقَوْلُهُ: وَقُسِمَ بِنِسْبَةِ الدُّيُونِ وَيَحْتَمِلُ طَرِيقًا آخَرَ وَهُوَ أَنْ تُقْسَمَ مَالُ الْمَدِينِ لِمَا عَلَيْهِ مِنْ الدُّيُونِ فَمَا خَرَجَ فَهُوَ جَزْءُ السَّهْمِ فَاضْرِبْ فِيهِ مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ يَخْرُجُ مَنَابُهُ فِي الْحِصَاصِ كَأَنْ يَكُونَ مَالُ الْمَدِينِ اثْنَيْ عَشَرَ وَعَلَيْهِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ كُلُّ رَجُلٍ سِتَّةٌ فَإِذَا قُسِمَتْ اثْنَيْ عَشَرَ عَلَى أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ يَخْرُجُ نِصْفٌ فَاضْرِبْ فِيهِ مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ يَخْرُجُ ثَلَاثَةٌ هِيَ مَنَابُهُ فِي الْحِصَاصِ.

(قَوْلُهُ: لِفَاعِلِهِ) أَرَادَ بِهِ نَائِبَ الْفَاعِلِ، أَوْ وَأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ النِّسْبَةِ الِانْتِسَابُ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَمْ يَنْسُبْ الدُّيُونَ بَعْضَهَا إلَى بَعْضٍ بَلْ نَسَبَ كُلَّ دَيْنٍ إلَى مَجْمُوعِ الدُّيُونِ، وَقَوْلُهُ: لِمَفْعُولِهِ أَيْ الَّذِي هُوَ الدُّيُونُ، وَالْمَنْسُوبُ هُوَ مَالُ الْمُفَلَّسِ هَذَا مَعْنَاهُ (أَقُولُ) بَلْ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْمَنْسُوبُ كُلَّ دَيْنٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ أُرِيدَ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>