للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَاكِمَ لَا يَقْسِمُ عَلَيْهِمْ حَتَّى يُكَلِّفَهُمْ بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِحَصْرِهِمْ وَمَوْتِ مُورِثِهِمْ وَتَعَدُّدِهِمْ مِنْ الْمَيِّتِ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ عَدَدَهُمْ مَعْلُومٌ لِلْجِيرَانِ، وَالْأَصْدِقَاءِ وَأَهْلِ الْبَلَدِ وَغَيْرِهِمْ، وَالدُّيُونُ يُقْصَدُ إخْفَاؤُهَا غَالِبًا

(ص) وَاسْتُؤْنِيَ بِهِ إنْ عُرِفَ بِالدَّيْنِ فِي الْمَوْتِ فَقَطْ (ش) الضَّمِيرُ فِي بِهِ لِلْقَسْمِ، وَقَوْلُهُ: فَقَطْ، أَيْ: لَا فِي الْفَلَسِ بِالِاجْتِهَادِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَيِّتَ إذَا كَانَ مَشْهُورًا بِالدَّيْنِ فَإِنَّ الْحَاكِمَ لَا يُعَجِّلُ بِقَسْمِ مَالِهِ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ بَلْ يَسْتَأْنِي بِهِ لِاحْتِمَالِ طُرُوِّ غَرِيمٍ آخَرَ حَتَّى يَجْتَمِعَ الْغُرَمَاءُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَوْتِ، وَالْفَلَسِ بَقَاءُ ذِمَّةِ الْمُفَلَّسِ دُونَ الْمَيِّتِ لَكِنْ فِي غَيْرِ بَعِيدِ الْغَيْبَةِ أَمَّا بَعِيدُ الْغَيْبَةِ فَيُتَّفَقُ عَلَى وُجُوبِ الِاسْتِينَاءِ بِهِ إذَا خَشِيَ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَفِي مَفْهُومٌ فِي الْمَوْتِ فَقَطْ تَفْصِيلٌ، أَوْ أَنَّ فَقَطْ ظَرْفٌ وَالْمُؤَلِّفُ لَا يَعْتَبِرُ مَفْهُومَهُ.

(ص) وَقَوَّمَ مُخَالِفَ النَّقْدِ يَوْمَ الْحِصَاصِ وَاشْتَرَى لَهُ مِنْهُ بِمَا يَخُصُّهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُفَلَّسَ إذَا كَانَتْ عَلَيْهِ دُيُونٌ مُخْتَلِفَةٌ لِأَحَدِ غُرَمَائِهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَلِأَحَدِهِمْ عَرَضٌ وَلِأَحَدِهِمْ طَعَامٌ مَثَلًا فَإِنَّ مَا خَالَفَ النَّقْدَ مِنْ مُقَوَّمٍ، أَوْ مِثْلِيٍّ يُقَوَّمُ يَوْمَ قَسْمِ الْمَالِ وَهُوَ مُرَادُهُ بِيَوْمِ الْحِصَاصِ فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ الطَّعَامِ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَقِيمَةُ الْعَرَضِ كَذَلِكَ وَمَالُ الْمُفَلَّسِ مِائَةً فَإِنَّهَا تُقْسَمُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ أَثْلَاثًا فَيَأْخُذُ صَاحِبُ النَّقْدِ ثُلُثَ الْمِائَةِ وَلِكُلٍّ مِنْ صَاحِبَيْ الطَّعَامِ، وَالْعَرَضِ كَذَلِكَ فَيُعْطِي لِصَاحِبِ النَّقْدِ مَنَابَهُ وَيَشْتَرِي لِصَاحِبِ الْعَرَضِ مِمَّا نَابَهُ مِنْ صِفَةِ عَرَضِهِ وَلِصَاحِبِ الطَّعَامِ كَذَلِكَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَاشْتَرَى لَهُ أَيْ لِصَاحِبِ مُخَالِفِ النَّقْدِ مِنْهُ، أَيْ: مِنْ جِنْسِ مَالِهِ وَصِفَتِهِ بِمَا يَخُصُّهُ فِي الْحِصَاصِ مِنْ مَالِ الْمُفَلَّسِ وَهَذَا مِنْ الْمُشَاحَّةِ، وَأَمَّا مَعَ التَّرَاضِي فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُ الثَّمَنِ مَا لَمْ يَمْنَعْ مَانِعٌ مِنْ ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي

(ص) وَمَضَى إنْ رَخُصَ، أَوْ غَلَا (ش) لَمَّا قَدَّمَ أَنَّهُ يَشْتَرِي لِلْغَرِيمِ بِمَا نَابَهُ فِي الْحِصَاصِ مِثْلَ مَالِهِ مِنْ عَرَضٍ وَطَعَامٍ ذَكَرَ هُنَا أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَحْصُلْ شِرَاءٌ لِلْعَرَضِ، وَالطَّعَامِ حَتَّى رَخُصَ السِّعْرُ فَاشْتَرَى لَهُ بِمَا خَصَّهُ نِصْفَ الطَّعَامِ، وَالْعَرَضِ الَّذِي عَلَى الْمُفَلَّسِ، أَوْ مَا يُوَفِّي دَيْنَهُ كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ عَلَى الْمُفَلَّسِ عَشَرَةُ أَرَادِبَ، أَوْ عَشَرَةُ ثِيَابٍ فَنَابَهُ ثُلُثُ قِيمَةِ ذَلِكَ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ مِنْ الْمِائَةِ الْمُقَوَّمِ بِهَا فَلَمْ يَشْتَرِ لَهُ بِذَلِكَ حَتَّى رَخُصَ السِّعْرُ فَاشْتَرَى بِذَلِكَ خَمْسَةَ أَرَادِبَ، أَوْ خَمْسَةَ ثِيَابٍ، أَوْ عَشَرَةً فَإِنَّهُ يَمْضِي فِيمَا بَيْنَ رَبِّ الدَّيْنِ وَفِيمَا بَيْنَ الْغُرَمَاءِ فَلَيْسَ لَهُمْ عَلَيْهِ رُجُوعٌ فِي الرُّخْصِ بَلْ يَفُوزُ بِنِصْفِ دَيْنِهِ، أَوْ بِجَمِيعِ دَيْنِهِ دُونَهُمْ وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَقُولُوا نُحَاصِصُك فِيمَا زَادَ عَلَى ثُلُثِ دَيْنِك بَلْ يَخْتَصُّ بِمَا حَطَّهُ الرُّخْصُ إلَّا أَنْ يَزِيدَ عَلَى دَيْنِهِ فَلْيَرُدَّ الزَّائِدَ عَلَيْهِمْ يَتَحَاصُّونَ فِيهِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى أَحَدَ عَشَرَ ثَوْبًا مَثَلًا كَمَالٍ طَرَأَ وَكَذَلِكَ يَمْضِي لَوْ لَمْ يَحْصُلْ شِرَاء لِلْعَرَضِ، أَوْ الطَّعَامِ حَتَّى غَلَا كَمَا لَوْ اشْتَرَى لَهُ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ مِقْدَارَ خُمُسِ دَيْنِهِ فَلَيْسَ لِمَنْ لَهُ الطَّعَامُ أَوْ الْعَرَضُ أَنْ يَقُولَ أَرْجِعُ عَلَى الْغُرَمَاءِ بِمَا نَقَصَ عَنْ ثُلُثِ دَيْنِي الَّذِي نَابَنِي فِي الْحِصَاصِ وَإِنَّمَا يَكُونُ التَّحَاسُبُ بَيْنَ مَنْ لَهُ الطَّعَامُ، أَوْ الْعَرَضُ وَبَيْنَ الْمُفَلَّسِ فَيَسْقُطُ مَا زَادَهُ الرُّخْصُ عَنْ الْمُفَلَّسِ مِنْ دَيْنِ مَنْ لَهُ الطَّعَامُ، أَوْ الْعَرَضُ وَفِي الْغَلَاءِ يَتْبَعُهُ بِمَا نَقَصَ لِأَجْلِ الْغَلَاءِ مِنْ دَيْنِهِ فَيَصِيرُ لِمَنْ لَهُ الطَّعَامُ، أَوْ الْعَرَضُ فِي الرُّخْصِ فِي الْمِثَالِ نِصْفُ الْأَرَادِبِ، أَوْ الثِّيَابِ وَيَبْقَى لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمُفَلَّسِ فِي الْغَلَاءِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ دَيْنِهِ وَهُوَ ثَمَانِيَةُ أَرَادِبَ، أَوْ أَثْوَابٍ

(ص) وَهَلْ يَشْتَرِي فِي شَرْطِ جَيِّدٍ أَدْنَاهُ أَوْ وَسَطَهُ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا كَانَ لَهُ عِنْدَ مَنْ فُلِّسَ سَلَمٌ وَقَدْ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ نَوْعًا جَيِّدًا، ثُمَّ قَوَّمَ لَهُ عَلَى حَسَبِ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ

ــ

[حاشية العدوي]

الدُّيُونِ الْمَجْمُوعُ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ فَهِيَ الْمَنْسُوبُ إلَيْهَا قَطْعًا وَيَكُونُ الْمَنْسُوبُ مَحْذُوفًا وَهُوَ إمَّا كُلُّ دَيْنٍ وَإِمَّا مَالُ الْمُفَلَّسِ وَإِنْ أُرِيدَ الْكُلِّيَّةُ، أَيْ: كُلُّ فَرْدٍ يَكُونُ وَاقِعًا عَلَى الْمَنْسُوبِ وَيَكُونُ حَذْفَ الْمَنْسُوبِ إلَيْهِ الَّذِي هُوَ مَجْمُوعُ الدُّيُونِ فَقَوْلُ الشَّارِح لَكِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي طَرِيقِ صَاحِبِ التَّكْمِلَةِ لَيْسَ بِظَاهِرٍ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: وَتَعَدُّدُهُمْ) ، أَيْ: مَرْتَبَتُهُمْ مِنْ الْمَيِّتِ كَأَخِيهِ أَوْ عَمِّهِ، أَوْ ابْنِ أَخِيهِ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ عَدَدَهُمْ مَعْلُومٌ لِلْجِيرَانِ) أَيْ شَأْنُهُ أَنْ يُعْلَمَ لِلْجِيرَانِ فَيُمْكِنُ الشَّهَادَةُ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَالدُّيُونُ يُقْصَدُ إخْفَاؤُهَا غَالِبًا) فَإِنْ قُلْت: شَهَادَةُ الْبَيِّنَةِ بِحَصْرِ الْوَرَثَةِ شَهَادَةٌ عَلَى النَّفْيِ وَهِيَ لَا تَجُوزُ لِلتَّعَذُّرِ قُلْت النَّفْيُ الْمَحْصُورُ لَا تَعَذُّرَ فِيهِ وَتَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِهِ كَلِيسِ لِزَيْدٍ أَوْلَادٌ غَيْرَ هَؤُلَاءِ وَمِنْ الْمَحْصُورِ لَيْسَ لِزَيْدٍ عِنْدَ عَمْرٍو دَيْنٌ وَلَيْسَ فِي الْبَلَدِ فَرَسٌ، وَأَمَّا لَيْسَ لِأَحَدٍ عِنْدَ عَمْرٍو دَيْنٌ فَمِنْ غَيْرِ الْمَحْصُورِ (قَوْلُهُ: وَاسْتُؤْنِيَ) ، أَيْ: وُجُوبًا فِيمَا يَظْهَرُ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ: إذَا خَشِيَ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ) ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَخْشَ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْحَاضِرِ وَأَرَادَ بِالْبَعِيدَةِ مَا قَابَلَ الْقَرِيبَةَ فَشَمِلَتْ الْمُتَوَسِّطَةَ كَذَا يَظْهَرُ وَظَاهِرُهُ الِاسْتِينَاءُ مَعَ الْخَشْيَةِ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ بِالدَّيْنِ فَلَيْسَ كَالْمَيِّتِ فِي هَذَا (قَوْلُهُ: فَفِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ فَقَطْ تَفْصِيلٌ) أَقُولُ هَذَا الْكَلَامُ لَا ظُهُورَ لَهُ؛ لِأَنَّ مَعْنَى فَقَطْ فَحَسْبُ، وَالْمَعْنَى عُرِفَ بِالدَّيْنِ لَا غَيْرُ فَكَيْفَ يُعْقَلُ التَّفْصِيلُ (قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّ فَقَطْ ظَرْفٌ) فِيهِ أَنَّهُمْ ذَكَرُوا أَنَّ قَطُّ ظَرْفٌ لِلزَّمَانِ الْمَاضِي تَقُولُ مَا فَعَلْته قَطُّ، أَيْ: فِي الزَّمَانِ الْمَاضِي، وَأَمَّا هُنَا فَالظَّاهِرُ لِكَوْنِهِ أَتَى بِالْفَاءِ أَنَّهَا بِمَعْنَى أَنْتَهِ، وَلَا تَكُونُ ظَرْفًا إلَّا إذَا تَجَرَّدَتْ مِنْ الْفَاءِ رَاجِعْ الْمُغْنِيَ، أَوْ غَيْرَهُ.

(قَوْلُهُ: وَقُوِّمَ مُخَالِفُ النَّقْدِ) ، وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا كَانَ الدَّيْنُ كُلُّهُ عَرَضًا وَاخْتَلَفَتْ صِفَتُهُ، أَوْ طَعَامًا كَذَلِكَ، وَأَمَّا لَوْ اتَّفَقَتْ صِفَتُهُ فَلَا يُقَوَّمُ حَيْثُ وَافَقَ مَالُ الْمُفَلَّسِ مَا عَلَيْهِ صِفَةٌ أَيْضًا كَأَنْ اخْتَلَفَا وَسَلَكَ فِي مَعْرِفَةِ مَا يَخُصُّ كُلَّ وَاحِدٍ بِنِسْبَةِ كُلِّ دَيْنٍ لِجُمْلَتِهَا فَإِنْ سَلَكَ فِيهِ نِسْبَةَ مَا عِنْدَهُ لِمَا عَلَيْهِ قُوِّمَ وَبِيعَ مَا عِنْدَهُ وَاشْتُرِيَ بِهِ صِنْفُ مَا عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: يَوْمَ الْحِصَاصِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ ضَبَطَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ: إنْ رَخُصَ، أَوْ غَلَا) ، أَيْ: مَا يُشْتَرَى الْمَفْهُومُ مِنْ اشْتَرَى

<<  <  ج: ص:  >  >>