للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شُرُوعٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْوَصِيَّةِ عَلَى الْأَوْلَادِ، وَإِقَامَةِ مَنْ يَنْظُرُ فِي حَالِهِمْ فَذَكَرَ أَنَّ ذَلِكَ مُخْتَصٌّ بِالْآبَاءِ لَا بِغَيْرِهِمْ مِنْ الْأَقَارِبِ مِنْ الْأَجْدَادِ وَالْإِخْوَةِ فَقَوْلُهُ، وَإِنَّمَا يُوصِي عَلَى الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَهُوَ الصَّغِيرُ وَالسَّفِيهُ أَبٌ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْأَبُ رَشِيدًا أَمَّا الْأَبُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ لَا يُوَصَّى عَلَيْهِ، وَلَدُهُ إذْ لَا نَظَرَ لَهُ عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ رَشِيدًا ثُمَّ حَصَلَ لَهُ السَّفَهُ فَلَيْسَ لِلْأَبِ الْإِيصَاءُ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا النَّاظِرُ لَهُ هُوَ الْحَاكِمُ، وَكَذَلِكَ يُوصَى عَلَى الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَصِيُّ الْأَبِ وَوَصِيُّ وَصِيِّهِ، وَأَمَّا مُقَدَّمُ الْقَاضِي، فَلَا وَسَكَتَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ الصِّيغَةِ اتِّكَالًا عَلَى قَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ بِلَفْظٍ، أَوْ إشَارَةٍ مُفْهِمَةٍ، وَقَوْلُهُ وَعَلَى كَذَا يُخَصُّ بِهِ

. (ص) كَأُمٍّ إنْ قَلَّ، وَلَا وَلِيَّ وَوَرِثَ عَنْهَا (ش) التَّشْبِيهُ فِي أَنَّ الْأُمَّ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تُوَصَّى عَلَى الصَّغِيرِ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الْمُوصَى فِيهِ قَلِيلًا كَسِتِّينَ دِينَارًا الثَّانِي أَنْ لَا يَكُونَ لِلصَّغِيرِ وَلِيٌّ، وَلَا وَصِيٌّ الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ مَوْرُوثًا عَنْ الْأُمِّ لَا يُقَالُ الْأُمُّ لَيْسَ لَهَا التَّصَرُّفُ فِي مَالِ الْوَلَدِ، وَلَوْ كَانَ الْمَالُ مِنْهَا فَلِمَ كَانَ الْإِيصَاءُ لَهَا بِالتَّصَرُّفِ مَعَ أَنَّ الْمُتَصَرِّفَ قَائِمٌ مَقَامَهَا لِأَنَّا نَقُولُ الْفَرْقُ أَنَّ الشَّرْعَ لَمَّا حُفِظَ عَنْهُ شُرُوطٌ فِي الْوَصِيِّ جَعَلَ لَهَا الْإِيصَاءَ لِلْمُسْتَوْفِي لِلشُّرُوطِ الْمَحْفُوظَةِ عَنْ الشَّرْعِ فَلَيْسَ فِيهِ تَضْيِيعٌ لِلْمَالِ لِأَنَّهُ لَمْ يُسْنَدْ إلَّا إلَى مَحْفُوظٍ بِخِلَافِ تَصَرُّفِهَا هِيَ بِنَفْسِهَا لِعَدَمِ مَعْرِفَةِ تَصَرُّفِهَا خُصُوصًا الْأُنْثَى

(ص) لِمُكَلَّفٍ مُسْلِمٍ عَدْلٍ كَافٍ (ش) هَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى شُرُوطِ الْوَصِيِّ الَّذِي تُسْنَدُ إلَيْهِ الْوَصِيَّةُ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا، فَلَا تُسْنَدُ الْوَصِيَّةُ لِصَبِيٍّ، وَلَا لِمَجْنُونٍ وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا، فَلَا تُسْنَدُ لِكَافِرٍ وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ عَدْلًا وَالْمُرَادُ بِالْعَدَالَةِ الْأَمَانَةُ وَالرِّضَا فِيمَا يَصِيرُ إلَيْهِ، فَلَا يُقَالُ إنَّ الْعَدْلَ يُغْنِي عَنْ الْإِسْلَامِ لِأَنَّ هَذَا لَوْ أَرَدْنَا بِالْعَدْلِ عَدْلَ الشَّهَادَةِ. (ص) ، وَإِنْ أَعْمَى وَامْرَأَةً وَعَبْدًا وَتَصَرَّفَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ (ش) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي الْمُكَلَّفِ الْمُسْنَدِ إلَيْهِ الْوَصِيَّةُ أَيْ، وَلَوْ كَانَ أَعْمَى، أَوْ امْرَأَةً بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ صَالِحَةً لِذَلِكَ وَسَوَاءٌ كَانَتْ امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً، أَوْ زَوْجَةً لِلْمُوصِي، أَوْ مُسْتَوْلَدَةً أَوْ مُدَبَّرَةً، وَكَذَلِكَ يَصِحُّ إسْنَادُ الْوَصِيَّةِ إلَى الْعَبْدِ بِشَرْطٍ أَنْ يَرْضَى سَيِّدُهُ، وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ رُجُوعٌ بَعْدَ ذَلِكَ وَيَدْخُلُ فِي عَبْدًا مُدَبَّرُهُ وَمُكَاتَبُهُ وَالْمُبَعَّضُ وَالْمُعْتَقُ لِأَجَلٍ قَوْلُهُ: وَعَبْدًا وَأَوْلَى الْأَمَةُ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تُحْسِنَ الْقِيَامَ بِأَوْلَادِ سَيِّدِهَا، وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى الْعَبْدِ لِأَنَّهُ الْمُتَوَهَّمُ فَقَوْلُهُ بِإِذْنٍ لَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِتَصَرُّفٍ بَلْ هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِقَبْلَ الْمُقَدَّرِ قَبْلَ تَصَرُّفٍ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ وَقَبِلَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ ثُمَّ تَصَرَّفَ أَوْ مُتَعَلِّقٌ بِتَصَرُّفٍ وَيُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا وَقَعَتْ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ فِي الْقَبُولِ

. (ص) ، وَإِنْ أَرَادَ الْأَكَابِرُ بَيْعَ مُوصًى اُشْتُرِيَ لِلْأَصَاغِرِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ مَاتَ وَتَرَكَ أَوْلَادًا صِغَارًا وَكِبَارًا وَتَرَكَ رَقِيقًا جَعَلَهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ وَصِيًّا عَلَى الْأَصَاغِرِ وَأَرَادَ الْأَكَابِرُ بَيْعَ حِصَّتِهِمْ مِنْ الرَّقِيقِ، فَإِنَّهُ يُشْتَرَى لِلْأَصَاغِرِ إنْ كَانَ لَهُمْ مَالٌ يَحْمِلُهَا، فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهَا ذَلِكَ حِصَّتُهُمْ وَأَضَرَّ بِهِمْ بَاعَ الْأَكَابِرُ حِصَّتَهُمْ مِنْهُ فَقَطْ إلَّا أَنْ يَضُرَّ ذَلِكَ بِالْأَكَابِرِ وَيَأْبَوْا فَيُقْضَى عَلَى الْأَصَاغِرِ بِالْبَيْعِ مَعَهُمْ

(ص) وَطُرُوُّ الْفِسْقِ يَعْزِلُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْفِسْقَ إذَا طَرَأَ عَلَى الْوَصِيِّ، فَإِنَّهُ يَنْعَزِلُ عَنْ الْإِيصَاءِ

ــ

[حاشية العدوي]

مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَأَمَّا مُقَدَّمُ الْقَاضِي فَلَا) (تَنْبِيهٌ) : إذَا قَدَّمَهُ الْقَاضِي ثُمَّ ظَهَرَ وَصِيٌّ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ فَلَهُ رَدُّ أَفْعَالِهِ ذَكَرَهُ الْبُرْزُلِيُّ

. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إلَخْ) حَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ لَا مُلَازَمَةَ بَيْنَ التَّصَرُّفِ وَالْإِيصَاءِ بَلْ يَجُوزُ لِمَنْ لَيْسَ لَهُ التَّصَرُّفُ الْإِيصَاءُ، وَلَوْ كَانَ مَمْنُوعًا مِنْ التَّصَرُّفِ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ كَالْأُمِّ وَقَدْ يَكُونُ الشَّخْصُ مَمْنُوعًا مِنْ التَّصَرُّفِ وَالْإِيصَاءِ كَالْأَبِ السَّفِيهِ

[شُرُوطِ الْوَصِيِّ الَّذِي تُسْنَدُ إلَيْهِ الْوَصِيَّةُ]

(قَوْلُهُ لِمُكَلَّفٍ) مُتَعَلِّقٌ بِيُوصِي عَلَى تَضْمِينِهِ مَعْنَى أَسْنَدَ لِأَنَّ يُوصِي مُتَعَدٍّ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَالرِّضَا فِيمَا يَصِيرُ إلَيْهِ) أَيْ: أَنْ يَفْعَلَ فِعْلًا مَرَضِيًّا فِيمَا وُجِّهَ إلَيْهِ فَرَجَعَ إلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ قَوْلِهِ الْأَمَانَةَ.

(تَنْبِيهٌ) : قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَهَذَا خَاصٌّ بِالْوَصِيِّ عَلَى أَمْوَالِ الْيَتَامَى أَوْ عَلَى اقْتِضَاءِ دَيْنٍ أَوْ قَضَائِهِ خِيفَةَ أَنْ يَدَّعِيَ غَيْرُ الْعَدْلِ الضَّيَاعَ وَأَمَّا فِيمَا يَخْتَصُّ بِالْمَيِّتِ كَالْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ أَوْ بِالْعِتْقِ فَتَجُوزُ إلَى غَيْرِ الْعَدْلِ اهـ.

وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ إسْلَامِهِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا مَرَّ وَمَنْعُ ذِمِّيٍّ فِي بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ تَقَاضٍ (أَقُولُ) وَسَكَتَ الشَّارِحُ عَنْ تَفْسِيرِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَافٍ وَمَعْنَاهُ قَادِرٌ عَلَى الْقِيَامِ بِالْمُوصَى عَلَيْهِ وَكَأَنَّهُ تَرَكَهُ لِظُهُورِهِ.

(قَوْلُهُ فَلَا يُقَالُ إنَّ الْعَدْلَ يُغْنِي عَنْ الْإِسْلَامِ) فِيهِ أَنْ يُقَالَ إنَّ قَوْلَهُ مُسْلِمٌ وَقَعَ أَوَّلًا فِي مَوْضِعِهِ فَلَا يَكُونُ مَا بَعْدَهُ مُغْنِيًا عَنْهُ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمَّا الْتَزَمَ الِاخْتِصَارَ كَانَ ذَلِكَ مَظِنَّةَ الِاعْتِرَاضِ عَلَيْهِ بِأَنَّك يَا مُصَنَّفُ لَمْ تَخْتَصِرْ إذْ يُمْكِنُك أَنْ تَسْتَغْنِيَ عَنْ قَوْلِك لِمُسْلِمٍ بِقَوْلِك عَدْلٍ (قَوْلُهُ وَيَدْخُلُ فِي عَبْدًا مُدَبَّرُهُ) أَيْ: مُدَبَّرُ الْمُوصِي

. (قَوْلُهُ وَإِنْ أَرَادَ الْأَكَابِرَ) جَمْعُ أَكْبَرَ قِيَاسًا وَجَمْعُ كَبِيرٍ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ فَلَوْ عَبَّرَ بِالْكِبَارِ لَكَانَ أَدْفَعَ لِلَّبْسِ (قَوْلُهُ اُشْتُرِيَ لِلْأَصَاغِرِ) أَيْ بِالْقِيمَةِ فَلَوْ بِيعَ لِغَيْرِ الْأَصَاغِرِ فَهَلْ يُرَدُّ قَالَهُ الْبَدْرُ.

(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَضُرَّ ذَلِكَ بِالْأَكَابِرِ) أَيْ: بِأَنْ يَضُرَّ بَيْعُ حِصَّةِ الْأَكَابِرِ مُفْرَدَةً.

(قَوْلُهُ فَيُقْضَى عَلَى الْأَصَاغِرِ بِالْبَيْعِ مَعَهُمْ) وَهَلْ يَنْعَزِلُ حِينَئِذٍ عَنْ الْوِصَايَةِ أَوْ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى الْمُشْتَرِي كَذَا فِي شَرْحِ عب إلَّا أَنَّ بَعْضَهُمْ ذَكَرَ أَنَّهُ يُبَاعُ وَيُقَامُ غَيْرُهُ فَقَدْ جَزَمَ بِالْعَزْلِ قَائِلًا فَإِنْ عَتَقَ لَمْ يُعَدَّ لِلْوَصَايَا عَلَيْهِمْ إلَّا أَنْ يَرَاهُ الْقَاضِي، فَيَجْعَلَهُ مُقَدَّمًا

. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَنْعَزِلُ إلَخْ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِمُجَرَّدِ طُرُوِّ الْفِسْقِ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى عَزْلٍ مِنْ الْقَاضِي وَالْمُرَادُ بِطُرُوِّ الْفِسْقِ عَدَمُ الْعَدَالَةِ فِيمَا وَلِيَ فِيهِ وَلَكِنَّ الَّذِي قَالَهُ غَيْرُهُ أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُ يَكُونُ مُوجِبًا لِعَزْلِهِ فَلَا يَنْعَزِلُ بِمُجَرَّدِ حُصُولِهِ فَإِنْ تَصَرَّفَ بَعْدَ طُرُوِّهِ وَقَبْلَ عَزْلِهِ بِالْفِعْلِ مَضَى عَلَى مَا يُفِيدُهُ بَهْرَامُ لَا عَلَى مُفَادِ الْمُصَنِّفِ ابْنِ رُشْدٍ يَعْزِلُ الْوَصِيَّ إذَا عَادَ الْمَحْجُورُ إذْ لَا يُؤْمَنُ عَدُوٌّ عَلَى عَدُوِّهِ فِي شَيْءٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>