للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِأَنَّ نَفَقَتَهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَلَى الْوَاطِئِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ هَلْ نَفَقَتُهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى الزَّوْجِ وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَرَفَةَ.

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْعِدَّةِ مِنْ طَلَاقٍ وَوَفَاةٍ وَتَوَابِعِهَا أَتْبَعَهَا بِالْكَلَامِ عَلَى شَبَهِهَا وَهُوَ الِاسْتِبْرَاءُ الْمُشْتَقُّ مِنْ التَّبَرِّي وَهُوَ التَّخَلُّصُ وَهُوَ لُغَةً الِاسْتِقْصَاءُ وَالْبَحْثُ وَالْكَشْفُ عَنْ الْأَمْرِ الْغَامِضِ وَشَرْعًا قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ الْكَشْفُ عَنْ حَالِ الْأَرْحَامِ عِنْدَ انْتِقَالِ الْأَمْلَاكِ مُرَاعَاةً لِحِفْظِ الْأَنْسَابِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: مُدَّةُ دَلِيلِ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ لَا لِرَفْعِ عِصْمَةٍ أَوْ طَلَاقٍ لِتَخْرُجَ الْعِدَّةُ وَيَدْخُلَ اسْتِبْرَاءُ الْحُرَّةِ وَلَوْ لِلِعَانٍ وَالْمَوْرُوثَةِ؛ لِأَنَّهُ لِلْمِلْكِ لَا لِذَاتِ الْمَوْتِ وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ إلَى حُكْمِهِ بِقَوْلِهِ.

(فَصْلٌ)

يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ بِحُصُولِ الْمِلْكِ إنْ لَمْ تُوقِنْ الْبَرَاءَةَ وَلَمْ يَكُنْ وَطْؤُهَا مُبَاحًا وَلَمْ تَحْرُمْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ (ش) أَشَارَ بِهَذَا إلَى حُكْمِهِ وَإِلَى شُرُوطِهِ فَاحْتَرَزَ بِحُصُولِ الْمِلْكِ عَمَّنْ تَزَوَّجَ أَمَةً فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ إنْ لَمْ يُوقِنْ الْبَرَاءَةَ مِمَّا إذَا تَيَقَّنَتْ أَيْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَوْ اعْتَقَدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا اسْتِبْرَاءَ كَحَيْضِ الْمُودَعَةِ وَالْمَبِيعَةِ بِالْخِيَارِ تَحْتَ يَدِهِ وَلَمْ تَخْرُجْ وَلَمْ يَلِجْ عَلَيْهَا سَيِّدُهَا حَتَّى اشْتَرَاهَا كَمَا يَأْتِي وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يَكُنْ وَطْؤُهَا قَبْلَ الْمِلْكِ مُبَاحًا عَمَّنْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ أَوْ أَعْتَقَ وَتَزَوَّجَ كَمَا يَأْتِي وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ وَلَمْ تَحْرُمْ إلَخْ عَمَّنْ تَحْرُمُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَمُشْتَرِي ذَاتِ مَحْرَمِهِ أَوْ مُتَزَوِّجَةٍ بِغَيْرِهِ فَلَا اسْتِبْرَاءَ وَسَوَاءٌ حَصَلَ الْمِلْكُ بِعِوَضٍ أَوْ بِغَيْرِهِ وَلَوْ بِانْتِزَاعِهَا مِنْ عَبْدِهِ أَوْ اشْتِرَائِهَا مِنْهُ وَلَمْ يَقُلْ بِنَقْلِ الْمِلْكِ لِيَشْمَلَ مَا أُخِذَ بِالْقِيمَةِ مِنْ أَيْدِي الْكُفَّارِ مِمَّا أَخَذُوهُ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ بِالْقَهْرِ فَإِنَّهُمْ إنَّمَا لَهُمْ فِيهِ شُبْهَةُ الْمِلْكِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَبِهَذَا وَجَّهَ هَذِهِ الْعِبَارَةَ فِي تَوْضِيحِهِ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَلِذَا جَاءَ بِقَوْلِهِ أَوْ رَجَعَتْ مِنْ سَبْيٍ مُنْخَرِطًا فِي سِلْكِ الْإِغْيَاءِ وَبِهِ يَتَّضِحُ الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ أَوْ غُنِمَتْ فَلَيْسَ بِمُسْتَغْنًى عَنْهُ كَمَا قِيلَ.

(ص) وَإِنْ صَغِيرَةً أَطَاقَتْ الْوَطْءَ أَوْ كَبِيرَةً لَا تَحْمِلَانِ عَادَةً (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَصَلَ فِي مِلْكِهِ أَمَةٌ صَغِيرَةٌ تُطِيقُ الْوَطْءَ وَلَا يَحْمِلُ مِثْلُهَا فِي الْعَادَةِ كَبِنْتِ سَبْعِ سِنِينَ أَوْ كَبِيرَةٍ قَعَدَتْ عَنْ الْمَحِيضِ كَبِنْتِ السِّتِّينَ فَمَا فَوْقَ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاءُ كُلٍّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ كَمَا سَيَأْتِي وَإِنْ كَانَتْ الصَّغِيرَةُ لَا تُطِيقُ الْوَطْءَ فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهَا فَمَصَبُّ الْمُبَالَغَةِ قَوْلُهُ لَا تَحْمِلَانِ عَادَةً لَا قَوْلُهُ أَطَاقَتْ الْوَطْءَ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ التَّقْدِيرُ إنْ لَمْ تُطِقْ الْوَطْءَ بَلْ وَإِنْ أَطَاقَتْهُ وَهُوَ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ لَا اسْتِبْرَاءَ إنْ لَمْ تُطِقْ الْوَطْءَ كَمَا سَيَأْتِي وَجُمْلَةُ لَا تَحْمِلَانِ عَادَةً حَالٌ لَا صِفَةٌ أَمَّا مَجِيءُ الْحَالِ مِنْ صَغِيرَةٍ فَلِوَصْفِهَا بِجُمْلَةِ أَطَاقَتْ الْوَطْءَ وَأَمَّا مِنْ كَبِيرَةٍ فَلِعَطْفِهَا عَلَى مَا لَهُ مُسَوِّغٌ.

(ص)

ــ

[حاشية العدوي]

نَفَقَةَ لَهَا عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَإِنْ قُلْت كَيْفَ يَتَأَتَّى اللِّعَانُ مِنْ الثَّانِي حَيْثُ لَا نِكَاحَ قُلْت يَأْتِي فِي وَطْءِ الشُّبْهَةِ

[فَصْلٌ الِاسْتِبْرَاءُ]

(قَوْلُهُ الْمُشْتَقُّ مِنْ التَّبَرِّي) مِنْ أَخْذِ الْمَصْدَرِ الْمَزِيدِ مِنْ الْمُجَرَّدِ.

(قَوْلُهُ وَالْبَحْثُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ وَكَذَا قَوْلُهُ وَالْكَشْفُ عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى الْبَحْثِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَعْنَى عَلَى الطَّلَبِ، وَقَوْلُهُ الْكَشْفُ أَيْ طَلَبُ الْكَشْفِ.

(قَوْلُهُ مُدَّةُ دَلِيلِ) أَيْ مُدَّةُ شَيْءٍ أَيْ حَيْضٍ ثُمَّ هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالِاسْتِبْرَاءِ نَفْسُ مُدَّةِ الْحَيْضِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ نَفْسُ الْحَيْضِ فَكَمَا أَنَّ الْعِدَّةَ نَفْسُ الطُّهْرِ يَكُونُ الِاسْتِبْرَاءُ نَفْسَ الْحَيْضِ ثُمَّ إنَّ الِاسْتِبْرَاءَ إذَا كَانَ بِالْأَشْهُرِ يَكُونُ نَفْسَ الْأَشْهُرِ فَيَكُونُ إضَافَةَ مُدَّةٍ لِمَا بَعْدَهُ لِلْبَيَانِ وَإِذَا كَانَ بِالْحَيْضِ فَالْإِضَافَةُ حَقِيقِيَّةٌ، وَقَوْلُهُ لَا لِرَفْعٍ أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَ لِرَفْعِ عِصْمَةٍ بِأَنْ مَاتَ الزَّوْجُ فَيُقَالُ لِذَلِكَ عِدَّةً وَكَذَا إنْ كَانَ لِطَلَاقٍ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ رَفْعِ الْعِصْمَةِ الطَّلَاقَ فَيَكُونُ قَوْلُهُ أَوْ طَلَاقٌ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ إلَّا أَنْ يَخُصَّ الْأَوَّلَ بِمَا عَدَا الطَّلَاقَ (فَصْلٌ الِاسْتِبْرَاءُ) .

(قَوْلُهُ لَا لِذَاتِ الْمَوْتِ) أَيْ لَا لِذَاتٍ هِيَ الْمَوْتُ فَالْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الِاسْتِبْرَاءِ وَبَيْنَهَا مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ بِحَيْضَةٍ وَاحِدَةٍ وَالْآخَرُ أَنَّ الْمُسْتَبْرَأَةَ لَا يَلْزَمُهَا الْإِحْدَادُ فِي الْوَفَاةِ وَلَا مُلَازَمَةُ الْمَنْزِلِ بِخِلَافِ الْمُعْتَدَّةِ فِيهِمَا.

(قَوْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ وَطْؤُهَا مُبَاحًا) الْمُرَادُ مُبَاحًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ احْتِرَازٌ مِمَّا لَوْ كَشَفَ الْغَيْبُ أَنَّ وَطْأَهَا حَرَامٌ فَقَدْ سُئِلَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ عَمَّنْ كَانَ يَطَأُ أَمَتَهُ فَاسْتُحِقَّتْ مِنْهُ فَاشْتَرَاهَا مِنْ مُسْتَحِقِّهَا هَلْ يَسْتَمِرُّ عَلَى وَطْئِهَا أَوْ يَسْتَبْرِئُ فَأَجَابَ لَا يَطَؤُهَا إلَّا بَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا أَيْ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ الْأَوَّلَ كَانَ فَاسِدًا وَيَجْرِي هَذَا فِيمَنْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ.

(قَوْلُهُ كَحَيْضِ الْمُودَعَةِ) أَيْ الْمُودَعَةِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَ مَنْ اشْتَرَاهَا وَقَدْ حَاضَتْ عِنْدَهُ أَوْ اشْتَرَاهَا بِخِيَارٍ وَكَانَتْ عِنْدَهُ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ أَيْ وَكَبَيْعِ الْمُشْتَرِي لَهَا قَبْلَ غَيْبَتِهِ عَلَيْهَا أَوْ بَعْدَهَا وَلَمْ يُمْكِنْ شَغْلُهَا فِيهَا لِقِصَرِ الْمُدَّةِ وَمَعَهُ مَنْ لَا يَطَأُ بِحَضْرَتِهِ.

(قَوْلُهُ أَوْ أَعْتَقَ وَتَزَوَّجَ) الْمُنَاسِبُ إسْقَاطُهُ.

(قَوْلُهُ لِيَشْمَلَ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ عَبَّرَ بِنَقْلٍ لِمَا شَمِلَ إلَخْ الظَّاهِرُ لَا فَرْقَ بَيْنَ التَّعْبِيرَيْنِ فَيُرَادُ بِالنَّقْلِ أَوْ حُصُولُ الْمِلْكِ إنْشَاءً أَوْ تَمَامًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ بِحُصُولِ الْمِلْكِ مَعْنَاهُ بِالْمِلْكِ الْحَاصِلِ أَصَالَةً أَوْ تَمَامًا وَكَذَا قَوْلُهُ بِنَقْلِ الْمِلْكِ أَيْ يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ بِالْمِلْكِ الْمَنْقُولِ إنْشَاءً أَوْ تَمَامًا.

(قَوْلُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَقِيلَ تُمْلَكُ (قَوْلُهُ وَلِذَا جَاءَ بِقَوْلِهِ أَوْ رَجَعَتْ مِنْ سَبْيٍ) أَيْ الَّذِي هُوَ مَا غَنِمْنَاهُ مِنْ الْكُفَّارِ وَقَدْ كَانُوا اغْتَنَمُوهُ مِنَّا سَابِقًا أَيْ وَلِأَجْلِ أَنَّ قَوْلَهُ بِحُصُولِ الْمِلْكِ شَامِلٌ لِمَا إذَا أُخِذَ بِالْغَنِيمَةِ مِنْ أَيْدِي الْكُفَّارِ مِمَّا أَخَذُوهُ مِنْ أَمْوَالٍ إلَخْ.

(قَوْلُهُ وَبِهِ يَتَّضِحُ الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ أَوْ غُنِمَتْ) ؛ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ أَوْ غُنِمَتْ أَيْ سَبَيْنَاهُ مِنْ الْكُفَّارِ مِمَّا كَانَ لَهُمْ بِحَسَبِ الْأَصْلِ وَغَنِمْنَاهُ مِنْهُمْ.

(قَوْلُهُ فَلَيْسَ بِمُسْتَغْنًى عَنْهُ) أَيْ عَنْ غُنِمَتْ كَمَا قِيلَ أَيْ؛ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ جَعَلَ قَوْلَهُ أَوْ غُنِمَتْ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ أَوْ سَبْيٍ؛ لِأَنَّ الَّذِي أُخِذَ بِالْغَنِيمَةِ رَجَعَ مِنْ سَبْيٍ أَيْضًا وَتَأَمَّلْهُ

. (قَوْلُهُ لَا صِفَةً) اقْتَصَرَ عج عَلَى الصِّفَةِ فَقَالَ صِفَةً لَهُمَا وَأَتَى بِهِ مُطَابِقًا مَعَ أَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ عَلَى الْفَصِيحِ وَإِنْ كَانَ الْأَفْصَحُ الْإِفْرَادَ (أَقُولُ) وَلَا مَانِعَ مِنْ تَعَدُّدِ الصِّفَةِ وَخَرَجَ لِلنَّادِرَةِ كَبَنَاتِ مَكَّةَ وَتِهَامَةَ فَاسْتِبْرَاؤُهُمَا مُحَقَّقٌ لَا يُبَالَغُ عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>