وَطْءُ الْمُرْضِعِ وَتَجُوزُ (ش) الْغِيلَةُ بِكَسْرِ الْغَيْنِ عَلَى الْأَكْثَرِ وَهِيَ إرْضَاعُ وَلَدِهَا وَزَوْجُهَا يَطَؤُهَا أَنْزَلَ أَمْ لَا وَقِيلَ بِقَيْدِ الْإِنْزَالِ وَأَصْلُهَا مِنْ الضَّرَرِ وَفِي الْحَدِيثِ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ «هَمَمْت أَنْ أَنْهَى النَّاسَ عَنْ الْغِيلَةِ حَتَّى سَمِعْت أَنَّ الرُّومَ وَفَارِسَ يَصْنَعُونَ ذَلِكَ فَلَا يَضُرُّ أَوْلَادَهُمْ» فَنَهْيُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنْ الْغِيلَةِ لِأَجْلِ الضَّرَرِ وَقِيلَ هِيَ إرْضَاعُ الْحَامِلِ
وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَنْ النِّكَاحِ وَشُرُوطِهِ وَمَوَانِعِهِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى النَّفَقَاتِ وَبَدَأَ بِأَقْوَى أَسْبَابِهَا وَهُوَ الزَّوْجِيَّةُ فَقَالَ (بَابُ مُوجِبَاتِ النَّفَقَةِ) وَيَلِيهَا فِي الرُّتْبَةِ نَفَقَةُ غَيْرِهِنَّ وَالنَّفَقَةُ مُطْلَقًا كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ مَا بِهِ قِوَامٌ مُعْتَادٌ حَالَ الْآدَمِيِّ دُونَ سَرَفٍ فَأَخْرَجَ بِهِ قِوَامَ مُعْتَادٍ غَيْرَ الْآدَمِيِّ وَأَخْرَجَ بِهِ أَيْضًا مَا لَيْسَ بِمُعْتَادٍ فِي حَالِ الْآدَمِيِّ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِنَفَقَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَأَخْرَجَ بِقَوْلِهِ بِغَيْرِ سَرَفٍ مَا كَانَ سَرَفًا فَإِنَّهُ لَيْسَ بِنَفَقَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَلَا يَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِهِ وَالْمُرَادُ بِالنَّفَقَةِ الَّتِي يَحْكُمُ بِهَا وَالْمُرَادُ بِالسَّرَفِ وَهُوَ الزَّائِدُ عَلَى الْعَادَةِ بَيْنَ النَّاسِ فِي نَفَقَةِ الْمُسْتَلَذَّةِ وَبِعِبَارَةِ السَّرَفِ صَرْفُ الشَّيْءِ زَائِدًا عَلَى مَا يَنْبَغِي وَالتَّبْذِيرُ صَرْفُ الشَّيْءِ فِيمَا لَا يَنْبَغِي (ص) يَجِبُ لِمُمَكِّنَةٍ مُطِيقَةٍ لِلْوَطْءِ عَلَى الْبَالِغِ وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا مُشْرِفًا قُوتٌ وَإِدَامٌ وَكِسْوَةٌ وَمَسْكَنٌ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجِبُ لِلزَّوْجَةِ الْمُطِيقَةِ لِلْوَطْءِ الْمُمَكِّنَةِ مِنْ نَفْسِهَا بَعْدَ الدُّعَاءِ إلَى الدُّخُولِ بَعْدَ مُضِيِّ الزَّوْجِ مِنْ الَّذِي يَتَجَهَّزُ فِيهِ كُلٌّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ قُوتٌ وَإِدَامٌ وَكِسْوَةٌ وَمَسْكَنٌ بِالْعَادَةِ عَلَى الزَّوْجِ الْبَالِغِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ بَالِغًا حَدَّ السِّيَاقِ فَتَجِبُ مَعَ الْمَرَضِ الْخَفِيفِ الْمُمْكِنِ مَعَهُ الِاسْتِمْتَاعُ وَمَعَ الشَّدِيدِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ مَعَهُ الِاسْتِمْتَاعُ وَلَمْ يَبْلُغْ صَاحِبُهُ حَدَّ السِّيَاقِ
ــ
[حاشية العدوي]
(قَوْلُهُ إرْضَاعُ وَلَدِهَا) لَا يَخْفَى مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْمُخَالَفَةِ فَإِنَّ الْمُصَنِّفَ جَعَلَ الْمَدْلُولَ وَطْءَ الْمُرْضِعِ وَالشَّارِحَ جَعَلَ الْمَدْلُولَ الْإِرْضَاعَ وَالتَّحْقِيقُ مَعَ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهُ الْمُوَافِقُ لِلُّغَةِ وَمِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْمُرْضِعُ دُونَ الْمُرْضِعَةِ يُعْلَمُ أَنَّ الْمُرَادَ الْوَطْءُ زَمَنَ الرَّضَاعِ لَا الْوَطْءُ فِي حَالِ الْإِرْضَاعِ بِالْفِعْلِ.
(قَوْلُهُ وَزَوْجُهَا يَطَؤُهَا) أَيْ مِنْ زَمَنِ وَطْءِ زَوْجِهَا وَالْمُرَادُ يَطَؤُهَا زَوْجُهَا فِي مُدَّةِ الرَّضَاعِ (قَوْلُهُ وَأَصْلُهَا مِنْ الضَّرَرِ) أَيْ سَبَبُ مَنْعِهَا عِنْدَ مَنْ يَمْنَعُهَا الضَّرَرُ الْحَاصِلُ لِلْوَلَدِ وَإِنْ كَانَ الصَّحِيحُ الْجَوَازَ.
(قَوْلُهُ وَفِي الْحَدِيثِ إلَخْ) هُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ خَرَّجَهُ فِي الْمُوَطَّأِ وَدَلَّ عَلَى جَوَازِ الِاجْتِهَادِ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. اهـ. مِعْيَارٌ.
(قَوْلُهُ فَنَهْيُهُ) أَيْ فَنَهْيُهُ الْمُتَرَقِّبُ أَوْ الْمَعْنَى فَهِمَهُ بِنَهْيِهِ.
(قَوْلُهُ لِأَجْلِ الضَّرَرِ) أَيْ تَبَيَّنَ أَنْ لَا ضَرَرَ.
(قَوْلُهُ وَقِيلَ إرْضَاعُ الْحَامِلِ) فِي شَرْحِ شب هُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ لِأَنَّ الْمُشَاهَدَةَ تَدُلُّ عَلَى ضَرَرِ إرْضَاعِ الْحَامِلِ وَأَيْضًا ضَعَّفَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا
[بَابُ مُوجِبَاتِ النَّفَقَةِ]
. (قَوْلُهُ وَشُرُوطِهِ) أَرَادَ بِهَا مَا يَشْمَلُ أَرْكَانَهُ مِنْ صِيغَةٍ وَغَيْرِهَا.
(قَوْلُهُ وَشُرُوطِهِ وَمَوَانِعِهِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ مِنْ طَلَاقٍ وَظِهَارٍ وَإِيلَاءٍ وَلِعَانٍ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالْمَوَانِعِ مَا يَشْمَلُ ذَلِكَ (بَابُ النَّفَقَةِ) (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ زَوْجَةً وَغَيْرَهَا وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّعْرِيفَ لَا يَشْمَلُ مَا تَأْكُلُهُ الدَّوَابُّ وَفِي ك وَهَلْ تَدْخُلُ الْكِسْوَةُ فِي مُسَمَّى النَّفَقَةِ فِيهِ خِلَافٌ وَفِي شب مَا نَصُّهُ وَقَوْلُهُ مَا بِهِ قِوَامٌ يَدْخُلُ فِيهِ الْكِسْوَةُ ضَرُورَةً قَالَ عج مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ النَّفَقَةُ وَاجِبَةً لَزِمَتْ الْكِسْوَةُ بِاتِّفَاقِ ابْنِ زَرْبٍ وَابْنِ سَهْلٍ وَكَذَا إنْ كَانَ مُتَطَوِّعًا بِهَا حَيْثُ قَالَ الْمُتَطَوِّعُ لَمْ يَكُنْ لِي نِيَّةٌ بِشَيْءٍ أَيْ حِينَ الِالْتِزَامِ وَأَمَّا إنْ قَالَ أَرَدْت الْمَطْعَمَ فَقَطْ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ عِنْدَ ابْنِ زَرْبٍ وَيُقْبَلُ عِنْدَ ابْنِ سَهْلٍ وَمَحَلُّ كَلَامِ ابْنِ زَرْبٍ حَيْثُ عُرِفَ بِتَخْصِيصِهَا بِالْإِطْعَامِ كَمَا ذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ مَا يُفِيدُهُ وَالْقِوَامُ بِالْكَسْرِ نِظَامُ الشَّيْءِ وَعِمَادُهُ وَالْمَعْنَى مَا بِهِ نِظَامُ حَالِ الْآدَمِيِّ الْمُعْتَادِ وَمَصْدُوقُ نِظَامِ الْقُوتِ أَيْ قُوتٌ بِهِ حُصُولُ قُوَّةِ الْآدَمِيِّ الْمُعْتَادِ فَإِضَافَةُ مُعْتَادِ إلَى مَا بَعْدَهُ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ وَبِالْفَتْحِ الْعَدْلُ قَالَ تَعَالَى {وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} [الفرقان: ٦٧] وَذَكَرَ أَيْضًا مَا نَصُّهُ وَلَمَّا كَانَتْ أَسْبَابُ النَّفَقَةِ أَرْبَعَةً ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ مِنْهَا ثَلَاثَةً كَابْنِ الْحَاجِبِ: النِّكَاحُ وَالْقَرَابَةَ وَالْمِلْكَ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ وَتَرَكَ الرَّابِعَ وَهُوَ الِالْتِزَامُ لِأَنَّ مُرَادَهُ مَا يَجِبُ فِي أَصْلِ الشَّرْعِ وَإِنَّمَا أَفْرَدَ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ بِبَابٍ لِطُولِ الْكَلَامِ عَلَيْهَا. اهـ.
(قَوْلُهُ فَأَخْرَجَ بِهِ قِوَامَ مُعْتَادِ غَيْرِ الْآدَمِيِّ) الْمُنَاسِبُ فَأَخْرَجَ بِهِ مَا بِهِ حُصُولُ قُوَّةِ غَيْرِ الْآدَمِيِّ كَالتِّبْنِ فَإِنَّ بِهِ حُصُولَ قُوَّةِ غَيْرِ الْآدَمِيِّ وَهُوَ الْبَهِيمَةُ وَقَوْلُهُ وَأَخْرَجَ بِهِ أَيْضًا مَا لَيْسَ بِمُعْتَادٍ فِي حَالِ الْآدَمِيِّ أَيْ كَالْحَلْوَاءِ فَلَيْسَ بِنَفَقَةٍ شَرْعِيَّةٍ (قَوْلُهُ فِي نَفَقَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِالْعَادَةِ أَيْ الْعَادَةِ الْكَائِنَةِ فِي النَّفَقَةِ وَالْمُسْتَلَذِّ بِهَا فَإِضَافَةُ نَفَقَةٍ إلَى مَا بَعْدَهَا مِنْ إضَافَةِ الْمَوْصُوفِ إلَى الصِّفَةِ كَأَنْ تَكُونَ الْعَادَةُ جَارِيَةً فِي مِثْلِهِ أَنْ يَأْخُذَ اللَّحْمَ فِي الْجُمُعَةِ مَرَّتَيْنِ فَيُطْلَبُ بِزِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ فَهَذَا سَرَفٌ أَوْ أَنَّ نَفَقَةً بِمَعْنَى إنْفَاقٍ أَيْ فِي إنْفَاقٍ بِسَبَبِ الْمُسْتَلَذِّ بِهَا.
(قَوْلُهُ صَرْفُ الشَّيْءِ زَائِدًا عَلَى مَا يَنْبَغِي) أَيْ كَمَا مَثَّلْنَا وَكَمَا إذَا كَانَ يُنَاسِبُهُ شِرَاءُ رِطْلٍ مِنْ الْجَامُوسِ فَيَشْتَرِي رِطْلَيْنِ وَقَوْلُهُ وَالتَّبْذِيرُ إلَخْ أَيْ كَالصَّرْفِ فِي شَرَابِ الْبَنَفْسَجِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ السَّرَفَ الْمَصْرُوفَ فِيهِ يَنْبَغِي وَيُطْلَبُ إلَّا أَنَّهُ حَصَلَ زِيَادَةٌ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا وَالتَّبْذِيرُ نَفْسُ الشَّيْءِ الْمَصْرُوفُ فِيهِ لَا يَنْبَغِي فِعْلُهُ أَصْلًا (قُوتٌ) هُوَ مَا يُقْتَاتُ أَيْ يُؤْكَلُ وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ الْقُوتِ مَا يُمْسِكُ الْحَيَاةَ.
(قَوْلُهُ الْمُمَكِّنَةِ مِنْ نَفْسِهَا بَعْدَ الدُّعَاءِ إلَخْ) هَذَا يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَسْقَطَ قَيْدًا وَهُوَ الدُّعَاءُ لِلدُّخُولِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ التَّمْكِينَ حِينَئِذٍ عِبَارَةٌ عَنْ عَدَمِ الِامْتِنَاعِ إذَا طَلَبَ وَطْأَهَا.
(قَوْلُهُ وَالْحَالُ إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَإِنَّهُ يُسْقِطُهَا وَلَوْ دَخَلَ لَا عِبْرَةَ بِالدُّخُولِ.
(قَوْلُهُ حَدُّ السِّيَاقِ) أَيْ حَدٌّ هُوَ السِّيَاقُ فَالْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ وَهُوَ الْأَخْذُ فِي النَّزْعِ فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ فَلَا يَلْزَمُ إلَّا نِصْفُ