وَمَصْنُوعٌ قَدُمَ لَا يَعُودُ هَيِّنُ الصَّنْعَةِ كَالْغَزْلِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَصْنُوعُ الْهَيِّنُ الصَّنْعَةِ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ فِي غَيْرِ الْمَصْنُوعِ مِنْ جِنْسِهِ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ غَزْلًا فِي كَتَّانٍ لِأَنَّ صَنْعَتَهُ لِهَيْنَتِهَا كَأَنَّهَا كَالْعَدَمِ لَمْ تُخْرِجْهُ عَنْ الْكَتَّانِ الَّذِي هُوَ أَصْلُهُ فَكَأَنَّهُ أَسْلَمَ كَتَّانًا فِي مِثْلِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ لَا يَعُودُ لِأَنَّ هَيِّنَ الصَّنْعَةِ لَا يُسْلَمُ فِي أَصْلِهِ، وَلَا يُسْلَمُ أَصْلُهُ فِيهِ عَادَ أَمْ لَا، وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْأَجَلُ، وَلَا عَدَمُهُ فَقَوْلُهُ الْآتِي وَإِنْ عَادَ أَيْ الْمَصْنُوعُ صَعْبَ الصَّنْعَةِ، وَلَيْسَ مَفْهُومًا لِمَا هُنَا (ص) بِخِلَافِ النَّسْجِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الثَّوْبَ الْمَنْسُوجَ يَجُوزُ سَلَمُهُ فِي الْغَزْلِ أَوْ فِي الْكَتَّانِ لِأَنَّ الصَّنْعَةَ فِي النَّسْجِ مُعْتَبَرَةٌ تَنْقُلُهُ عَنْ أَصْلِهِ فَهُوَ مَفْهُومُ هَيِّنِ الصَّنْعَةِ كَأَنَّهُ قَالَ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ هَيِّنِ الصَّنْعَةِ جَازَ كَمَا فِي النَّسْجِ أَيْ الْمَنْسُوجِ، وَقَوْلُهُ (إلَّا ثِيَابَ الْخَزِّ) مُسْتَثْنًى مِمَّا قَبْلَهُ يَعْنِي أَنَّ النَّسْجَ نَاقِلٌ إلَّا ثِيَابَ الْخَزِّ فَلَا تُسْلَمُ فِي الْخَزِّ لِأَنَّهَا تُنْقَشُ، وَتَصِيرُ خَزًّا فَالنَّتْجُ فِيهَا كَالْغَزْلِ فِي الْكَتَّانِ فَكَمَا لَا يُسْلَمُ الْغَزْلُ فِي الْكَتَّانِ لَا تُسْلَمُ ثِيَابُ الْخَزِّ فِي الْخَزِّ، وَالْخَزُّ مَا كَانَ سُدَاهُ أَيْ قِيَامُهُ مِنْ صُوفٍ أَوْ وَبَرٍ، وَلُحْمَتُهُ مِنْ حَرِيرٍ، وَقَدْ تُطْلِقُهُ الْفُقَهَاءُ عَلَى مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ.
(ص) ، وَإِنْ قُدِّمَ أَصْلُهُ اُعْتُبِرَ الْأَجَلُ (ش) أَيْ وَإِنْ قُدِّمَ أَصْلُ الْمَصْنُوعِ الْغَيْرِ هَيِّنِ الصَّنْعَةِ الَّذِي لَا يَعُودُ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي، وَجُعِلَ رَأْسَ مَالٍ لِلْمَصْنُوعِ كَكَتَّانٍ فِي ثَوْبٍ مَنْسُوجَةٍ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ الْأَجَلُ فَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يُجْعَلَ فِيهِ غَيْرُ الْمَصْنُوعِ مَصْنُوعًا مُنِعَ لِلْمُزَابَنَةِ لِأَنَّهُ إجَارَةٌ بِمَا يَفْضُلُ إنْ كَانَ، وَإِلَّا ذَهَبَ عَمَلُهُ مَجَّانًا، وَإِلَّا جَازَ فَإِنْ قُلْتَ مَا حَمَلْت عَلَيْهِ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ مِنْ رُجُوعِ ضَمِيرِ أَصْلُهُ لِغَيْرِ هَيِّنِ الصَّنْعَةِ خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ قُلْتُ قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُؤَلِّفَ ذَكَرَ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ سَلَمُ الْمَصْنُوعِ الْهَيِّنِ الصَّنْعَةِ فِي أَصْلِهِ وَيُفْهَمُ مِنْهُ مَنْعُ عَكْسِهِ بِالْأَوْلَى لِأَنَّهُ يَبْعُدُ الْقَصْدُ إلَى نَقْضِ الْمَصْنُوعِ بِحَيْثُ يَصِيرُ غَيْرَ مَصْنُوعٍ بِخِلَافِ الْقَصْدِ إلَى جَعْلِ غَيْرِ الْمَصْنُوعِ مَصْنُوعًا، وَمَا يُفْهَمُ بِالْأَوْلَى كَالْمَنْطُوقِ بِهِ فَاقْتَضَى هَذَا أَنْ يَكُونَ ضَمِيرُ " أَصْلُهُ " لِغَيْرِ هَيِّنِ الصَّنْعَةِ (ص) ، وَإِنْ عَادَ اُعْتُبِرَ فِيهِمَا (ش) أَيْ وَإِنْ عَادَ الْمَصْنُوعُ صَعْبَ الصَّنْعَةِ أَيْ أَمْكَنَ عَوْدُهُ فَإِنَّ الْأَجَلَ يُعْتَبَرُ فِي إسْلَامِ الْمَصْنُوعِ فِي أَصْلِهِ، وَفِي إسْلَامِ أَصْلِهِ فِيهِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ فَإِنْ وُسِّعَ الْأَجَلُ لِصَيْرُورَةِ الْمَصْنُوعِ كَأَصْلِهِ، وَزَوَالِ صَنْعَتِهِ مِنْهُ أَوْ صَيْرُورَةِ أَصْلِهِ كَهُوَ بِوَضْعِ الصَّنْعَةِ فِيهِ لَمْ يَجُزْ السَّلَمُ، وَإِلَّا جَازَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَيِّنَ الصَّنْعَةِ سَوَاءٌ كَانَ يَعُودُ أَمْ لَا لَا يُسْلَمُ فِي أَصْلِهِ، وَلَا يُسْلَمُ أَصْلُهُ فِيهِ، وَغَيْرُ هَيِّنِ الصَّنْعَةِ إنْ لَمْ يُعَدَّ يُسْلَمُ فِي أَصْلِهِ، وَإِنْ أُسْلِمَ أَصْلُهُ فِيهِ اُعْتُبِرَ الْأَجَلُ، وَإِنْ عَادَ اُعْتُبِرَ الْأَجَلُ فِي سَلَمِ أَصْلِهِ فِيهِ، وَسَلَّمَهُ فِي أَصْلِهِ.
(ص) وَالْمَصْنُوعَانِ يَعُودَانِ يُنْظَرُ لِلْمَنْفَعَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَصْنُوعَيْنِ إذَا أُسْلِمَ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ، وَهُمَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ سَوَاءٌ عَادَ أَمْ لَا فَإِنَّهُ يُنْظَرُ لِلْمَنْفَعَةِ فَإِنْ تَقَارَبَتْ مُنِعَ كَإِسْلَامٍ قَدْرَ نُحَاسٍ أَوْ ثِيَابٍ رَقِيقَةٍ فِي قَدْرِ نُحَاسٍ أَوْ فِي ثِيَابٍ رَقِيقَةٍ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ سَلَمِ الشَّيْءِ فِي مِثْلِهِ، وَإِنْ تَبَاعَدَتْ جَازَ كَإِسْلَامِ إبْرِيقٍ نُحَاسٍ أَوْ ثِيَابٍ رَقِيقَةٍ فِي مَنَارَةٍ مِنْ نُحَاسٍ أَوْ فِي ثِيَابٍ غَلِيظَةٍ فَقَوْلُهُ يَعُودَانِ، وَأَحْرَى إنْ لَمْ يَعُودَا، وَقَوْلُهُ وَالْمَصْنُوعَانِ سَوَاءٌ كَانَتْ صَنْعَتُهُمَا هَيِّنَةً أَمْ لَا
وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى كَيْفِيَّةِ السَّلَمِ، وَحُكْمِهِ ابْتِدَاءً شَرَعَ فِي حُكْمِهِ انْتِهَاءً، وَهُوَ اقْتِضَاءُ الْمُسْلَمِ فِيهِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (ص) وَجَازَ قَبْلَ زَمَانِهِ قَبُولُ صِفَتِهِ فَقَطْ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُسْلَمِ قَبُولُ مَوْصُوفِ صِفَةِ الْمُسْلَمِ فِيهِ كَانَ طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِهِ أَيْ وَفِي مَحَلِّهِ لَا أَجْوَدَ، وَلَا أَرْدَأَ، وَلَا أَكْثَرَ، وَلَا أَقَلَّ لِمَا فِيهِ مِنْ: حُطَّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُك أَوْ ضَعْ وَتَعَجَّلْ، وَكِلَاهُمَا مَمْنُوعٌ فِي السَّلَمِ، وَفِي الْقَرْضِ لَا يَدْخُلُهُ الْأَوَّلُ، وَلِلْمُسْلِمِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ قَبُولِ الصِّفَةِ قَبْلَ الْأَجَلِ لِأَنَّ الْأَجَلَ فِي السَّلَمِ حَقٌّ لِكُلِّ مَا لَمْ يَكُنْ الْمُسْلَمُ فِيهِ مِنْ النَّقْدِ، وَإِلَّا جُبِرَ عَلَى قَبُولِهِ قَبْلَ الْأَجَلِ، وَأَمَّا الْقَرْضُ فَيُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهِ قَبْلَ أَجَلِهِ كَانَ الْقَرْضُ عَيْنًا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ طَعَامًا، وَيَدُلُّ لِقَوْلِنَا أَيْ وَفِي مَحَلِّهِ مَا بَعْدَهُ، وَحِينَئِذٍ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ قَدُمَ) صِفَةٌ، وَقَوْلُهُ لَا يَعُودُ حَالٌ أَوْ صِفَةٌ، وَكَذَا قَوْلُهُ هَيِّنٌ وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ النَّسْجِ أَيْ الْمَنْسُوجِ (قَوْلُهُ رَأْسُ مَالٍ) وَأَمَّا فِي النَّقْدِ فَيَجُوزُ بَيْعُ الْغَزْلِ بِالْكَتَّانِ بِشَرْطِ إنْ عَلِمَا لَا جُزَافٌ إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ الْفَضْلُ (قَوْلُهُ فَلَا تُسْلَمُ فِي الْخَزِّ) أَرَادَ بِهِ مَا أَصْلُهُ قُطْنًا وَحَرِيرًا عَلَى طَرِيقَةِ مَجَازِ الْأَوَّلِ فَيَكُونُ إضَافَةُ ثِيَابٍ لِلْخَزِّ مِنْ إضَافَةِ الْفَرْعِ لِلْأَصْلِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا تَنْفُشُ) قَالَ سَنَدٌ هَذَا بَعِيدٌ إذْ يَبْعُدُ فِي الْمَنْسُوجِ أَنْ يُقْصَدَ إلَى التَّعَامُلِ عَلَى نَقْضِ نَسْجِهِ (قَوْلُهُ وَالْخَزُّ إلَخْ) فِيهِ شَيْءٌ بَلْ الْخَزُّ مَا كَانَ سُدَاهُ مِنْ حَرِيرٍ، وَلُحْمَتُهُ مِنْ وَبَرٍ، وَقَوْلُهُ وَالْخَزُّ إلَخْ هَذَا هُوَ الْحَقِيقَةُ (قَوْلُهُ عَلَى مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ) فَيَشْمَلُ مَا كَانَ سُدَاهُ مِنْ قُطْنٍ أَوْ كَتَّانٍ (قَوْلُهُ الْمَصْنُوعُ صَعْبُ الصَّنْعَةِ) مِثَالُ الْمَصْنُوعِ صَعْبِ الصَّنْعَةِ الثِّيَابُ الْمَنْسُوجَةِ مِنْ الْكَتَّانِ، وَلَا تَعُودُ، وَمِثَالُ صَعْبِ الصَّنْعَةِ الَّذِي يَعُودُ ثِيَابُ الْخَزِّ، وَقَوْلُهُ وَالْمَصْنُوعَانِ يَعُودَانِ كَثِيَابِ الْخَزِّ وَالْإِنَاءِ الْمَصْنُوعِ مِنْ النُّحَاسِ أَوْ الْحَدِيدِ (قَوْلُهُ فَإِنْ تَقَارَبَتْ إلَخْ) عِبَارَةُ شب فَإِنْ اتَّحَدَتْ أَوْ تَقَارَبَتْ (قَوْلُهُ وَأَحْرَى إنْ لَمْ يَعُودَا) وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا اُعْتُبِرَ النَّظَرُ لِلْمَنْفَعَةِ عِنْدَ الْعَوْدِ، وَأَنَّهَا إذَا تَبَاعَدَتْ يَجُوزُ فَأَوْلَى إذَا لَمْ يَعُودَا، وَقَوْلُهُ وَحُكْمُهُ ابْتِدَاءً أَرَادَ بِالْحُكْمِ الِابْتِدَائِيِّ مَا صَرَّحَ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ فَيَجُوزُ فِيمَا طُبِخَ
[اقْتِضَاءُ الْمُسْلَمِ فِيهِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ]
(قَوْلُهُ لَا يَدْخُلُهُ الْأَوَّلُ) أَيْ لِأَنَّ الْأَجَلَ فِي الْقَرْضِ مِنْ حَقِّ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute