للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالدَّيْنِ، وَعَلَى هَذَا فَأَضْيَقُ الْأَبْوَابِ الَّتِي تُطْلَبُ فِيهَا الْمُنَاجَزَةُ الصَّرْفُ، وَأَوْسَعُهَا ابْتِدَاءُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَلَمَّا كَانَ الْبَيْعُ يَنْقَسِمُ إلَى بَيْعِ مُسَاوَمَةٍ وَاسْتِمَانَةٍ وَمُزَايَدَةٍ وَمُرَابَحَةٍ فَالْأَوَّلُ بَيْعٌ لَمْ يَتَوَقَّفْ ثَمَنُ مَبِيعِهِ الْمَعْلُومِ قَدْرُهُ عَلَى اعْتِبَارِ ثَمَنٍ فِي بَيْعٍ قَبْلَهُ إنْ الْتَزَمَ مُشْتَرِيهِ ثَمَنَهُ لَا عَلَى قَبُولِ زِيَادَةٍ عَلَيْهِ فَقَوْلُهُ لَمْ يَتَوَقَّفْ إلَخْ أَخْرَجَ بِهِ بَيْعَ الْمُرَابَحَةِ، وَقَوْلُهُ إنْ الْتَزَمَ إلَخْ أَخْرَجَ بِهِ بَيْعَ الْمُزَايَدَةِ، وَالثَّانِي بَيْعٌ يَتَوَقَّفُ عَلَى صَرْفِ قَدْرِ ثَمَنِهِ لِصَرْفِ عِلْمِ أَحَدِهِمَا، وَالثَّالِثُ، وَهُوَ تَعْرِيضُ السِّلْعَةِ لِلسَّوْمِ لِمَنْ يَزِيدُ، وَالرَّابِعُ وَالْكَلَامُ الْآنَ فِيهِ بَيْعٌ مُرَتَّبٌ ثَمَنُهُ عَلَى ثَمَنِ مَبِيعٍ تَقَدَّمَهُ غَيْرُ لَازِمٍ مُسَاوَاتُهُ لَهُ فَخَرَجَ بِالْأَوَّلِ بَيْعُ الْمُسَاوَمَةِ وَالْمُزَايَدَةِ وَالِاسْتِيمَانِ، وَبِالثَّانِي الْإِقَالَةُ وَالتَّوْلِيَةُ وَالشُّفْعَةُ، وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ عَلَى كَوْنِهِ بَيْعًا لَكِنْ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَيْسَ بِبَيْعٍ فَقَالَ عَطْفًا عَلَى جَازَ لِمَطْلُوبٍ مِنْهُ سِلْعَةٌ، أَوْ عَلَى وَجَازَ الْبَيْعُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ اسْتِئْنَافٌ

(فَصْلٌ وَجَازَ مُرَابَحَةٌ) (ش) أَيْ وَجَازَ مُرَابَحَةُ الْبَيْعِ أَيْ الْمُرَابَحَةُ فِيهِ، وَمُرَابَحَةٌ مُفَاعَلَةٌ، وَالْمُفَاعَلَةُ لَيْسَتْ عَلَى بَابِهَا لِأَنَّ الَّذِي يَرْبَحُ إنَّمَا هُوَ الْبَائِعُ فَهَذَا مِنْ الْمُفَاعَلَةِ الَّتِي اُسْتُعْمِلَتْ فِي الْوَاحِدَةِ كَسَافَرَ وَعَافَاهُ اللَّهُ أَوْ أَنَّ مُرَابَحَةً بِمَعْنَى إرْبَاحٍ؛ لِأَنَّ أَحَدَ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَرْبَحَ الْآخَرَ، وَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ الْمُفَاعَلَةُ عَلَى بَابِهَا بِتَكَلُّفٍ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَرْبَحَ الْبَائِعَ، وَلَا كَلَامَ، وَهُوَ لَا يَأْخُذُ السِّلْعَةَ بِرِبْحِ الْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ مَثَلًا إلَّا، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَبِيعُهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ مَثَلًا أَيْ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهَا تَزِيدُ فَقَدْ أَرْبَحَهُ الْبَائِعُ أَيْضًا، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَالْأَحَبُّ خِلَافُهُ) يُرِيدُ الْمُسَاوَمَةَ إلَى قَوْلِهِ فِي

ــ

[حاشية العدوي]

أَوْ الشَّرِكَةِ بَعْدَ الْقَبْضِ فَلَا يَجْرِي فِيهِ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ بَلْ يَجُوزُ تَأْخِيرُ الثَّمَنِ فِي كُلٍّ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ بِزَمَنٍ، وَيُشْتَرَطُ فِي الْإِقَالَةِ مِنْ الْعُرُوضِ أَنْ تَكُونَ مِنْ سَلَمٍ لِأَنَّهُ الَّذِي يَتَأَتَّى فِيهِ التَّعْلِيلُ بِفَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ مِنْ بَيْعٍ فَيَجُوزُ تَأْخِيرُ الثَّمَنِ وَلَوْ سَنَةً، وَلِذَلِكَ قَالَ الْخَطَّابُ تَنْبِيهٌ اعْلَمْ أَنَّ هَذَا فِي الْإِقَالَةِ مِنْ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَالْعَرْضِ الْمُسْلَمِ فِيهِ، وَأَمَّا فِي الْبَيْعِ الْمُعَيَّنِ فَيَجُوزُ فِيهِ التَّأْخِيرُ كَمَا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ ابْتَعْت مِنْ رَجُلٍ سِلْعَةً بِعَيْنِهَا، وَنَقَدْته ثَمَنَهَا ثُمَّ أَقَلْته، وَافْتَرَقْتُمَا عَلَى أَنْ تَقْبِضَ رَأْسَ مَالِك أَوْ أَخَّرْته إلَى سَنَةٍ جَازَ لِأَنَّهُ بَيْعٌ حَادِثٌ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَاسْتِنَامَةٌ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِسِينٍ وَتَاءٍ مُثَنَّاةٍ مِنْ فَوْقُ وَبَعْدَهَا يَاءٌ مُثَنَّاةٌ مِنْ تَحْتُ، وَأَصْلُ الشَّارِحِ وَاسْتِنَامَةٌ بِحَذْفِ الْيَاءِ، وَكَذَا فِي الْفِيشِيِّ، وَعِبَارَةُ شب، وَالِاسْتِيمَانُ بِالتَّاءِ وَالْيَاءِ بِدُونِ هَاءٍ فِي الْآخِرِ ثُمَّ قَالَ بَعْدُ وَالِاسْتِنَامَةُ بِالنُّونِ قَبْلَ الْأَلِفِ وَالْمِيمِ بَعْدَهَا هَكَذَا فِي النُّسَخِ الصَّحِيحَةِ مِنْ الْمُقَدِّمَاتِ وَالتَّنْبِيهَاتِ وَغَيْرِهِمَا، وَهُوَ صَحِيحٌ لَفْظًا وَمَعْنًى قَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَاسْتَنَامَ إلَيْهِ أَيْ سَكَنَ إلَيْهِ وَاطْمَأَنَّ، وَقَالَ فِي مُخْتَصَرِ الْعَيْنِ، وَاسْتَنَامَ إلَى الرَّجُلِ اسْتَأْنَسَ إلَيْهِ، وَهُوَ رَاجِعٌ لِمَعْنَى الِاسْتِرْسَالِ وَالِاسْتِيمَانِ، وَيَقَعُ فِي بَعْضِ الْمُقَدِّمَاتِ الِاسْتِمَانَةُ بِالْمِيمِ قَبْلَ الْأَلِفِ وَالنُّونِ بَعْدَهَا كَأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْأَمَانَةِ وَالْأَمْنِ، وَهُوَ وَهْمٌ وَتَصْحِيفٌ تَأْبَاهُ صِنَاعَةُ التَّصْرِيفِ لِمَا عُلِمَ مِنْ اخْتِصَاصِ بَابِ الِاسْتِعَاذَةِ بِالْأَجْوَفِ نَعَمْ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ الِاسْتِيمَانُ عَلَى وَزْنِ الِاسْتِفْعَالِ مِنْ بَابِ الْأَمَانَةِ وَالْأَمْنِ كَالِاسْتِدْخَالِ وَالِاسْتِخْرَاجِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ الصَّحِيحِ عَلَى أَنَّهُ إذَا قِيلَ الِاسْتِمَانَةُ مِنْ بَابِ الْأَمَانَةِ وَالْأَمْنِ فَقَدْ حُذِفَ فَاؤُهُ الصَّحِيحَةُ فَأَيْنَ هَذَا مِنْ بَابِ الِاسْتِعَاذَةِ، وَبَابُهَا مِمَّا حُذِفَتْ عَيْنُهُ الْمُعْتَلَّةُ فَتَعَيَّنَ أَنَّهُ خَطَأٌ فَاحِشٌ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ اهـ.

(قَوْلُهُ أَخْرَجَ بِهِ بَيْعَ الْمُزَايَدَةِ) لِأَنَّهُ فِي بَيْعِ الْمُزَايَدَةِ هُوَ دَاخِلٌ عَلَى أَنَّ غَيْرَهُ يَزِيدُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى صَرْفِ) أَيْ يَتَوَقَّفُ عَلَى تَوَجُّهِ قَدْرِ الثَّمَنِ، وَقَوْلُهُ لِصَرْفِ عِلْمٍ الْمُنَاسِبُ حَذْفُ صَرْفِ، وَيَقُولُ يَتَوَقَّفُ عَلَى قَدْرِ الثَّمَنِ لِعِلْمِ أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ وَهُوَ تَعْرِيضُ السِّلْعَةِ) أَيْ ذُو تَعْرِيضٍ أَيْ عُقْدَةٍ احْتَوَتْ عَلَى تَعْرِيضٍ لِأَنَّ الْبَيْعَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ نَفْسَ التَّعْرِيضِ (قَوْلُهُ غَيْرُ لَازِمٍ مُسَاوَاتُهُ) صَادِقٌ بِالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ وَالتَّسَاوِي كَمَا قَالَهُ الْفِيشِيُّ، وَزَادَ فَقَالَ فَبَيْعُ الْمُوَاضَعَةِ يُسَمَّى شَرْعًا مُرَابَحَةً اهـ. أَيْ فَإِطْلَاقُ الْمُرَابَحَةِ عَلَى الْوَضِيعَةِ مُجَرَّدُ اصْطِلَاحٍ فِي التَّسْمِيَةِ أَوْ أَنَّهُ رِبْحٌ لِلْمُشْتَرِي كَمَا أَنَّ الزِّيَادَةَ رِبْحٌ لِلْبَائِعِ، وَأَمَّا الْمُسَاوِي فَلَعَلَّ إطْلَاقَ الْمُرَابَحَةِ عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِ رِبْحِ الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ لِانْتِفَاعِهِ بِهِ إذْ قَدْ يَشْتَرِي بِهِ سِلْعَةً أُخْرَى يَرْبَحُ فِيهَا، وَانْتِفَاعُ الْمُشْتَرِي بِالسِّلْعَةِ إذْ قَدْ يَبِيعُهَا فَيَرْبَحُ فِيهَا كَمَا فِي شَرْحِ عب (قَوْلُهُ أَوْ اسْتِئْنَافٌ) وَهُوَ أَوْلَى كَمَا قَالَ اللَّقَانِيِّ

[مُرَابَحَةُ الْبَيْعِ]

{فَصْلٌ} وَجَازَ مُرَابَحَةٌ (قَوْلُهُ وَجَازَ مُرَابَحَةُ الْبَيْعِ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مُرَابَحَةً فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَنْصُوبٌ عَلَى التَّمْيِيزِ الْمُحَوَّلِ عَنْ الْفَاعِلِ، وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِاحْتِيَاجِهِ إلَى تَقْدِيرِ جَارٍّ وَمَجْرُورٍ كَمَا قَدَّرَ الشَّارِحُ حَيْثُ قَالَ الْمُرَابَحَةُ فِيهِ، وَجَعَلُهُ حَالًا أَظْهَرُ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَيْ جَازَ الْبَيْعُ فِي حَالَةِ كَوْنِهِ مُرَابَحَةً، وَإِنَّمَا قُلْنَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى لِأَنَّ فِيهِ وُقُوعَ الْحَالِ مَصْدَرًا، وَيَجُوزُ الرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ فَاعِلٌ عَلَى حَذْفِ الْمَوْصُوفِ أَيْ بَيْعُ مُرَابَحَةٍ أَوْ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ بَيْعُ مُرَابَحَةٍ فَحُذِفَ الْمُضَافُ، وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَقَامَهُ فَارْتَفَعَ ارْتِفَاعُهُ، وَلَا يَرِدُ عَلَى هَذَا الْإِعْرَابِ عَدَمُ تَأْنِيثِ الْعَامِلِ لِأَنَّ مُرَابَحَةً مَجَازِيُّ التَّأْنِيثِ. اهـ.

(قَوْلُهُ كَسَافَرَ، وَعَافَاهُ اللَّهُ) الشَّاهِدُ فِي عَافَاهُ مِنْ الْمُعَافَاةِ (قَوْلُهُ أَوْ أَنَّ مُرَابَحَةً بِمَعْنَى إرْبَاحٍ) حَاصِلُهُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ مُرَابَحَةً مِنْ بَابِ الْمُفَاعَلَةِ بَلْ بِمَعْنَى أَصْلِ الْفِعْلِ الَّذِي هُوَ إرْبَاحٌ فَقَضِيَّتُهُ أَنَّ لَفْظَ مُرَابَحَةً يُسْتَعْمَلُ فِي الْمُفَاعَلَةِ، وَفِي أَصْلِ الْفِعْلِ، وَيَتَوَقَّفُ هَذَا عَلَى نَقْلٍ وَالشَّارِحُ تَبِعَ فِي ذَلِكَ الْفِيشِيَّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا حَقِيقَةٌ فِي الْمُفَاعَلَةِ.

(قَوْلُهُ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَالْأَحَبُّ خِلَافُهُ) أَقُولُ لَمَّا عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَالْأَحَبُّ بَعْدَ قَوْلِهِ وَجَازَ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِجَازِ خِلَافُ الْأَوْلَى لَا اسْتِوَاءُ الطَّرَفَيْنِ لِمُنَافَاتِهِ لِقَوْلِهِ وَالْأَحَبُّ خِلَافُهُ نَظِيرُ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَجَازَا أَوْ إحْدَاهُمَا بِغَرْفَةٍ فِي بَابِ الْوُضُوءِ خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ عب،.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُرَابَحَةَ جَائِزَةٌ بِمَعْنَى خِلَافِ الْأَوْلَى لَا مَكْرُوهَةٌ لِمُخَالَفَتِهِ لِاصْطِلَاحِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ يُرِيدُ الْمُسَاوَمَةَ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُسَاوَمَةَ أَفْضَلُ مِنْ الْمُرَابَحَةِ وَالْمُزَايَدَةِ، وَالِاسْتِيمَانِ قَالَ عب، وَلَعَلَّهُ أُطْلِقَ لِكَوْنِ الْغَالِبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>