للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّارِعَ لَمْ يُضَيِّقْ فِي إقَالَةِ الْعُرُوضِ كَمَا ضَيَّقَ فِي التَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ فِي الطَّعَامِ وَفَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ أَصْلُهُ بَيْعُ الْعُرُوضِ فَهُوَ مُسَاوٍ لِلْإِقَالَةِ فِي الْعُرُوضِ فَهُوَ أَيْضًا أَوْسَعُ مِنْ التَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ فِي الطَّعَامِ ثُمَّ يَلِي مَا مَرَّ بَيْعُ الدَّيْنِ الْمُسْتَقِرِّ فِي الذِّمَّةِ كَبَيْعِ الْعَرْضِ مِنْ سَلَمٍ مِنْ غَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ أَوْسَعُ مِمَّا قَبْلَهُ.

وَعَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يَتَأَخَّرَ ثَمَنُهُ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ ثُمَّ يَلِي مَا مَرَّ ابْتِدَاءُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ كَتَأْخِيرِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ فَإِنَّهُ أَوْسَعُ مِمَّا قَبْلَهُ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ، وَلَوْ بِالشَّرْطِ، وَالْمُرَادُ بِالضِّيقِ وَالسَّعَةِ فِي تِلْكَ الْأَبْوَابِ بِاعْتِبَارِ قُوَّةِ الْخِلَافِ وَضَعْفِهِ، وَالْخِلَافُ فِي إقَالَةِ الْعُرُوضِ قَوِيٌّ، وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُورُ لَا يَجُوزُ التَّأْخِيرُ فِي الْجَمِيعِ مَا عَدَا ابْتِدَاءَ الدَّيْنِ

ــ

[حاشية العدوي]

التَّوْلِيَةَ وَالشَّرِكَةَ قَدْ جُوِّزَ فِيهِمَا تَأْخِيرُ يَوْمٍ فَقَطْ فَيَكُونُ هُنَا يَجُوزُ فِيهِ التَّأْخِيرُ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ كَيَوْمٍ وَنِصْفٍ فَقَطْ، وَذَلِكَ لِأَنَّ بَيْعَ الدَّيْنِ الَّذِي بَعْدَهُ يَجُوزُ فِيهِ تَأْخِيرُ يَوْمَيْنِ فَقَطْ (قَوْلُهُ أَصْلُهُ بَيْعُ الْعُرُوضِ) بِمَعْنَى أَنَّ الدَّيْنَ الْمَفْسُوخَ كَانَ عَرْضًا فَسَخَهُ فِي غَيْرِهِ فَمَعْنَى الْأَصَالَةِ أَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ بَيْعِ الْعُرُوضِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِلَازِمٍ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ الْمَفْسُوخُ عَرْضًا، وَقَوْلُهُ فَهُوَ مُسَاوٍ لِلْإِقَالَةِ فِي الْعُرُوضِ إلَخْ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمُتَرَتِّبَ فِي الذِّمَّةِ كَانَ عَرْضًا انْتَقَلَ مِنْهَا إلَى شَيْءٍ آخَرَ الَّذِي هُوَ الْمَفْسُوخُ فِيهِ.

(قُلْت) وَمُسَاوٍ أَيْضًا مِنْ حَيْثُ جَوَازُ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ الْقَبْضِ بِخِلَافِ الطَّعَامِ، وَقَوْلُهُ فَهُوَ أَيْضًا أَوْسَعُ إلَخْ أَيْ وَحَيْثُ كَانَ الْفَسْخُ الْمَذْكُورُ مُسَاوِيًا لِلْإِقَالَةِ فِي الْعُرُوضِ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْإِقَالَةَ فِي الْعُرُوضِ أَوْسَعَ مِمَّا قَبْلَهَا فَلْيَكُنْ ذَلِكَ الْفَسْخُ أَوْسَعَ مِمَّا قَبْلَهُ لِأَنَّ لَازِمَ أَحَدِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ لَازِمٌ لِلْمُسَاوِي الْآخَرِ ثُمَّ نُخْبِرُك أَنَّ ابْنَ فُجْلَةَ اعْتَرَضَهُ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ مُقْتَضَى كَوْنِ فَسْخِ الدَّيْنِ أَوْسَعَ مِمَّا قَبْلَهُ أَنَّهُ يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ أَكْثَرَ مَعَ أَنَّ فَسْخَ الدَّيْنِ لَا يَجُوزُ التَّأْخِيرُ بِهِ إلَّا بِقَدْرِ أَنْ يَذْهَبَ إلَى الْبَيْتِ، وَيَنْقُلَهُ، وَلِذَلِكَ شَرَحَ عب فَقَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ وَفُسِخَ الدَّيْنُ مَا نَصُّهُ أَيْ وَمُنِعَ تَأْخِيرُ الثَّمَنِ حَيْثُ دَخَلَا عَلَى فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ كَمَا إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَفَسَخَهُ فِيمَا يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ إلَّا مَا كَانَ يَسِيرًا بِقَدْرِ مَا يَأْتِي بِمَنْ يَحْمِلُهُ فَإِنْ كَانَ طَعَامًا كَثِيرًا جَازَ أَيْضًا مَعَ اتِّصَالِ الْعَمَلِ وَلَوْ شَهْرًا قَالَهُ أَشْهَبُ قَالَ وَهَذَا إذَا كَانَ مَا يَأْخُذُهُ مِنْهُ حَاضِرًا أَوْ فِي حُكْمِهِ كَمَنْزِلِهِ أَوْ حَانُوتِهِ لَا إنْ كَانَ غَائِبًا فَيُمْنَعُ، وَقَالَ ق وَيَجُوزُ فِي فَسْخِ الدَّيْنِ أَنْ يَأْتِيَ بِدَوَابِّهِ أَوْ بِمَا يَحْمِلُ فِيهِ مَا يَأْخُذُهُ، وَإِنْ دَخَلَ عَلَيْهِ اللَّيْلُ تَرَكَ بَقِيَّةَ الْكَيْلِ لِيَوْمٍ آخَرَ أَقُولُ، وَلِذَلِكَ قَرَّرَ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ التَّوْسِعَةَ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ لِدَاعِي النَّقْلِ فَلَا يُنَافِي فِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يُوجَدْ دَاعٍ لَا يَكُونُ أَوْسَعَ لِمَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ التَّأْخِيرَ لَا يَجُوزُ إلَّا بِقَدْرِ النَّقْلِ.

وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ يَجُوزُ فِي إقَالَةِ الطَّعَامِ مِنْ سَلَمٍ أَنْ يَأْتِيَ بِالثَّمَنِ مِنْ دَارِهِ أَوْ قَرِيبٍ مِنْهُ، وَيَجُوزُ فِي التَّوْلِيَةِ، وَالشَّرِكَةِ فِي الطَّعَامِ تَأْخِيرُ الثَّمَنِ الْيَوْمَ، وَلَوْ بِالشَّرْطِ، وَيَجُوزُ فِي إقَالَةِ الْعُرُوضِ مِنْ سَلَمٍ وَفَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ تَأْخِيرُ الثَّمَنِ بِقَدْرِ مَا يَأْتِي بِمَنْ يَحْمِلُهُ فَإِنْ كَانَ طَعَامًا كَثِيرًا جَازَ أَيْضًا مَعَ اتِّصَالِ الْعَمَلِ، وَلَوْ شَهْرًا، وَبَيْعُ الدَّيْنِ يَجُوزُ فِيهِ الْيَوْمُ وَالْيَوْمَانِ، وَابْتِدَاءُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ يَجُوزُ فِيهِ تَأْخِيرُ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ، وَلَوْ بِالشَّرْطِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَعَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ إلَخْ) لَا يُخَالِفُ مَا قَبْلَهُ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ كَذَا وَكَذَا، وَإِلَّا فَعِبَارَتُهُ تُوهِمُ أَنَّهُ مُقَابِلٌ يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَا كَلَامُهُمْ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالضِّيقِ وَالسَّعَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا قَرَّرَهُ أَوَّلًا، وَذَلِكَ لِأَنَّ تَقْرِيرَهُ أَوَّلًا يُفِيدُ أَنَّ التَّوْسِعَةَ بِاعْتِبَارِ الزَّمَنِ، وَأَمَّا هَذَا الَّذِي قَدْ جَعَلَهُ الْمَشْهُورَ فَلَيْسَ فِيهِ تَوْسِعَةٌ بِاعْتِبَارِ الزَّمَنِ بَلْ التَّوْسِعَةُ بِاعْتِبَارِ قُوَّةِ الْخِلَافِ وَضَعْفِهِ بِمَعْنَى أَنَّ مَنْ يَقُولُ إنَّ التَّوْسِعَةَ فِي الزَّمَنِ فِي إقَالَةٍ الْعُرُوضِ مَثَلًا، وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا أَقْوَى مِنْ الْقَوْلِ بِالتَّوْسِعَةِ فِي الزَّمَنِ فِي التَّوْلِيَةِ فِي الطَّعَامِ وَالشَّرِكَةِ فِيهِ، وَإِنْ اشْتَرَكَ الْجَمِيعُ فِي الضَّعْفِ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَسُوقَهُ عَلَى أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ، وَيَقُولُ وَمَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ التَّوْسِعَةَ فِي الزَّمَنِ خِلَافُ الْمَشْهُورِ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّ التَّوْسِعَةَ بِاعْتِبَارِ قُوَّةِ الْخِلَافِ وَضَعْفِهِ لَا بِاعْتِبَارِ الزَّمَنِ لِأَنَّ مَا عَدَا الصَّرْفَ، وَابْتِدَاءَ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ اشْتَرَكَتْ فِي عَدَمِ جَوَازِ التَّأْخِيرِ إلَّا بِقَدْرِ النَّقْلِ (قَوْلُهُ وَالْخِلَافُ فِي إقَالَةِ الْعُرُوضِ قَوِيٌّ) الْمُنَاسِبُ لِكَلَامِهِ أَنْ لَا يُخَصِّصَ الْقُوَّةَ بِإِقَالَةِ الْعُرُوضِ لِأَنَّهُ أَفَادَ أَنَّ الْقُوَّةَ لَا تَتَقَيَّدُ بِهَا، وَقَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُورُ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْمَشْهُورَ لَا يَجُوزُ إلَخْ وَالشَّارِحُ تَبِعَ الْفِيشِيَّ، وَعِبَارَةُ الْفِيشِيِّ أَحْسَنُ، وَنَصُّهُ وَقَالَ ق أَيْ اللَّقَانِيِّ الْمَشْهُورُ لَا يَجُوزُ التَّأْخِيرُ فِي الْجَمِيعِ مَا عَدَا ابْتِدَاءَ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ فَعَلَى هَذَا الْمُرَادُ بِالضِّيقِ وَالسَّعَةِ فِيهَا بِاعْتِبَارِ قُوَّةِ الْخِلَافِ وَضَعْفِهِ، وَالْخِلَافُ فِي الْعُرُوضِ قَوِيٌّ، وَالتَّأْخِيرُ فِي إقَالَةِ الطَّعَامِ، وَمَا بَعْدَهُ فِي الثَّمَنِ أَيْ ثُمَّ تَأْخِيرُ الثَّمَنِ فِي الْإِقَالَةِ مِنْ الطَّعَامِ إلَخْ اهـ. أَقُولُ إلَّا أَنَّ قَضِيَّةَ ذَلِكَ أَنَّ مَا عَدَا ابْتِدَاءَ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ كُلُّهَا فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ فَمَا عَدَا الصَّرْفَ مُسَاوٍ لِلصَّرْفِ، وَلَا يَظْهَرُ بَلْ يُنَافِي قَوْلَهُ بَعْدُ بِلَصْقِهِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا إلَخْ فَالْأَحْسَنُ لَفْظُ الْحَطَّابِ حَيْثُ قَالَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ أَضْيَقَ هَذِهِ الْأُمُورِ الصَّرْفُ وَأَوْسَعُهَا ابْتِدَاءُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ اهـ.

وَأَنَّهُ يَضُرُّ التَّأْخِيرُ فِي الْجَمِيعِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا إلَّا فِي قُوَّةِ الْخِلَافِ وَضَعْفِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْفِيشِيُّ قَالَ شب وَعَلَى هَذَا فَلَا يُغْتَفَرُ فِي إقَالَةِ الطَّعَامِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ فِيهِ وَإِقَالَةِ الْعُرُوضِ وَبَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ إلَّا مَا يُغْتَفَرُ فِي فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ مِنْ التَّأْخِيرِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَذَكَرُوا أَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي إقَالَةِ الطَّعَامِ الذَّهَابُ إلَى الْبَيْتِ، وَالْحَوَالَةُ بِهِ فَيَجْرِي مِثْلُهُ فِي سَائِرِ الْمَسَائِلِ الَّتِي هُنَا فَإِنَّهَا مَرْتَبَةٌ وَاحِدَةٌ اهـ.

وَاَلَّذِي تَقَدَّمَ لشب هُوَ كَلَامُ الْمَوَّاقِ الْقَائِلِ يَجُوزُ فِي فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ أَنْ يَأْتِيَ بِدَوَابِّهِ أَوْ بِوِعَاءٍ يَحْمِلُ فِيهِ مَا يَأْخُذُ، وَإِنْ دَخَلَ عَلَيْهِ اللَّيْلُ تَرَكَ بَقِيَّةَ الْكَيْلِ لِيَوْمٍ آخَرَ. اهـ.

فَالْحَاصِلُ أَنَّ الصَّرْفَ لَا يَجُوزُ التَّأْخِيرُ فِيهِ لَا بِالذَّهَابِ لِلْبَيْتِ، وَلَا لِغَيْرِهِ، وَمَا عَدَاهُ مِنْ غَيْرِ ابْتِدَاءِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ يَجُوزُ التَّأْخِيرُ فِيهِ بِقَدْرِ النَّقْلِ، وَتَتِمُّ لَك الْفَائِدَةُ بِذِكْرِ مَا ذَكَرُوهُ، وَهُوَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْإِقَالَةِ مِنْ الطَّعَامِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ سَوَاءٌ كَانَ الطَّعَامُ الَّذِي يُقْبَضُ مِنْ سَلَمٍ أَوْ لَا فَلَوْ حَصَلَتْ الْإِقَالَةُ بَعْدَ الْقَبْضِ أَوْ التَّوْلِيَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>