للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَخْ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ وَأَقَرَّ الْمَدِينُ وَحَضَرَ.

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْأَمْوَالِ شَرَعَ فِي صُلْحِ الدِّمَاءِ فَقَالَ (ص) وَعَنْ الْعَمْدِ بِمَا قَلَّ وَكَثُرَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ الصُّلْحُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ نَفْسٌ أَوْ جُرْحٌ بِأَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ وَبِأَكْثَرَ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ جَوَازُ الصُّلْحِ عَلَى مَا ذُكِرَ وَلَوْ قَبْلَ ثُبُوتِ الدَّمِ وَهُوَ كَذَلِكَ.

(ص) لَا غَرَرٌ كَرَطْلٍ مِنْ شَاةٍ (ش) الْأَحْسَنُ عَطْفُهُ عَلَى مَا يُفِيدُهُ الْكَلَامُ السَّابِقُ أَيْ وَجَازَ الصُّلْحُ بِمَا اسْتَوْفَى الشُّرُوطَ لَا بِغَرَرٍ كَرَطْلٍ أَوْ أَرْطَالٍ مِنْ شَاةٍ حَيَّةٍ أَوْ مَذْبُوحَةٍ قَبْلَ سَلْخِهَا وَتَقْيِيدُ الْمُدَوَّنَةِ بِالْحَيَّةِ مُعْتَرَضٌ اُنْظُرْ أَبَا الْحَسَنِ قَالَ فِيهَا وَإِنْ ادَّعَيْت عَلَى رَجُلٍ دَيْنًا فَصَالَحَك عَنْهُ عَلَى عَشَرَةِ أَرْطَالٍ مِنْ لَحْمِ شَاةٍ وَهِيَ حَيَّةٌ لَمْ يَجُزْ وَأَمَّا عَطْفُهُ عَلَى مَا مِنْ قَوْلِهِ بِمَا يُبَاعُ بِهِ فَيُفِيدُ اخْتِصَاصَهُ بِالدَّيْنِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِهِ وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ لَوْ صَالَحَهُ بِجَمِيعِ الشَّاةِ لَجَازَ حَيَّةً كَانَتْ أَوْ مَذْبُوحَةً وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ هُوَ كَالْبَيْعِ وَقَوْلُهُ لَا غَرَرٌ إلَخْ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ الصُّلْحُ بَيْعٌ وَبِعِبَارَةٍ وَنَبَّهَ عَلَى مَنْعِ الْغَرَرِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْعَمْدَ لَمَّا كَانَ لِلْوَلِيِّ الْعَفْوُ عَنْهُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ جَوَازُ الْغَرَرِ فِيهِ، وَغَيْرُ الْعَمْدِ يُفْهَمُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى الْمَنْعُ فِيهِ

(ص) وَلِذِي دَيْنٍ مَنْعُهُ مِنْهُ (ش) أَيْ لِرَبِّ الدَّيْنِ الْمُحِيطِ مَنْعُ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ مِنْ الصُّلْحِ عَنْ قِصَاصٍ وَجَبَ عَلَيْهِ بِمَالٍ لِيُسْقِطَ عَنْ نَفْسِهِ الْقِصَاصَ سَوَاءٌ كَانَ الْقِصَاصُ مُتَعَلِّقًا بِنَفْسِهِ أَوْ بِجُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ كَالْقَرَافِيِّ وَابْنِ يُونُسَ فَإِنَّهُ قَالَ فِي تَعْلِيلِ مَنْعِهِ مِنْ ذَلِكَ إذْ فِيهِ إتْلَافٌ لِمَالِهِ عَلَى غَيْرِ مَا عَامَلُوهُ عَلَيْهِ الْغُرَمَاءُ كَهِبَتِهِ وَعِتْقِهِ لِأَنَّهُ أَعْتَقَ نَفْسَهُ مِنْ الْقَتْلِ وَنَحْوِهِ بِذَلِكَ وَلَيْسَ ذَلِكَ كَتَزْوِيجِهِ وَإِيلَادِ أَمَتِهِ لِأَنَّ الْغُرَمَاءَ عَامَلُوهُ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ كَمَا عَامَلُوهُ عَلَى الْإِنْفَاقِ عَلَى زَوْجَتِهِ وَأَوْلَادِهِ الصِّغَارِ وَلَمْ يُعَامِلُوهُ عَلَى إتْلَافِ مَالِهِ فِي صَوْنِ نَفْسِهِ وَجُزْئِهِ بِتَعَمُّدِ جِنَايَتِهِ وَلَمَّا كَانَ الصُّلْحُ كَالْبَيْعِ يَعْتَرِيهِ الْعَيْبُ وَالِاسْتِحْقَاقُ وَالْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ كَمَا يَعْتَرِي الْبَيْعَ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ وَأَنَّ مِنْهُ مَا يُوَافِقُ الْبَيْعَ وَمَا يُخَالِفُهُ فَمَا يَتَخَالَفَانِ فِيهِ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ.

(ص) وَإِنْ رُدَّ مُقَوَّمٌ بِعَيْبٍ رَجَعَ بِقِيمَتِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ صُلْحَ الْعَمْدِ مُطْلَقًا أَوْ الْخَطَأِ عَلَى إنْكَارٍ إذَا وَقَعَ عَلَى مُقَوَّمٍ كَفَرَسٍ وَعَبْدٍ وَشِقْصِ عَقَارٍ ثُمَّ رُدَّ بِعَيْبٍ اطَّلَعَ عَلَيْهِ الْقَابِضُ لَهُ أَوْ اُسْتُحِقَّ أَوْ أُخِذَ بِشُفْعَةٍ رَجَعَ عَلَى دَافِعِهِ وَأَخَذَ الشَّفِيعُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ وَقَعَ الْعَقْدُ بِهِ صَحِيحًا سَلِيمًا إذْ لَيْسَ لِلدَّمِ وَلَا لِلْخِصَامِ فِي الْإِنْكَارِ قِيمَةٌ يَرْجِعُ بِهَا وَأَمَّا عَلَى إقْرَارٍ فَفِي غَيْرِ الدَّمِ يَرْجِعُ فِي الْمَقَرِّ بِهِ إنْ لَمْ يَفُتْ وَإِلَّا فَفِي عِوَضِهِ وَفِي الدَّمِ يَرْجِعُ لِلدِّيَةِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى مُقَوَّمٍ مُعَيَّنٍ وَأَمَّا لَوْ صَالَحَهُ عَلَى مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِمِثْلِهِ مُطْلَقًا (ص) كَنِكَاحٍ وَخُلْعٍ (ش) تَشْبِيهٌ فِي الرُّجُوعِ بِأَرْشِ الْعِوَضِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ أَصْدَقَ زَوْجَتَهُ عَبْدًا أَوْ فَرَسًا أَوْ شِقْصًا مِنْ عَقَارٍ ثُمَّ اطَّلَعَ فِيهِ عَلَى عَيْبٍ يُرَدُّ بِمِثْلِهِ فِي الْبَيْعِ أَوْ اُسْتُحِقَّ أَوْ أُخِذَ بِالشُّفْعَةِ، فَإِنَّ الزَّوْجَةَ تَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ عَلَى الزَّوْجِ وَكَذَا الشَّفِيعُ يَأْخُذُ بِقِيمَتِهِ بِخِلَافِ مَنْ تَزَوَّجَ بِغَرَرٍ أَوْ تَفْوِيضًا فَإِنَّ الرُّجُوعَ فِيهِمَا بِصَدَاقِ الْمِثْلِ وَكَذَلِكَ لَوْ وَقَعَ الْخُلْعُ بِمَا ذُكِرَ فَاطَّلَعَ الزَّوْجُ عَلَى عَيْبٍ فِيهِ أَوْ اُسْتُحِقَّ مِنْهُ أَوْ أُخِذَ بِالشُّفْعَةِ فَإِنَّ الزَّوْجَ يَرْجِعُ عَلَى الزَّوْجَةِ بِقِيمَةِ مَا وَقَعَ الْخُلْعُ بِهِ سَلِيمًا لِأَنَّ قِيمَتَهُ مَعْلُومَةٌ وَلَا يَرْجِعُ لِصَدَاقٍ وَلَا لِخُلْعِ الْمِثْلِ لِأَنَّ طَرِيقَ النِّكَاحِ الْمُكَارَمَةُ فَقَدْ تَتَزَوَّجُ بِأَضْعَافِ صَدَاقِ الْمِثْلِ وَبِعُشْرِهِ وَكَذَا يَقَعُ الْخُلْعُ بِخُلْعِ الْمِثْلِ وَبِعُشْرِهِ

ــ

[حاشية العدوي]

بِنَقْدٍ فَالْمَوْضُوعُ مُخْتَلِفٌ فَتَدَبَّرْ.

[صُلْحِ الدِّمَاءِ وَالْعَمْدِ بِمَا قَلَّ وَكَثُرَ]

(قَوْلُهُ بِمَا قَلَّ وَكَثُرَ) أَيْ مُعَيِّنًا ذَلِكَ عِنْدَ عَقْدِ الصُّلْحِ لِأَنَّ دَمَ الْعَمْدِ لَا دِيَةَ فِيهِ وَأَمَّا إنْ وَقَعَ وَقْتُهُ مُبْهَمًا فَيَنْعَقِدُ وَيَكُونُ كَالْخَطَأِ.

(قَوْلُهُ كَرَطْلٍ مِنْ شَاةٍ) أَيْ وَإِذَا وَقَعَ وَنَزَلَ فَالْحُكْمُ أَنْ يَرْتَفِعَ الْقِصَاصُ وَتَجِبَ الدِّيَةُ فَإِنْ قُلْت ضَرُورِيَّاتُ الْجَسَدِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْغُرَمَاءِ فِي الْقُوتِ وَالْكِسْوَةِ وَهُنَا قَدَّمْت الْغُرَمَاءَ عَلَى الْجَسَدِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ هُنَا ظَالِمٌ بِالْجِنَايَةِ فَلَا يَضُرُّ الْغُرَمَاءَ بِظُلْمِهِ وَهُنَاكَ مَعْذُورٌ فَقَدَّمَ بَدَنَهُ عَلَى مَالِ الْغُرَمَاءِ كَالضَّرَرِ بِالْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ لَوْ صَالَحَهُ بِجَمِيعِ الشَّاةِ إلَخْ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ عَلَيْهَا بِذَاتِهَا وَهِيَ مُعَيَّنَةٌ وَتَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ إلَخْ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ تُفِيدُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِمَا قَلَّ أَيْ بِمَا قَلَّ وَكَثُرَ لَا بِذِي غَرَرٍ وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ لِأَنَّ الْعَمْدَ لَمَّا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ وَيَجُوزُ الصُّلْحُ عَنْهُ بِكُلِّ شَيْءٍ فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ يَجُوزُ الصُّلْحُ عَنْهُ بِالْغَرَرِ فَنَصَّ عَلَيْهِ وَإِذَا امْتَنَعَ الصُّلْحُ بِالْغَرَرِ فِي هَذِهِ فَأَحْرَى فِي بَقِيَّةِ الْبَابِ.

(قَوْلُهُ أَيْ لِرَبِّ الدَّيْنِ الْمُحِيطِ) فَإِنْ لَمْ يُحِطْ فَلَا مَنْعَ لَهُ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى وَفَاءِ الْحَقِّ بِمَا بَقِيَ وَلَوْ بِتَحْرِيكٍ وَهَذَا التَّعْلِيلُ ظَاهِرٌ فِي هَذَا الْفَرْضِ الْخَاصِّ وَإِنْ كَانَ لَا يَلْزَمُ بِتَكَسُّبٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَعْتَقَ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ إذْ فِيهِ إتْلَافٌ إلَخْ أَيْ فَلَمَّا أَعْتَقَ نَفْسَهُ بِذَلِكَ حَصَلَ الْإِتْلَافُ وَلَمْ تُعَامِلْهُ الْغُرَمَاءُ عَلَى كَوْنِهِ يَقْتُلُ وَيُصَالِحُ نَفْسَهُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلَمَّا كَانَ الصُّلْحُ كَالْبَيْعِ) الْعِبَارَةُ الْوَاضِحَةُ أَنْ يَقُولَ وَلَمَّا كَانَ الْمُصَالَحُ بِهِ كَالشَّيْءِ الْمُشْتَرَى وَتَقَدَّمَ أَنَّ السِّلْعَةَ الْمُشْتَرَاةَ قَدْ يَطْرَأُ عَلَيْهَا اسْتِحْقَاقٌ وَقَدْ يَظْهَرُ فِيهَا عَيْبٌ وَالْمُصَالَحُ بِهِ كَذَلِكَ.

(قَوْلُهُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ رَجَعَ عَلَى دَافِعِهِ أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْعَيْبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ وَرَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَأَخَذَ الشَّفِيعُ أَيْ أَنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُ الشِّقْصَ بِقِيمَتِهِ يَدْفَعُهَا لِمَنْ كَانَ أَخَذَ الشِّقْصَ (قَوْلُهُ فَفِي غَيْرِ الدَّمِ) خُرُوجٌ عَنْ الْمَوْضُوعِ أَيْ بِأَنْ يَكُونَ ادَّعَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فَأَقَرَّ لَهُ بِهِ ثُمَّ صَالَحَهُ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ فَاسْتَحَقَّ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ فِي الْمُقَرِّ بِهِ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَسَكَتَ عَنْ الصُّلْحِ عَلَى إنْكَارٍ فِي غَيْرِ الدَّمِ إذَا اسْتَحَقَّ الْمُعَيَّنَ وَرَاجِعْ مَا تَقَدَّمَ يَظْهَرُ لَك الْحَالُ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَنْ تَزَوَّجَ بِغَرَرٍ) الْحَاصِلُ أَنَّ هَذَيْنِ الشَّيْئَيْنِ لَمَّا لَمْ يَتَقَرَّرْ شَيْءٌ فِيهِمَا رَجَعْنَا إلَى صَدَاقِ الْمِثْلِ وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ قَدْ وُجِدَ فِي الْغَرَرِ كَالْمُتَقَرِّرِ كَالْآبِقِ وَالْبَعِيرِ الشَّارِدِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِي التَّفْوِيضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>