يُرِيدُ أَنَّ الْمُغْمَى هُوَ الَّذِي يَنْظُرُ لِنَفْسِهِ بَعْدَ إفَاقَتِهِ أَيْ فِي الْإِمْضَاءِ وَالرَّدِّ أَيْ وَلَوْ أَفَاقَ بَعْدَ مُضِيِّ أَيَّامِ الْخِيَارِ إلَّا أَنْ يَطُولَ فَيُفْسَخَ الْعَقْدُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقْرَأَ " نُظِرَ " بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ، وَيَكُونَ مُوَافِقًا لِمَا فِي الْمُوَافِقِ فَإِنَّ نُسْخَتَهُ، وَانْتُظِرَ الْمُغْمَى إلَخْ (ص) وَالْمِلْكُ لِلْبَائِعِ (ش) أَيْ إنَّ مِلْكَ الْمَبِيعِ لِلْخِيَارِ فِي زَمَنِهِ لِلْبَائِعِ فَالْإِمْضَاءُ نَقْلٌ لَا تَقْرِيرٌ، وَقِيلَ إنَّ الْمِلْكَ لِلْمُبْتَاعِ فَالْإِمْضَاءُ تَقْرِيرٌ لَا نَقْلٌ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ إنَّ بَيْعَ الْخِيَارِ مُنْحَلٌّ أَيْ أَنَّهُ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ أَوْ مُنْعَقِدٌ أَيْ عَلَى أَنَّهُ مِلْكُ الْمُشْتَرِي لَكِنْ مِلْكُهُ لَهُ غَيْرُ تَامٍّ، وَلِذَلِكَ كَانَ ضَمَانُ الْمَبِيعِ مِنْ الْبَائِعِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ اتِّفَاقًا (ص) وَمَا يُوهَبُ لِلْعَبْدِ إلَّا أَنْ يُسْتَثْنَى مَالُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَا يُوهَبُ لِلْعَبْدِ الْمَبِيعِ بِالْخِيَارِ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ يَكُونُ لِمَالِكِهِ، وَهُوَ الْبَائِعُ، وَهَذَا إنْ لَمْ يَسْتَثْنِ الْمُشْتَرِي مَالَ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَى أَمَّا إنْ اسْتَثْنَى مَالَهُ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ الْمَالُ الْمَعْلُومُ وَالْمَجْهُولُ فَمَا يُوهَبُ لِلْعَبْدِ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ اشْتَرَطَ مَالَهُ الْأَصْلِيَّ فَهَذَا تَبَعٌ لَهُ فَالْمُرَادُ بِالِاسْتِثْنَاءِ هُنَا الِاشْتِرَاطُ.
(ص) وَالْغَلَّةُ وَأَرْشُ مَا جَنَى أَجْنَبِيٌّ لَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْغَلَّةَ الْحَاصِلَةَ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ كَاللَّبَنِ وَالْبَيْضِ وَالثَّمَرَةِ لِلْبَائِعِ، وَكَذَلِكَ الْأَرْشُ الْمَأْخُوذُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ الْجَانِي عَلَى الْمَبِيعِ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ حَيْثُ أَخَذَهُ الْمُشْتَرِي مَعِيبًا، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَمَا تَصَدَّقَ بِهِ أَوْ وُهِبَ لِلْعَبْدِ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ فَلِلْبَائِعِ أَيْضًا، وَعَلَيْهِ النَّفَقَةُ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ، وَمَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ أَوْ ثَمَرَةُ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ عَقَارًا فِيهِ نَخْلٌ وَأَمَدُ الْخِيَارِ فِيهِ شَهْرَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ عَلَى قَوْلٍ فَيُتَصَوَّرُ عَلَيْهِ طُلُوعُ الثَّمَرِ، وَقَوْلُهُ وَالْغَلَّةُ وَأَرْشُ إلَخْ، وَلَوْ اسْتَثْنَى مَالَهُ فِيهِمَا، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يَدُلُّ عَلَيْهِ لِتَقَدُّمِ الِاسْتِثْنَاءِ عَلَيْهِ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْأَرْشَ بِمَنْزِلَةِ جَزْءٍ مِنْ الْمَبِيعِ، وَالْغَلَّةُ تَنْشَأُ عَنْ التَّحْرِيكِ غَالِبًا بِخِلَافِ مَا يُوهَبُ لِلْعَبْدِ (ص) بِخِلَافِ الْوَلَدِ (ش) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ لِلْبَائِعِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِغَلَّةٍ أَيْ فَهُوَ كَجُزْءٍ مِنْ الْمَبِيعِ، وَمِثْلُهُ الصُّوفُ تَمَّ أَمْ لَا.
(ص) وَالضَّمَانُ مِنْهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَبِيعَ بِالْخِيَارِ إذَا قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي، وَادَّعَى ضَيَاعَهُ فَإِنَّ الْبَائِعَ يَضْمَنُهُ إلَّا إذَا ظَهَرَ كَذِبُهُ أَوْ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ فَإِنَّ ضَمَانَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي فَتَحَصَّلَ حِينَئِذٍ أَنَّ الضَّمَانَ مِنْ الْبَائِعِ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ حَيْثُ لَمْ يَظْهَرْ كَذِبُ الْمُشْتَرِي أَوْ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ، وَثَبَتَ تَلَفُهُ أَوْ ضَيَاعُهُ بِالْبَيِّنَةِ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَالضَّمَانُ مِنْهُ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ (ص) وَحَلَفَ مُشْتَرٍ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ كَذِبُهُ أَوْ يُغَابُ عَلَيْهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ (ش) أَيْ إنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا ادَّعَى ضَيَاعَ مَا اشْتَرَاهُ بِالْخِيَارِ أَوْ تَلَفَهُ بَعْدَ مَا قَبَضَهُ، وَكَانَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ كَالْحَيَوَانِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ، وَسَوَاءٌ كَانَ مُتَّهَمًا أَمْ لَا إلَّا أَنْ يَظْهَرَ كَذِبُهُ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ، وَالضَّمَانُ عَلَيْهِ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ ضَاعَتْ أَمْسِ فَتَقُولُ الْبَيِّنَةُ رَأَيْنَاهَا أَمْسِ أَوْ يَقُولُ ضَاعَتْ أَوَّلَ أَمْسِ بِمَحْضَرِ فُلَانٍ فَيَقُولُ فُلَانٌ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي عِلْمِي، وَكَذَلِكَ يَكُونُ الضَّمَانُ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَلَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ التَّلَفَ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ كَالْحُلِيِّ وَنَحْوِهِ إلَّا أَنْ تَشْهَدَ لَهُ بَيِّنَةٌ بِالتَّلَفِ أَوْ الضَّيَاعِ مِنْ غَيْرِ سَبَبِهِ، وَمِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ
ــ
[حاشية العدوي]
إنْ مَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ يَنْظُرُ لَهُ السُّلْطَانُ، وَإِنْ تَابَ يَنْظُرُ لِنَفْسِهِ لِقِصَرِ الْمُدَّةِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ إلَخْ) فَثَمَرَةُ الْقَوْلَيْنِ فِي الْغَلَّةِ (قَوْلُهُ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ) وَضَّحَهُ الْفِيشِيُّ فَقَالَ مَعْنَى انْحِلَالِهِ أَنَّهُ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ، وَمَعْنَى انْعِقَادِهِ أَنَّهُ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُسْتَثْنَى مَالُهُ) لِلْعَبْدِ مُطْلَقًا أَوْ لِنَفْسِهِ بِمَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَفِي التَّتَّائِيِّ عَلَى الرِّسَالَةِ، وَنَحْوُهُ لِلشَّاذِلِيِّ أَنَّ مَالَ الْعَبْدِ بِالنِّسْبَةِ إلَى بَيْعِهِ كَالْعَدَمِ عَلَى الْمَعْرُوفِ فَيَجُوزُ أَنْ يُشْتَرَى بِالْعَيْنِ، وَإِنْ كَانَ مَالُهُ عَيْنًا عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ بَعْضُ شُيُوخِ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ يَكُونُ لِمَالِكِهِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ، وَمَا يُوهَبُ لِلْعَبْدِ مُبْتَدَأٌ، وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ، وَالتَّقْدِيرُ لِلْبَائِعِ أَوْ مَا مُبْتَدَأٌ وَالْغَلَّةُ، وَأَرْشُ مَا جَنَى أَجْنَبِيٌّ مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ وَالْخَبَرُ قَوْلُهُ لَهُ.
[الْغَلَّةَ الْحَاصِلَةَ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ وَالْأَرْشُ الْمَأْخُوذُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ الْجَانِي عَلَى الْمَبِيعِ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ]
(قَوْلُهُ وَأَمَدُ الْخِيَارِ فِيهِ شَهْرَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ عَلَى قَوْلٍ) كَأَنَّ هَذَا الْقَوْلَ لَمْ يَتَعَيَّنْ عِنْدَهُ هَلْ هُوَ شَهْرَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ غَيْرَ أَنَّ الْمَوَّازِيَّةَ وَالْوَاضِحَةَ الشَّهْرَانِ (قَوْلُهُ إنَّ الْأَرْشَ إلَخْ) هَذَا الْفَرْقُ يَنْتِجُ أَنْ يَكُونَ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ مُقْتَضَى الْجُزْئِيَّةِ كَمَا فِي الْوَلَدِ وَالْغَلَّةِ تَنْشَأُ عَنْ التَّحْرِيكِ أَيْ فَلَيْسَ لَهَا وُجُودٌ فِي نَفْسِهَا لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يَقْضِي بِالْمُنَافَاةِ لِمَا قَبْلَهُ مِنْ قَوْلِهِ بِمَنْزِلَةِ جَزْءٍ، وَأَفَادَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ فَرْقًا بِأَنَّ الْوَلَدَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْأَرْشِ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مَأْخُوذًا فِي نَظِيرِ مَا تَنَاوَلَهُ الْعَقْدُ لَكِنْ قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْعَقْدَ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ مُنْحَلٌّ (قَوْلُهُ وَالْغَلَّةُ تَنْشَأُ عَنْ التَّحْرِيكِ) أَيْ وَالْمُحَرِّكُ لَهُ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ الْبَائِعُ فَتَكُونُ الْغَلَّةُ لِلْبَائِعِ، وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا يُوهَبُ لِلْعَبْدِ أَيْ فَلَيْسَ بِوَاحِدٍ مِنْ الْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْوَلَدِ) وَلَمْ يَقُلْ إلَّا الْوَلَدَ لِإِيهَامِهِ أَنَّهُ مِنْ الْغَلَّةِ، وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ، وَمَا عَبَّرَ بِهِ مُفِيدٌ لِكَوْنِهِ غَيْرَ غَلَّةٍ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ الصُّوفُ ثَمَّ أَمْ لَا) وَذَلِكَ أَنَّ الصُّوفَ جَزْءٌ مِنْ الْمَبِيعِ سَابِقٌ عَلَى الْبَيْعِ فَلَيْسَ هُوَ بِمَنْزِلَةِ ثَمَرَةٍ حَدَثَتْ أَيَّامَ الْخِيَارِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الثَّمَرَةَ الْمُؤَبَّرَةَ لَا تَكُونُ لِلْمُشْتَرِي إلَّا بِشَرْطٍ، وَحِينَئِذٍ فَالصُّوفُ التَّامُّ، وَالثَّمَرَةُ وَالْمُؤَبَّرَةُ مُفْتَرَقَانِ فِي هَذَا الْمَحَلِّ.
(قَوْلُهُ أَوْ يُغَابُ عَلَيْهِ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَبَضَ الْمَبِيعَ عَلَى أَنَّهُ مِلْكُهُ فَتَقَوَّى جَانِبُهُ بِخِلَافِ بَابِ الرَّهْنِ فَيَحْلِفُ الْمُرْتَهِنُ مَعَ الضَّمَانِ فَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِيهِ، وَحَلَفَ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ أَنَّهُ تَلِفَ بِلَا دُلْسَةٍ، وَلَا يَعْلَمُ مَوْضِعَهُ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ عَلَى أَنَّهُ مِلْكُ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ مُتَّهَمًا أَمْ لَا) وَصِفَةُ يَمِينِ التُّهْمَةِ لَقَدْ ضَاعَ وَمَا فَرَّطْتُ، وَغَيْرُ الْمُتَّهَمِ مَا فَرَّطْت خَاصَّةً (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ كَذِبُهُ) الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ مُقَدَّرٍ تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ وَيَحْلِفُ وَالتَّقْدِيرُ وَيَحْلِفُ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ كَذِبُهُ فَيَضْمَنَ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَشْهَدَ لَهُ بَيِّنَةٌ إلَخْ) أَيْ فَالِاسْتِثْنَاءُ فِي الْمُصَنِّفِ رَاجِعٌ لِمَا يُغَابُ عَلَيْهِ لَا لِمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ إذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute