كَمَنْ بَاعَ رَجُلًا سِلْعَةً بِدَيْنٍ ثُمَّ بَاعَ أُخْرَى لِآخَرَ بِدَيْنٍ إذْ يَصْدُقُ عَلَى الْبَيْعِ الثَّانِي أَنَّهُ شَغْلُ ذِمَّةٍ أُخْرَى بِالْحَقِّ وَلَيْسَ بِضَمَانٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَقِّ الْحَقُّ الْأَوَّلُ لِأَنَّ أَلْ لِلْعَهْدِ وَلِشُمُولِهِ الْحَقَّ الْبَدَنِيَّ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْحَقَّ الْبَدَنِيَّ خَرَجَ بِقَوْلِهِ شَغْلُ ذِمَّةٍ لِأَنَّ الْبَدَنِيَّ لَا تَشْتَغِلُ بِهِ الذِّمَّةُ وَلِشُمُولِهِ الشَّرِكَةَ وَالتَّوْلِيَةَ بِأَنْ يَشْتَرِيَ سِلْعَةً بِدَيْنٍ ثُمَّ يُشْرِكَهُ فِيهَا أَوْ يُوَلِّيَهَا غَيْرَهُ فَيَصْدُقُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ شَغْلُ ذِمَّةٍ أُخْرَى بِالْحَقِّ وَلَيْسَ ضَمَانًا وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمُرَادَ كَوْنُ الشَّاغِلِ وَاحِدًا وَهُوَ فِي الشَّرِكَةِ وَالتَّوْلِيَةِ مُتَعَدِّدٌ لَكِنْ يَضْعُفُ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ اتِّحَادِ الشَّاغِلِ حَتَّى يَخْرُجَ ذَلِكَ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا أَوْرَدَ وَقَدْ عَرَّفَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ الْتِزَامُ دَيْنٍ لَا يُسْقِطُهُ أَوْ طَلَبُ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ لِمَنْ هُوَ لَهُ انْتَهَى فَقَوْلُهُ لَا يُسْقِطُهُ يُخْرِجُ الْحَوَالَةَ عَلَى مَا فِيهِ أَوْ أَتَى بِهِ لِبَيَانِ الْمَاهِيَّةِ لَا لِلِاحْتِرَازِ وَقَوْلُهُ أَوْ طَلَبُ إلَخْ يَشْمَلُ حَمَالَةَ الْوَجْهِ وَحَمَالَةَ الطَّلَبِ.
وَلَمَّا كَانَ الضَّمَانُ نِسْبَةً تَسْتَدْعِي ضَامِنًا وَمَضْمُونًا وَمَضْمُونًا لَهُ وَبِهِ وَصِيغَةً إنْ عُدَّتْ رُكْنًا قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ فَتَكُونُ رُكْنًا خَامِسًا وَأَمَّا مَنْ يَرَى أَنَّهَا دَلِيلٌ عَلَى الْمَاهِيَّةِ الَّتِي الْأَرْكَانُ أَجْزَاؤُهَا وَالدَّلِيلُ غَيْرُ الْمَدْلُولِ فَهِيَ غَيْرُ رُكْنٍ وَاسْتَقَرَّ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَشَارَ لِلرُّكْنِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الضَّامِنُ بِذِكْرِ شُرُوطِهِ بِقَوْلِهِ (ص) وَصَحَّ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ (ش) أَيْ وَصَحَّ الضَّمَانُ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ لَا مِنْ صَبِيٍّ وَسَفِيهٍ وَمَجْنُونٍ وَعَبْدٍ غَيْرِ مَأْذُونٍ لَهُ فِيهِ وَمَرِيضٍ وَزَوْجَةٍ فِي زَائِدِ ثُلُثِهِمَا وَمَفْهُومُ كَلَامِهِ عَدَمُ صِحَّتِهِ مِنْ هَؤُلَاءِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ مَفْهُومَهُ فِيهِ تَفْصِيلٌ فَمِنْهَا مَا لَا يَصِحُّ كَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالسَّفِيهِ وَالْمَرِيضِ فِي زَائِدِ الثُّلُثِ وَإِنْ أُجِيزَ فَعَطِيَّةٌ مِنْ الْوَارِثِ كَالْوَصِيَّةِ وَمِنْهَا مَا يَصِحُّ وَلَا يَلْزَمُ كَالْعَبْدِ غَيْرِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِيهِ وَالزَّوْجَةِ فِي زَائِدِ الثُّلُثِ أَوْ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ مُجْمَلٌ يُبَيِّنُهُ مَا يَأْتِي وَإِنْ حُمِلَتْ الصِّحَّةُ عَلَى اللُّزُومِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الشَّامِلِ زَالَ الْإِشْكَالُ مِنْ أَصْلِهِ (ص) كَمُكَاتَبٍ وَمَأْذُونٍ إنْ أَذِنَ سَيِّدُهُمَا (ش) هَذَا مِثَالٌ لِأَهْلِ التَّبَرُّعِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُكَاتَبَ وَالْعَبْدَ الْمَأْذُونَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ يَجُوزُ ضَمَانُهَا إذَا أَذِنَ سَيِّدُهُمَا لَهُمَا فِي الْكَفَالَةِ وَالْأَصَحُّ مِنْ غَيْرِ لُزُومٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ وَاتُّبِعَ ذُو الرِّقِّ بِهِ إنْ عَتَقَ وَكَذَا كُلُّ قِنٍّ وَذِي شَائِبَةٍ مِنْ مُدَبَّرٍ وَأُمِّ وَلَدٍ وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ وَمُبَعَّضٍ وَإِنَّمَا خَصَّهُمَا بِالذِّكْرِ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ جَوَازِ كَفَالَتِهِمَا وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ السَّيِّدُ كَمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ فِي الْمُكَاتَبِ أَوْ مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ وَلَوْ أَذِنَ كَمَا هُوَ قَوْلُ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُكَاتَبِ أَيْضًا قَالَ لِأَنَّهُ دَاعِيَةٌ إلَى رَقِّهِ وَيُقَيَّدُ جَوَازُ ضَمَانِ الْمَأْذُونِ بِأَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَغْتَرِقُ مَالَهُ فَإِنْ كَانَ فَإِنَّ ضَمَانَهُ لَا يَصِحُّ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ لَكِنْ هَذَا يُسْتَغْنَى
ــ
[حاشية العدوي]
وَمَرِيضٍ بِثُلُثٍ إذْ ضَمَانُ الْوَجْهِ وَالطَّلَبِ تُمْنَعُ الزَّوْجَةُ مِنْهُمَا وَلِأَنَّهُ ذَكَرَ ضَمَانَ الْوَجْهِ وَالطَّلَبِ بَعْدَ ذَلِكَ لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ بَعْدَ تَعْرِيفِهِمَا الَّذِي هُوَ الْمَقْصُودُ هُنَا وَإِنَّمَا ذَكَرَ حُكْمَهُمَا (قَوْلُهُ لِأَنَّ أَلْ لِلْعَهْدِ) وَهِيَ وَإِنْ كَانَتْ تَكُونُ لِغَيْرِهِ أَيْضًا إلَّا أَنَّ الصَّحِيحَ إدْخَالُ اللَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ وَالْمَجَازُ فِي الْحَدِّ لِقَرِينَةٍ وَالْقَرِينَةُ هُنَا تَبَادُرُ الْعَهْدِ دُونَ غَيْرِهِ ك.
(تَنْبِيهٌ) : قَدْ اشْتَمَلَ التَّعْرِيفُ الْمَذْكُورُ عَلَى أَرْكَانِ الضَّمَانِ الْأَرْبَعَةِ إذْ قَوْلُهُ شَغْلُ ذِمَّةٍ أُخْرَى يَتَضَمَّنُ الضَّامِنَ وَالشَّخْصَ الْمَضْمُونَ وَالشَّخْصَ الْمَضْمُونَ لَهُ وَقَوْلُهُ بِالْحَقِّ هُوَ الْمَضْمُونُ فِيهِ (قَوْلُهُ وَلِشُمُولِهِ الْحَقَّ الْبَدَنِيَّ) كَالْقِصَاصِ وَالْجِرَاحَاتِ (قَوْلُهُ لَكِنْ يُضْعِفُ ذَلِكَ إلَخْ) قَالَ النَّاصِرُ وَأَحْسَنُ مِنْهُ الْجَوَابُ الْمُتَقَدِّمُ وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَقِّ هُوَ الَّذِي فِي الذِّمَّةِ الْأُولَى وَهُوَ هُنَا مُنْتَفٍ إذْ مَا اسْتَقَرَّ فِي ذِمَّةِ الْمَوْلَى وَالْمُشْرَكِ بِالْفَتْحِ غَيْرُ الْمُسْتَقِرِّ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ قَطْعًا وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ هَذَا ظَاهِرٌ فِي الشَّرِكَةِ دُونَ التَّوْلِيَةِ فَإِنْ أَرَادَ الْمُغَايَرَةَ إلَى أَنَّ ذِمَّةَ أَحَدِهِمَا غَيْرُ ذِمَّةِ الْآخَرِ يَجْرِي مِثْلُهُ فِي الدَّيْنِ الْمَضْمُونِ وَإِنْ أَرَادَ الْمُغَايَرَةَ يَكُونُ طَلَبُهُمَا مُخْتَلِفًا فَهَذَا هُوَ الْجَوَابُ الَّذِي لَمْ يَرْتَضِهِ (قَوْلُهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ) وَمِمَّا فِيهِ أَنَّ الْمَغْصُوبَ لَوْ أَتْلَفَهُ شَخْصٌ مِنْ الْغَاصِبِ فَإِنَّ فِيهِ شَغْلَ ذِمَّةٍ أُخْرَى بِالْحَقِّ فَإِنَّ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ مُخَيَّرٌ فِي اتِّبَاعِ أَيِّهِمَا شَاءَ إلَّا أَنَّ اللَّقَانِيِّ ذَكَرَ أَنَّ الْأَسْئِلَةَ الَّتِي أَوْرَدُوهَا عَلَى التَّعْرِيفِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّهُ تَعْرِيفٌ حَقِيقِيٌّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ تَعْرِيفٌ لَفْظِيٌّ وَالتَّعْرِيفُ اللَّفْظِيُّ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ جَامِعًا مَانِعًا خِلَافًا لِبَعْضِ مُحَشِّي الشَّمْسِيَّةِ وَإِنَّمَا يُؤْتَى بِهِ لِلْبَيَانِ وَالْإِيضَاحِ.
(قَوْلُهُ لَا يُسْقِطُهُ) أَيْ لَا يُسْقِطُهُ عَنْ الْمَدِينِ (قَوْلُهُ عَلَى مَا فِيهِ) الَّذِي فِيهِ أَنَّ الْحَوَالَةَ لَا يَحْتَاجُ إلَى إخْرَاجِهَا لِأَنَّهَا لَمْ تَدْخُلْ حَتَّى يَحْتَاجَ إلَى إخْرَاجِهَا لِأَنَّ الْحَوَالَةَ طَرْحٌ وَالضَّمَانَ الْتِزَامُ دَيْنٍ (قَوْلُهُ أَوْ أَتَى بِهِ لِبَيَانِ الْمَاهِيَّةِ) أَيْ فَهُوَ لَيْسَ لِلِاحْتِرَازِ (أَقُولُ) إذَا لَمْ يُجْعَلْ لِلِاحْتِرَازِ يَلْزَمُ عَلَيْهِ فَسَادٌ آخَرُ وَهُوَ الْتِزَامُ الدَّيْنِ يَصْدُقُ بِكَوْنِ إنْسَانٍ يَقُولُ أَنَا أَلْتَزِمُ دَيْنَ فُلَانٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِضَمَانٍ وَقَوْلُهُ أَوْ طَلَبُ اعْلَمْ أَنَّ أَوْ لِلتَّنْوِيعِ لَا لِلشَّكِّ فَلَا يَضُرُّ دُخُولُهَا فِي التَّعْرِيفِ.
[أَرْكَانُ الضَّمَانُ]
(قَوْلُهُ فِيهِ تَفْصِيلٌ) وَالْمَفْهُومُ إذَا كَانَ فِيهِ تَفْصِيلٌ لَا اعْتِرَاضَ بِهِ (قَوْلُهُ وَالْمَرِيضُ فِي زَائِدِ الثُّلُثِ) فِي عب وشب أَنَّهُ يَصِحُّ كَالزَّوْجَةِ إلَّا أَنَّ بَعْضَ الشُّيُوخِ صَحَّحَ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ مِنْ الْبُطْلَانِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ أُجِيزَ فَعَطِيَّةٌ فَالصَّوَابُ أَنَّ الْمَرِيضَ لَيْسَ كَالزَّوْجَةِ بَلْ تَبَرُّعُهُ فِي الزَّائِدِ عَلَى الثُّلُثِ وَمَا قَارَبَهُ بَاطِلٌ كَتَبَرُّعِ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ (قَوْلُهُ وَإِنْ أُجِيزَ فَعَطِيَّةٌ مِنْ الْوَارِثِ كَالْوَصِيَّةِ) زَادَ فِي ك بِخِلَافِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالسَّفِيهِ فَلَا يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ إجَازَتُهُ (قَوْلُهُ وَيُقَيَّدُ جَوَازُ ضَمَانِ الْمَأْذُونِ) بَلْ وَالْمُكَاتَبُ (قَوْلُهُ وَلَكِنْ يُسْتَغْنَى عَنْ ذَلِكَ الْقَيْدِ) أَيْ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمَّا قَالَ وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ كَالْحُرِّ أَيْ وَالْحَجْرُ عَلَى الْعَبْدِ كَالْحُرِّ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْحُرَّ إذَا اغْتَرَقَتْ الدُّيُونُ مَالَهُ يُحْجَرُ عَلَيْهِ فِي التَّبَرُّعَاتِ الَّتِي مِنْهَا الضَّمَانُ كَذَلِكَ يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا اغْتَرَقَتْ الدُّيُونُ مَالَهُ يُحْجَرُ عَلَيْهِ فِي التَّبَرُّعَاتِ الَّتِي مِنْهَا الضَّمَانُ فَإِنْ قُلْت إنَّ الْعَبْدَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ مُطْلَقًا اسْتَغْرَقَتْ الدُّيُونُ مَالَهُ أَوْ لَمْ تَسْتَغْرِقْ قُلْت
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute