للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَهُوَ مُشْكِلٌ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنَّ الْمَأْذُونَ كَالْحُرِّ فِي أَنَّهُ يَضْمَنُهَا فِي ذِمَّتِهِ عَاجِلًا كَمَا مَرَّ فِي الْوَدِيعَةِ وَقَوْلُهُ ضَمِنَ الْحُرُّ أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ سَفِيهًا وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِتَفْرِيطِهِمْ فِي عَدَمِ اخْتِبَارِ حَالِهِ وَالصَّبِيُّ كَالسَّفِيهِ.

(ص) وَإِنْ قَالَ أَوْصَلْتُهُ لَهُمْ فَعَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ الْيَمِينُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّسُولَ إذَا قَالَ أَوْصَلْتُ الْحُلِيَّ الَّذِي اسْتَعَرْتُهُ إلَى مَنْ أَرْسَلَنِي وَأَكْذَبُوهُ وَادَّعَوْا عَدَمَ إرْسَالِهِ وَأَنَّهُ لَمْ يَصِلْهُمْ وَقَدْ تَلِفَتْ الْحُلِيُّ فَإِنَّ الْمُرْسِلَ يَحْلِفُ أَنَّهُ لَمْ يُرْسِلْهُ وَلَمْ يُوَصِّلْهُ إلَيْهِ أَيْ وَيَبْرَأُ ثُمَّ يَحْلِفُ الرَّسُولُ لَقَدْ أَوْصَلَهُ إلَيْهِمْ وَيَبْرَأُ وَتَكُونُ الْعَارِيَّةُ هَدَرًا وَيَبْدَءُوا بِالْيَمِينِ فَكَانَ الْقِيَاسُ فَعَلَيْهِمْ الْيَمِينُ ثُمَّ عَلَيْهِ وَوَجْهُهُ أَنَّهُمْ يَبْدَءُونَ فِي الضَّمَانِ فَقُدِّمُوا فِي الْيَمِينِ كَذَلِكَ.

(ص) وَمُؤْنَةُ أَخْذِهَا عَلَى الْمُسْتَعِيرِ كَرَدِّهَا عَلَى الْأَظْهَرِ وَفِي عَلَفِ الدَّابَّةِ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأُجْرَةَ فِي نَقْلِ الْعَارِيَّةِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ كَمَا أَنَّ كُلْفَةَ رَدِّهَا إلَى صَاحِبِهَا عَلَى الْمُسْتَعِيرِ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ صَنَعَهُ فَلَا يُكَلَّفُ أُجْرَةَ مَعْرُوفٍ صَنَعَهُ وَأَمَّا عَلَفُ الدَّابَّةِ الْمُسْتَعَارَةِ وَهِيَ عِنْدَ الْمُسْتَعِيرِ هَلْ هُوَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى الْمُعِيرِ إذْ لَوْ كَانَتْ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ لَكَانَ كِرَاءً وَرُبَّمَا كَانَ عَلَفُهَا أَكْثَرَ مِنْ الْكِرَاءِ فَتَخْرُجُ الْعَارِيَّةُ إلَى الْكِرَاءِ. فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ وَظَاهِرُهُ جَرْيُ الْقَوْلَيْنِ وَلَوْ طَالَتْ الْمُدَّةُ وَهُوَ كَذَلِكَ وَالْعَلَفُ بِفَتْحِ اللَّامِ أَيْ مَا يُعْلَفُ بِهِ وَأَمَّا بِالسُّكُونِ فَهُوَ تَقْدِيمُ الْعَلَفِ لِلدَّابَّةِ فَهُوَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ قَوْلًا وَاحِدًا وَلَا مَفْهُومَ لِلدَّابَّةِ بَلْ كُلُّ مَا يُحْتَاجُ لِلْإِنْفَاقِ كَذَلِكَ.

وَلَمَّا جَرَى ذِكْرُ الْغَصْبِ فِي كَلَامِهِ أَخَذَ يَذْكُرُ حَقِيقَتَهُ فَقَالَ (بَابٌ ذَكَرَ فِيهِ الْغَصْبَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) . وَهُوَ لُغَةً أَخْذُ الشَّيْءِ ظُلْمًا قَالَ الْجَوْهَرِيُّ أَخَذَ الشَّيْءَ ظُلْمًا غَصَبَهُ مِنْهُ وَغَلَبَهُ سَوَاءٌ وَالِاغْتِصَابُ مِثْلُهُ اهـ. فَمَعْنَى الْغَصْبِ لُغَةً أَعَمُّ مِنْهُ شَرْعًا الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ أَخْذُ مَالٍ غَيْرِ مَنْفَعَةٍ ظُلْمًا قَهْرًا لَا لِخَوْفِ قِتَالٍ

فَيَخْرُجُ أَخْذُهُ غِيلَةً إذْ لَا قَهْرَ فِيهِ لِأَنَّهُ بِمَوْتِ مَالِكِهِ وَحِرَابَةً قَوْلُهُ غَيْرِ مَنْفَعَةٍ أَخْرَجَ التَّعَدِّيَ وَقَوْلُهُ ظُلْمًا أَخْرَجَ بِهِ أَخْذَهُ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ وَقَوْلُهُ قَهْرًا أَخْرَجَ بِهِ السَّرِقَةَ وَقَوْلُهُ لَا لِخَوْفِ قِتَالٍ أَخْرَجَ بِهِ الْحِرَابَةَ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَنَّهُ أَخْرَجَ الْغِيلَةَ بِقَوْلِهِ قَهْرًا قَالَ إذْ لَا قَهْرَ فِي قِتَالِ الْغِيلَةِ لِأَنَّهُ بِمَوْتِ مَالِكِهِ وَقَدْ اُعْتُرِضَ عَلَى تَعْرِيفِ ابْنِ الْحَاجِبِ بِمَا يُعْلَمُ بِالْوُقُوفِ عَلَيْهِ وَقَدْ تَبِعَ الْمُؤَلِّفُ ابْنَ الْحَاجِبِ بِقَوْلِهِ (ص) الْغَصْبُ أَخْذُ مَالٍ قَهْرًا

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ فَعَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ الْيَمِينُ) فَإِنْ نَكَلُوا وَنَكَلَ فَالْغُرْمُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ سَوِيَّةً وَإِنْ حَلَفَ وَنَكَلُوا فَالْغُرْمُ عَلَيْهِمْ فَقَطْ وَعَكْسُهُ عَلَيْهِ فَقَطْ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْمُرْسِلَ) أَيْ جِنْسَ الْمُرْسِلِ فَلَا يُنَافِي الْجَمْعَ الَّذِي فِي الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ فَكَانَ الْقِيَاسُ) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ الْوَاوُ لَا تَقْتَضِي تَرْتِيبًا وَإِنْ أَقَرُّوا بِكَوْنِهِ رَسُولًا لَضَمِنُوا كَمَا فِي الْأُولَى الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ وَإِنْ زَعَمَ إلَخْ

(قَوْلُهُ وَفِي عَلْفِ الدَّابَّةِ قَوْلَانِ) الرَّاجِحُ أَنَّهُ عَلَى رَبِّهَا كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا السَّلْمُونِيُّ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُفْتِينَ هُوَ عَلَى الْمُعِيرِ فِي اللَّيْلَةِ وَاللَّيْلَتَيْنِ وَعَلَى الْمُسْتَعِيرِ فِي الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ وَالسَّفَرِ الْبَعِيدِ

[بَاب الْغَصْبَ]

. (بَابُ الْغَصْبِ) (قَوْلُهُ غَصَبَهُ مِنْهُ وَغَلَبَهُ سَوَاءٌ) أَيْ أَنَّهُمَا بِمَعْنًى أَيْ الْغَصْبُ وَالْغَلَبَةُ وَقَوْلُهُ وَالِاغْتِصَابُ مِثْلُهُ أَيْ مِثْلُ الْغَصْبِ فِي أَنَّهُ أَخْذُ الشَّيْءِ ظُلْمًا إلَّا أَنَّ الَّذِي فِي الْجَوْهَرِيِّ خِلَافُ ذَلِكَ وَنَصُّهُ الْغَصْبُ أَخْذُ الشَّيْءِ ظُلْمًا يُقَالُ غَصَبَهُ مِنْهُ وَغَصَبَهُ عَلَيْهِ بِمَعْنًى وَالِاغْتِصَابُ مِثْلُهُ اهـ. كَلَامُ الْجَوْهَرِيِّ وَهُوَ الَّذِي تَتَّضِحُ بِهِ الْعِبَارَةُ وَأَمَّا عَلَى كَلَامِ الشَّارِحِ فَيَكُونُ فِي الْعِبَارَةِ شَيْءٌ لِأَنَّ مُقْتَضَى قَوْلِهِ وَالِاغْتِصَابُ مِثْلُهُ أَنْ يَكُونَ عَرَّفَ أَوَّلًا الْغَصْبَ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَهُوَ لُغَةً أَخْذُ الشَّيْءِ ظُلْمًا لَا أَنَّهُ عَرَّفَ أَخَذَ الشَّيْءَ ظُلْمًا بِالْغَصْبِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ لَفْظِهِ حَيْثُ قَالَ أَخَذَ الشَّيْءَ ظُلْمًا غَصَبَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ فَمَعْنَى الْغَصْبِ لُغَةً) كَمَا هُوَ مُرَادُ الْجَوْهَرِيِّ (قَوْلُهُ فَمَعْنًى) أَيْ إذَا عَرَفَتْ مَعْنَى الْغَصْبِ فِي اللُّغَةِ مَعَ حَقِيقَتِهِ الْمَعْرُوفَةِ فِي الشَّرْعِ يُعْلَمُ أَنَّ الْغَصْبَ لُغَةً أَعَمُّ مِنْهُ شَرْعًا وَإِنَّمَا قُلْنَا الْمَعْرُوفَةُ فِي الشَّرْعِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ مَعْنَاهُ شَرْعًا فَلَا يُنَاسِبُ التَّفْرِيعُ

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ بِمَوْتِ مَالِكِهِ) أَيْ لِأَنَّ أَخْذَ الْمَالِ بِسَبَبِ مَوْتِ مَالِكِهِ وَبَعْدَ الْمَوْتِ لَا قَهْرَ وَقَوْلُهُ وَحِرَابَةً كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالْوَاوِ وَهِيَ نُسْخَةُ شَيْخِنَا عَبْدِ اللَّهِ فَيَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ غِيلَةً أَيْ فَيَخْرُجُ قَتْلُهُ غِيلَةً وَحِرَابَةً إلَّا أَنَّ غِيلَةً خَرَجَ بِقَوْلِهِ قَهْرًا وَحِرَابَةً خَرَجَ بِقَوْلِهِ لَا لِخَوْفِ قِتَالٍ وَنُسْخَةُ الشَّارِحِ بِدُونِ وَاوٍ وَعَلَيْهَا يَكُونُ حَذَفَ الْعَاطِفَ وَتَحَصَّلَ أَنَّ الْمَعْنَى وَاحِدٌ عَلَى كِلَا النُّسْخَتَيْنِ (قَوْلُهُ أَخْرَجَ التَّعَدِّيَ) أَيْ لِأَنَّ التَّعَدِّيَ غَصْبُ الْمَنْفَعَةِ لَا غَصْبُ الذَّاتِ

(قَوْلُهُ أَخْرَجَ بِهِ السَّرِقَةَ) لِأَنَّ الْقَهْرَ لَا يَلْحَقُ الْمَسْرُوقَ مِنْهُ فِي حَالِ السَّرِقَةِ بَلْ بَعْدَهَا فَتَحَصَّلَ أَنَّهُ خَرَجَ بِقَوْلِهِ قَهْرًا شَيْئَانِ الْغِيلَةُ وَالسَّرِقَةُ خِلَافًا لِظَاهِرِ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ وَقَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَيْ ابْنِ عَرَفَةَ وَقَوْلُهُ قَالَ أَيْ لِأَنَّ الشَّيْخَ الَّذِي هُوَ ابْنُ عَرَفَةَ قَالَ وَقَوْلُهُ وَقَدْ اُعْتُرِضَ عَلَى تَعْرِيفِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَيْ لِأَنَّ قَضِيَّتَهُ أَنَّ أَخْذَ الْمَنْفَعَةِ يُقَالُ لَهُ غَصْبٌ مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا يُقَالُ لَهُ تَعَدٍّ وَسَيَأْتِي أَنَّ بَعْضَ الشُّرَّاحِ يَقُولُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ غَصَبَ مَنْفَعَةً فَتَلِفَتْ الذَّاتُ أَنَّ إطْلَاقَ الْغَصْبِ تَجَوُّزٌ أَيْ لِأَنَّ الْغَصْبَ أَخْذُ الذَّاتِ لَا الْمَنْفَعَةِ (قَوْلُهُ أَخْذُ مَالٍ) مُخْرِجٌ لِأَخْذِ الْحُرِّ وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ وَالْفَاعِلُ مَحْذُوفٌ أَيْ أَخْذُ آدَمِيٍّ مَالًا وَالْمُرَادُ بِالْأَخْذِ الِاسْتِيلَاءُ وَقَوْلُهُ أَخْذُ يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ الْأَخْذُ حَقِيقَةً وَهُوَ ظَاهِرٌ أَوْ حُكْمًا فَيَدْخُلُ فِيهِ أَوْ فَتْحُ قَيْدِ عَبْدٍ لِئَلَّا يَأْبَقَ عَلَى أَنَّهُ مِنْ أَمْثِلَةِ الْغَصْبِ لَا إنْ جُعِلَ تَشْبِيهًا لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِي الْآدَمِيِّ الْغَاصِبِ أَنْ يَتَنَاوَلَهُ عَقْدُ الْإِسْلَامِ أَوْ الذِّمَّةِ وَلِذَا قَالَ الْقَرَافِيُّ الْغَاصِبُ كُلُّ آدَمِيٍّ تَنَاوَلَهُ عَقْدُ الْإِسْلَامِ أَوْ الذِّمَّةِ وَالْقَيْدُ الْأَوَّلُ تَحَرُّزٌ مِنْ الْبَهِيمَةِ لِخَبَرِ «جُرْحُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ» وَالْأَخِيرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>