للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا إذَا أَكْذَبَتْ الزَّوْجَةُ الرَّشِيدَةُ نَفْسَهَا وَرَجَعَتْ إلَى قَوْلِ الزَّوْجِ إنَّهُ أَصَابَهَا قَبْلَ رُجُوعِهِ عَنْ إقْرَارِهِ وَهَذَا فَائِدَةُ شَرْطِ الْمُؤَلِّفِ إدَامَةَ إقْرَارِهِ، فَإِنَّ الْإِدَامَةَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ قَيْدًا فِي قَوْلِهِ أَوْ إنْ أَكْذَبَتْ نَفْسَهَا أَمَّا عَلَى التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ أَنَّ الرَّشِيدَةَ كَالسَّفِيهَةِ فَسَوَاءٌ عَلَيْهِ أَدَامَ الزَّوْجُ عَلَى إقْرَارِهِ أَمْ لَا وَالتَّقْدِيرُ حِينَئِذٍ وَهَلْ الرَّشِيدَةُ كَذَلِكَ مُطْلَقًا أَوْ إنْ أَكْذَبَتْ نَفْسَهَا وَهُوَ مُدِيمُ الْإِقْرَارِ

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى شُرُوطِ الصَّدَاقِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ لِخَلَلٍ فِي الصَّدَاقِ لِفَقْدِ شَرْطٍ وَبَدَأَ مِنْ ذَلِكَ بِالْكَلَامِ عَلَى الْفَاسِدِ لِأَقَلِّهِ وَهُوَ عَلَى الْمَشْهُورِ رُبْعُ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ أَوْ مَا يُسَاوِي أَحَدَهُمَا وَلَا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ فَقَالَ (ص) وَفَسَدَ إنْ نَقَصَ عَنْ رُبْعِ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ خَالِصَةٍ أَوْ مُقَوَّمٍ بِهِمَا (ش) وَمِنْ عَادَةِ الْمُؤَلِّفِ أَنْ يَسْتَغْنِيَ بِالْأَضْدَادِ عَنْ الشُّرُوطِ كَمَا فِي قَوْلِهِ فِي الْإِمَامَةِ وَبَطَلَتْ بِاقْتِدَاءٍ بِمَنْ بَانَ كَافِرًا إلَخْ فَكَأَنَّهُ قَالَ شَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ الصَّدَاقُ رُبْعَ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ أَوْ عَرْضًا يُسَاوِي رُبْعَ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ خَالِصَةٍ فَإِنْ نَقَصَ عَنْ ذَلِكَ فَسَدَ لَكِنْ فَسَادُهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَدْخُلْ وَلَمْ يُتِمَّهُ فَإِنْ أَتَمَّهُ فَلَا يُفْسَخُ وَكَذَا إنْ دَخَلَ فَإِنَّهُ يُتِمُّهُ وُجُوبًا وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَأَتَمَّهُ إنْ دَخَلَ) وَإِلَّا فَإِنْ لَمْ يُتِمَّهُ فُسِخَ.

(ص) أَوْ بِمَا لَا يُمْلَكُ كَخَمْرٍ وَحُرًّ (ش) أَيْ وَفَسَدَ الصَّدَاقُ إنْ نَقَصَ عَنْ رُبْعِ دِينَارٍ أَوْ تَزَوَّجَهَا بِشَيْءٍ لَا يَجُوزُ تَمَلُّكُهُ كَخَمْرٍ وَحُرًّ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الصَّدَاقِ أَنْ يَكُونَ مُتَمَوِّلًا يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ شَرْعًا فَإِنْ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ فُسِخَ وَلَا شَيْءَ لَهَا، وَإِنْ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَلَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ.

(ص) أَوْ بِإِسْقَاطِهِ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ يَكُونُ النِّكَاحُ فَاسِدًا إذَا دَخَلَا عَلَى إسْقَاطِ الصَّدَاقِ بِالْكُلِّيَّةِ فَيُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ

(ص) أَوْ كَقِصَاصٍ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى مَدْخُولِ الْبَاءِ أَيْ أَوْ وَقَعَ بِكَقِصَاصٍ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ مَا أَشْبَهَهُ مِمَّا هُوَ غَيْرُ مُتَمَوِّلٍ كَنِكَاحِهِ بِقِرَاءَتِهِ لَهَا شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ أَوْ بِعِتْقِهِ أَمَةً عَلَى أَنْ يَجْعَلَ صَدَاقَهَا عِتْقَهَا فَإِذَا اتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّ الْعِتْقَ مَاضٍ وَالنِّكَاحَ فَاسِدٌ قَبْلَ الدُّخُولِ وَيَثْبُتُ بَعْدُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ.

(ص) أَوْ آبِقٍ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ يَكُونُ النِّكَاحُ فَاسِدًا يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ إذَا وَقَعَ عَلَى عَبْدٍ آبِقٍ أَوْ بَعِيرٍ شَارِدٍ، أَوْ ثَمَرَةٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا وَمِثْلُهُ إذَا وَقَعَ عَلَى دَارٍ لِلْغَيْرِ عَلَى أَنَّهُ يَشْتَرِيهَا لَهَا مِنْ مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَبِيعُهَا فَهُوَ مِنْ الْغَرَرِ أَوْ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَهَا لَهَا مِنْ مَالِهَا وَيَجْعَلَ سَمْسَرَتَهُ فِيهَا صَدَاقًا لَهَا لِكَثْرَةِ الْغَرَرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ هَلْ يَحْصُلُ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) أَوْ دَارَ فُلَانٍ أَوْ سَمْسَرَتَهَا أَوْ بَعْضَهُ لِأَجَلٍ مَجْهُولٍ أَوْ لَمْ يُقَيَّدْ

ــ

[حاشية العدوي]

شَرْحِ شب وَعَبَ خِلَافُهُ وَهُوَ أَنَّ صَاحِبَ الْأَوَّلِ يَفْصِلُ فِي مَفْهُومِ إنْ أَدَامَ الْإِقْرَارَ وَهُوَ إذَا لَمْ يَدُمْ الْإِقْرَارُ فَيَقُولُ إنْ سَكَتَتْ يُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ الْأَوَّلِ وَإِنْ كَذَّبَتْهُ فَلَا يُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ الْأَوَّلِ، وَنَقَلَ الْخَطَّابُ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ مَا يَشْهَدُ لِتَقْرِيرِهِمَا وَهُوَ أَنَّهَا إنْ أَنْكَرَتْ وَرَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ قَبْلَ رُجُوعِهَا فَإِنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ النِّصْفُ عِنْدَ صَاحِبِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ

[الْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ لِخَلَلٍ فِي الصَّدَاقِ لِفَقْدِ شَرْطٍ]

. (قَوْلُهُ: وَهُوَ عَلَى الْمَشْهُورِ رُبْعُ دِينَارٍ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ مَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ مِنْ إجَازَتِهِ بِدِرْهَمٍ وَنُقِلَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا حَدَّ لِأَقَلِّهِ وَأَنَّ النِّكَاحَ يَجُوزُ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ. (قَوْلُهُ: خَالِصَةٍ) قَيَّدَهَا دُونَ رُبْعِ دِينَارٍ؛ لِأَنَّهُ خَالِصٌ غَالِبًا فَلَا بُدَّ مِنْ خُلُوصِهِ أَيْضًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ النُّقُولِ.

(قَوْلُهُ: وَأَتَمَّهُ إنْ دَخَلَ) هَذَا مُخَالِفٌ لِقَاعِدَةِ الْفَاسِدِ لِصَدَاقِهِ فِي أَنَّهُ عَلَيْهِ صَدَاقُ الْمِثْلِ بِالدُّخُولِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُتِمَّهُ) أَيْ فَإِنْ عَزَمَ عَلَى عَدَمِ إتْمَامِهِ فُسِخَ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا عِنْدَ إرَادَةِ عَدَمِ الْبِنَاءِ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ قَوْلَهُ فَإِنْ لَمْ يُتِمَّهُ فُسِخَ ظَاهِرُهُ عَزَمَ عَلَى إتْمَامِهِ أَوْ عَلَى عَدَمِ إتْمَامِهِ أَوْ لَمْ يَعْزِمْ عَلَى شَيْءٍ وَلَكِنَّ الْمُرَادَ وَعَزَمَ عَلَى عَدَمِ الْإِتْمَامِ، وَأَمَّا لَوْ عَزَمَ عَلَى الْبِنَاءِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ إتْمَامُهُ كَمَا لَوْ بَنَى، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَعْزِمْ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَيْ فَلَمْ يَعْزِمْ عَلَى الْبِنَاءِ وَلَا عَلَى عَدَمِهِ فَلَهُ الْخِيَارُ إلَّا أَنْ تَقُومَ الزَّوْجَةُ بِحَقِّهَا لِتَضَرُّرِهَا بِبَقَائِهِ عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ ثُمَّ نَقُولُ كَمَا أَفَادُوا أَنَّ هَذَا الْفَسَادَ الْمَحْكُومَ بِهِ لَيْسَ فَسَادًا مُطْلَقًا بَلْ فَسَادًا مُقَيَّدًا بِعَدَمِ الْإِتْمَامِ فَلَا يُقَالُ إنَّ كَلَامَهُ فِيهِ تَنَاقُضٌ.

(قَوْلُهُ: فُسِخَ) بِطَلَاقٍ وَوَجَبَ فِيهِ نِصْفُ الْمُسَمَّى

. (قَوْلُهُ: أَوْ بِمَا لَا يُمْلَكُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِمَا لَا يُبَاعُ لِاقْتِضَاءِ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَجُوزُ بِجِلْدِ الْأُضْحِيَّةِ وَجِلْدِ الْمَيْتَةِ بَعْدَ دَبْغِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: أَيْ وَفَسَدَ الصَّدَاقُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَيْ وَفَسَدَ النِّكَاحُ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ الْبِنَاءِ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ ذِمِّيَّةً وَلَوْ قَبَضَتْهُ وَاسْتَهْلَكَتْهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَهَا رُبْعُ دِينَارٍ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّ حَقَّهَا فِي الصَّدَاقِ سَقَطَ بِقَبْضِهَا لِأَنَّهَا تَسْتَحِلُّهُ وَبَقِيَ حَقُّ اللَّهِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ بِإِسْقَاطِهِ) الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ وَالْمَعْنَى وَفَسَدَ الْعَقْدُ بِسَبَبِ إسْقَاطِهِ أَوْ أَنَّهَا بِمَعْنَى مَعَ

. (قَوْلُهُ: أَوْ كَقِصَاصٍ) وَجَبَ لَهُ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى غَيْرِهَا وَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ أَوْ وَقَعَ بِعَدَمِ قِصَاصٍ؛ لِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ امْرَأَةً قَتَلَتْ أَبَا رَجُلٍ مَثَلًا وَاسْتَحَقَّ ذَلِكَ الرَّجُلُ دَمَهَا فَاتَّفَقَتْ مَعَهُ عَلَى أَنَّهُ يَتَزَوَّجُهَا وَيَجْعَلُ عَدَمَ قَتْلِهَا صَدَاقًا لَهَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَوْ كَانَ أَخُوهَا مَثَلًا قَتَلَ وَلَدَ ذَلِكَ الرَّجُلِ وَاسْتُحِقَّ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ فَاتَّفَقَ مَعَهَا عَلَى أَنْ يَعْقِدَ عَلَيْهَا وَيَجْعَلَ صَدَاقَهَا تَرْكَ الْقِصَاصِ مِنْ أَخِيهَا.

(قَوْلُهُ: كَنِكَاحِهِ بِقِرَاءَتِهِ لَهَا شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ) كَأَنْ يَقْرَأَ لَهَا سُورَةَ يس مَثَلًا وَأَمَّا لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى تَعْلِيمِهِ فَسَيَأْتِي أَنَّ فِيهِ قَوْلَيْنِ. (قَوْلُهُ: عَلَى أَنْ يَجْعَلَ صَدَاقَهَا عِتْقَهَا) وَمَا وَرَدَ مِنْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَزَوَّجَ صَفِيَّةَ وَجَعَلَ صَدَاقَهَا عِتْقَهَا فَمِنْ خُصُوصِيَّتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ لَمْ يَصْحَبْهُ عَمَلٌ

. (قَوْلُهُ: أَوْ ثَمَرَةً لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا) أَيْ عَلَى التَّبْقِيَةِ وَأَمَّا عَلَى الْقَطْعِ فَيَجُوزُ بِشَرْطِهِ الْآتِي.

(قَوْلُهُ: لِكَثْرَةِ الْغَرَرِ) لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي هَلْ يَبِيعُهَا أَوْ لَا وَلَا يَدْرِي هَلْ تُبَاعُ فِي يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ مَثَلًا

<<  <  ج: ص:  >  >>