للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَوْبَتَهَا لِزَوْجِهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَخُصَّ بِذَلِكَ الْيَوْمِ وَاحِدَةً مِنْ نِسَائِهِ بَلْ يُقَدِّرُ الْوَاهِبَةَ كَالْعَدَمِ فَمَنْ كَانَ لَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ فَبَاتَ عِنْدَ إحْدَاهُنَّ ثُمَّ وَهَبَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ نَوْبَتَهَا لَهُ فَتَسْقُطُ فَإِذَا كَانَتْ هِيَ التَّالِيَةَ لِمَنْ نَامَ عِنْدَهَا فَيَنَامُ عِنْدَ مَنْ يَلِيهَا وَهَكَذَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَيَنْبَغِي سُؤَالُ وَاهِبَةِ الزَّوْجِ هَلْ أَرَادَتْ الْإِسْقَاطَ أَوْ أَرَادَتْ تَمْلِيكَهُ فَإِنْ أَرَادَتْ الثَّانِيَ فَلَهُ أَنْ يَخُصَّ بِهِ انْتَهَى، وَإِذَا وَهَبَتْ نَوْبَتَهَا لِضَرَّتِهَا أَوْ لِزَوْجِهَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ فِي ذَلِكَ مَتَى شَاءَتْ لِمَا يُدْرِكُهَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْغَيْرَةِ.

(ص) وَإِنْ سَافَرَ اخْتَارَ إلَّا فِي الْحَجِّ وَالْغَزْوِ فَيُقْرِعُ وَتُؤُوِّلَتْ بِالِاخْتِيَارِ مُطْلَقًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ إذَا كَانَ لَهُ زَوْجَتَانِ فَأَكْثَرُ وَأَرَادَ أَنْ يُسَافِرَ لِتِجَارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَإِنَّهُ يَخْتَارُ مِنْ نِسَائِهِ مَنْ يَأْخُذُهَا مَعَهُ فِي سَفَرِهِ مِنْ غَيْرِ قُرْعَةٍ لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ قَدْ تَكُونُ فِي إقَامَةِ إحْدَاهُنَّ إمَّا لِثِقَلِ جِسْمِهَا أَوْ لِكَثْرَةِ عَائِلَتِهَا أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ وَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ مَيْلٍ وَلَا ضَرَرٍ اللَّخْمِيُّ وَمَنْ تَعَيَّنَ سَفَرُهَا جُبِرَتْ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهَا أَوْ يَعِرّهَا انْتَهَى وَلَا تُحَاسَبُ مَنْ سَافَرَ بِهَا بَعْدَ رُجُوعِهِ بَلْ يَبْتَدِئُ الْقَسْمَ وَأَمَّا لَوْ أَرَادَ أَنْ يُسَافِرَ لِحَجٍّ أَوْ غَزْوٍ فَإِنَّهُ يُقْرِعُ بَيْنَ نِسَائِهِ عِنْدَ مَالِكٍ فَمَنْ خَرَجَ سَهْمُهَا أَخَذَهَا وَفِي كَلَامِ الذَّخِيرَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ الْمَشْهُورُ لِأَنَّ الْمُشَاحَّةَ تَعْظُمُ فِي سَفَرِ الْقُرُبَاتِ، وَتَأَوَّلَ صَاحِبُ اللُّبَابِ وَغَيْرُهُ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ يَخْتَارُ مِنْ غَيْرِ قُرْعَةٍ كَانَ السَّفَرُ حَجًّا أَوْ غَزْوًا أَوْ غَيْرَهُمَا وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ مِنْ أَقْوَالٍ أَرْبَعَةٍ لِمَالِكٍ وَهِيَ الِاخْتِيَارُ مُطْلَقًا، الْقُرْعَةُ مُطْلَقًا، الْإِقْرَاعُ فِي الْحَجِّ وَالْغَزْوِ فَقَطْ، الْإِقْرَاعُ فِي الْغَزْوِ.

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى أَحْكَامِ الْقَسْمِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى أَحْكَامِ النُّشُوزِ فَقَالَ (ص) وَوَعْظُ مَنْ نَشَزَتْ ثُمَّ هَجْرُهَا ثُمَّ ضَرْبُهَا إنْ ظَنَّ إفَادَتَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا نَشَزَتْ مِنْ زَوْجِهَا بِأَنْ مَنَعَتْهُ الِاسْتِمْتَاعَ أَوْ خَرَجَتْ عَنْ مَحَلِّ طَاعَتِهِ، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ يَعِظُهَا بِأَنْ يُذَكِّرَهَا أُمُورَ الْآخِرَةِ وَمَا يَلْزَمُهَا مِنْ طَاعَتِهِ فَإِنْ لَمْ تَمْتَثِلْ فَإِنَّهُ يَهْجُرُهَا فِي مَضْجَعِهَا بِأَنْ يَبْعُدَ عَنْهَا فِي الْمَضْجَعِ فَإِنْ لَمْ تَمْتَثِلْ فَإِنَّهُ يَضْرِبُهَا ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ وَهُوَ الَّذِي لَا يَكْسِرُ عَظْمًا وَلَا يَشِينُ جَارِحَةً فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهَا لَا تَتْرُكُ النُّشُوزَ إلَّا بِضَرْبٍ مَخُوفٍ لَمْ يَجُزْ تَضْرِيرُهَا وَإِنْ ادَّعَتْ الْعَدَاءَ وَادَّعَى الزَّوْجُ الْأَدَبَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ وَالسَّيِّدُ عَلَى خِلَافٍ فِيهِمَا وَلَا يَنْتَقِلُ إلَى حَالَةٍ حَتَّى يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ الَّتِي قَبْلَهَا لَا تُفِيدُ كَمَا أَفَادَهُ الْعَطْفُ وَيَفْعَلُ مَا عَدَا الضَّرْبَ وَلَوْ لَمْ يَظُنَّ إفَادَتَهُ لَعَلَّهُ يُفِيدُ بِخِلَافِ الضَّرْبِ فَلَا يَفْعَلُهُ إلَّا إذَا ظَنَّ إفَادَتَهُ لِشِدَّتِهِ.

(ص) وَبِتَعَدِّيهِ زَجَرَهُ الْحَاكِمُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا كَانَ يُضَارِرُ زَوْجَتَهُ فَلَهَا أَنْ تَرْفَعَ أَمْرَهُ إلَى الْحَاكِمِ فَإِذَا ثَبَتَ عِنْدَهُ أَنَّهُ يُضَارِرُهَا فَإِنَّهُ يَزْجُرُهُ عَنْ ذَلِكَ وَيَكُفُّهُ عَنْهَا وَيَتَوَلَّى الْحَاكِمُ زَجْرَهُ بِاجْتِهَادِهِ كَمَا كَانَ يَتَوَلَّى الزَّوْجُ زَجْرَهَا حِينَ كَانَ الضَّرَرُ مِنْهَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّهُ يَعِظُهُ فَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ ضَرَبَهُ كَمَا مَرَّ فِي الزَّوْجَةِ وَمَحَلُّ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ حَيْثُ لَمْ تُرِدْ التَّطْلِيقَ فَلَا

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ: أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ كَأَنْ تَكُونَ أَحْفَظَ لِمَالِهِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ تَعَيَّنَ سَفَرُهَا) أَيْ بِالْقُرْعَةِ أَيْ أَوْ اخْتَارَ سَفَرَهَا جُبِرَتْ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى السَّفَرِ الْمُتَيْطِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَنْ أَبَتْ السَّفَرَ مَعَهُ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا أَيْ لِأَنَّهَا تَصِيرُ نَاشِزًا (قَوْلُهُ: أَوْ يَعِرّهَا) أَيْ يَكُونُ عَلَيْهَا مَعَرَّةٌ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَا تُحَاسَبُ مَنْ سَافَرَ بِهَا) أَيْ إنَّ ضَرَّتَهَا لَا تُحَاسِبُهُ مُدَّةَ السَّفَرِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُقْرِعُ إلَخْ) لَكِنَّ مَحَلَّهُ إذَا كُنَّ يَصْلُحْنَ لِلسَّفَرِ (قَوْلُهُ: الْإِقْرَاعُ فِي الْغَزْوِ) أَيْ لِأَنَّ الْغَزْوَ تَشْتَدُّ الرَّغْبَةُ فِيهِ لِرَجَاءِ تَحْصِيلِ الشَّهَادَةِ كَذَا ظَهَرَ وَلَمْ أَرَهُ فَتَأَمَّلْهُ.

[أَحْكَامِ النُّشُوزِ]

(قَوْلُهُ: وَوَعْظُ مَنْ نَشَزَتْ) قَالَ الْحَطَّابُ اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا عُلِمَ أَنَّ النُّشُوزَ مِنْ الزَّوْجَةِ فَإِنَّ الْمُتَوَلِّيَ لِزَجْرِهَا هُوَ الزَّوْجُ إنْ لَمْ يَبْلُغْ الْإِمَامَ أَوْ بَلَغَهُ وَرَجَا إصْلَاحَهَا عَلَى يَدِ زَوْجِهَا فَإِنْ لَمْ يَرْجُهُ فَإِنَّ الْإِمَامَ يَتَوَلَّى زَجْرَهَا (قَوْلُهُ: ثُمَّ هَجْرُهَا) وَغَايَتُهُ شَهْرٌ وَلَا يَبْلُغُ بِهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ الَّتِي لِلْمُولِي قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ قَالَ عج وَقَوْلُهُ: وَغَايَتُهُ شَهْرٌ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَهْجُرُهَا فَوْقَ شَهْرٍ وَهُوَ يُخَالِفُ قَوْلَهُ وَلَا يَبْلُغُ بِهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ لَهُ هَجْرَهَا فَوْقَ الشَّهْرِ وَدُونَ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَيُمْكِنُ حَمْلُ قَوْلِهِ وَغَايَتُهُ شَهْرٌ عَلَى أَنَّ مَعْنَاهُ وَغَايَةُ الْأَوْلَى مِنْهُ شَهْرٌ وَحِينَئِذٍ فَلَا إشْكَالَ (قَوْلُهُ: إنْ ظَنَّ إفَادَتَهُ) رَاجِعٌ لِلضَّرْبِ كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ وَأَمَّا مَا قَبْلَهُ مِنْ الْأَمْرَيْنِ فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِمَا ظَنُّ الْإِفَادَةِ بَلْ يَكْفِي شَكُّهَا وَلَا يُقَالُ هُمَا مِنْ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ وَيُشْتَرَطُ فِيهِ ظَنُّ الْإِفَادَةِ لِأَنَّا نَقُولُ بَلْ هُمَا مِنْ بَابِ دَفْعِ الشَّخْصِ ضَرَرًا عَنْ نَفْسِهِ بِدَلِيلِ أَنَّ فِي الْآيَةِ تَقْدِيرَ مُضَافٍ أَيْ تَخَافُونَ ضَرَرَ نُشُوزِهِنَّ (قَوْلُهُ: أَوْ خَرَجَتْ عَنْ مَحَلِّ طَاعَتِهِ) هُوَ مَنْزِلُهُ وَفِيهَا قُصُورٌ وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ أَشْمَلُ وَنَصُّهُ خَرَجَتْ عَنْ طَاعَتِهِ بِمَنْعِ وَطْءٍ أَوْ اسْتِمْتَاعٍ أَوْ خُرُوجٍ بِلَا إذْنٍ أَوْ عَدَمِ أَدَاءِ مَا أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَيْهَا أَيْ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ أَوْ حُقُوقِهِ انْتَهَى إلَّا أَنْ تُجْعَلَ الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةً عَلَى تَجَوُّزٍ فِي الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الَّذِي لَا يَكْسِرُ عَظْمًا إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ بِأَنْ يَضْرِبَهَا ضَرْبًا غَيْرَ مَخُوفٍ لِأَنَّ الَّذِي لَا يَكْسِرُ عَظْمًا وَلَا يَشِينُ جَارِحَةً قَدْ يَكُونُ مَخُوفًا كَاللَّكْمَةِ عَلَى الْقَلْبِ أَوْ عَلَى الثَّدْيَيْنِ (قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعَدَاءِ وَلِأَنَّ الرِّجَالَ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ، وَكَلَامُ الْقُرْطُبِيِّ يُفِيدُ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُ الزَّوْجِ بِالنِّسْبَةِ لِتَأْدِيبِهَا لَا لِإِسْقَاطِ النَّفَقَةِ وَالْحَاصِلُ كَمَا قَالَ عج أَنَّ بَعْضَهُمْ يَقُولُ الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِهِمْ الزَّوْجُ مَوْكُولٌ فِي الزَّوْجَةِ إلَى أَمَانَتِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ تَرْجِيحُ كَلَامِ الْقُرْطُبِيِّ وَهُوَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ: وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْوَعْظِ وَالْهَجْرِ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِإِسْقَاطِهِ نَفَقَتَهَا فَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ إلَّا بَعْدَ إثْبَاتِهِ الْعَدَاءَ مِنْهَا وَالنُّشُوزَ أَيْ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِالنِّسْبَةِ لِإِسْقَاطِ النَّفَقَةِ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ: وَبِهَذَا) أَيْ بِقَوْلِهِ كَمَا كَانَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ ضَرَبَهُ) الْمُنَاسِبُ فَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ أَمَرَهَا بِهَجْرِهِ فَإِنْ لَمْ يُفِدْ ضَرَبَهُ وَبِهِ أَفْصَحَ شب فِي شَرْحِهِ وَفِي شَرْحِ عب.

<<  <  ج: ص:  >  >>