للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَوَاجِبٌ مُطْلَقًا لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا تَكْرَهُهُ النُّفُوسُ هَذَا هُوَ الْمُتَعَيِّنُ فِي تَقْرِيرِهِ خِلَافُ مُقْتَضَى قَوْلِهِ هُنَا، وَنَحْوُهُ فِي تَوْضِيحِهِ إنْ رَضِيَ بِهِ بَيَّنَ مِنْ أَنَّهُ لَا بَيَانَ عَلَيْهِ إلَّا حَيْثُ يَكُونُ لَهُ الرِّضَا، وَهُوَ أَنْ يَصْدُرَ مِنْهُمَا فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَوْ قَالَ وَلَغَا قَوْلُهُ أَنَا حُرٌّ وَنَحْوُهُ، وَلَهُ رَدُّهُ بِهِ إنْ قَالَهُ فِي ضَمَانِ بَائِعِهِ، وَبَيَّنَهُ إنْ بَاعَهُ مُطْلَقًا لَوَفَّى بِالْمَسْأَلَةِ مَعَ كَوْنِهِ أَظْهَرَ، وَأَبْلَغَ لِأَنَّ دَعْوَى الْحُرِّيَّةِ أَبْلَغُ مِنْ دَعْوَى الِاسْتِيلَادِ، وَالْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ فِي الْأَمَةِ وَالْعَبْدِ.

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْعُيُوبِ الذَّاتِيَّةِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا هُوَ كَالذَّاتِيِّ، وَهُوَ التَّغْرِيرُ الْفِعْلِيُّ، وَهُوَ كَمَا قَالَ ابْنُ شَاسٍ أَنْ يَفْعَلَ فِي الْمَبِيعِ فِعْلًا يَظُنُّ بِهِ الْمُشْتَرِي كَمَالًا فَلَا يُوجَدُ بِقَوْلِهِ (ص) ، وَتَصْرِيَةُ الْحَيَوَانِ كَالشَّرْطِ كَتَلْطِيخِ ثَوْبِ عَبْدٍ بِمِدَادٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ التَّصْرِيَةَ لِلْحَيَوَانِ، وَهُوَ أَنْ يَتْرُكَ الْبَائِعُ حَلْبَ مَا بَاعَهُ لِيَعْظُمَ ضَرْعُهَا، وَيَحْسُنَ حِلَابُهَا ثُمَّ يَبِيعَهَا كَذَلِكَ كَاشْتِرَاطِ الْمُشْتَرِي كَثْرَةَ اللَّبَنِ فَتُوجَدُ بِخِلَافِهِ فَيُوجِبُ لَهُ الْخِيَارَ كَمَا إذَا اشْتَرَى عَبْدًا فِي ثَوْبِهِ مِدَادٌ فَظَنَّ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ كَاتِبٌ فَظَهَرَ خِلَافَهُ فَإِنَّهُ يُوجِبُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارَ فِي الرَّدِّ وَالتَّمَاسُكِ الْمَازِرِيُّ، وَكَذَا بَيْعُهُ، وَبِيَدِهِ الدَّوَاةُ وَالْقَلَمُ ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا إذَا ثَبَتَ أَنَّ الْبَائِعَ فَعَلَهُ أَوْ أَمَرَهُ بِهِ لِاحْتِمَالِ فِعْلِ الْعَبْدِ دُونَ عِلْمِ سَيِّدِهِ لِكَرَاهَةِ بَقَائِهِ فِي مِلْكِهِ (ص) فَيَرُدُّهُ بِصَاعٍ مِنْ غَالِبِ الْقُوتِ (ش) يَعْنِي أَنَّ كُلَّ مَا وَقَعَ فِيهِ التَّغْرِيرُ الْفِعْلِيُّ مِنْ تَصْرِيَةٍ وَغَيْرِهَا يُرَدُّ لِبَائِعِهِ لَكِنْ مَا وَقَعَ فِيهِ التَّصْرِيَةُ مِنْ الْأَنْعَامِ فَقَطْ يُرَدُّ مَعَ صَاعٍ مِنْ غَالِبِ قُوتِ مَحَلِّ الْمُشْتَرِي عِوَضًا عَنْ اللَّبَنِ الَّذِي حَلَبَهُ الْمُشْتَرِي وَلَوْ كَثُرَ، وَلَا يَتَعَيَّنُ التَّمْرُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ يَتَعَيَّنُ لِوُقُوعِهِ فِي الْحَدِيثِ حَيْثُ قَالَ «إنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ» ، وَحَمَلَهُ الْمَشْهُورُ عَلَى أَنَّهُ غَالِبُ قُوتِ الْمَدِينَةِ (ص) وَحَرُمَ رَدُّ اللَّبَنِ (ش) أَيْ الَّذِي حَلَبَهُ مِنْهَا بَدَلًا عَنْ الصَّاعِ الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ اللَّبَنِ وَلَوْ بِتَرَاضِيهِمَا غَابَ عَلَيْهِ أَمْ لَا عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّهُ بِرَدِّ الْمُصَرَّاةِ تَعَيَّنَ الصَّاعُ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي فِي مُقَابَلَةِ اللَّبَنِ، وَلَمْ يَقْبِضْهُ فَلَوْ رَدَّ اللَّبَنَ لَكَانَ بَاعَهُ ذَلِكَ الصَّاعَ قَبْلَ قَبْضِهِ.

وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ يَحْرُمُ أَخْذُ غَيْرِ اللَّبَنِ عَنْ الصَّاعِ بَلْ رُبَّمَا يُقَالُ إنَّهُ أَوْلَى بِهَذَا الْحُكْمِ فَلَوْ قَالَ وَحَرُمَ رَدُّ غَيْرِهِ عَنْهُ أَيْ عَنْ الصَّاعِ الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهِ لَكَانَ أَحْسَنَ، وَيُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ رَدَّ بِعَيْبِ التَّصْرِيَةِ قَبْلَ أَخْذِ اللَّبَنِ فَلَا صَاعَ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ لَوْ رَدَّ اللَّبَنَ مَعَ الصَّاعِ فَلَا حُرْمَةَ، وَبِعِبَارَةٍ وَإِنَّمَا نَصَّ الْمُؤَلِّفُ عَلَى حُرْمَةِ رَدِّ اللَّبَنِ مَعَ أَنَّ غَيْرَهُ كَذَلِكَ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ عَيْنَ شَيْئِهِ لَا يَحْرُمُ رَدُّهُ، وَرَدًّا عَلَى ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي بَحْثِهِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ لَوْ قَالَ وَحَرُمَ رَدُّ الْعِوَضِ كَانَ أَحْسَنَ، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ رَدُّ غَيْرِ الْغَالِبِ عَنْ الْغَالِبِ مِنْ الْقُوتِ لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ (ص) لَا إنْ عَلِمَهَا مُصَرَّاةً (ش) أَيْ لَا إنْ اشْتَرَاهَا وَهُوَ عَالِمٌ أَنَّهَا مُصَرَّاةٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَدٌّ إلَّا أَنْ يَجِدَهَا قَلِيلَةَ الدَّرِّ بِأَنْ وَجَدَهَا تَحْلُبُ دُونَ الْمُعْتَادِ مِنْ مِثْلِهَا (ص) أَوْ لَمْ تُصَرَّ وَظَنَّ كَثْرَةَ اللَّبَنِ (ش) أَيْ، وَكَذَلِكَ لَا رَدَّ لِلْمُشْتَرِي إذَا لَمْ تُصَرَّ لَكِنْ ظَنَّ كَثْرَةَ اللَّبَنِ لِكِبَرِ ضَرْعِهَا فَتَخَلَّفَ ظَنُّهُ فِي الْكَثْرَةِ مَعَ كَوْنِهَا تَحْلُبُ

ــ

[حاشية العدوي]

دَعْوَى الْحُرِّيَّةِ كَدَعْوَى إغَارَةِ عَدُوٍّ عَلَى بَلَدِهَا أَوْ سَبْيِهَا مَعَ حُرِّيَّتِهِمْ وَشُهْرَةِ الْإِغَارَةِ الْمَذْكُورَةِ وَتَصْدِيقِ الْبَائِعِ عَلَى شِرَائِهِ لَهَا مِنْ تِلْكَ النَّاحِيَةِ، وَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ فَقِيلَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ وَلَا تَحْرُمُ، وَعَلَيْهَا إثْبَاتُ الْحُرِّيَّةِ، وَقِيلَ عَلَى مَنْ اشْتَرَاهَا مِنْ النَّاحِيَةِ إثْبَاتُ الرُّقْيَةِ (قَوْلُهُ وَالْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ) أَيْ لَا فِي خُصُوصِ الْأَمَةِ حَتَّى يُجَابَ بِهِ عَنْ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ تِلْكَ الْمَسْأَلَةَ أَوَّلُ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَيَكُونُ الْمُصَنِّفُ تَبِعَ السَّمَاعَ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ.

[يَفْعَلَ فِي الْمَبِيعِ فِعْلًا يَظُنُّ بِهِ الْمُشْتَرِي كَمَالًا فَلَا يُوجَدُ]

(قَوْلُهُ الْعُيُوبِ الذَّاتِيَّةِ) أَيْ الْقَائِمَةِ بِالذَّاتِ (قَوْلُهُ الْغُرُورُ الْفِعْلِيُّ) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْغُرُورِ الْقَوْلِيِّ كَعَامِلْ فُلَانًا وَهُوَ ثِقَةٌ مَلِيءٌ فَيُوجَدُ بِخِلَافِهِ (قَوْلُهُ وَتَصْرِيَةُ الْحَيَوَانِ) مِنْ نَعَمٍ وَغَيْرِهَا كَالْحُمُرِ وَالْآدَمِيَّاتِ (قَوْلُهُ كَتَلْطِيخِ) الْكَافُ لِلتَّشْبِيهِ (قَوْلُهُ هَذَا إذَا ثَبَتَ) أَيْ فَلَوْ تَنَازَعَ الْمُشْتَرِي مَعَ الْبَائِعِ فِي كَوْنِ الْبَائِعِ أَمَرَ الْعَبْدَ أَمْ لَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ (قَوْلُهُ فَيَرُدُّهُ إلَخْ) أَتَى بِهِ مَعَ اسْتِفَادَتِهِ مِنْ قَوْلِهِ كَالشَّرْطِ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ لَكِنْ مَا وَقَعَ مِنْهُ أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الرَّدَّ بِسَبَبِ التَّصْرِيَةِ عَامٌّ حَتَّى فِي الْآدَمِيِّ، وَأَمَّا رَدُّ الصَّاعِ فَإِنَّمَا هُوَ مَعَ تَصْرِيَةِ النَّعَمِ فَقَطْ (قَوْلُهُ مِنْ غَالِبِ الْقُوتِ) إنْ اخْتَلَفَ قُوتُ مَحَلِّهِ كَحِنْطَةٍ وَتَمْرٍ وَأُرْزٍ وَشَعِيرٍ، وَانْظُرْ لَوْ كَانَ قُوتُهُمْ اللَّبَنَ، وَالظَّاهِرُ رَدُّ صَاعٍ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ لَبَنِهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ غَالِبٌ فَقَالَ الْبِسَاطِيُّ مِمَّا شَاءَ مِنْ الْقُوتِ.

وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِي مِنْ الْوَسَطِ تت، وَأَرَادَ بِبَعْضِ مَشَايِخِهِ الشَّيْخَ عَلِيًّا السَّنْهُورِيَّ، وَلَكِنْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يَدُلُّ عَلَى مَا قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ (قَوْلُهُ مَعَ صَاعٍ إلَخْ) وَلَوْ تَكَرَّرَ حَلْبُهَا حَيْثُ لَا يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى الرِّضَا، وَقَدْرُ الصَّاعِ مُتَعَيِّنٌ فَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ لِكَثْرَةِ اللَّبَنِ وَغَزَارَتِهِ، وَلَا يَنْقُصُ عَنْهُ لِقِلَّتِهِ وَنَدَارَتِهِ، وَلَا يُلْتَفَتُ لِغَلَاءِ الصَّاعِ وَرُخْصِهِ (قَوْلُهُ وَيُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ رَدَّ إلَخْ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لِأَنَّهُ يَرُدُّ إلَخْ.

(قَوْلُهُ وَرَدًّا عَلَى ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي بَحْثِهِ) أَيْ فَإِنَّهُ قَالَ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُ اللَّبَنِ أَمَّا لِأَنَّهُ إقَالَةٌ قَالَ سَحْنُونَ، وَلَكِنْ إنَّمَا يَكُونُ إقَالَةً إذَا رَدَّتْ الشَّاةَ الْمُصَرَّاةَ بِتَرَاضِيهِمَا عَلَى ذَلِكَ لَا عَلَى سَبِيلِ الْإِكْرَاهِ مِنْ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ، وَأَمَّا لِأَنَّهُ عَيْنُ شَيْئِهِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ بَيْعَ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ لَوْ كَانَ اللَّبَنُ مَأْخُوذًا عَنْ التَّمْرِ وَهُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ، وَلَئِنْ سُلِّمَ فَالتَّمْرُ لَمْ يَجِبْ عِوَضًا عَنْ اللَّبَنِ لِأَنَّهُ بِيعَ بِاللَّبَنِ، وَإِنَّمَا أَوْجَبَ الشَّرْعُ صَاعًا عَلَى طَرِيقِ رَفْعِ النِّزَاعِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَلَا تَرَى أَنَّ الصَّاعَ يَجِبُ فِي لَبَنِ الشَّاةِ وَالْبَقَرَةِ وَالنَّاقَةِ، وَأَلْبَانُهَا مُخْتَلِفَةُ الْجِنْسِ وَالْقَدْرِ، وَالصَّاعُ وَاحِدٌ فَمِثْلُ هَذَا لَا يُقْصَدُ بِهِ الْمُبَايَعَةُ الْحَقِيقِيَّةُ فَلَا يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ قَبْلُ (قَوْلُهُ لَا إنْ اشْتَرَاهَا، وَهُوَ عَالِمٌ) وَأَمَّا لَوْ عَلِمَ بَعْدَ شِرَائِهَا، وَقَبْلَ حَلْبِهَا، وَأَمْسَكَهَا لِيَخْتَبِرَ حِلَابَهَا حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إمْسَاكَهَا وَرَدَّهَا، وَلَوْ أَشْهَدَ لَمْ يَحْلِفْ، وَكَذَا لَوْ عَلِمَ بَعْدَ حِلَابِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>