وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ وَابْنُ عَتَّابٍ مَا دُونَ الرُّبْعِ وَابْنُ الْقَطَّانِ الْمِثْقَالَانِ أَمَّا الْعَشَرَةُ فَكَثِيرٌ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ مِنْ الْمِائَةِ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ، وَيَرْجِعَ بِثَمَنِهِ أَوْ يَتَمَاسَكَ، وَلَا شَيْءَ لَهُ فَالْقَلِيلُ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ يُطْلَقُ بِالِاشْتِرَاكِ عَلَى الْقَلِيلِ جِدًّا وَهُوَ الَّذِي لَا قِيمَةَ، وَعَلَى الْقَلِيلِ لَا جِدًّا وَهُوَ الْمُتَوَسِّطُ فَقَوْلُهُ، وَفِي قَدْرِهِ تَرَدُّدٌ أَيْ الْقَلِيلِ لَا جِدًّا فَفِيهِ اسْتِخْدَامٌ، وَقَوْلُهُ كَصَدْعِ جِدَارٍ مِثَالٌ لِلْعَيْبِ الْقَلِيلِ الَّذِي فِي قَدْرِهِ تَرَدُّدٌ وَهُوَ الْمُتَوَسِّطُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعُرُوضِ وَالدَّارِ أَنَّ الدَّارَ تُرَادُ لِلْقَنِيَّةِ غَالِبًا، وَالسِّلْعَةُ لِلتِّجَارَةِ أَوْ أَنَّ الدَّارَ لَا تَنْفَكُّ عَنْ عَيْبٍ فَلَوْ رُدَّتْ بِالْيَسِيرِ لَأَضَرَّ بِالْبَائِعِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَطُولُ، وَقَوْلُهُ (إلَّا أَنْ يَكُونَ وَاجِهَتَهَا) مُسْتَثْنًى مِنْ الْمَنْطُوقِ، وَهَذَا هُوَ الْقِسْمُ الثَّالِثُ مَعَ مَفْهُومِ قَوْلِهِ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهَا مِنْهُ، وَالضَّمِيرُ فِي يَكُونُ عَائِدٌ عَلَى الْعَيْبِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ مُتَوَسِّطًا لِأَنَّ الْعَيْبَ الَّذِي يَكُونُ فِي وَاجِهَتِهَا لَا يَكُونُ مُتَوَسِّطًا، وَأَمَّا الْعَيْبُ الْقَلِيلُ جِدًّا فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا رَدَّ بِهِ، وَلَا قِيمَةَ لَهُ، وَوَاجِهَتَهَا مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ فِي وَاجِهَتِهَا.
(ص) أَوْ بِقَطْعِ مَنْفَعَةٍ أَوْ مِلْحِ بِئْرِهَا بِمَحِلِّ الْحَلَاوَةِ (ش) يَعْنِي، وَكَذَلِكَ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي إذَا كَانَ الْعَيْبُ فِي الدَّارِ بِقَطْعِ مَنْفَعَةٍ مِنْ مَنَافِعِهَا كَتَهْوِيرِ بِئْرِهَا أَوْ مِرْحَاضِهَا بِقُرْبِ الْحِيطَانِ أَوْ الْبُيُوتِ أَوْ تَحْتَهَا السُّقُوفُ الْمَخُوفَةُ أَوْ جَرَيَانُ مَاءِ غَيْرِهَا عَلَيْهَا، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ إذَا وُجِدَ مَاءُ بِئْرِهَا مِلْحًا بِمَحَلِّ الْحَلَاوَةِ، وَكَذَلِكَ سُوءُ جَارِهَا أَوْ شُؤْمُهَا هِيَ أَوْ جَانُّهَا أَوْ بَقُّهَا أَوْ نَمْلُهَا كَبَقِّ السَّرِيرِ وَقَمْلِ الثَّوْبِ أَوْ كَوْنِ بَابِ مِرْحَاضِهَا عَلَى بَابِهَا أَوْ دِهْلِيزِهَا أَوْ لَا مِرْحَاضَ لَهَا ثُمَّ إنْ كَانَ قَوْلُهُ أَوْ مِلْحُ بِئْرِهَا بِمَحَلِّ الْحَلَاوَةِ مَعْطُوفًا بِأَوْ كَانَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ أَوْ بِقَطْعِ مَنْفَعَةٍ، وَإِنْ كَانَ بِالْكَافِ فَهُوَ تَشْبِيهٌ بِهِ أَوْ مِثَالٌ لَهُ، وَلَمَّا كَانَ شَرْطُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ ثُبُوتَهُ فِي زَمَنِ ضَمَانِ الْبَائِعِ كَمَا مَرَّ ذِكْرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْمُتَفَرِّعَةِ عَلَى ذَلِكَ، وَهِيَ أَوَّلُ مَسْأَلَةٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْعُيُوبِ بِقَوْلِهِ (ص) وَإِنْ قَالَتْ أَنَا مُسْتَوْلَدَةٌ لَمْ تَحْرُمْ لَكِنَّهُ عَيْبٌ إنْ رَضِيَ بِهِ بَيَّنَ (ش) أَيْ وَإِنْ قَالَتْ الْأَمَةُ لِلْمُشْتَرِي أَنَا أُمُّ وَلَدٍ لِبَائِعِي لَمْ تَحْرُمْ عَلَى الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ، وَكَذَا الْعَبْدُ يَقُولُ أَنَا حُرٌّ لَا يَكُونُ عَيْبًا يُوجِبُ لِلْمُشْتَرِي الرَّدَّ لِاتِّهَامِهِمَا عَلَى الرُّجُوعِ لِلْبَائِعِ سَوَاءٌ قَالَتْهُ وَهِيَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ أَوْ بَعْدَ خُرُوجِهَا مِنْ ضَمَانِهِ بِأَنْ قَالَتْهُ بَعْدَ رُؤْيَةِ الدَّمِ لَكِنْ إنْ صَدَرَ مِنْهُمَا ذَلِكَ فِي زَمَنِ ضَمَانِ الْبَائِعِ مِنْ عُهْدَةٍ أَوْ مُوَاضَعَةٍ يَكُونُ عَيْبًا يَجِبُ بِهِ الرَّدُّ، وَإِنْ لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُمَا ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ خُرُوجِهِمَا مِنْ ضَمَانِهِ فَلَا رَدَّ لَهُ أَمَّا بَيَانُهُ إذَا بَاعَ
ــ
[حاشية العدوي]
اقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عَاصِمٍ (قَوْلُهُ الْمِثْقَالَانِ) الْمِثْقَالُ وَزْنُهُ دِرْهَمٌ، وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ، وَقَوْلُهُ أَمَّا الْعَشَرَةُ فَكَثِيرٌ أَيْ أَمَّا الْعَشَرَةُ مَثَاقِيلَ فَكَثِيرٌ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْقَلِيلُ مَا دُونَ الْعَشَرَةِ، وَلِذَا قَالَ عب مُعَبِّرًا عَنْ ذَلِكَ الْقَوْلِ بِقَوْلِهِ بِأَنَّ الْقَلِيلَ مَا دُونَ الْعَشَرَةِ (قَوْلُهُ مِنْ الْمِائَةِ) أَيْ مِائَةِ مِثْقَالٍ (قَوْلُهُ فَفِيهِ اسْتِخْدَامٌ) هُوَ ذِكْرُ الشَّيْءِ بِمَعْنًى، وَإِعَادَةُ الضَّمِيرِ عَلَيْهِ بِمَعْنًى آخَرَ بِخِلَافِ شِبْهِ الِاسْتِخْدَامِ فَهُوَ ذِكْرُ الشَّيْءِ بِمَعْنًى، وَإِعَادَتُهُ اسْمًا ظَاهِرًا بِمَعْنًى آخَرَ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُتَوَسِّطُ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُتَوَسِّطَ إمَّا أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ لِلْعُرْفِ أَوْ مَا نَقَصَ عَنْ الثُّلُثِ أَوْ عَنْ الرُّبْعِ أَوْ عَنْ الْعَشَرَةِ مِنْ الْمِائَةِ بِالتَّرَدُّدِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْمُتَوَسِّطِ يَأْتِي التَّرَدُّدُ فِي الْكَثِيرِ لِكَوْنِهِ مَا زَادَ عَلَى الْمُتَوَسِّطِ عَلَى كُلِّ الْأَقْوَالِ.
(قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعُرُوضِ وَالدَّارِ) أَيْ أَنَّ الْعُرُوضَ يُرَدُّ فِيهَا، وَلَوْ بِالْقَلِيلِ دُونَ الدَّارِ أَيْ وَلِذَلِكَ يُرَدُّ الْكِتَابُ بِنَقْصِ وَرَقَةٍ مِنْهُ قَالَهُ الْبَدْرُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ عَيْبَ غَيْرِ الدَّارِ كَمَا قُلْنَا لَا فَرْقَ بَيْنَ الْيَسِيرِ وَالْكَثِيرِ، وَرَدُّ الْبَدْرِ عَلَى مَنْ جَعَلَهُ غَيْرَ عَيْبٍ لِقِلَّتِهِ (قَوْلُهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَطُولُ) مِنْ ذَلِكَ أَنَّ عَيْبَ الدَّارِ يُصْلَحُ وَيَزُولُ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى مِنْهُ شَيْءٌ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَمِنْهَا عُيُوبُ الدَّارِ لَا تُخْلَطُ بِهَا، وَمِنْهَا أَنَّهَا لَيْسَ لَهَا أَسْوَاقٌ فَيَضُرُّ الْمُشْتَرِيَ رَدُّهَا إذْ قَدْ لَا يَجِدُ مَا يَشْتَرِي (قَوْلُهُ مُسْتَثْنًى مِنْ الْمَنْطُوقِ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ كَصَدْعِ جِدَارٍ بِدُونِ اتِّصَافِهِ بِقَوْلِهِ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهَا مِنْهُ، وَقَوْلُهُ مَعَ مَفْهُومِ لَمْ يَخَفْ أَيْ وَهُوَ الْخَوْفُ أَيْ مَعَ مُلَاحَظَتِهِ، وَكَأَنَّهُ قَالَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الصَّدْعُ الَّذِي يَخَافُ عَلَيْهَا مِنْهُ وَاجِهَتَهَا، وَفِيهِ أَنَّهُ إذَا كَانَ يَخَافُ عَلَى الدَّارِ السُّقُوطَ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي الْوَاجِهَةِ أَوْ غَيْرِهَا، وَلِذَلِكَ قَالَ فِي الْأُمِّ إنْ وُجِدَ بِالدَّارِ صَدْعٌ يُخَافُ مِنْهُ سُقُوطُهَا فَلَهُ الرَّدُّ، وَإِلَّا فَلَا. اهـ.
وَعِبَارَةُ شب إلَّا أَنْ يَكُونَ الْجِدَارُ الَّذِي لَمْ يَخَفْ عَلَيْهَا مِنْهُ السُّقُوطَ أَوْ الْعَيْبُ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ مُتَوَسِّطًا وَاجِهَتَهَا فَالرَّدُّ بِهِ، وَإِنْ تَمَاسَكَ فَلَا شَيْءَ لَهُ أَيْ وَنَقَصَ الثُّلُثُ أَوْ الرُّبْعُ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي حَدِّ الْكَثِيرِ الَّذِي تُرَدُّ بِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ كَصَدْعِ جِدَارٍ إلَخْ يُقَيَّدُ بِمَا إذَا كَانَ الصَّدْعُ يَنْقُصُ مِنْ الثَّمَنِ، وَلَمْ يَبْلُغْ نَقْصُهُ الثُّلُثَ أَوْ الرُّبْعَ أَوْ الْعَشَرَةَ مِنْ الْمِائَةِ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مِنْ الْكَثِيرِ فَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ الثَّمَنُ كَانَ مِنْ الْقَلِيلِ الَّذِي لَا رَدَّ بِهِ وَلَا رُجُوعَ بِقِيمَتِهِ أَوْ بَلَغَ مَا ذُكِرَ كَانَ مِنْ الْكَثِيرِ الَّذِي يُوجِبُ الرَّدَّ، وَلَا يَنْبَغِي الْعُدُولُ عَنْ كَلَامِ الْأُمِّ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ قَوْلُهُ الصَّدْعُ فِي الْوَاجِهَةِ.
(قَوْلُهُ كَتَهْوِيرِ بِئْرِهَا) أَيْ سُقُوطِ جَوَانِبِهَا (قَوْلُهُ بِقُرْبِ الْبُيُوتِ) أَرَادَ بِالْبُيُوتِ مَوْضِعَ الْجُلُوسِ أَوْ النَّوْمِ كَالْخِزَانَةِ أَوْ الْقَاعَةِ، وَقَوْلُهُ أَوْ تَحْتَهَا أَيْ الدَّارِ، وَقَوْلُهُ عَلَيْهَا أَيْ الدَّارِ (قَوْلُهُ أَوْ شُؤْمُهَا) كَأَنْ يَكُونَ كُلُّ مَنْ سَكَنَهَا يَمُوتُ أَوْ يَحْصُلُ لَهُ الْفَقْرُ أَوْ تَمُوتُ ذُرِّيَّتُهُ، وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ شُؤْمُهَا أَيْ تَرَقُّبُ الْمَكْرُوهِ بِهَا لِكَوْنِهِ يَحْصُلُ فِيهَا أَوْ نَفْسُ حُصُولِ الْمَكْرُوهِ بِهَا، وَقَوْلُهُ أَوْ جَانُّهَا هِيَ أَيْ أَوْ شُؤْمُ جَانِّهَا (قَوْلُهُ أَوْ بَقُّهَا أَوْ نَمْلُهَا) أَيْ بَقُّهَا الْكَثِيرُ، وَنَمْلُهَا الْكَثِيرُ (قَوْلُهُ كَبَقِّ السَّرِيرِ وَقَمْلِ الثَّوْبِ) أَيْ الْكَثِيرَيْنِ إلَخْ، وَانْظُرْ مَا حَدُّ الْكَثِيرِ كَمَا فِي شَرْحِ شب (قَوْلُهُ سَوَاءٌ قَالَتْهُ وَهِيَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ) أَوْ قَالَتْهُ قَبْلَ عَقْدِ الْبَيْعِ بَلْ وَلَوْ أَقَامَ الْعَبْدُ شَاهِدًا عَلَى الْحُرِّيَّةِ كَمَا فِي الْحَطَّابِ بِمَعْنَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ اطَّلَعَ عَلَى أَنَّهَا ادَّعَتْ عَلَى الْبَائِعِ بِذَلِكَ، وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ الْحُرِّيَّةِ، وَلَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى صِدْقِهَا، وَكَذَا فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute