فِيهِ غَرَضٌ وَمَالِيَّةٌ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ فِي تَوْضِيحِهِ، وَالْعَادَةُ كَالشَّرْطِ، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ بِتَغْيِيرٍ فَيُفِيدُ أَنَّ الْمُشْتَرَى غَيْرُ الْمَبِيعِ أَيْ فَعَلَ بِهِ فِعْلًا غَيْرَهُ فَأَطْلَقَ التَّغَيُّرَ الَّذِي هُوَ وَصْفُ الْمَبِيعِ عَلَى التَّغْيِيرِ الَّذِي هُوَ وَصْفُ الْفَاعِلِ، وَالْمُرَادُ بِمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ مَا لَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ بِلَا تَغَيُّرٍ لَوْ طَلَبَ الِاطِّلَاعَ عَلَيْهِ.
وَأَمَّا مَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ لَوْ طَلَبَ قَبْلَ التَّغَيُّرِ فَيُشِيرُ إلَى مَا يُفِيدُهُ بِقَوْلِهِ، وَرُدَّ الْبَيْضُ ثُمَّ إنَّ مَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ قَبْلَ التَّغَيُّرِ تَارَةً يُدَلِّسُ فِيهِ الْبَائِعُ بِأَنْ يَعْلَمَهُ وَلَا يُبَيِّنَ، وَهَذَا لَا كَلَامَ فِي أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْمُدَلِّسِ فِي غَيْرِهِ مِنْ الرَّدِّ وَغَيْرِهِ، وَتَارَةً لَا يُدَلِّسُ فِيهِ الْبَائِعُ بِأَنْ لَا يُعْلِمَهُ بِالْفِعْلِ، وَفِي هَذَا لِلْمُشْتَرِي التَّمَسُّكُ بِهِ أَوْ الرَّدُّ إلَّا أَنْ يَحْصُلَ فِيهِ مُفَوِّتٌ عِنْدَهُ فَلَهُ قِيمَةُ الْأَرْشِ الْقَدِيمِ فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ عِنْدَهُ مُفَوِّتٌ رَدَّهُ، وَمَا نَقَصَهُ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمَازِرِيِّ حَسَبَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ (ص) وَرُدَّ الْبَيْضُ (ش) أَيْ وَرَجَعَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ كَسَرَ أَمْ لَا دَلَّسَ أَمْ لَا لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ حِينَئِذٍ لَا يَجُوزُ أَكْلُهُ، وَأَمَّا إنْ كَانَ مَمْرُوقًا فَقَطْ وَكَانَ الْبَائِعُ غَيْرَ مُدَلِّسٍ فَلَا يُرَدُّ، وَيَرْجِعُ بِمَا بَيْنَ الصِّحَّةِ وَالدَّاءِ فَيُقَوَّمُ سَالِمًا يَوْمَ الْبَيْعِ عَلَى أَنَّهُ صَحِيحٌ غَيْرُ مَعِيبٍ، وَصَحِيحٌ مَعِيبٌ فَإِذَا قِيلَ قِيمَتُهُ صَحِيحًا غَيْرَ مَعِيبٍ عَشَرَةٌ، وَصَحِيحًا مَعِيبًا ثَمَانِيَةٌ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِنِسْبَةِ ذَلِكَ مِنْ الثَّمَنِ، وَهُوَ الْخُمُسُ هَذَا إذَا كَانَ لَهُ قِيمَةٌ يَوْمَ الْبَيْعِ بَعْدَ الْكَسْرِ، وَإِلَّا رَجَعَ بِالثَّمَنِ كُلِّهِ ابْنُ الْقَاسِمِ هَذَا إذَا كَسَرَهُ بِحَضْرَةِ الْبَيْعِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ أَيَّامٍ لَمْ يُرَدَّ بِهِ إذْ لَا يَدْرِي أَفَسَدَ عِنْدَ الْبَائِعِ أَوْ الْمُبْتَاعِ قَالَهُ مَالِكٌ ابْنُ نَاجِي ظَاهِرُهَا، وَلَوْ بَيْضَ نَعَامٍ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يُرَدُّ بَيْضُ النَّعَامِ لِكَثَافَةِ قِشْرِهِ فَلَا يُعْرَفُ فَسَادُهُ وَصِحَّتُهُ، وَصَحَّحَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا،.
وَلَمَّا كَانَ الْمَذْهَبُ وُجُوبَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ إلَّا الدَّارَ فَعُيُوبُهَا ثَلَاثَةٌ قَلِيلٌ لَا تُرَدُّ بِهِ، وَلَا أَرْشَ فِيهِ لِلْمُشْتَرِي، وَمُتَوَسِّطٌ فِيهِ الْأَرْشُ، وَكَثِيرٌ تُرَدُّ بِهِ أَشَارَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (ص) وَعَيْبٍ قَلَّ بِدَارٍ، وَفِي قَدْرِهِ تَرَدُّدٌ، وَرَجَعَ بِقِيمَتِهِ كَصَدْعِ جِدَارٍ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهَا مِنْهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا اشْتَرَى دَارًا ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ بِهَا فَلَا يَخْلُو مَا أَنْ يَكُونَ قَلِيلًا جِدًّا لَا يَنْقُصُ مِنْ الثَّمَنِ كَسُقُوطِ شرافة وَنَحْوِهَا أَوْ قَلِيلًا لَا جِدًّا كَصَدْعٍ يَسِيرٍ بِحَائِطٍ لَمْ يَخَفْ عَلَى الدَّارِ السُّقُوطَ مِنْهُ سَوَاءٌ خِيفَ عَلَى الْجِدَارِ أَمْ لَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْكِتَابِ أَوْ كَثِيرًا كَصَدْعٍ بِحَائِطٍ خِيفَ عَلَى الدَّارِ السُّقُوطُ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ قَلِيلًا جِدًّا فَلَا رَدَّ بِهِ لِلْمُشْتَرِي وَلَا قِيمَةَ عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا لَا جِدًّا وَهُوَ الْمُتَوَسِّطُ فَلَا رَدَّ لَهُ أَيْضًا لَكِنْ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَائِعِهِ بِالْأَرْشِ، وَاخْتُلِفَ فِي قَدْرِ الْقَلِيلِ لَا جِدًّا فَرَدَّهُ بَعْضُهُمْ لِلْعَادَةِ، وَهُوَ الْأَصْلُ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَا دُونَ الثُّلُثِ -
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ فِي تَوْضِيحِهِ) مَعْنَاهُ أَنَّ الْعَمَلَ بِالشَّرْطِ لَيْسَ مَنْصُوصًا بَلْ اسْتَظْهَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ (قَوْلُهُ فَيُشِيرُ إلَى مَا يُفِيدُهُ بِقَوْلِهِ وَرُدَّ الْبَيْضُ) أَيْ لِأَنَّ الْبَيْضَ مِمَّا يُعْلَمُ وَيَظْهَرُ فَاسِدُهُ قَبْلَ كَسْرِهِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ ثُمَّ إنَّ مَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ) وَهُوَ الْبَيْضُ.
(قَوْلُهُ مِنْ الرَّدِّ وَغَيْرِهِ) كَالْبَيْضِ الْمَمْرُوقِ إذَا دَلَّسَ فِيهِ الْبَائِعُ فَإِنَّ الْمُبْتَاعَ لَهُ رَدُّهُ بَعْدَ كَسْرِهِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ مِنْ الرَّدِّ أَيْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ يَرُدُّهُ، وَقَوْلُهُ وَغَيْرُهُ أَيْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ لَا يَغْرَمُ شَيْئًا بَلْ يَرْجِعُ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ (قَوْلُهُ وَفِي هَذَا لِلْمُشْتَرِي إلَخْ) كَالْبَيْضِ إذَا كَسَرَهُ وَوَجَدَهُ مَمْرُوقًا، وَلَمْ يَكُنْ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يُخَيَّرُ بَيْنَ التَّمَاسُكِ، وَيَرْجِعُ بِأَرْشِ الْعَيْبِ أَوْ الرَّدِّ فَيَدْفَعُ أَرْشَ الْحَادِثِ بِالْكَسْرِ كَمَا يَأْتِي تَصْوِيرُهُ، وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَحْصُلَ فِيهِ مُفَوِّتٌ بِأَنْ شَوَاهُ، وَقَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ عِنْدَهُ مُفَوِّتٌ أَيْ بِأَنْ كَسَرَهُ وَلَمْ يَشْوِهِ، وَقَوْلُهُ رَدَّهُ، وَمَا نَقَصَ أَيْ أَوْ تَمَاسَكَ وَرَجَعَ بِأَرْشِ الْقَدِيمِ، وَهُوَ الْمَمْرُوقِيَّةُ فَإِنَّهَا عَيْبٌ مَثَلًا إذَا كَانَ سَلِيمًا يُسَاوِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَإِذَا كَانَ مَمْرُوقًا يُسَاوِي ثَمَانِيَةً فَإِذَا كَسَرَهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ وَجَدَهُ يُسَاوِي سِتَّةً فَلَا شَكَّ أَنَّهُ إذَا تَمَاسَكَ يَرْجِعُ بِخُمُسِ الثَّمَنِ لِأَنَّ ذَلِكَ الْعَيْبَ نَقَصَهُ خُمُسَ الْقِيمَةِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِخُمُسِ الثَّمَنِ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا، وَاعْتِبَارُ الْقِيمَةِ لِأَنَّهَا كَالْمِيزَانِ يُعْرَفُ بِهَا مَا يَرْجِعُ بِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ رَدَّ ذَلِكَ الْمَمْرُوقَ بَعْدَ كَسْرِهِ فَإِنَّهُ يَرُدُّ خُمُسَ الثَّمَنِ لِأَنَّ كَسْرَهُ أَثَّرَ فِيهِ خُمُسَ الْقِيمَةِ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ سَلِيمًا، هَذَا مَعْنَاهُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ الْمَغْرِبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ حِينَئِذٍ لَا يَجُوزُ أَكْلُهُ) أَيْ بِأَنْ صَارَ فَاسِدًا.
(قَوْلُهُ فَلَا يُرَدُّ، وَقَوْلُهُ وَيَرْجِعُ بِمَا بَيْنَ الصِّحَّةِ وَالدَّاءِ) كَمَا صَوَّرْنَا فِي الْبَيْضِ مِنْ أَنَّهُ إذَا تَمَاسَكَ يَرْجِعُ بِخُمُسِ الثَّمَنِ الَّذِي هُوَ بَيْنَ الصِّحَّةِ وَعَدَمِهَا فَالصِّحَّةُ كَوْنُهُ سَالِمًا مِنْ الْمَمْرُوقِيَّةِ، وَقَوْلُهُ وَالدَّاءُ أَيْ الْمَمْرُوقِيَّةُ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ فَلَا يُرَدُّ وَيَرْجِعُ مُنَافٍ لِقَوْلِهِ رَدَّهُ، وَمَا نَقَصَهُ إلَخْ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ هَذَا مُقَابِلًا لِلْمُعْتَمَدِ الْمُتَقَدِّمِ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ سَمِعْنَا مِنْهُ ذَلِكَ، وَفِي شب مَا يَقْتَضِي أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ هَذَا إذَا كَانَ لَهُ قِيمَةٌ يَوْمَ الْبَيْعِ بَعْدَ الْكَسْرِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الْبَيْضُ مَمْرُوقًا كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ لِأَنَّ لَهُ قِيمَةً بَعْدَ الْكَسْرِ، وَقَوْلُهُ وَإِلَّا أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ بِأَنْ صَارَ فَاسِدًا هَذَا مُرَادُهُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ يُوهِمُ خِلَافَ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ كَصَدْعِ جِدَارٍ) أَيْ شَقِّ جِدَارٍ (قَوْلُهُ وَاخْتُلِفَ فِي حَدِّ الْقَلِيلِ لَا جِدًّا) اعْلَمْ أَنَّ أَصْلَ النَّقْلِ إنَّمَا هُوَ فِي حَدِّ الْكَثِيرِ كَمَا فِي الْمُتَيْطِيِّ وَابْنِ عَرَفَةَ، وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ، وَفِي حَدِّ الْكَثِيرِ بِثُلُثِ الثَّمَنِ أَوْ رُبْعِهِ ثَالِثُهَا مَا قِيمَتُهُ عَشَرَةُ مَثَاقِيلَ، وَرَابِعُهَا عَشَرَةٌ مِنْ مِائَةٍ، وَخَامِسُهَا لَا حَدَّ لِمَا بِهِ الرَّدُّ إلَّا بِمَا أَضَرَّ لِابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعِيَاضٍ عَنْ ابْنِ عَتَّابٍ وَابْنِ الْقَطَّانِ وَابْنِ رُشْدٍ وَنَقْلِ عِيَاضٍ اهـ. لَكِنْ قَوْلُ ابْنِ الْقَطَّانِ الثَّالِثُ بِأَنَّ الْعَشَرَةَ كَثِيرٌ لَمْ يُبَيِّنْ مِنْ كَمْ، وَلَعَلَّ قَوْلَ ابْنِ رُشْدٍ الرَّابِعَ تَفْسِيرٌ لَهُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْكَثِيرَ مَا كَانَ الثُّلُثَ كَمَا يُفِيدُهُ تَقْدِيمُ ابْنِ عَرَفَةَ لَهُ كَمَا هُوَ عَادَتُهُ، وَأَيْضًا