للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السَّوَاءِ فِيمَا يَخُصُّهُ وَفِيمَا عَلَى أَصْحَابِهِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ لُبَابَةَ وَالتُّونِسِيُّ وَغَيْرُهُمَا قَالُوا لِأَنَّهُمْ سَوَاءٌ فِي الْحَمَالَةِ أَوْ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ إلَّا فِيمَا عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَطْ فَيُقَاسِمُهُ فِيهِ وَأَمَّا الْقَدْرُ الَّذِي يَخُصُّهُ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى أَحَدٍ كَالْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ وَهَذَا مَذْهَبُ الْأَكْثَرِ كَمَا عَزَاهُ فِي التَّنْبِيهَاتِ لِأَكْثَرِ مَشَايِخِ الْأَنْدَلُسِيِّينَ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ لَوْ قَبَضَ رَبُّ الدَّيْنِ مِنْ أَحَدِهِمْ مِائَةً لِكَوْنِهِ لَمْ يَجِدْ مَعَهُ غَيْرَهَا ثُمَّ وَجَدَ هَذَا أَحَدَ الْكُفَلَاءِ هَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ الْمِائَةِ أَوْ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْهَا؟ وَإِذَا عَلِمْت أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ لَا يَرْجِعُ هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، يَكُونُ قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ رَاجِعًا لِلْأَوَّلِ وَهُوَ مَا قَبْلَ (أَوْ لَا) وَيَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ الْمُؤَلِّفُ أَرَادَ بِالْأَكْثَرِ ابْنَ لُبَابَةَ وَالتُّونِسِيَّ نَعَمْ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمُؤَلِّفِ وَهَلْ يَرْجِعُ بِمَا يَخُصُّهُ إذَا كَانَ الْحَقُّ عَلَى غَيْرِهِمْ بِإِسْقَاطِ لَا وَأَيْضًا وَفِي بَعْضِهَا وَهَلْ لَا يَرْجِعُ بِمَا يَخُصُّهُ أَيْضًا إذَا كَانَ الْحَقُّ عَلَى غَيْرِهِمْ أَوَّلًا بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ وَالتَّنْوِينِ وَعَزَاهُ بَعْضٌ لِمُسَوَّدَةِ الْمُؤَلِّفِ وَخَطِّ تِلْمِيذِهِ الْأَقْفَهْسِيِّ وَعَلَى هَاتَيْنِ النُّسْخَتَيْنِ فَلَا إشْكَالَ.

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مَا هُوَ الْمُعَظَّمُ بِالْقَصْدِ وَهُوَ ضَمَانُ الْمَالِ شَرَعَ فِيمَا يُشْبِهُهُ وَهُوَ ضَمَانُ الْوَجْهِ بِقَوْلِهِ (ص) وَصَحَّ بِالْوَجْهِ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَصَحَّ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الضَّمَانَ يَصِحُّ بِالْوَجْهِ فَإِذَا لَمْ يَأْتِ بِالْمَضْمُونِ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ مَا عَلَيْهِ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِتْيَانِ بِالْغَرِيمِ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَقْتَ الْحَاجَةِ وَلَا اخْتِلَافَ فِي صِحَّتِهِ عِنْدَنَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَجْهِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَعْضَاءِ قَالَ فِي الشَّامِلِ وَجَازَ بِوَجْهٍ وَالْعُضْوُ الْمُعَيَّنُ كَالْجَمِيعِ اهـ.

وَإِنَّمَا يَصِحُّ ضَمَانُ الْوَجْهِ حَيْثُ كَانَ عَلَى الْمَضْمُونِ دَيْنٌ إذْ لَا يَصِحُّ فِي قِصَاصٍ وَنَحْوِهِ وَالْمُرَادُ بِالْوَجْهِ الذَّاتُ.

(ص) وَلِلزَّوْجِ رَدُّهُ مِنْ زَوْجَتِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَةَ إذَا تَكَلَّفَتْ بِوَجْهِ شَخْصٍ فَلِزَوْجِهَا أَنْ يَرُدَّهُ لِأَنَّهُ يَقُولُ قَدْ تُحْبَسُ فَامْتَنَعَ مِنْهَا وَقَدْ تَخْرُجُ لِلْخُصُومَةِ وَفِيهِ مَعَرَّةٌ وَعَلَى هَذَا لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَا عَلَى الْمَضْمُونِ مِنْ الدَّيْنِ قَدْرَ ثُلُثِ مَالِهَا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَمِثْلُهُ ضَمَانُ الطَّلَبِ وَأَمَّا ضَمَانُهَا لِلْمَالِ فَقَدْ مَرَّ.

(ص) وَبَرِئَ بِتَسْلِيمِهِ لَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ ضَامِنَ الْوَجْهِ يَبْرَأُ بِتَسْلِيمِ الْمَضْمُونِ لِصَاحِبِ الْحَقِّ فِي مَكَان يَقْدِرُ عَلَى خَلَاصِهِ مِنْهُ يُرِيدُ إذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ غَيْرَ مُؤَجَّلَةٍ أَوْ كَانَتْ مُؤَجَّلَةً وَقَدْ حَلَّ الدَّيْنُ وَقَوْلُهُ (وَإِنْ بِسِجْنٍ) مُبَالَغَةٌ فِي بَرَاءَةِ ضَامِنِ الْوَجْهِ إذَا سَلَّمَ الْغَرِيمَ لِصَاحِبِ الْحَقِّ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي السِّجْنِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ صَاحِبُك فِي السِّجْنِ شَأْنُك بِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُسَلِّمُهُ لَهُ فِي يَدِهِ وَيُحْبَسُ لَهُ بَعْدَ تَمَامِ مَا حُبِسَ فِيهِ وَسَوَاءٌ حُبِسَ فِي دَمٍ أَوْ غَيْرِهِ فَقَوْلُهُ بِتَسْلِيمِهِ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ أَيْ بِتَسْلِيمِ الضَّامِنِ الْمَضْمُونَ.

(ص) أَوْ بِتَسْلِيمِهِ نَفْسَهُ إنْ أَمَرَهُ بِهِ إنْ حَلَّ الْحَقُّ (ش) الْهَاءُ فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ تَرْجِعُ لِلْمَضْمُونِ وَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِالْبَاءِ لِلتَّسْلِيمِ وَالْفَاعِلُ بِأَمْرِهِ هُوَ الضَّامِنُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الضَّامِنَ إذَا أَمَرَ الْمَضْمُونَ أَنْ يُسَلِّمَ نَفْسَهُ لِصَاحِبِ الْحَقِّ فَفَعَلَ فَإِنَّ الضَّامِنَ يَبْرَأُ بِذَلِكَ بِشَرْطِ أَنْ يَحِلَّ الْحَقُّ وَإِلَّا فَلَا وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ أَوْ تَسْلِيمِهِ إيَّاهُ لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَعَ قَوْلِهِ وَبَرِئَ بِتَسْلِيمِهِ لَهُ وَقَوْلُهُ إنْ أَمَرَهُ بِهِ إنْ حَلَّ الْحَقُّ شَرْطَانِ فِي الْإِبْرَاءِ الْمَفْهُومُ مِنْ بَرِئَ كَقَوْلِهِ وَإِنْ قَالَ إنْ كَلَّمْت إنْ دَخَلَتْ لَمْ تَطْلُقْ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُ عَلَى حِلِّهِ الْأَوَّلِ بِحَسَبِ مَا أَفَادَهُ أَنَّهُ تَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا كَانَ دَفَعَ الثَّلَاثَمِائَةِ وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّهُ عَلَى الْحِلِّ الْأَوَّلِ لَمْ تَظْهَرْ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فَوَقَعَ فِي كَلَامِهِ التَّنَاقُضُ وَإِنَّمَا قُلْنَا عَلَى حِلِّهِ أَوَّلًا تَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ لِأَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَتَشَارَكَانِ فِي الثَّلَاثِمِائَةِ فَيَصِيرُ كُلُّ وَاحِدٍ دَافِعًا مِائَةً وَخَمْسِينَ وَعَلَى الثَّانِي يَكُونُ الدَّافِعُ مُخْتَصًّا بِمِائَتَيْنِ وَالْمَلْقِيُّ مَا عَلَيْهِ إلَّا مِائَةٌ فَقَطْ وَالتَّحْقِيقُ هُوَ أَنَّهُ لَا تَظْهَرُ ثَمَرَةٌ إلَّا إذَا قَبَضَ مِائَةً كَمَا أَفَادَهُ مُؤَخَّرًا وَأَمَّا لَوْ قَبَضَ الثَّلَاثَمِائَةِ فَإِنَّهُ إذَا وَجَدَ وَاحِدًا يُشَارِكُهُ فِي الثَّلَثِمِائَةِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ بِاتِّفَاقِ الْقَوْلَيْنِ وَعَلَى كُلٍّ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُ ابْنِ لُبَابَةَ وَالتُّونِسِيِّ أَيْ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا هُوَ قَلِيلُ الْقَوْلِ بِعَدَمِ الرُّجُوعِ (قَوْلُهُ بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ) عَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ يَكُونُ الْمُصَنِّفُ حَذَفَ التَّأْوِيلَ الثَّانِيَ وَقَوْلُهُ أَوَّلًا أَيْ ابْتِدَاءً أَيْ بِأَنْ كَانُوا حُمَلَاءَ فَقَطْ وَأَمَّا لَوْ كَانُوا حُمَلَاءَ غُرَمَاءَ فَالْحَقُّ عَلَيْهِمْ ابْتِدَاءً.

[ضَمَانُ الْوَجْهِ]

(قَوْلُهُ وَصَحَّ بِالْوَجْهِ) أَيْ بِإِحْضَارِ الْوَجْهِ فَفِيهِ حَذْفُ مُضَافٍ أَوْ الْبَاءُ لِلْمُلَابَسَةِ أَيْ مُلْتَبِسًا بِالْوَجْهِ (قَوْلُهُ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِتْيَانِ بِالْغَرِيمِ) فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ ضَمَانُ الطَّلَبِ كَمَا فَهِمَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ مِنْ أَنَّهُ غَيْرُ مَانِعٍ لِذَلِكَ لِأَنَّ ضَمَانَ الطَّلَبِ طَلَبُهُ بِمَا يَقْوَى عَلَيْهِ فَلَيْسَ الْإِتْيَانُ جُزْئِيًّا لَهُ وَلَا لَازِمًا لَهُ.

(قَوْلُهُ رَدَّهُ مِنْ زَوْجَتِهِ) أَيْ إذَا كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهِ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ بِسِجْنٍ) كَانَ بِحَقٍّ أَوْ ظُلْمًا وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا أَمْكَنَ خَلَاصُ حَقِّهِ مِنْهُ وَهُوَ بِهِ (قَوْلُهُ وَيُحْبَسُ لَهُ) مُسْتَأْنَفٌ (قَوْلُهُ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ) أَقُولُ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُضَافًا لِلْمَفْعُولِ وَالْفَاعِلُ مَحْذُوفٌ وَالتَّقْدِيرُ أَيْ تَسْلِيمُ الْمَضْمُونَ الضَّامِنُ.

(قَوْلُهُ إنْ أَمَرَهُ بِهِ) فَإِنْ سَلَّمَ نَفْسَهُ أَوْ سَلَّمَهُ أَجْنَبِيٌّ بِغَيْرِ أَمْرِ الضَّامِنِ لَمْ يَبْرَأْ إلَّا أَنْ يَقْبَلَهُ الطَّالِبُ وَلَوْ أَنْكَرَ الطَّالِبُ أَمْرَهُ بِهِ بَرِئَ إنْ شَهِدَ لَهُ وَلَوْ وَاحِدًا وَلَوْ لَمْ يَحْلِفْ مَعَهُ وَمَحَلُّ هَذَا الشَّرْطِ فِي الْمُصَنِّفِ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ حَمِيلُ الْوَجْهِ أَنَّكَ إنْ لَقِيت غَرِيمَك سَقَطَتْ الْحَمَالَةُ عَنِّي فَإِنْ شَرَطَهُ بَرِئَ إنْ لَقِيَهُ بِمَوْضِعٍ تَنَالُهُ الْأَحْكَامُ فِيهِ وَلَا يُفْتَقَرُ لِتَسْلِيمِهِ (قَوْلُهُ إنْ أَمَرَهُ بِهِ إنْ حَلَّ الْحَقُّ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ قَوْلَهُ إنْ حَلَّ الْحَقُّ مَا هُوَ رَاجِعٌ إلَّا لِقَوْلِهِ أَوْ تَسْلِيمِهِ نَفْسَهُ مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ الْأَوَّلُ وَبَرِئَ بِتَسْلِيمِهِ لَهُ مُقَيَّدٌ بِحُلُولِ الْحَقِّ كَمَا أَفَادَهُ شَارِحُنَا سَابِقًا وَبَعْضُ الشُّرَّاحِ جَعَلَ قَوْلَهُ إنْ حَلَّ الْحَقُّ مُرْتَبِطًا بِالْأَمْرَيْنِ مَعًا وَقَوْلُهُ إنْ أَمَرَهُ بِهِ مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ أَوْ تَسْلِيمِهِ نَفْسَهُ فَعَلَى كَلَامِ هَذَا الشَّارِحِ لَا يَلْزَمُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَخَلَّ بِالْقَيْدِ فِي الْأَوَّلِ وَعَلَى كَلَامِ شَارِحِنَا يَلْزَمُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَخَلَّ بِالْقَيْدِ فِي الْأَوَّلِ أَعْنِي إنْ حَلَّ الْحَقُّ فَتَدَبَّرْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>