للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَوْتِي بِالتَّدْبِيرِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَيَكُونُ عَقْدًا لَازِمًا وَلَمْ يُعَلِّقْهُ أَيْ عَلَى شَيْءٍ غَيْرِ صِيغَةِ التَّدْبِيرِ لِأَنَّ صِيغَتَهُ تَعْلِيقٌ أَيْضًا كَإِنْ كَلَّمْت فُلَانًا أَوْ دَخَلْت الدَّارَ مَثَلًا فَأَنْتَ حُرٌّ إنْ مِتّ مِنْ مَرَضِي أَوْ سَفَرِي هَذَا أَوْ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي أَيْ وَكَلَّمَ فُلَانًا أَوْ دَخَلَ الدَّارَ مَثَلًا فَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يُرِدْهُ وَلَمْ يُعَلِّقْهُ رَاجِعٌ لِلصِّيَغِ الثَّلَاثِ وَأَمَّا إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِيَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهَا تَكُونُ وَصِيَّةً غَيْرَ لَازِمَةٍ لِمُخَالَفَتِهِ لِلتَّدْبِيرِ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُعَلَّقٍ عَلَى الْمَوْتِ وَسَوَاءٌ أَرَادَ بِهِ التَّدْبِيرَ أَوْ لَمْ يُرِدْهُ إلَّا أَنَّهُ إذَا أَرَادَهُ كَانَ وَصِيَّةً الْتَزَمَ عَدَمَ الرُّجُوعِ فِيهَا وَالْوَصِيَّةُ إذَا الْتَزَمَ عَدَمَ الرُّجُوعِ فِيهَا هَلْ تَلْزَمُ أَوْ لَا قَوْلَانِ

(ص) بِدَبَّرْتُك وَأَنْتَ مُدَبَّرٌ أَوْ حُرٌّ عَنْ دُبُرٍ مِنِّي (ش) هَذَا شُرُوعٌ فِي صَرِيحِ التَّدْبِيرِ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَصْدَرِ وَهُوَ تَعْلِيقٌ وَالْمَعْنَى إنَّ الْمُكَلَّفَ إذَا عَلَّقَ الْعِتْقَ عَلَى مَوْتِهِ بِصِيغَةٍ مِنْ هَذِهِ الصِّيَغِ الثَّلَاثِ فَإِنَّهُ يَكُونُ تَدْبِيرًا صَرِيحًا إلَّا أَنْ يَقُولَ مَا لَمْ أُغَيِّرْ ذَلِكَ أَوْ أَرْجِعْ عَنْهُ أَوْ أَفْسَخْهُ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ قَرِينَةً صَارِفَةً عَنْ التَّدْبِيرِ إلَى الْوَصِيَّةِ وَهَذَا حُكْمُ صَرِيحِ الْوَصِيَّةِ إذَا صَحِبَهُ قَرِينَةٌ عَلَى التَّدْبِيرِ انْعَقَدَ كَقَوْلِهِ إذَا مِتّ فَعَبْدِي فُلَانٌ حُرٌّ لَا يُغَيَّرُ عَنْ حَالِهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ

(ص) وَنَفَذَ تَدْبِيرُ نَصْرَانِيٍّ لِمُسْلِمٍ وَأَوْجَزَ لَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ النَّصْرَانِيَّ أَوْ الْيَهُودِيَّ إذَا أَسْلَمَ عَبْدُهُ قَبْلَ التَّدْبِيرِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ اشْتَرَاهُ مُسْلِمًا ثُمَّ دَبَّرَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ يَنْفُذُ وَيَلْزَمُ وَلَا يُفْسَخُ؛ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الْعِتْقِ وَلَكِنْ يُؤَاجَرُ عَلَيْهِ عِنْدَ مُسْلِمٍ لِئَلَّا يَكُونَ لَهُ عَلَيْهِ الِاسْتِيلَاءُ بِالْخِدْمَةِ وَتَكُونَ أُجْرَتُهُ لِسَيِّدِهِ حَتَّى يَعْتِقَ بِمَوْتِ سَيِّدِهِ مِنْ ثُلُثِهِ وَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْكَافِرِ وَلَدٌ أَوْ أَخٌ مُسْلِمٌ فَإِنْ أَسْلَمَ وَرَجَعَ عَلَيْهِ عَبْدُهُ وَكَانَ لَهُ وَلَاؤُهُ أَيْ حَيْثُ أَسْلَمَ الْعَبْدُ بَعْدَ التَّدْبِيرِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ مُسْلِمًا عِنْدَ التَّدْبِيرِ فَالْوَلَاءُ لِلْمُسْلِمِينَ وَلَا يَرْجِعُ لِلسَّيِّدِ وَلَوْ أَسْلَمَ وَلَا لِوَرَثَتِهِ الْمُسْلِمِينَ فَقَوْلُهُ لَهُ أَيْ عَلَيْهِ وَأُوجِرَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ الْحَاكِمُ يَتَوَلَّى ذَلِكَ وَيُؤَجَّرُ مُدَّةً شَيْئًا فَشَيْئًا لِأَنَّ مُنْتَهَى أَجَلِ السَّيِّدِ لَا يُعْلَمُ وَنَفَذَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ

(ص) وَتَنَاوَلَ الْحَمْلَ مَعَهَا كَوَلَدٍ مُدَبَّرٍ مِنْ أَمَتِهِ بَعْدَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ دَبَّرَ أَمَتِهِ فَإِنَّ تَدْبِيرَهُ يَتَنَاوَلُ حَمْلَهَا سَوَاءٌ حَمَلَتْ بِهِ قَبْلَ تَدْبِيرِهَا أَوْ بَعْدَهُ كَمَا أَنَّ وَلَدَ الْعَبْدِ الْمُدَبَّرِ الْكَائِنَ مِنْ أَمَتِهِ الَّتِي حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ تَدْبِيرِهِ يَكُونُ مُدَبَّرًا مِثْلَ أَبِيهِ فَلَوْ حَمَلَتْ بِهِ قَبْلَهُ أَوْ يَوْمَ تَدْبِيرِ أَبِيهِ يَكُونُ رِقًّا لِلسَّيِّدِ الْمُدَبِّرِ بِكَسْرِ الْبَاءِ الْمُشَدَّدَةِ فَقَوْلُهُ مَعَهَا وَأَحْرَى فِي الدُّخُولِ الْحَمْلُ بَعْدَ التَّدْبِيرِ فَالظَّرْفُ صِفَةٌ أَوْ حَالٌ أَيْ مَعَ تَدْبِيرِهَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ يُرِيدُ أَوْ حَمَلَتْ بَعْدَ ذَلِكَ صَحِيحٌ لِأَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ دَاخِلٌ بِالْأَحْرَى لَا أَنَّهُ دَاخِلٌ فِي الْعِبَارَةِ وَاعْتِرَاضُ تت عَلَيْهِ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَقَوْلُهُ بَعْدَهُ مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ دَلَّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ كَمَا مَرَّ وَإِنَّمَا دَخَلَ وَلَدُ الْمُدَبَّرَةِ قَبْلَ تَدْبِيرِهَا فِي عَقْدِ تَدْبِيرِهَا دُونَ حَمْلِهَا مِنْ أَبِيهِ قَبْلَ تَدْبِيرِهِ لِأَنَّ الْوَلَدَ كَجُزْءٍ مِنْهَا حَتَّى يُوضَعَ فَإِذَا دَبَّرَهَا فَقَدْ دَبَّرَهُ وَإِذَا دَبَّرَ الْأَبَ لَمْ يَدْخُلْ تَدْبِيرُ الْأُمِّ وَلَا حَمْلُهَا حَتَّى تَحْمِلَ بِهِ بَعْدَ تَدْبِيرِ الْأَبِ (ص) وَصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ بِهِ إنْ عَتَقَ (ش) الضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِالْبَاءِ يَرْجِعُ لِلْوَلَدِ الَّذِي حَمَلَتْ الْأَمَةُ بِهِ بَعْدَ تَدْبِيرِ أَبِيهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعَبْدَ الْمُدَبَّرَ إذَا أُعْتِقَ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ الَّذِي

ــ

[حاشية العدوي]

فِي قَلْبِهِ لَا يُعْمَلُ بِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يُعْمَلُ بِهِ وَتُعْلَمُ نِيَّتُهُ مِنْ قَوْلِهِ نَوَيْت وَيُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا الْحَاصِلُ أَنَّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ لَا يُعَدُّ مِنْ بَابِ أَوْ نَوَى بِهِ التَّدْبِيرَ؛ لِأَنَّ؛ مَا صَحِبَتْهُ قَرِينَةٌ لَا يُقَالُ إنَّهُ أَرَادَ بِهِ التَّدْبِيرَ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَتْ مَقَالِيَّةً كَلَا يُغَيَّرُ عَنْ حَالِهِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ فِيهِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ؛ صِيغَتَهُ تَعْلِيقٌ) أَيْ مُحْتَوِيَةٌ عَلَى الْمُعْتَقِ (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِلصِّيَغِ الثَّلَاثِ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ قَوْلَهُ إنْ لَمْ يُرِدْهُ قَيْدٌ فِي الثَّلَاثَةِ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يُعَلِّقْهُ قَيْدٌ فِي الْأَخِيرِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَ مَوْتِي (قَوْلُهُ سَوَاءٌ أَرَادَ بِهِ التَّدْبِيرَ أَمْ لَا) هَكَذَا قَالَ الشَّارِحُ وَقَالَ عج قَوْلُهُ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي أَيْ إنْ لَمْ يَرِدْهُ وَلَمْ يُعَلِّقْهُ وَقَالَ اللَّقَانِيِّ وَصِيَّةٌ مُطْلَقًا أَرَادَهُ أَمْ لَا عَلَّقَهُ أَمْ لَا وَلِذَا أَخَّرَهُ عَنْ الْقَيْدِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَوْ بَعْدَ مَوْتِي أَنَّهُ خَرَجَ عَنْ سُنَّةِ التَّدْبِيرِ وَهُوَ التَّعْلِيقُ بِالْمَوْتِ وَلَمْ أَرَ تَرْجِيحَ تَقْرِيرٍ مِنْ ذَلِكَ

[صَرِيحِ التَّدْبِيرِ]

(قَوْلُهُ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَصْدَرِ وَهُوَ تَعْلِيقٌ) وَقَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ الْأَوْلَى تَعَلُّقُهُ بِعَتَقَ؛ لِأَنَّ؛ تَعَلُّقَ الْمَعْمُولِ بِالْعَامِلِ الْقَرِيبِ أَوْلَى انْتَهَى (أَقُولُ) وَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ شَارِحُنَا يُعْلَمُ ذَلِكَ بِالتَّأَمُّلِ

(قَوْلُهُ وَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ) ظَاهِرُهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ مَلَكَهُ مُسْلِمًا أَوْ أَسْلَمَ عِنْدَهُ قَبْلَ التَّدْبِيرِ أَوْ بَعْدَ التَّدْبِيرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الذِّمِّيَّ إذَا دَبَّرَ الْمُسْلِمَ سَوَاءٌ مَلَكَهُ مُسْلِمًا أَوْ أَسْلَمَ عِنْدَهُ قَبْلَ التَّدْبِيرِ فَإِنَّ وَلَاءَهُ لِلْمُسْلِمِينَ سَوَاءٌ كَانَ لِسَيِّدِهِ أَقَارِبُ مُسْلِمُونَ أَمْ لَا وَلَا يَعُودُ وَلَاؤُهُ لِسَيِّدِهِ وَلَوْ أَسْلَمَ؛ لِأَنَّهُ؛ حِينَ دَبَّرَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهِ وَلَاءٌ لِاخْتِلَافِ الدِّينَيْنِ وَأَمَّا إنْ دَبَّرَ كَافِرٌ كَافِرًا ثُمَّ أَسْلَمَ الْعَبْدُ فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ كَافِرًا فَوَلَاؤُهُ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلسَّيِّدِ وَلَدٌ أَوْ أَخٌ مُسْلِمٌ فَإِنَّهُ يَرِثُهُ وَيَكُونُ وَلَاؤُهُ لَهُ؛ لِأَنَّ؛ الْوَلَاءَ الَّذِي هُوَ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ ثَبَتَ بَيْنَ السَّيِّدِ وَمُدَبَّرِهِ؛ لِاتِّفَاقِهِمَا؛ حِينَ التَّدْبِيرِ فِي الدِّينِ وَأَمَّا إذَا أَسْلَمَ السَّيِّدُ بَعْدَ إسْلَامِ الْمُدَبَّرِ فَإِنَّهُ يَعُودُ إلَيْهِ وَلَاؤُهُ أَيْ لُحْمَةُ الْوَلَاءِ لَا الْمِيرَاثُ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَقَوْلُهُ لَا الْمِيرَاثُ أَيْ؛ لِأَنَّ؛ الْعَبْدَ لَمْ يَمُتْ وَأَمَّا إنْ مَاتَ الْعَبْدُ الَّذِي دَبَّرَهُ سَيِّدُهُ ثُمَّ أَسْلَمَ فِي حَيَاةِ سَيِّدِهِ فَإِنَّ مَالَهُ لِسَيِّدِهِ؛ لِأَنَّ؛ السَّيِّدَ الْكَافِرَ يَأْخُذُ مَالَ عَبْدِهِ الْمُسْلِمِ إذَا مَاتَ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ إلَّا أَنْ يَكُونَ إلَخْ يُقَيَّدُ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ الْإِطْلَاقَ بِمَا إذَا أَسْلَمَ الْعَبْدُ بَعْدَ التَّدْبِيرِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ مُسْلِمًا عِنْدَ التَّدْبِيرِ فَالْوَلَاءُ لِلْمُسْلِمِينَ وَلَا يَرْجِعُ لِلسَّيِّدِ وَلَوْ أَسْلَمَ أَوْ كَانَ لَهُ وَرَثَةٌ مُسْلِمُونَ كَمَا قَرَّرْنَا (قَوْلُهُ وَكَانَ لَهُ وَلَاؤُهُ) أَيْ اللُّحْمَةُ وَيَتْبَعُهَا الْمِيرَاثُ

(قَوْلُهُ فَلَوْ حَمَلَتْ إلَخْ) فَإِنْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ نُظِرَ فَإِنْ وَضَعَتْهُ لِسِتَّةٍ فَأَكْثَرَ مِنْ يَوْمِ التَّدْبِيرِ فَهُوَ مُدَبَّرٌ مَعَ أَبِيهِ وَإِنْ كَانَ لِأَقَلَّ فَهُوَ رَقِيقٌ (قَوْلُهُ فَاعْتِرَاضُ تت إلَخْ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ؛ قَالَ فِي هَذِهِ الْإِرَادَةِ شَيْءٌ مَعَ قَوْلِهِ تَنَاوَلَ (قَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ) أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ أَيْ حَمَلَتْ بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>