للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى) فَرْضِ بَيْعِهِ م (مَنْ لَا يَغُشُّ أَقْوَالٌ) ثَلَاثَةٌ وَيُسْتَحَبُّ عَلَى هَذَا التَّصَدُّقُ بِغَيْرِ الزَّائِدِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْفَوَاتَ إنْ كَانَ مَصُوغًا بِمَا تَفُوتُ بِهِ الْعُرُوض وَإِنْ كَانَ مَسْكُوكًا بِمَا تَفُوتُ بِهِ الْمِثْلِيَّاتُ وَيُزَادُ أَوْ تَعَذَّرَ الْمُشْتَرَى وَسَيَأْتِي مَا تَفُوتُ بِهِ الْعُرُوض وَالْمِثْلِيَّاتُ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْعُقُودِ الْمُعَمِّرَةِ لِلذِّمَّةِ شَرَعَ فِيمَا تَخْلُو بِهِ الذِّمَمُ وَبَدَأَ بِالْقَضَاءِ فَقَالَ (ص) وَقَضَاءُ قَرْضٍ بِمُسَاوٍ وَأَفْضَلَ صِفَةً (ش) وَعَرَّفَ ابْنُ عَرَفَةَ الِاقْتِضَاءَ بِقَوْلِهِ هُوَ عُرْفًا قَبْضُ مَا فِي ذِمَّةِ غَيْرِ الْقَابِضِ قَوْلُهُ قَبْضُ أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ حِسِّيٌّ وَحُكْمِيٌّ وَلِذَلِكَ أَخْرَجَ الْمُقَاصَّةَ بِقَوْلِهِ غَيْرُ الْقَابِضِ، وَأَخْرَجَ بِالذِّمَّةِ الْمُعَيَّنَ إذَا قَبَضَهُ وَمَعْنَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مِنْ قَرْضٍ أَنْ يَقْضِيَهُ بِالْمُسَاوِي لِمَا فِي الذِّمَّةِ لِدُخُولِهِمَا عَلَيْهِ وَبِالْأَفْضَلِ صِفَةً إذْ هِيَ زِيَادَةٌ لَا يُمْكِنُ فَصْلُهَا فَلَمْ يَتَّهِمُوا بِسَبَبِ زِيَادَتِهَا وَسَوَاءٌ حَلَّ الْأَجَلُ أَمْ لَا.

وَلِأَنَّ فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - رَدَّ فِي سَلَفِ بَكْرٍ رُبَاعِيًّا، وَقَالَ إنَّ خِيَارَ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً» وَلَا يُقَالُ ذَلِكَ رُخْصَةٌ لَا يُقَاسُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّمَا تَمَكَّنَّا بِعُمُومِ النَّصِّ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَأَفْضَلُ صِفَةً فِي الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ (ص) وَإِنْ حَلَّ الْأَجَلُ بِأَقَلَّ صِفَةً وَقَدْرًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ يَجُوزُ لَهُ قَضَاءُ مَا عَلَيْهِ بِأَقَلَّ صِفَةً وَقَدْرًا مِمَّا عَلَيْهِ وَأَوْلَى بِأَقَلَّ صِفَةً فَقَطْ أَوْ قَدْرًا فَقَطْ حَيْثُ حَلَّ الْأَجَلُ أَوْ كَانَ حَالًّا فِي الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ حَسَنٌ اقْتِضَاءً، وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ الْحُلُولُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قَبْلَ الْأَجَلِ مُمْتَنِعٌ إذْ يَدْخُلُهُ ضَعْ وَتَعَجَّلْ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ ذَلِكَ يَجْرِي فِي النَّقْدِ الْمُتَعَامَلِ بِهِ عَدَدًا أَوْ وَزْنًا.

وَكَذَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمَوَّاقِ فَقَوْلُهُ بِأَقَلَّ صِفَةً مُتَعَلِّقٌ بِجَازِ الْمُقَدَّرِ الْعَامِلِ فِي قَضَاءُ مِنْ قَوْلِهِ وَقَضَاءُ قَرْضٍ (ص) لَا أَزْيَدَ عَدَدًا أَوْ وَزْنًا (ش)

ــ

[حاشية العدوي]

إلَيْهِ النَّفْسُ وَيُوَافِقُ قَوْلَهُ فِي الْإِجَارَةِ وَتَصَدَّقَ بِالْكِرَاءِ وَبِفَضْلَةِ الثَّمَنِ عَلَى الْأَرْجَحِ فَهُوَ أَرْجَحُهَا وَانْظُرْ هَلْ يُعْتَبَرُ الزَّائِدُ يَوْمَ الْبَيْعِ أَوْ الْآنَ كَذَا فِي شَرْحِ شب.

(قَوْلُهُ وَيُزَادُ أَوْ تَعَذَّرَ إلَخْ) تَقَدَّمَ لَهُ أَنَّهُ جَعَلَ الْمُصَنِّفَ شَامِلًا لِهَذِهِ الصُّورَةِ فَلَا يَرِدُ ذَلِكَ بَلْ يَرِدُ أَنَّ فَوَاتَ الْعُرُوضِ يَكُونُ بِحَوَالَةِ السُّوقِ فَيُفِيدُ كَلَامُهُ هُنَا أَنَّهُ مِنْ الْمُفَوَّتِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْأَحْسَنُ مَا تَقَدَّمَ.

[مَا تَخْلُو بِهِ الذِّمَمُ]

(قَوْلُهُ بِمُسَاوٍ) كَرِيَالٍ عَنْ مِثْلِهِ كَانَ التَّعَامُلُ بِهِ وَزْنًا أَوْ عَدَدًا أَوْ عَدَدًا وَوَزْنًا حَلَّ الْأَجَلُ أَمْ لَا وَكَإِرْدَبِّ قَمْحٍ عَنْ مِثْلِهِ صِفَةً وَقَدْرًا، وَقَوْلُهُ وَأَفْضَلَ صِفَةً كَرِيَالٍ عَنْ كَلْبٍ لِاتِّحَادِ وَزْنِهِمَا وَفَضْلِ صِفَةِ الرِّيَالِ حِلُّ الْأَجَلِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ فِي الْعَيْنِ مِنْ حَقِّ مَنْ هِيَ عَلَيْهِ وَكَقَضَاءِ قَمْحٍ جَدِيدٍ عَنْ مِثْلِهِ كَيْلًا قَدِيمٍ؛ لِأَنَّهُ حُسْنُ قَضَاءٍ، وَقَيَّدَ الْقَضَاءَ بِالْأَفْضَلِ بِقَيْدَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ لَا يُشْتَرَطَ ذَلِكَ عِنْدَ الْقَرْضِ، وَإِلَّا مُنِعَ وَفَسَدَ كَاشْتِرَاطِ زِيَادَةِ الْعَدَدِ وَالْعَادَةِ كَالشَّرْطِ الثَّانِي أَنْ يَتَّحِدَ نَوْعُهُمَا أَوْ يَخْتَلِفَ، وَلَكِنْ حَلَّ الْأَجَلُ فَإِنْ لَمْ يَحِلَّ مُنِعَ كَقَضَاءِ إرْدَبِّ قَمْحٍ عَنْ شَعِيرٍ؛ لِأَنَّ فِيهِ حُطَّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُك كَمَا يُمْنَعُ عَكْسُهُ قَبْلَ حُلُولِهِ أَيْضًا لِمَا فِيهِ مِنْ ضَعْ وَتَعَجَّلْ.

(قَوْلُهُ صِفَةً) مَنْصُوبٌ عَلَى التَّمْيِيزِ وَلَا تَصِحُّ الْإِضَافَةُ إذْ أَفْضَلُ نَكِرَةٌ وَالْوَاقِعُ بَعْدَهُ صِفَةٌ وَمَوْصُوفُهُ فِي نَحْوِ هَذَا إنْ كَانَ ذَاتًا امْتَنَعَ إضَافَةُ اسْمِ التَّفْضِيلِ كَمَا هُنَا إذْ لَا يُقَالُ زَيْدٌ أَفْضَلُ صِفَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ زَيْدًا بَعْضُ الصِّفَاتِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ صِفَةً فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ إضَافَتُهُ لَهُ كَأَنْ يُقَالَ الْعِلْمُ أَفْضَلُ صِفَةٍ إذْ الْعِلْمُ مِنْ بَعْضِ الصِّفَاتِ وَاسْمُ التَّفْضِيلِ بَعْضُ مَا يُضَافُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ قَبْضُ مَا فِي ذِمَّةٍ) انْتَقَضَ بِقَبْضِ الْكِتَابَةِ لِإِطْلَاقِهَا عَلَى قَبْضِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْكِتَابَةِ اقْتِضَاءً وَقَبْضِ مَنَافِعِ مُعَيَّنٍ لِإِطْلَاقِهِمْ اقْتِضَاءَ مَنَافِعِ مُعَيَّنٍ مِنْ دَيْنٍ وَلَيْسَا فِي ذِمَّةٍ، فَيُقَالُ قَبْضُ مَا وَجَبَ مَنْفَعَةً أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ فِي غَيْرِ ذِمَّةِ قَابِضِهِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِتَعْرِيفِ الْقَضَاءِ، وَلَعَلَّهُ لِغَلَبَةِ كَثْرَةِ اسْتِعْمَالِ الِاقْتِضَاءِ وَلِإِمْكَانِ أَخْذِ حَدِّهِ مِنْ حَدِّهِ هُنَا فَيُقَالُ فِيهِ دَفْعُ مَا وَجَبَ مَنْفَعَةً أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ فِي غَيْرِ ذِمَّةِ قَابِضِهِ (قَوْلُهُ أَشَارَ بِهِ إلَخْ) لَيْسَ فِيهِ إشَارَةٌ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَرَادَ بِالْقَبْضِ مَا يَشْمَلُ الْحِسِّيَّ وَالْحُكْمِيَّ.

(قَوْلُهُ أَخْرَجَ الْمُقَاصَّةَ بِقَوْلِهِ غَيْرُ الْقَابِضِ) ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُقَاصَّةَ قَبْضُ مَا فِي ذِمَّةِ الْقَابِضِ أَيْ قَبْضُ مَا فِي ذِمَّتِهِ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ الْمُعَيَّنَ إذَا قَبَضَهُ) أَيْ كَسِلْعَةٍ مُعَيَّنَةٍ اشْتَرَاهَا مِنْهُ أَوْ وَدِيعَةٍ أَخَذَهَا مِنْهُ (قَوْلُهُ فَلَمْ يُتَّهَمُوا) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ إذْ هِيَ زِيَادَةٌ إلَخْ قَدْ يُقَالُ إنَّ مُوجِبَ الِاتِّهَامِ اخْتِلَافُ الْأَغْرَاضِ وَالْأَغْرَاضُ تَخْتَلِفُ بِذَلِكَ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُجْعَلَ مُوجِبَ ذَلِكَ رُخْصَةً رَخَّصَهَا الشَّارِعُ فَيُقْتَصَرُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ فِي الصَّحِيحَيْنِ) اسْتِدْلَالٌ ثَانٍ بِالدَّلِيلِ النَّقْلِيِّ بَعْدَ أَنْ اسْتَدَلَّ بِالدَّلِيلِ الْعَقْلِيِّ وَالْأَوْلَى الْعَكْسُ.

(قَوْلُهُ رَدَّ فِي سَلَفِ بَكْرٍ إلَخْ) الْبَكْرُ مِنْ الْإِبِلِ مَا دَخَلَ فِي الْخَامِسَةِ وَمِنْ بَقَرٍ وَغَنَمٍ فِي الثَّانِيَةِ وَضَأْنٍ مَا تَمَّ لَهُ عَامٌ وَالرَّبَاعِيَةُ بِالتَّخْفِيفِ وَهُوَ مِنْ الْإِبِلِ مَا دَخَلَ فِي السَّابِعَةِ (قَوْلُهُ إنَّ خِيَارَ النَّاسِ إلَخْ) فَإِنْ قِيلَ إنَّ ظَاهِرَهُ جَوَازُ الزِّيَادَةِ فِي الْوَزْنِ وَالْعَدَدِ أَوْ أَحَدِهِمَا (قُلْت) أُجِيبَ بِأَنَّهُمْ لَعَلَّهُمْ رَأَوْهُ مُصَادِمًا لِأَدِلَّةِ مَنْعِ الرِّبَا وَهِيَ قَوِيَّةٌ جِدًّا فَقَصَرُوا هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى جَوَازِ الزِّيَادَةِ فِي الصِّفَةِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ وَلِأَنَّ مِنْ الْقَوَاعِدِ الَّتِي انْبَنَى عَلَيْهَا الْمَذْهَبُ سَدَّ الذَّرَائِعِ فَلَوْ أَجَازُوا الزِّيَادَةَ فِي الْوَزْنِ وَالْعَدَدِ لَوَجَدَ أَكَلَةُ الرِّبَا طَرِيقًا لِلدُّخُولِ عَلَى الزِّيَادَةِ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ، وَيَقُولُونَ لَمْ نَقْصِدْ ذَلِكَ فَيَكْثُرُ الرِّبَا فَجَعَلُوا هَذِهِ الْمَادَّةَ تَقْصُرُ الْحَدِيثَ عَلَى زِيَادَةِ الصِّفَةِ قَصْدًا لِتَقْلِيلِ الرِّبَا مَا أَمْكَنَ وَحِمَايَةً لِجَانِبِ الرِّبَا.

(قَوْلُهُ وَلَا يُقَالُ ذَلِكَ رُخْصَةٌ) لَا يُقَاسُ عَلَيْهَا مَا كَانَ أَفْضَلَ صِفَةً فِي غَيْرِ الْبَكْرِ وَالرُّبَاعِيِّ بَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى مَا وَرَدَ، وَقَوْلُهُ إنَّمَا تَمَسَّكْنَا بِعُمُومِ النَّصِّ أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ «إنَّ خِيَارَ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً» (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ مَنَعَهُ فِي الطَّعَامِ إذَا كَانَ أَفْضَلَ صِفَةً (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ ذَلِكَ إلَخْ) كَذَا فِي عج بِذَاتِهِ (قَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ بِجَازِ الْمُقَدَّرِ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ مُتَعَلِّقٌ بِقَضَاءٍ الْمُقَدَّرِ؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ وَجَازَ الْقَضَاءُ بِالْأَقَلِّ صِفَةً وَقَدْرًا (قَوْلُهُ لَا أَزْيَدَ عَدَدًا) أَيْ كَعَشَرَةِ أَنْصَافِ فِضَّةٍ عَنْ ثَمَانِيَةٍ وَكَقَرْشِ كَلْبٍ مَعَ عَشَرَةِ أَنْصَافٍ عَنْ قِرْشِ رِيَالٍ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>