للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْخِلَافُ مَا لَمْ يَشْتَرِهِ أَمَّا إنْ اشْتَرَاهُ رَجَعَ بِثَمَنِهِ بِلَا خِلَافٍ مَا لَمْ يُجَبْ وَإِلَّا فَلَا يَرْجِعُ بِالزِّيَادَةِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا أَثْبَتَ الضَّامِنُ دَفْعَ الدَّيْنِ الْمُتَحَمَّلِ بِهِ لِمَنْ هُوَ لَهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِإِقْرَارِ صَاحِبِ الْحَقِّ لِسُقُوطِ الدَّيْنِ بِذَلِكَ لَا بِإِقْرَارِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ.

(ص) وَجَازَ صُلْحُهُ عَنْهُ بِمَا جَازَ لِلْغَرِيمِ (ش) الْمُرَادُ بِالْغَرِيمِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ لَا مَنْ لَهُ أَيْ يَجُوزُ صُلْحُ الضَّامِنِ لِرَبِّ الدَّيْنِ عَنْ الدَّيْنِ بِمَا يَجُوزُ لِلْغَرِيمِ الصُّلْحُ بِهِ عَمَّا عَلَيْهِ فَمَا جَازَ لِلْغَرِيمِ أَنْ يَدْفَعَهُ عِوَضًا عَمَّا عَلَيْهِ جَازَ لِلضَّامِنِ وَمَا لَا فَلَا وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (عَلَى الْأَصَحِّ) إلَى الْخِلَافِ فِي مُصَالَحَةِ الْكَفِيلِ وَفِيهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ الْأَوَّلُ الْمَنْعُ مُطْلَقًا الثَّانِي الْجَوَازُ مُطْلَقًا الثَّالِثُ الْمَنْعُ بِالْمِثْلِيِّ الْمُخَالِفِ لِجِنْسِ الدَّيْنِ وَالْجَوَازُ بِالْمُقَوَّمِ الرَّابِعُ الْجَوَازُ فِيمَا يَجُوزُ فِيهِ النَّسِيئَةُ فَقَطْ وَالْمُصَنِّفُ إنَّمَا مَشَى عَلَى الْقَوْلِ بِالْجَوَازِ مُطْلَقًا أَوْ بِالْجَوَازِ بِالْمُقَوَّمِ دُونَ الْمِثْلِيِّ عَلَى مَا بَيَّنَهُ عج وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَنْ الدَّيْنِ بِمُقَوَّمٍ مُخَالِفٍ لِجِنْسِ الدَّيْنِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (ص) وَرَجَعَ بِالْأَقَلِّ مِنْهُ أَوْ قِيمَتِهِ (ش) أَيْ وَرَجَعَ الضَّامِنُ الْمُصَالِحُ عَلَى الْمَدِينِ بِالْأَقَلِّ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ قِيمَةِ الْمُصَالَحِ بِهِ يَوْمَ الرُّجُوعِ فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْمَدْفُوعَ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ لَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ مَسْأَلَةُ الطَّعَامِ مِنْ سَلَمٍ وَلَا الدَّرَاهِمِ عَنْ الدَّنَانِيرِ وَاسْتِثْنَاءُ بَعْضٍ لِهَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ مَبْنِيٌّ عَلَى تَمْشِيَتِهِ عَلَى غَيْرِ ظَاهِرِهِ مِنْ وُقُوعِ الصُّلْحِ عَنْ الدَّيْنِ بِمُقَوَّمٍ أَوْ مِثْلِيٍّ لَا عَلَى تَمْشِيَتِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ تَخْصِيصِهِ بِالْمُقَوَّمِ فَإِنْ قَبِلَ فَمَا وَجْهُ الْقَوْلِ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْمُقَوَّمِ وَالْمِثْلِيِّ قِيلَ لِأَنَّ الْمُقَوَّمَ لَمَّا كَانَ يَرْجِعُ فِيهِ إلَى الْقِيمَةِ وَهِيَ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ، وَالْحَمِيلُ يَعْرِفُ قِيمَةَ سِلْعَتِهِ فَقَدْ دَخَلَ عَلَى الْقِيمَةِ إنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ فَقَدْ دَخَلَ عَلَى أَخْذِ الدَّيْنِ وَهِبَةُ الزِّيَادَةِ بِخِلَافِ الْمِثْلِيِّ لِأَنَّهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الدَّيْنِ فَلَا يُعْرَفُ فِيهِ الْأَقَلُّ مِنْ الْأَكْثَرِ لِأَنَّ الْأَقَلَّ وَالْأَكْثَرَ لَا بُدَّ أَنْ يَشْتَرِكَا فِي الْجِنْسِ وَالصِّفَةِ فَكَانَتْ الْجَهَالَةُ فِي الْمِثْلِيِّ أَقْوَى وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ الضَّمِيرَ فِي عَنْهُ يَعُودُ عَلَى الدَّيْنِ لَا عَلَى الْغَرِيمِ وَإِلَّا لَرَجَعَ الضَّامِنُ بِمَا وَقَعَ الصُّلْحُ بِهِ حَيْثُ أَجَازَهُ لَا بِالْأَقَلِّ مِنْهُ وَمِنْ الدَّيْنِ.

(ص) وَإِنْ بَرِئَ الْأَصْلُ بَرِئَ (ش) الْمُرَادُ بِالْأَصْلِ هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ أَصَالَةً وَالْمَعْنَى أَنَّ الْأَصْلَ إذَا بَرِئَ مِنْ الدَّيْنِ بِوَجْهٍ مِنْ هِبَةٍ وَنَحْوِهَا أَوْ كَوْنِ الْمَدِينِ مَاتَ مَلِيئًا وَالطَّالِبُ وَارِثُهُ بَرِئَ الْحَمِيلُ لِأَنَّهُ إذَا غَرِمَ الضَّامِنُ شَيْئًا رَجَعَ بِهِ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ الْمَدِينِ وَالتَّرِكَةُ فِي يَدِ الطَّالِبِ فَصَارَتْ مُقَاصَّةً وَإِنْ مَاتَ الْمَدِينُ مُعْدِمًا ضَمِنَ الْكَفِيلُ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَإِنْ بَرِئَ إلَخْ وَلَوْ حَصَلَ فِيمَا دَفَعَهُ الْأَصْلُ اسْتِحْقَاقٌ فَإِذَا دَفَعَ الْأَصْلُ عَرْضًا عَنْ دَيْنِهِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ مَثَلًا فَإِنَّ الضَّمَانَ لَا يَعُودُ عَلَى الضَّامِنِ وَهُوَ نَحْوَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ.

(ص) لَا عَكْسُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا بَرِئَ الضَّامِنُ لَا يَبْرَأُ الْأَصْلُ وَكَذَا إنْ وَهَبَ رَبُّ الدَّيْنِ الدَّيْنَ لِلضَّامِنِ فَعَلَى مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ دَفْعُهُ لِلضَّامِنِ.

(ص) وَعُجِّلَ بِمَوْتِ الضَّامِنِ وَرَجَعَ وَارِثُهُ بَعْدَ

ــ

[حاشية العدوي]

[مَا يَرْجِعُ بِهِ الضَّامِنُ إذَا غَرِمَ]

قَوْلُهُ وَرَجَعَ بِالْأَقَلِّ مِنْهُ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا كَانَ الدَّيْنُ عَرْضًا قَدْ حَلَّ وَصَالَحَ بِفَرَسٍ فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْفَرَسِ ثَمَانِيَةً وَقِيمَةُ الْعَرْضِ عَشَرَةً رَجَعَ بِثَمَانِيَةٍ وَبِالْعَكْسِ أَيْ رَجَعَ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ وَهُمَا الدَّيْنُ وَقِيمَةُ مَا صَالَحَ بِهِ فَلَوْ ضَمِنَهُ فِي عُرُوضٍ مِنْ سَلَمٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُصَالِحَ عَنْهَا قَبْلَ الْأَجَلِ بِأَدْنَى أَوْ أَقَلَّ لِدُخُولِ (ضَعْ وَتَعَجَّلْ) وَلَا بِأَجْوَدَ أَوْ بِأَكْثَرَ لِدُخُولِ (حُطَّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُك) وَقَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ إشَارَةٌ لِلْخِلَافِ فِي الْمَسْأَلَةِ فَقِيلَ بِالْمَنْعِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ أَخْرَجَ مِنْ يَدِهِ شَيْئًا لَا يَدْرِي أَيَأْخُذُ قِيمَتَهُ أَوْ ذَلِكَ الدَّيْنُ فَهُوَ بَيْعُ شَيْءٍ مَجْهُولٍ وَقِيلَ بِالْجَوَازِ مُطْلَقًا وَقِيلَ بِالْمَنْعِ فِي الْمِثْلِيِّ الْمُخَالِفِ لِجِنْسِ الدَّيْنِ وَالْجَوَازِ فِي الْمُقَوَّمِ وَقِيلَ بِالْجَوَازِ فِيمَا تَجُوزُ فِيهِ النَّسِيئَةُ فِي الْمُبَايَعَةِ لَا فِيمَا لَا يَجُوزُ كَتَأْدِيَةِ دَنَانِيرَ عَنْ دَرَاهِمَ أَوْ قَمْحٍ عَنْ تَمْرٍ وَقَوْلُهُ أَوْ قِيمَةِ الْمُصَالَحِ بِهِ أَيْ الَّذِي هُوَ مَدْلُولُ مَا فِي قَوْلِهِ بِمَا جَازَ وَفِي الْعِبَارَةِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ ضَمِيرَ مِنْهُ رَاجِعٌ لِضَمِيرِ عَنْهُ وَضَمِيرُ قِيمَتِهِ رَاجِعٌ لِمَا (قَوْلُهُ وَاسْتِثْنَاءُ بَعْضٍ لِهَاتَيْنِ إلَخْ) مَحَلُّ اسْتِثْنَاءِ الصُّورَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ عَلَى تَمْشِيَتِهِ عَلَى غَيْرِ ظَاهِرِهِ حَيْثُ حَلَّ الْأَجَلُ أَيْ إنَّهُ حَيْثُ حَلَّ الْأَجَلُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِرَبِّ الدَّيْنِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمَدِينِ عَنْ الذَّهَبِ فِضَّةً وَعَكْسُهُ وَهَذَا مِنْ صَرْفِ مَا فِي الذِّمَّةِ وَيَمْتَنِعُ ذَلِكَ مِنْ الضَّامِنِ وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي صُورَةِ الْمُصَالَحَةِ عَنْ طَعَامٍ بِطَعَامٍ أَدْنَى مِنْهُ أَوْ أَجْوَدَ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لِلْغَرِيمِ أَيْ بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ مِنْ الضَّامِنِ وَأَمَّا قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ فَيَمْتَنِعُ مِنْ كُلٍّ (قَوْلُهُ مِنْ تَخْصِيصِهِ بِالْمُقَوَّمِ) أَيْ فَلَا تَجُوزُ الْمُصَالَحَةُ إلَّا بِالْمُقَوَّمِ دُونَ الْمِثْلِيِّ ثُمَّ إنَّهُ وَرَدَ بَحْثٌ وَهُوَ أَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ شُمُولِ الْمُصَنِّفِ لِلْمُقَوَّمِ وَالْمِثْلِيِّ لَا اسْتِثْنَاءَ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ لَا عُمُومَ فِيهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ وَكُلُّ مَا جَازَ صُلْحُ الْغَرِيمِ عَنْهُ جَازَ لِلضَّامِنِ وَإِنَّمَا قَالَ جَازَ وَهَذِهِ قَضِيَّةٌ مُهْمَلَةٌ غَيْرُ مُسَوَّرَةٍ بِكُلٍّ فَلَا عُمُومَ فِيهَا لِأَنَّهَا فِي قُوَّةِ الْجُزْئِيَّةِ وَيَكْفِي فِي صِحَّتِهَا صُورَةٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الدَّيْنِ) أَقُولُ وَكَذَا الْمُقَوَّمُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ إلَّا أَنَّهُ نَظَرَ لَقِيمَتِهِ لِأَنَّهَا مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً أَقُولُ وَحَيْثُ كَانَ الْمُقَوَّمُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ وَإِنَّمَا الدَّيْنُ مِنْ جِنْسِ الْقِيمَةِ الْمَنْظُورِ إلَيْهَا فَكَذَلِكَ يُقَالُ يُنْظَرُ لِثَمَنِ الْمِثْلِيِّ وَقْتَ الصُّلْحِ فَإِنَّهُ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ فَأَيُّ فَارِقٍ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ لَا بِالْأَقَلِّ مِنْهُ وَمِنْ الدَّيْنِ) وَوَجْهُهُ أَنَّهُ لَمَّا أَجَازَ صَارَ وَكِيلًا عَنْهُ فَيَرْجِعُ لِمَا وَقَعَ بِهِ الصُّلْحُ قَلَّ أَوْ كَثُرَ.

(قَوْلُهُ لَا عَكْسُهُ) أَيْ إذَا بَرِئَ الضَّامِنُ لَا يَبْرَأُ الْأَصِيلُ لُزُومًا بَلْ بَعْضُ بَرَاءَةِ الضَّامِنِ بَرَاءَةُ الْأَصِيلِ كَأَخْذِ الْحَقِّ مِنْهُ فَإِنَّهُ بَرَاءَةٌ لِلْأَصِيلِ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ وَالْمُطَالَبَةُ حِينَئِذٍ لِلضَّامِنِ وَبَعْضُ بَرَاءَتِهِ غَيْرُ بَرَاءَةِ الْأَصِيلِ كَبَرَاءَةِ الضَّامِنِ مِنْ الضَّمَانِ بِانْقِضَاءِ مُدَّةِ ضَمَانِهِ وَعَدَمِ أَخْذِ الْحَقِّ مِنْهُ إذْ الْمُوجِبَةُ الْكُلِّيَّةُ تَنْعَكِسُ مُوجِبَةً جُزْئِيَّةً وَكَمَا إذَا وَهَبَ رَبُّ الدَّيْنِ دَيْنَهُ لِلضَّامِنِ فَإِنَّهُ لَا يَبْرَأُ الْأَصِيلُ مِنْهُ وَالظَّاهِرُ افْتِقَارُهُ لِحَوْزٍ فَعَلَى الْمَدِينِ دَفْعُهُ لِلْحَمِيلِ.

(قَوْلُهُ وَعُجِّلَ بِمَوْتِ الضَّامِنِ) إنْ شَاءَ الطَّالِبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>