للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذَا رَجَعَ بِالْعَبْدِ أَوْ مَا أَنْفَقَ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَغَابُنٌ وَقِيمَتُهُ إنْ كَانَ فِيهِ تَغَابُنٌ وَمَنْ قَالَ خِلَافٌ اكْتَفَى بِظَاهِرِ اللَّفْظِ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِالتَّرَدُّدِ وَأَمَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الزَّمَنِ أَوْ الْعَمَلِ الْمُعْتَادِ فَكَالْغَاصِبِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي بَابِ الْعَارِيَّةِ فَإِنْ قُلْت يَأْتِي لِلْمُؤَلِّفِ فِي بَابِ الْعَارِيَّةِ وَلَزِمَتْ الْمُقَيَّدَةُ بِعَمَلٍ أَوْ أَجَلٍ لِانْقِضَائِهِ وَإِلَّا فَالْمُعْتَادُ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي الْعَارِيَّةِ وَهُوَ خِلَافُ مَا هُنَا قُلْت قَدْ ذَكَرَ بَعْدَهُ مَا يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ وَإِلَّا فَالْمُعْتَادُ مَخْصُوصٌ بِمَا أُعِيرَ لِغَيْرِ الْبِنَاءِ وَنَحْوِهِ وَأَمَّا مَا أُعِيرَ لِذَلِكَ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ وَلَهُ الْإِخْرَاجُ فِي كَبِنَاءٍ إلَخْ فَإِنْ قُلْت كَلَامُهُ هُنَا يَشْمَلُ مَا أُعِيرَ لِلْبِنَاءِ وَيَشْمَلُ غَيْرَهُ قُلْت لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ إذْ قَوْلُهُ وَفِيهَا إنْ دَفَعَ مَا أَنْفَقَ إلَخْ إنَّمَا هُوَ فِيمَا أُعِيرَ لِلْبِنَاءِ أَوْ لِلْغَرْسِ وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَيَلْزَمُهُ فِيهِ الْمُعْتَادُ بِلَا نِزَاعٍ وَقَوْلُهُ أَوْ قِيمَتَهُ أَيْ قَائِمًا عَلَى التَّأْبِيدِ.

وَلَمَّا كَانَتْ شَرِكَةَ الْمُزَارَعَةِ قِسْمًا مِنْ الشَّرِكَةِ نَاسَبَ أَنْ يَعْقُبُهَا لَهَا وَإِنَّمَا أَفْرَدَهَا بِتَرْجَمَةٍ لِمَزِيدِ أَحْكَامٍ وَشُرُوطٍ تَخُصُّهَا وَإِلَّا فَحَقُّهَا أَنْ تُدْرَجَ فِي الشَّرِكَةِ فَقَالَ (فَصْلٌ: لِكُلٍّ فَسْخُ الْمُزَارَعَةِ إنْ لَمْ يَبْذُرْ) (ش) الْمُزَارَعَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الزَّرْعِ وَهُوَ مَا تُنْبِتُهُ الْأَرْضُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ} [الواقعة: ٦٣] {أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} [الواقعة: ٦٤] وَصِيغَةُ الْمُفَاعَلَةِ شَأْنُهَا أَنْ تَكُونَ مِنْ اثْنَيْنِ يَفْعَلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِصَاحِبِهِ مِثْلَ مَا يَفْعَلُ الْآخَرُ بِهِ مِثْلُ الْمُضَارَبَةِ وَتُتَصَوَّرُ هُنَا فِي بَعْضِ الصُّوَرِ وَطُرِدَتْ فِي الْبَاقِي لِأَنَّ أَحَدَهُمَا يَزْرَعُ لِنَفْسِهِ وَلِصَاحِبِهِ وَالْآخَرُ يَزْرَعُ لِنَفْسِهِ وَلِصَاحِبِهِ وَالْمَعْنَى: أَنَّ عَقْدَ الْمُزَارَعَةِ لَا يَلْزَمُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ بَلْ بِالشُّرُوعِ أَيْ بِالْبَذْرِ إذْ عَقْدُهَا جَائِزُ الْقُدُومِ عَلَيْهِ وَلِكُلٍّ الرُّجُوعُ عَنْهُ وَالْبَذْرُ بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ قَالَهُ فِي الصِّحَاحِ هُوَ إلْقَاءُ الْحَبِّ عَلَى الْأَرْضِ وَظَاهِرُهُ تَقَدُّمُ الْبَذْرِ عَمِلَ أَمْ لَا فَلَا تَلْزَمُ بِالْعَمَلِ وَلَوْ كَانَ لَهُ بَالٌ حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ بَذْرٌ وَانْظُرْ لَوْ حَصَلَ الْبَذْرُ فِي الْبَعْضِ فَقَطْ فَهَلْ تَلْزَمُ فِيهِ فَقَطْ أَوْ فِي الْجَمِيعِ أَوْ إنْ بَذَرَ الْأَكْثَرَ فَلَهُ حُكْمُ بَذْرِ الْجَمِيعِ وَإِنْ بَذَرَ النِّصْفَ فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ وَإِنْ بَذَرَ الْأَقَلَّ فَكَالْعَدِمِ وَإِنَّمَا لَمْ تَلْزَمْ بِالْعَقْدِ كَشَرِكَةِ الْأَمْوَالِ لِأَنَّهُ قَدْ قِيلَ بِالْمَنْعِ فِيهَا مُطْلَقًا فَضَعُفَ الْأَمْرُ فِيهَا فَلَا بُدَّ فِي لُزُومِهَا مِنْ أَمْرٍ قَوِيٍّ وَهُوَ الْبَذْرُ

(ص) وَصَحَّتْ إنْ سَلِمَا مِنْ كِرَاء الْأَرْضِ بِمَمْنُوعٍ (ش) هَذَا شُرُوعٌ فِي شُرُوطِ صِحَّةِ الشَّرِكَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ عَقْدَ الشَّرِكَةِ يَصِحُّ إذَا سَلِمَ مِنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِمَا يَمْتَنِعُ كِرَاؤُهَا بِهِ بِأَنْ وَقَعَ الْكِرَاءُ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ بِعَرْضٍ أَوْ حَيَوَانٍ لَا بِطَعَامٍ وَلَوْ لَمْ تُنْبِتُهُ كَالْعَسَلِ وَنَحْوِهِ أَوْ بِمَا تَنْبُتُهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ طَعَامًا كَقُطْنٍ أَوْ كَتَّانٍ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْخَشَبُ وَنَحْوُهُ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ الْإِجَارَةِ

وَأَشَارَ لِلشَّرْطِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ (ص) وَقَابِلُهَا مُسَاوٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَرْضَ إذَا قَابَلَهَا مَا يُسَاوِيهَا مِنْ غَيْرِ الْبَذْرِ فَإِنَّ الشَّرِكَةَ تَكُونُ صَحِيحَةً وَالْمُرَادُ أَنْ يُقَابِلَهَا مُسَاوٍ عَلَى قَدْرِ الرِّبْحِ الْوَاقِعِ بَيْنِهِمَا فَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَتْ أُجْرَةُ الْأَرْضِ مِائَةً وَالْبَقَرُ وَالْعَمَلُ خَمْسِينَ وَدَخَلَا عَلَى أَنَّ لِرَبِّ الْأَرْضِ الثُّلُثَيْنِ وَلِرَبِّ الْبَقَرِ وَالْعَمَلِ الثُّلُثُ جَازَ وَإِنْ دَخَلَا عَلَى النِّصْفِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ سَلَفٌ وَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ وَدَخَلَا عَلَى أَنَّ لِرَبِّ الْبَقَرِ وَالْعَمَلِ الثُّلُثَيْنِ وَلِرَبِّ الْأَرْضِ الثُّلُثُ جَازَ وَإِنْ دَخَلَا عَلَى النِّصْفِ فَسَدَ لِأَنَّهُ سَلَفٌ وَإِنْ كَانَتْ أُجْرَةُ الْأَرْضِ خَمْسِينَ وَالْبَقَرُ وَالْعَمَلُ خَمْسِينَ وَدَخَلَا عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ فَسَدَ فَالْمُرَادُ بِالتَّسَاوِي أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ مُطَابِقًا لِلْمُخْرَجِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَسْتَوِيَا فِي الْخَارِجِ وَالْمُخْرَجِ جَمِيعًا وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالتَّسَاوِي أَنْ يَكُونَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا النِّصْفُ وَقَوْلُهُ وَقَابِلُهَا مُسَاوٍ وَمَعْطُوفٌ عَلَى سَلِمَا فَهُوَ شَرْطٌ وَكُلُّ شَرْطٍ عَدَمُهُ مَانِعٌ فَلَا يَرُدُّ مَا قَالَهُ تت مِنْ قَوْلِهِ فَالْمُسَاوَاةُ شَرْطٌ وَعَدَمُهَا مَانِعٌ وَكَثِيرًا مَا يُطْلِقُ

ــ

[حاشية العدوي]

هَذَا لَا مَعْنَى لَهُ لِأَنَّهُ يُعْطِيهِ قِيمَةَ مَا أَنْفَقَ يَوْمَ الْبِنَاءِ فَلَا يُرَاعِي قُرْبَ زَمَانٍ وَلَا بُعْدَهُ وَلَا يَصِحُّ مَا قَالَهُ إلَّا لَوْ كَانَ الْمَنْظُورُ لَهُ قِيمَةُ الْبُنْيَانِ لَا قِيمَةُ الْمُؤَنِ الَّذِي هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ قَوْلِهَا قِيمَةَ مَا أَنْفَقَ وَقَوْلُهُ أَوْ مَا أَنْفَقَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَغَابُنٌ أَيْ بِأَنْ كَانَ اشْتَرَى الْمُؤَنَ بِالْمُنَاسِبِ مِنْ الْقِيمَةِ وَقَوْلُهُ وَقِيمَتَهُ إنْ تَغَابَنَ بِأَنْ يَكُونَ اشْتَرَى الْمُؤَنَ بِزَائِدٍ عَنْ الْقِيمَةِ مُتَفَاحِشًا (قَوْلُهُ قُلْت قَدْ ذَكَرَ بَعْدَهُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ قَالَ وَلَهُ الْإِخْرَاجُ فِي كَبِنَاءٍ وَقَوْلُهُ أَوْ قِيمَتَهُ إلَخْ هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ قِيمَةُ الْحَائِطِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا مَرَّ الْمُفِيدُ قِيمَةُ الْمُؤَنِ لَا قِيمَةُ الْحَائِطِ. وَمِثْلُ عِبَارَةِ شَارِحِنَا عِبَارَةُ شب وعب فَالْمُنَاسِبُ حَذْفُهُ.

[فَصْلٌ فِي الْمُزَارَعَةِ]

(بَابُ الْمُزَارَعَةِ) (قَوْلُهُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الزَّرْعِ) وَعِبَارَةُ بَهْرَامَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الزَّرْعِ وَهُوَ عِلَاجُ مَا تُنْبِتُهُ الْأَرْضُ وَعَبَّرَ بِالْأَخْذِ لِأَنَّهُ أَعَمُّ لِأَنَّ الِاشْتِقَاقَ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الزَّرْعَ اسْمٌ لِلْمَزْرُوعِ عَلَى مَا قَالَ وَإِذَا قَدَّرْت مُضَافًا فِي كَلَامِ شَارِحِنَا وَافَقَ كَلَامَ بَهْرَامَ أَيْ عِلَاجُ وَهُوَ أَحْسَنُ (قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى) لَا يَخْفَى أَنَّ الشَّارِحَ ادَّعَى دَعْوَتَيْنِ وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْ الْآيَةِ دَلَالَةٌ لِأَحَدِهِمَا فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَتُتَصَوَّرُ هُنَا فِي بَعْضِ الصُّوَرِ) بِأَنْ يَكُونَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الْعَمَلُ وَالْبَذْرُ وَقَوْلُهُ وَطُرِدَتْ فِي الْبَاقِي كَأَنْ يَكُونَ مِنْ أَحَدِهِمَا الْعَمَلُ وَالْآخَرِ الْبَذْرُ (قَوْلُهُ أَنَّ عَقْدَ الْمُزَارَعَةِ) أَيْ عَقْدٌ هُوَ الْمُزَارَعَةُ (قَوْلُهُ قَالَهُ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ بِالْهَاءِ وَلَعَلَّهَا زَائِدَةٌ (قَوْلُهُ فَلَا تَلْزَمُ بِالْعَمَلِ إلَخْ) فِي ك وَأَمَّا الْعَمَلُ كَالْحَرْثِ مَثَلًا فَلِكُلِّ مَنْ أَرَادَ الْفَسْخَ لَهُ لِذَلِكَ وَمَنْ لَهُ عَمَلٌ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى صَاحِبِهِ أَوْ يَقْتَسِمَانِ الْأَرْضَ إنْ كَانَ الْعَمَلُ لَهُمَا (قَوْلُهُ فَهَلْ تَلْزَمُ إلَخْ) فِي شَرْحِ شَبَّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ بَذْرَ الْبَعْضِ كَبَذْرِ الْكُلِّ وَلَكِنَّ الْمَنْقُولَ مَا ذَكَرَهُ مُحَشِّي تت مِنْ أَنَّهُ لَهُ الْفَسْخُ فِي الَّذِي لَمْ يَبْذُرْ وَظَاهِرُهُ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ وُجِدَتْ الشُّرُوطُ أَمْ لَا

[شُرُوطِ صِحَّةِ الشَّرِكَةِ فِي الْمُزَارَعَةِ]

(قَوْلُهُ وَنَحْوُهُ) كَالْعُودِ وَالصَّنْدَلِ وَالْقَصَبِ الْفَارِسِيِّ فَهُوَ جَائِزٌ

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ سَلَفٌ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفَاوُتِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ (قَوْلُهُ فَالْمُسَاوَاةُ إلَخْ) عِبَارَةُ شب وَقَابِلُهَا مُسَاوٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>