للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُرَاطَلَةِ كَالْجَوْدَةِ فَمَا قِيلَ فِي السِّكَّةِ يَجْرِي فِي الصِّيَاغَةِ فَقَوْلُهُ كَالْجَوْدَةِ مَحْذُوفٌ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي عَلَيْهِ وَاسْتَظْهَرَ هَذَا فِي تَوْضِيحِهِ، وَيُقَابِلُهُ تَأْوِيلُ الْأَقَلِّ عَدَمَ اعْتِبَارِهِمَا، وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ فِيهِمَا الْوَزْنُ وَاخْتَارَهُ ابْنُ يُونُسَ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ اعْتَبَرَ الْمُسَاوَاةَ فِي الْقَدْرِ وَعَزَا فِي تَوْضِيحِهِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إلْغَاءَهُمَا لِلْأَكْثَرِ عَكْسُ مَا هُنَا فَلَعَلَّ صَوَابَهُ عَلَى هَذَا أَنْ يَقُولَ لَيْسَا كَالْجَوْدَةِ

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى بَيْعِ النَّقْدِ الْخَالِصِ بِجِنْسِهِ وَبِغَيْرِ جِنْسِهِ شَرَعَ فِي بَيْعِ الْمَغْشُوشِ بِمِثْلِهِ وَبِغَيْرِهِ بِقَوْلِهِ (ص) وَجَازَ بَيْعُ مَغْشُوشٍ بِمِثْلِهِ وَبِخَالِصٍ (ش) وَجَعَلَهُ فِي الشَّامِلِ الْمَذْهَبَ ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ مُحْرِزٍ وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ رُشْدٍ مَنْعَهُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَالْأَظْهَرُ خِلَافُهُ (ش) وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمَغْشُوشِ بِالْخَالِصِ، وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي الْمَغْشُوشِ الَّذِي لَا يَجْرِي بَيْنَ النَّاسِ كَغَيْرِهِ، وَإِلَّا فَيَجُوزُ اتِّفَاقًا كَمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ التَّوْضِيحِ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ دُخُولُ الْخِلَافِ فِيهِ أَيْضًا، وَإِنَّمَا أَعَادَ الْعَامِلَ فِي قَوْلِهِ وَبِخَالِصٍ لِأَجْلِ قَوْلِهِ وَإِلَّا ظَهَرَ خِلَافُهُ فَإِنَّ خِلَافَ ابْنِ رُشْدٍ إنَّمَا هُوَ فِي الثَّانِيَةِ (ص) لِمَنْ يَكْسِرُهُ أَوْ لَا يَغِشُّ بِهِ (ش) لَيْسَ بِقَيْدٍ فِي بَيْعِهِ مُرَاطَلَةً بِخَالِصٍ بَلْ هُوَ قَيْدٌ فِي بَيْعِهِ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ وَلَوْ بِعَرْضٍ أَيْ أَنَّ شَرْطَ جَوَازِ بَيْعِ الْمَغْشُوشِ مُطْلَقًا أَنْ يُبَاعَ لِمَنْ يَكْسِرُهُ وَلَا يَغُشُّ بِهِ بَعْدَ الْكَسْرِ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ تَصْفِيَتِهِ وَلِذَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ وَلِمَنْ يَكْسِرُهُ كَذَا هُوَ بِوَاوِ الْعَطْفِ فِي أَوَّلِهِ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِي بَيْعٍ أَوْ صَرْفٍ أَوْ مُرَاطَلَةٍ انْتَهَى وَعَلَى نُسْخَةِ ابْنِ غَازِيٍّ يَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى جُمْلَةِ وَمُرَاطَلَةُ عَيْنٍ بِمِثْلِهِ أَيْ وَجَازَتْ مُرَاطَلَةُ عَيْنٍ بِمِثْلِهِ أَيْ وَجَازَتْ مُعَاقَدَةُ مَغْشُوشٍ لِمَنْ يَكْسِرُهُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِي بَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ أَوْ لَا يَغُشُّ بِهِ بِأَنْ يُصَفِّيَهُ أَوْ يُبْقِيَهُ وَلَا يُعَامِلُ بِهِ أَحَدًا أَوْ يُغَيِّرُ ضَرْبَ الدِّرْهَمِ وَيَضْرِبُهُ قِلَادَةً مَثَلًا قَالَ ز: أَيْ: وَيَجُوزُ الْعَقْدُ عَلَى الْمَغْشُوشِ لِمَنْ يَكْسِرُهُ أَوْ لَا يَغُشُّ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ بَيْعًا أَوْ غَيْرَهُ، وَقَدْ حَكَى ابْنُ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَى جَوَازِ الْبَيْعِ حِينَئِذٍ (ص) وَكُرِهَ لِمَنْ لَا يُؤْمَنُ وَفُسِخَ مِمَّنْ يَغُشُّ (ش) أَيْ وَكُرِهَ بَيْعُ الْمَغْشُوشِ لِمَنْ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَغُشَّ بِهِ الْمُسْلِمِينَ كَالصَّيَارِفَةِ وَلَا يُفْسَخُ فَإِنْ بَاعَهُ مِمَّنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَغُشُّ بِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ وَيَفْسَخَ بَيْعَهُ إنْ كَانَ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَدِّهِ لِذَهَابِ عَيْنِهِ أَوْ تَعَذَّرَ الْمُشْتَرَى وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ (ص) إلَّا أَنْ يَفُوتَ (ش) أَيْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَدِّهِ فَفِي تَعْبِيرِهِ بِيَفُوتَ إيهَامُ خِلَافِ الْمُرَادِ ثُمَّ أَشَارَ إلَى الْخِلَافِ فِي ثَمَنِهِ حَيْثُ فَاتَ بِقَوْلِهِ (فَهَلْ يَمْلِكُهُ) أَيْ يَمْلِكُ الثَّمَنَ وَيُنْدَبُ لَهُ التَّصَدُّقُ بِهِ (ص) أَوْ يَتَصَدَّقُ بِالْجَمِيعِ (ش) أَيْ بِجَمِيعِ الْعِوَضِ وُجُوبًا (أَوْ) يَتَصَدَّقُ (بِالزَّائِدِ) حَيْثُ كَانَ

ــ

[حاشية العدوي]

أَحَدُهُمَا أَجْوَدُ وَالْآخَرُ أَدْنَى أَوْ بِتِبْرٍ أَجْوَدَ وَمَسْكُوكٍ أَرْدَأَ انْتَهَى فَيَكُونُ حَلًّا لِكَلَامِ شَارِحِنَا وَتَفْسِيرًا لِلْمُرَادِ مِنْهُ لَكِنْ قَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَوْ جُعِلَ تَفْسِيرًا لِلْمُرَادِ مِنْهُ لَلَزِمَ مَا قُلْنَا فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ فَلَعَلَّ صَوَابَهُ) الْمُنَاسِبُ حَذْفُ لَعَلَّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ

[بَيْعِ الْمَغْشُوشِ بِمِثْلِهِ وَبِغَيْرِهِ]

(قَوْلُهُ شُرِعَ فِي بَيْعِ الْمَغْشُوشِ) كَانَ عَلَى وَجْهِ الْمُرَاطَلَةِ أَوْ الْمُبَادَلَةِ أَوْ غَيْرِهِمَا أَيْ كَذَهَبٍ فِيهِ فِضَّةٌ قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وَظَاهِرُهُ تَسَاوِي الْغِشِّ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرُهُ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَعَلَّهُ مَعَ تَسَاوِي الْغِشِّ وَإِنْ جَعَلَهُ فِي الشَّامِلِ قَيْدًا؛ لِأَنَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ لَمْ يَجْزِمْ بِهِ وَلِعُسْرِ تَحْقِيقِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَالْأَظْهَرُ خِلَافُهُ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ فِي بَيْعِهِ مُرَاطَلَةً) هَذَا يَأْتِي عَلَى حَلِّ تت الَّذِي قَصَرَ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَمَغْشُوشٌ عَلَى خُصُوصِ الْمُرَاطَلَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْأَوْلَى التَّعْمِيمُ (قَوْلُهُ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُرَاطَلَةً بِخَالِصٍ بِغَيْرِهِ أَوْ مُبَادَلَةً أَوْ بِيعَ بِعَرْضٍ.

(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ تَصْفِيَتِهِ) أَيْ أَوْ ضَرْبِهِ قِلَادَةً مَثَلًا أَيْ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ يُغَشُّ بِهِ فَلَا بُدَّ لَهُ أَيْ لِصَاحِبِهِ مِنْ تَصْفِيَتِهِ أَيْ أَوْ ضَرْبِهِ قِلَادَةً (أَقُولُ) وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ وَلَا يُغَشُّ بِهِ بَعْدَ الْكَسْرِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لِمَنْ يَكْسِرُهُ أَيْ وَيُبْقِيهِ مَكْسُورًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ أَوَّلًا يُغَشُّ بِهِ (قَوْلُهُ وَلِذَا قَالَ إلَخْ) أَيْ وَلِأَجْلِ الْعُمُومِ الَّذِي لَيْسَ مُتَبَادِرًا مِنْ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ فَهُوَ أَعَمُّ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ كَانَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَمَغْشُوشٌ فِي خُصُوصِ الْمُرَاطَلَةِ وَالْمُبَادَلَةِ فَيَكُونُ ذِكْرُهُ بَعْدَهُ مِنْ ذِكْرِ الْعَامِّ بَعْدَ الْخَاصِّ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ لَا يَشْمَلُ الْبَيْعَ بِعَرْضٍ وَلَا الصَّرْفَ بَلْ قَاصِرٌ عَلَى الْمُرَاطَلَةِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ أَوْ وَالْمُبَادَلَةِ كَمَا هُوَ مُمْكِنٌ وَقَوْلُهُ فِي بَيْعٍ أَوْ صَرْفٍ أَوْ مُرَاطَلَةٍ وَكَذَاهِبَةٍ وَصَدَقَةٍ فَقَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهِ شَامِلٌ لِمَا عَدَا الْبَيْعِ مِمَّا تَقَدَّمَ.

(قَوْلُهُ يَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى جُمْلَةٍ إلَخْ) أَيْ فَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ عَطْفُ جُمْلَةٍ، وَجَازَتْ مُعَاقَدَةُ مَغْشُوشٍ عَلَى جُمْلَةٍ وَجَازَتْ مُرَاطَلَةٌ وَلَوْ جَعَلَهُ مِنْ عَطْفِ الْمُفْرَدَاتِ لَصَحَّ بِأَنْ تُعْطَفَ مُعَاقَدَةٌ عَلَى مُرَاطَلَةٍ (قَوْلُهُ لِمَنْ يَكْسِرُهُ) أَيْ وَيُبْقِيهِ مَكْسُورًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ، وَقَوْلُهُ أَوْ لَا يَغُشُّ بِهِ بِأَنْ يُصَفِّيَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ أَوْ يُبْقِيهِ) أَيْ يُبْقِيهِ بِذَاتِهِ وَلَا يُعَامِلُ بِهِ أَحَدًا.

(فَإِنْ قِيلَ) إتْيَانُ وَاوِ الْعَطْفِ يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ فِيمَا سَبَقَ بِلَا شَرْطٍ مَعَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الشَّرْطِ، فَالْجَوَابُ أَنَّ مَا سَبَقَ مِنْ جُمْلَةِ هَذَا، وَمَا اُشْتُرِطَ فِي الْأَعَمِّ يُشْتَرَطُ فِي الْأَخَصِّ (قَوْلُهُ وَيَضْرِبُهُ قِلَادَةً مَثَلًا) أَيْ يُغَيِّرُ سِكَّتَهُ وَيَضْرِبُهُ قِلَادَةً بِأَنْ يَجْعَلَهُ حَبًّا كَحَبِّ الْمَرْجَانِ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْقَانِيُّ إلَخْ) هَذَا يُوَافِقُ مَا قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهِ) صَرْفًا أَوْ مُبَادَلَةً أَوْ مُرَاطَلَةً أَوْ صَدَقَةً أَوْ هِبَةً (قَوْلُهُ كَالصَّيَارِفَةِ) أَيْ فِي بَعْضِ بِلَادٍ يُشَكُّ فِي غِشِّهِمْ وَفِي بَعْضِ الْبِلَادِ يَتَحَقَّقُ غِشُّهُمْ فَيَدْخُلُ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ وَفُسِخَ مِمَّنْ يَغُشُّ (قَوْلُهُ لِذَهَابِ عَيْنِهِ) لَا تَغَيُّرِ الْأَسْوَاقِ خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ آخِرُ الْعِبَارَةِ فَإِنَّهُ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ إيهَامُ خِلَافِ الْمُرَادِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَشْمَلُ تَعَذُّرَ الْمُشْتَرِي مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ شُمُولُهُ (قَوْلُهُ أَيْ يَمْلِكُ الثَّمَنَ) أَيْ يَسْتَمِرُّ مَالِكًا لَهُ أَوْ لَا يَسْتَمِرُّ مَالِكًا لَهُ بَلْ يَلْزَمُهُ التَّصَدُّقُ بِكُلِّهِ فَسَقَطَ مَا يُقَالُ هُوَ مِلْكُهُ فَكَيْفَ قَالَ وَهَلْ يَمْلِكُهُ (قَوْلُهُ أَوْ يَتَصَدَّقُ بِالزَّائِدِ) هَذَا الْقَوْلُ الْأَعْدَلُ إذْ لَمْ يَخْرُجْ عَلَيْهِ إلَّا فِيمَا وَقَعَ بِهِ التَّعَدِّي، وَهُوَ الَّذِي تَمِيلُ إلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>