للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ حِينَئِذٍ سَوَاءٌ كَانَا مَسْكُوكَيْنِ أَمْ لَا اتَّحَدَتْ السِّكَّةُ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَ التَّعَامُلُ بِالْوَزْنِ أَوْ بِالْعَدَدِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ تَمْثِيلُهُ بِالْمَغْرِبِيِّ وَالسَّكَنْدَرِيِّ وَالْمِصْرِيِّ، وَحِينَئِذٍ يَشْمَلُ الْأَنْصَافَ مَعَ الْكِبَارِ بِخِلَافِ الْمُبَادَلَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا بُدَّ فِيهَا أَنْ تَكُونَ وَاحِدًا بِوَاحِدٍ لَا وَاحِدًا بِاثْنَيْنِ، وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ إلَى أَنَّ الْمُرَاطَلَةَ عَلَى وَجْهَيْنِ بِقَوْلِهِ (ص) بِصَنْجَةٍ أَوْ كِفَّتَيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُرَاطَلَةَ إمَّا أَنْ تَكُونَ بِصَنْجَةٍ تُوضَعُ فِي إحْدَى الْكِفَّتَيْنِ وَالذَّهَبُ أَوْ الْفِضَّةُ فِي الْأُخْرَى فَإِذَا اعْتَدَلَتَا أَزَالَ الذَّهَبَ أَوْ الْفِضَّةَ، وَوَضَعَ ذَهَبَ الْآخَرِ أَوْ فِضَّتَهُ، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ بِكِفَّتَيْنِ يُوضَعُ عَيْنُ أَحَدِهِمَا فِي كِفَّةٍ وَعَيْنُ الْآخَرِ فِي الْأُخْرَى وَهَذِهِ مَنْصُوصَةٌ لِلْمُتَقَدِّمِينَ، وَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ هُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ لِحُصُولِ التَّسَاوِي بَيْنَ النَّقْدَيْنِ اعْتَدَلَ الْمِيزَانُ أَمْ لَا وَظَاهِرُ هَذَا عَدَمُ اغْتِفَارِ الزِّيَادَةِ فِي الْمُرَاطَلَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ. وَالصَّنْجَةُ بِالصَّادِ وَبِالسِّينِ وَالْكِفَّةُ بِفَتْحِ الْكَافِ وَكَسْرِهَا اسْمٌ لِكُلِّ مَا اسْتَدَارَ كَكِفَّةِ الْمِيزَانِ

وَقَوْلُهُ (ص) وَلَوْ لَمْ يُوزَنَا عَلَى الْأَرْجَحِ (ش) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ كِفَّتَيْنِ وَهُوَ إشَارَةٌ لِرَدِّ قَوْلِ الْقَابِسِيِّ بِعَدَمِ جَوَازِ الْمُرَاطَلَةِ إلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ وَزْنِ كُلِّ نَقْدِهِ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى بَيْعِ الْمَسْكُوكِ جُزَافًا وَبِعِبَارَةٍ وَلَوْ لَمْ يُوزَنَا أَيْ النَّقْدَانِ الْمُتَمَاثِلَانِ الْكَائِنَانِ فِي الْكِفَّتَيْنِ وَهَذَا فِي الْمَسْكُوكَيْنِ أَمَّا غَيْرُهُمَا فَلَا نِزَاعَ فِيهِمَا وَيُفْهَمُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ حَيْثُ كَانَ التَّعَامُلُ بِالْعَدَدِ إذْ هُوَ الَّذِي يُمْنَعُ فِيهِ الْجُزَافُ فَيُحْمَلُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ عَلَى ذَلِكَ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ.

(ص) وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَوْ بَعْضُهُ أَجْوَدَ (ش) أَيْ تَجُوزُ الْمُرَاطَلَةُ وَإِنْ كَانَ أَحَدُ النَّقْدَيْنِ كُلُّهُ أَجْوَدَ مِنْ جَمِيعِ مُقَابِلِهِ كَدَنَانِيرَ مَغْرِبِيَّةٍ تُرَاطَلُ بِمِصْرِيَّةٍ أَوْ إسْكَنْدَرِيَّةٍ أَوْ بَعْضُ أَحَدِهِمَا أَجْوَدُ مِنْ بَعْضِ الْآخَرِ وَبَعْضُهُ مُسَاوٍ كَمَغْرِبِيٍّ وَمِصْرِيٍّ تُرَاطَلُ بِمِصْرِيٍّ كُلِّهِ (ص) لَا أَدْنَى وَأَجْوَدَ (ش) أَيْ لَا إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا بَعْضُهُ أَدْنَى مِنْ بَعْضِ الْآخَرِ وَبَعْضُهُ أَجْوَدُ كَدَرَاهِمَ مَغْرِبِيَّةٍ وَسَكَنْدَرِيَّةٍ تُرَاطَلُ بِمِصْرِيَّةٍ؛ لِأَنَّ فِي فَرْضِهِمْ أَنَّ فِي الْمَغْرِبِيَّةِ أَجْوَدَ والسكندرية أَدْنَى وَالْمِصْرِيَّةِ مُتَوَسِّطَةً فَرَبُّ الْمِصْرِيَّةِ يَغْتَفِرُ جَوْدَتَهَا بِالنِّسْبَةِ لِرَدَاءَةِ السَّكَنْدَرِيَّةِ نَظَرًا لِجَوْدَةِ الْمَغْرِبِيَّةِ، وَرَبُّ الْمَغْرِبِيَّةِ يَغْتَفِرُ جَوْدَةَ بَعْضِهَا لِجَوْدَةِ الْمِصْرِيَّةِ لِلْإِسْكَنْدَرِيَّةِ فَلَا يَجُوزُ لِدَوَرَانِ الْفَضْلِ مِنْ جَانِبَيْنِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ وَلَوْ قَلَّ الرَّدِيءُ الَّذِي مَعَ الْجَيِّدِ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ وَالْأَكْثَرُ.

وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّ دَوَرَانَ الْفَضْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ يَحْصُلُ بِالْجَوْدَةِ ذَكَرَ دَوَرَانَهُ بِالسِّكَّةِ وَالصِّيَاغَةِ بِقَوْلِهِ (ص) وَالْأَكْثَرُ عَلَى تَأْوِيلِ السِّكَّةِ وَالصِّيَاغَةِ كَالْجَوْدَةِ (ش) أَيْ وَالْأَكْثَرُ مِنْ الشُّيُوخِ عَلَى فَهْمِ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ السِّكَّةَ كَالْجَوْدَةِ فِي بَابِ الْمُرَاطَلَةِ فَكَمَا لَا تَجُوزُ مُرَاطَلَةُ جَيِّدٍ نَاقِصٍ بِرَدِيءٍ كَامِلٍ لَا تَجُوزُ مُرَاطَلَةُ رَدِيءٍ مَسْكُوكٍ بِجَيِّدٍ تِبْرٍ وَكَذَا لَا تَجُوزُ مُرَاطَلَةُ دَنَانِيرِ سِكَّةٍ وَاحِدَةٍ بِدَنَانِيرِ سِكَّتَيْنِ وَلَا مَسْكُوكٍ بِتِبْرَيْنِ أَوْ تِبْرٍ وَمَسْكُوكٍ، وَالْأَكْثَرُ أَيْضًا عَلَى فَهْمِ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الصِّيَاغَةَ فِي

ــ

[حاشية العدوي]

مِنْ جَانِبٍ وَالْآخَرُ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ (قَوْلُهُ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ إلَخْ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ تُفِيدُ إطْلَاقَ الْعَيْنِ عَلَى مَا يَشْمَلُ الْمَسْكُوكَ وَغَيْرَهُ خِلَافُ الْعِبَارَةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى التَّعْمِيمِ مِنْ قَوْلِهِ اتَّحَدَتْ السِّكَّةُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ الْأَنْصَافُ مَعَ الْكِبَارِ) أَيْ كَأَنْصَافِ الْمَحَابِيبِ مَعَ الْمَحَابِيبِ.

(قَوْلُهُ أَوْ كِفَّتَيْنِ) أَوْ إشَارَةٌ لِقَوْلَيْنِ كَمَا فِي تت لَا لِلتَّخْيِيرِ إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَقَوْلُهُ عَلَى وَجْهَيْنِ أَيْ بِاعْتِبَارِ الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ هَذَا) أَيْ قَوْلِهِ لِحُصُولِ الْمُسَاوَاةِ (فَإِنْ قُلْت) أَيُّ غَرَضٍ حِينَئِذٍ فِي هَذَا الْفِعْلِ (أَقُولُ) يُمْكِنُ الْغَرَضُ بِاعْتِبَارِ الرَّغْبَةِ فِي الْأَنْصَافِ دُونَ الْكِبَارِ أَوْ بِالْعَكْسِ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْمُرَاطَلَةُ بَيْنَ كِبَارٍ وَصِغَارٍ أَوْ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ بِالْجَوْدَةِ فَيَرْغَبُ فِي ذَهَبِ صَاحِبِهِ لِكَوْنِهِ جَيِّدًا مَثَلًا، وَقَوْلُهُ اعْتَدَلَ الْمِيزَانُ أَمْ لَا أَيْ كَانَتْ الْكِفَّتَانِ فِي ذَاتِهِمَا مُتَسَاوِيَتَيْنِ فِي الزِّنَةِ أَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا أَثْقَلَ مِنْ الْأُخْرَى (قَوْلُهُ وَبِالسِّينِ) هِيَ أَفْصَحُ وَقَوْلُهُ بِالصَّادِ أَيْ الْمَفْتُوحَةِ (قَوْلُهُ وَكَسْرِهَا) الْفَتْحُ قَلِيلٌ وَالْكَسْرُ أَشْهَرُ وَعِبَارَتُهُ تُؤْذِنُ بِخِلَافِهِ.

(قَوْلُهُ اسْمٌ لِكُلِّ مَا اسْتَدَارَ إلَخْ) ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّ كِفَّةَ الْمِيزَانِ مِنْ أَفْرَادِ الْكِفَّةِ، وَإِنَّ مِنْ أَفْرَادِ الْكِفَّةِ الطَّبَقَ الْمُسْتَدِيرَ، وَالظَّاهِرُ لَا وَأَنَّ هَذَا التَّعْمِيمَ بِاعْتِبَارِ أَفْرَادِ كِفَّةِ الْمِيزَانِ (قَوْلُهُ إلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ وَزْنِ كُلِّ نَقْدِهِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يَصْدُقُ بِصُورَةٍ غَيْرِ مُرَادَةٍ فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ أَنْ يَعْرِفَ كُلٌّ وَزْنَ ذَهَبِهِ، وَلَمْ يَعْرِفْهُ صَاحِبُهُ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلَوْ لَمْ يَعْرِفَا الْوَزْنَ بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ بِقَوْلِهِ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَخْ (قَوْلُهُ إلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ وَزْنِ كُلٍّ) فِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ، وَالْأَصْلُ إلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ كُلٍّ وَزْنَ نَقْدِهِ (قَوْلُهُ إذْ هُوَ الَّذِي يُمْنَعُ فِيهِ الْجُزَافُ) ظَاهِرُهُ الْإِطْلَاقُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ نَعَمْ يُشْتَرَطُ أَنْ يُعَدَّ بِمَشَقَّةٍ (قَوْلُهُ أَوْ بَعْضُ أَحَدِهِمَا أَجْوَدُ مِنْ بَعْضِ الْآخَرِ) الْأَوْلَى حَذْفُ بَعْضٍ وَيَقُولُ أَجْوَدُ مِنْ كُلِّ الْآخَرِ.

(قَوْلُهُ أَدْنَى مِنْ بَعْضِ الْآخَرِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَدْنَى مِنْ الْآخَرِ، وَيُسْقِطُ لَفْظَ بَعْضٍ (قَوْلُهُ فِي فَرْضِهِمْ) أَيْ عُرْفِهِمْ (قَوْلُهُ فَكَمَا لَا تَجُوزُ مُرَاطَلَةُ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ فَكَمَا لَا تَجُوزُ مُرَاطَلَةُ جَيِّدٍ وَرَدِيءٍ بِمُتَوَسِّطٍ لَا تَجُوزُ مُرَاطَلَةُ رَدِيءٍ مَسْكُوكٍ إلَخْ (قَوْلُهُ رَدِيءٍ مَسْكُوكٍ إلَخْ) أَيْ فَلَوْ جَعَلَ السِّكَّةَ كَالْعَدَمِ جَازَ (قَوْلُهُ سِكَّةٍ وَاحِدَةٍ) يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا تَسَاوَى جَوْدَةً وَرَدَاءَةً وَإِحْدَى السِّكَّتَيْنِ أَعْلَى مِنْ الْمُنْفَرِدَةِ وَالْأُخْرَى أَدْنَى مِنْهَا.

(قَوْلُهُ وَلَا مَسْكُوكٍ بِتِبْرَيْنِ) بِجَعْلِ أَحَدِهِمَا أَجْوَدَ مِنْ الْمَسْكُوكِ وَالثَّانِي مُسَاوِيًا، وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الثَّانِي أَرْدَأَ جَوْدَةً مِنْ الْمَسْكُوكِ لَدَارَ الْفَضْلُ وَلَوْ لَمْ يَنْظُرْ لِلسِّكَّةِ وَقَوْلُهُ أَوْ تِبْرٍ وَمَسْكُوكٍ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ التِّبْرُ أَجْوَدَ مِنْ الْمَسْكُوكِ الْمُنْفَرِدِ وَالْمَسْكُوكُ الْمُصَاحِبُ لِلتِّبْرِ مُسَاوٍ لِلْمَسْكُوكِ الْمُنْفَرِدِ إذْ لَوْ كَانَ أَدْنَى مِنْهُ لَامْتَنَعَ وَلَوْ لَمْ يَنْظُرْ لِلسِّكَّةِ وَفِي شَرْحِ شب، وَكَذَا لَا تَجُوزُ مُرَاطَلَةُ دَنَانِيرِ سِكَّةٍ وَاحِدَةٍ بِدَنَانِيرِ سِكَّتَيْنِ أَجْوَدَ وَأَدْنَى وَلَا مَسْكُوكٍ بِتِبْرَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>