للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِطَلَبِ الشَّرْعِ الْمُسَاوَاةَ فِي النُّقُودِ الْمُتَّحِدَةِ الْجِنْسِ وَقَصْدُ الْمَعْرُوفِ بِانْفِرَادِهِ لَا يُخَصِّصُ الْعُمُومَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى مَنْعِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى لَا مِنْ حَقِّ الْآدَمِيِّ إلَّا أَنَّ التَّعَامُلَ لَمَّا كَانَ بِالْعَدَدِ صَارَ النَّقْصُ الْيَسِيرُ غَيْرَ مُنْتَفَعٍ بِهِ فَجَرَى مَجْرَى الرَّدَاءَةِ وَالزِّيَادَةِ مَجْرَى الْجُودَةِ فَقَدْ زَادَهُ مَعْرُوفًا، وَالْمَعْرُوفُ يُوَسَّعُ فِيهِ مَا لَا يُوَسَّعُ فِي غَيْرِهِ بِخِلَافِ التِّبْرِ وَشَبَهِهِ انْتَهَى، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ مَا يُتَعَامَلُ بِهِ عَدَدًا مِنْ غَيْرِ الْمَسْكُوكِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمَسْكُوكِ وَالشُّرُوطُ الْمَذْكُورَةُ لَا تُعْتَبَرُ إلَّا إذَا كَانَتْ الدَّرَاهِمُ أَوْ الدَّنَانِيرُ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ أَوْزَنَ.

فَإِنْ كَانَتْ مِثْلَهَا فِي الْوَزْنِ جَازَتْ الْمُبَادَلَةُ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِ الْمُبَادَلَةِ، وَلَمَّا كَانَ السَّبَبُ فِي الْجَوَازِ الْمَعْرُوفِ شُرِطَ تَمَحُّضُهُ وَحُصُولُهُ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ وَمُنِعَ دَوَرَانُهُ مِنْ جِهَتَيْنِ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ (ص) وَالْأَجْوَدُ أَنْقَصُ أَوْ أَجْوَدُ سِكَّةً مُمْتَنِعٌ (ش) أَيْ وَالنَّقْدُ الْأَجْوَدُ جَوْهَرِيَّةٌ حَالَةَ كَوْنِهِ أَنْقَصَ وَزْنًا مُمْتَنِعٌ إبْدَالُهُ بِأَرْدَأَ جَوْهَرِيَّةٌ كَامِلًا وَزْنًا اتِّفَاقًا لِدَوَرَانِ الْفَضْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْأَجْوَدِ يَرْغَبُ لِلْأَدْنَى لِكَمَالِهِ وَصَاحِبُ الْأَرْدَأِ الْكَامِلِ يَرْغَبُ لِلنَّاقِصِ لِجَوْدَتِهِ، وَكَذَلِكَ يَمْتَنِعُ النَّقْدُ الْأَجْوَدُ سِكَّةً الْأَنْقَصُ وَزْنًا بِرَدِيءِ السِّكَّةِ الْكَامِلِ الْوَزْنِ لِدَوَرَانِ الْفَضْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ.

فَقَوْلُهُ أَوْ أَجْوَدُ سِكَّةً مَرْفُوعٌ عَطْفًا عَلَى الْأَجْوَدُ وَحَذَفَ أَيْ الْأَجْوَدُ أَنْقَصُ لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا إشْكَالَ فِي الْإِخْبَارِ بِقَوْلِهِ مُمْتَنِعٌ عَنْهُمَا (ص) وَإِلَّا جَازَ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْأَجْوَدُ جَوْهَرِيَّةٌ أَوْ سِكَّةٌ أَنْقَصَ بَلْ كَانَ مُسَاوِيًا أَوْ أَوْزَنَ جَازَ لِتَمَحُّضِ الْفَضْلِ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُرَاطَلَةَ وَهِيَ بَيْعُ النَّقْدِ بِمِثْلِهِ وَزْنًا بِقَوْلِهِ (وَ) جَازَتْ (مُرَاطَلَةُ عَيْنٍ بِمِثْلِهِ) ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ بِمِثْلِهِ وَلَوْ قَالَ بَيْعُ نَقْدٍ بِمِثْلِهِ لِيَشْمَلَ الْمَسْكُوكَ وَأَصْلَهُ لَكَانَ أَحْسَنَ وَذَكَرَ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ بِمِثْلِهِ الْعَائِدَ عَلَى الْمُؤَنَّثِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْعَيْنَ نَقْدٌ وَبِعِبَارَةٍ وَقَوْلُهُ بِمِثْلِهِ مِنْ كَوْنِهِمَا ذَهَبَيْنِ أَوْ فِضَّتَيْنِ فَلَا يَدْخُلُ الذَّهَبُ مَعَ الْفِضَّةِ

ــ

[حاشية العدوي]

رُبَّمَا يَقْتَضِي مَنْعَهَا فِي دِينَارٍ غَيْرِ شَرْعِيٍّ كَجَوْزٍ فَإِنَّ سُدُسَهُ كَثُلُثِ الشَّرْعِيِّ، وَكَذَا دِرْهَمٌ كَبِيرٌ وَيَحْتَمِلُ اغْتِفَارَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ بِانْفِرَادِهِ) بَلْ وَكَذَا مَعَ غَيْرِهِ فَالْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ بِانْفِرَادِهِ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ إلَّا أَنَّ إلَخْ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ صَارَ النَّقْصُ الْيَسِيرُ غَيْرَ مُنْتَفَعٍ بِهِ) أَيْ بِخِلَافِ لَوْ كَانَ التَّعَامُلُ بِالْوَزْنِ كَانَ النَّقْصُ الْيَسِيرُ مُنْتَفَعًا بِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ أَخَذَ فِي مُقَابَلَتِهِ مَا هُوَ أَزْيَدَ.

(قَوْلُهُ فَجَرَى مَجْرَى الرَّدَاءَةِ إلَخْ) أَيْ وَإِبْدَالُ الْأَجْوَدِ بِالْأَرْدَأِ مَعَ الْمُوَافَقَةِ فِي الْوَزْنِ جَائِزٌ وَقَوْلُهُ فَقَدْ زَادَهُ مَعْرُوفًا كَالتَّعْلِيلِ لِمَحْذُوفٍ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَحِينَئِذٍ لَا ضَرَرَ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ زَادَهُ مَعْرُوفًا أَيْ وَالْمَعْرُوفُ يُوَسَّعُ فِيهِ أَيْ مَعَ مُلَاحَظَةِ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ التِّبْرِ وَشَبَهِهِ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ غَيْرَ مُنْتَفَعٍ بِهِ، وَكَأَنَّهُ قَالَ صَارَ النَّقْصُ الْيَسِيرُ غَيْرَ مُنْتَفَعٍ بِهِ بِخِلَافِ التِّبْرِ وَشَبَهِهِ فَإِنَّ النَّقْصَ الْيَسِيرَ يُنْتَفَعُ بِهِ لِكَوْنِ التَّعَامُلِ فِيهِ بِالْوَزْنِ لَا بِالْعَدَدِ (قَوْلُهُ وَهَذَا يَقْتَضِي إلَخْ) وَلَا يُعْمَلُ بِهَذَا الْمُقْتَضَى؛ لِأَنَّهَا رُخْصَةٌ فَيُقْتَصَرُ فِيهَا عَلَى مَا وَرَدَ، وَلَوْلَا أَنَّ الْوَارِدَ كَوْنُ ذَلِكَ فِي الْمَسْكُوكِ مَا ذَكَرُوهُ فَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَسْكُوكًا وَلَا يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ السِّكَّةِ.

(قَوْلُهُ وَالنَّقْدُ الْأَجْوَدُ جَوْهَرِيَّةٌ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ حَذَفَ فِي الْأَوَّلِ جَوْهَرِيَّةً وَأَثْبَتَ نَظِيرَهُ فِي الْمَعْطُوفِ الَّذِي هُوَ سِكَّةٌ وَحَذَفَ مِنْ الْمَعْطُوفِ أَنْقَصَ وَأَثْبَتَ مِثْلَهُ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فَفِيهِ شَبَهُ احْتِبَاكٍ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ جَوْهَرِيَّةً حَالٌ مِنْ الْأَجْوَدِ الَّذِي هُوَ الْمُبْتَدَأُ وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِمَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ بَلْ عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي مَجِيءِ الْحَالِ مِنْ الْمُبْتَدَأِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُبْتَدَأُ صَالِحًا لِلْعَمَلِ وَلَا يَحْتَاجُ لِجَعْلِهِ حَالًا مِنْ الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ.

(قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ يَمْتَنِعُ النَّقْدُ الْأَجْوَدُ سِكَّةً الْأَنْقَصُ وَزْنًا) أَيْ وَالْجَوْهَرِيَّةُ مُسْتَوِيَةٌ وَمِثْلُ ذَلِكَ لَوْ قَابَلَ الْأَجْوَدَ سِكَّةً وَأَنْقَصَ جَوْهَرِيَّةً وَوَزْنًا رَدِيءُ السِّكَّةِ وَكَامِلٌ وَزْنًا وَجَوْهَرِيَّةً، وَكَذَلِكَ لَوْ قَابَلَ الْأَجْوَدُ سِكَّةً الْأَجْوَدَ جَوْهَرِيَّةً فَقَطْ لِدَوَرَانِ الْفَضْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ مَعَ اتِّحَادِ الْوَزْنِ.

(قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا إشْكَالَ) أَيْ وَحَيْثُ قَدَّرْنَا حَذْفَ الْحَالِ الَّذِي هُوَ أَنْقَصُ لَا إشْكَالَ فِي الْإِخْبَارِ بِالِامْتِنَاعِ، وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ حَذَفَ مِنْ الْأَوَّلِ التَّمْيِيزَ وَهُوَ جَوْهَرِيَّةٌ وَذَكَرَ الْحَالُ الَّذِي هُوَ أَنْقَصُ وَحَذَفَ مِنْ الثَّانِي الْحَالَ الَّذِي هُوَ أَنْقَصَ وَذَكَرَ التَّمْيِيزَ الَّذِي هُوَ سِكَّةٌ فَفِيهِ شَبَهُ احْتِبَاكٍ لَا احْتِبَاكٌ نَعَمْ لَوْ كَانَ الْمَحْذُوفُ مِنْ الْأَوَّلِ سِكَّةً لَكَانَ احْتِبَاكًا فَلَوْ لَمْ يُقَدَّرْ الْحَالُ فِي الْمَعْطُوفِ لَأَشْكَلَ الْإِخْبَارُ بِالِامْتِنَاعِ، وَذَلِكَ لِكَوْنِ الْفَضْلِ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ، وَلَمَّا قُدِّرَ الْحَالُ ظَهَرَ الْفَضْلُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَظَهَرَ الِامْتِنَاعُ.

(قَوْلُهُ عَنْهُمَا) فَإِنْ قُلْت إنَّ أَجْوَدَ نَكِرَةٌ فَكَيْفُ يُعْطَفُ عَلَى الْمُبْتَدَأِ، وَعَطْفُهُ عَلَى الْمُبْتَدَأِ يُصَيِّرُهُ مُبْتَدَأً وَأُجِيبَ بِأَنَّ عَطْفَهُ عَلَى مَا يَجُوزُ الِابْتِدَاءُ بِهِ مُسَوِّغٌ لِلِابْتِدَاءِ بِالنَّكِرَةِ فَإِنْ قُلْت كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مُمْتَنِعَانِ، وَالْجَوَابُ أَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ (قَوْلُهُ وَإِلَّا جَازَ) يُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ مُبَادَلَةِ الْكِلَابِ بِالرِّيَالَاتِ وَالْبَنَادِقَةِ بِالْمُحَمَّدِيَّةِ لِاتِّحَادِ الْوَزْنِ فَالْفَضْلُ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ كَمَا يَجُوزُ مُرَاطَلَةُ الرِّيَالَاتِ بِالْكِلَابِ وَالْبَنَادِقَةِ بِالْمُحَمَّدِيَّةِ لِتَمَحُّضِ الْفَضْلِ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ (قَوْلُهُ بَلْ كَانَ مُسَاوِيًا) أَوْ أَوْزَنَ هَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ (قَوْلُهُ وَهِيَ بَيْعُ النَّقْدِ بِمِثْلِهِ وَزْنًا) لَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى ذَلِكَ تَخْرُجُ الْفُلُوسُ، وَتَدْخُلُ بِزِيَادَةٍ أَوْ فَلْسٌ بِمِثْلِهِ عَدَدًا لَا وَزْنًا فِي آخَرَ سَلَّمَهَا لَا يَصْلُحُ فَلْسٌ بِفَلْسَيْنِ نَقْدًا وَلَا مُؤَجَّلًا وَالْفُلُوسُ فِي الْعَدَدِ كَالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ فِي الْوَزْنِ.

(قَوْلُهُ لِيَشْمَلَ إلَخْ) هَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَيْنَ خَاصَّةٌ بِالْمَضْرُوبِ كَمَا عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ تَقَدَّمَ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْعَيْنَ تُطْلَقُ عَلَى مَا يَعُمُّ الْمَسْكُوكَ وَغَيْرَهُ عِنْدَ بَعْضِهِمْ، وَقَوْلُهُ فَلَا يَدْخُلُ الذَّهَبُ مَعَ الْفِضَّةِ أَيْ لَا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَلَا أَحَدِهِمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>