للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ الْمَنْعُ وَبِهِ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ جَوَازُهُ نَقْدًا وَبِهِ أَخَذَ أَشْهَبُ فَقَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ بِأَحَدِهِمَا وَأَوْلَى بِهِمَا.

وَقَوْلُهُ (إلَّا إنْ تَبِعَا الْجَوْهَرَ) إشَارَةٌ لِقَوْلِ اللَّخْمِيِّ لَمْ يُخْتَلَفْ فِي الْمُحَلَّى يَكُونُ فِيهِ ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ وَلُؤْلُؤٌ وَجَوْهَرٌ وَالذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ الثُّلُثُ فَأَقَلَّ وَاللُّؤْلُؤُ وَالْجَوْهَرُ الثُّلُثَانِ فَأَكْثَرَ أَنَّهُ يُبَاعُ بِالْأَقَلِّ مِنْ ذَلِكَ كَالسَّيْفِ وَلِقَوْلِ صَاحِبِ الْإِكْمَالِ فَإِنْ كَانَ فِيهِمَا عَرْضٌ وَهُمَا الْأَقَلُّ بِيعَ بِأَقَلِّهِمَا قَوْلًا وَاحِدًا انْتَهَى، وَالْمُرَادُ بِالْجَوْهَرِ مَا قَابَلَ النَّقْدَيْنِ فَمَا حُلِّيَ بِنَقْدَيْنِ وَفِيهِ لُؤْلُؤٌ فَاللُّؤْلُؤُ فِيهِ مِنْ جُمْلَةِ الْعَرْضِ وَعِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ فِي الْوَاضِحَةِ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِأَحَدِهِمَا حَيْثُ تَبِعَ الْجَوْهَرُ سَوَاءٌ بِيعَ بِأَقَلِّهِمَا أَوْ بِأَكْثَرِهِمَا وَهُوَ خِلَافُ مَا مَرَّ، وَقَوْلُهُ إلَّا إنْ تَبِعَا الْجَوْهَرَ فَيَجُوزُ بِأَحَدِهِمَا وَأَمَّا بِهِمَا فَانْظُرْ فِي ذَلِكَ وَاَلَّذِي تَقْتَضِيهِ قَوَاعِدُ الْمَذْهَبِ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ ذَهَبٍ بِذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَبَيْعُ فِضَّةٍ بِفِضَّةٍ وَذَهَبٍ.

وَلَمَّا كَانَ بَيْعُ النَّقْدِ بِنَقْدٍ غَيْرِ صِنْفِهِ صَرْفًا وَبِصِنْفِهِ إمَّا مُرَاطَلَةً وَهِيَ بَيْعُ نَقْدٍ بِمِثْلِهِ وَزْنًا كَمَا يَأْتِي، وَإِمَّا مُبَادَلَةً وَهِيَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ بَيْعُ الْعَيْنِ بِمِثْلِهِ عَدَدًا فَقَوْلُهُ بِمِثْلِهِ يَخْرُجُ الصَّرْفُ وَقَوْلُهُ عَدَدًا أَخْرَجَ بِهِ الْمُرَاطَلَةَ وَقَدْ أَشَارَ الْمُؤَلِّفُ إلَى نَوْعٍ مِنْ الْمُبَادَلَةِ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ بَيْنَ الْعِوَضَيْنِ تَفَاضُلٌ وَلِشُرُوطِهِ بِقَوْلِهِ (ص) وَجَازَتْ مُبَادَلَةُ الْقَلِيلِ الْمَعْدُودِ دُونَ سَبْعَةٍ (ش) أَيْ وَجَازَتْ الْمُبَادَلَةُ جَوَازًا مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ بِشُرُوطٍ أَنْ تَقَعَ بِلَفْظِ الْمُبَادَلَةِ وَأَنْ يَكُونَ التَّعَامُلُ بِهَا عَدَدًا لَا وَزْنًا وَأَنْ تَكُونَ قَلِيلَةً وَأَنْ تَكُونَ دُونَ سَبْعَةٍ وَأَنْ تَكُونَ وَاحِدًا بِوَاحِدٍ لَا وَاحِدًا بِاثْنَيْنِ وَأَنْ يَكُونَ عَلَى قَصْدِ الْمَعْرُوفِ لَا عَلَى وَجْهِ الْمُبَايَعَةِ، وَأَنْ تَكُونَ مَسْكُوكَةً وَأَنْ تَتَّحِدَ السِّكَّةُ فَقَوْلُهُ وَجَازَتْ مُبَادَلَةٌ أَيْ وَجَازَ الْعَقْدُ مُعَبَّرًا عَنْهُ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ فَلَا بُدَّ أَنْ تَقَعَ بَيْنَهُمَا الْمُعَاقَدَةُ بِهَذَا اللَّفْظِ.

وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ لِمَا يَتَضَمَّنُ مَوْضُوعَ الْمَسْأَلَةِ مَعَ الشَّرْطِ الثَّالِثِ بِقَوْلِهِ (ص) بِأَوْزَنَ مِنْهَا بِسُدُسٍ سُدُسٍ (ش) أَيْ أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ فِي كُلِّ دِينَارٍ أَوْ دِرْهَمٍ سُدُسًا سُدُسًا عَلَى مُقَابِلِهِ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ وَهُوَ دَانَقٌ لَا أَزْيَدُ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي تَسْمَحُ بِهِ النُّفُوسُ غَالِبًا وَمُقْتَضَى النَّظَرِ مَنْعُهُ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَبِعَا) بِفَتْحِ هَمْزَةِ أَنْ لِوُقُوعِهَا بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ أَيْ إذَا تَبِعَا الْجَوْهَرَ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِأَحَدِهِمَا وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ كَذَا فِي شَرْحِ شب وَهَلْ التَّبَعِيَّةُ بِالْقِيمَةِ أَوْ بِالْوَزْنِ خِلَافٌ قَالَهُ فِي الشَّامِلِ، وَهَذَا إنَّمَا يَأْتِي فِي صِنْفِ مَا بِيعَ بِهِ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يُتَصَوَّرُ اعْتِبَارُ وَزْنِهِ بَلْ قِيمَتُهُ وَهَلْ تُعْتَبَرُ قِيمَةُ وَزْنِهِ أَوْ قِيمَتُهُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ يُتَصَوَّرُ فِي صِنْفٍ لَمْ يُبَعْ بِهِ أَيْضًا عَلَى ضَرْبٍ مِنْ التَّجَوُّزِ وَهُوَ أَنْ يُرَادَ بِالْقِيمَةِ قِيمَتُهُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ وَبِالْقِيمَةِ قِيمَةُ وَزْنِهِ.

(قَوْلُهُ لَمْ يُخْتَلَفْ فِي الْمُحَلَّى إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُحَلَّى ثَوْبٌ وَقَدْ حُلِّيَ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَاللُّؤْلُؤِ وَالْجَوْهَرِ وَالتَّبَعِيَّةُ بِالنَّظَرِ لِلُّؤْلُؤِ وَالْجَوْهَرِ، وَقِيمَةُ الثَّوْبِ لَا دَخْلَ لَهَا فِي ذَلِكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ بِالْجَوْهَرِ كَمَا فِي شَرْحِ شب الذَّاتُ الَّتِي رُكِّبَتْ عَلَيْهَا الْحِلْيَةُ ثَوْبًا كَانَتْ أَوْ مُصْحَفًا أَوْ سَيْفًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ لَا اللُّؤْلُؤُ انْتَهَى، وَيُوَافِقُهُ مَا فِي عب حَيْثُ قَالَ إلَّا أَنْ تَبِعَا الْجَوْهَرَ الَّذِي هُوَ فِيهِ، وَهُوَ مَا قَابَلَ النَّقْدَ انْتَهَى ثُمَّ قَوْلُهُ إشَارَةٌ فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُمَا مَتَى تَبِعَا الْجَوْهَرَ أَنَّهُ يَجُوزُ بِأَحَدِهِمَا مُطْلَقًا كَانَ تَابِعًا أَوْ لَا وَهَذَا خِلَافُ مَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ، وَقَوْلُ صَاحِبِ الْإِكْمَالِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ يُبَاعُ بِالْأَقَلِّ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِمَّا ذُكِرَ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ.

(قَوْلُهُ وَلِقَوْلِ صَاحِبِ الْإِكْمَالِ) مَعْطُوفٌ عَلَى لِقَوْلِ اللَّخْمِيِّ (قَوْلُهُ وَعِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ إلَخْ) ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَكَلَامِ شب يُفِيدُ اعْتِمَادَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ وَفِي كَلَامِ بَعْضٍ أَنَّهُمَا قَوْلَانِ لَمْ يُرَجَّحْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ مُبَادَلَةً) هَذَا شَرْطٌ وَقَوْلُهُ الْقَلِيلُ أَيْ النَّقْدُ الْقَلِيلُ، وَالنَّقْدُ لَا يَكُونُ إلَّا مَسْكُوكًا وَالْمُتَبَادِرُ مِنْ كَوْنِهِ مَسْكُوكًا أَنْ تَكُونَ السِّكَّةُ وَاحِدَةً إلَّا أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ السِّكَّةِ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ دُونَ سَبْعَةٍ) حَالٌ مِنْ الْقَلِيلِ أَوْ نَعْتٌ لَهُ أَوْ بَدَلٌ أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ.

(تَنْبِيهٌ) : كَلَامُهُ يَقْتَضِي جَوَازَهَا فِيمَا إذَا زَادَ عَلَى السِّتَّةِ وَلَمْ يَبْلُغْ سَبْعَةً وَكَلَامُهُمْ يَقْتَضِي مَنْعَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَأَنْ تَكُونَ دُونَ سَبْعَةٍ) الْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ وَعَدَمُ ذِكْرِ الْقِلَّةِ؛ لِأَنَّ دُونَ السَّبْعَةِ يَسْتَلْزِمُ الْقِلَّةَ.

(قَوْلُهُ وَأَنْ يَكُونَ عَلَى قَصْدِ الْمَعْرُوفِ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ بِمُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ أَيْ أَنْ يَكُونَ الْمَزِيدُ عَلَى قَصْدِ الْمَعْرُوفِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَجَازَ الْعَقْدُ مُعَبَّرًا عَنْهُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا يُفِيدُهُ لَفْظُ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا لَزِمَ عَلَيْهِ وُجُودُهُ فِي الْمُرَاطَلَةِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لَفْظُ الْمُرَاطَلَةِ (قَوْلُهُ لِمَا يَتَضَمَّنُ مَوْضُوعَ الْمَسْأَلَةِ) وَهُوَ الْمُبَادَلَةُ بِأَوْزَنَ وَقَوْلُهُ مَعَ الشَّرْطِ الثَّالِثِ أَيْ الَّذِي هُوَ كَوْنُ الزِّيَادَةِ السُّدُسَ، وَهَذَا بِاعْتِبَارِ عَدِّ الْقَلِيلِ شَرْطًا أَوَّلَ وَقَوْلُهُ دُونَ سَبْعَةٍ بَيَانٌ لِلْقَلِيلِ وَالْمَعْدُودُ شَرْطٌ ثَانٍ وَالثَّالِثُ هُوَ أَنَّ الْمَزِيدَ السُّدُسُ لَا أَزْيَدَ كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ بِأَوْزَنَ مِنْهَا) الضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى اعْتِبَارِ مَا تَقَدَّمَ أَيْ مُبَادَلَةُ سِتَّةٍ فَأَقَلَّ بِأَوْزَنَ مِنْهَا.

(قَوْلُهُ بِسُدُسٍ سُدُسٍ) كَرَّرَ لَفْظَ سُدُسٍ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الزِّيَادَةَ سُدُسٌ فِي الْجَمِيعِ وَمِثْلُهُ إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ فِي كُلِّ دِينَارٍ أَوْ دِرْهَمٍ أَقَلَّ مِنْهُ كَمَا يُرْشِدُ لَهُ التَّعْلِيلُ، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ فِي بَعْضِهَا السُّدُسَ وَالْبَعْضُ الثَّانِي دُونَ السُّدُسِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ فِي بَعْضِهَا أَقَلَّ مِنْ سُدُسٍ وَفِي الْبَعْضِ الْآخَرِ أَكْثَرَ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ وَسُدُسُ الثَّانِي مَعْطُوفٌ عَلَى سُدُسِ الْأَوَّلِ بِحَذْفِ الْعَاطِفِ وَهُوَ جَائِزٌ فِي النَّثْرِ عَلَى أَنَّ السَّيِّدَ عِيسَى الصَّفْوِيَّ قَالَ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى مُخْتَصَرِ الشَّيْخِ سَعْدِ الدِّينِ أَنَّ الْمُخْتَصَرَاتِ تَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْأَشْعَارِ وَحَذَفَ الْمُصَنِّفُ الْوَاوَ وَمَا عُطِفَتْ فِي أَرْبَعٍ بَعْدَ الثَّانِي الْمَذْكُورِ حَتَّى يَكُونَ الْمُتَعَاطِفَاتُ عَلَى الْأَوَّلِ بِقَدْرِ مَا فِيهِ الْمُبَادَلَةُ وَيَكُونُ حِينَئِذٍ مِنْ مُقَابَلَةِ الْجَمْعِ بِالْجَمْعِ الْمُقْتَضِيَةِ لِانْقِسَامِ الْآحَادِ.

(قَوْلُهُ بِسُدُسٍ سُدُسٍ) ثَالِثٍ وَهَذَا بِقَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا قَالَهُ قَبْلُ بَلْ بِالنَّظَرِ لِظَاهِرِ لَفْظِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ أَوْ دِرْهَمٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجْرِي فِي سِتَّةِ رِيَالَاتٍ أَوْزَنَ مِنْهَا بَلْ مَا يَجْرِي إلَّا فِي الدِّرْهَمِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَنَّى بِالدِّرْهَمِ عَنْ قِطْعَةِ الْفِضَّةِ الشَّامِلَةِ لِلرِّيَالِ وَالْكَلْبِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي تَسْمَحُ بِهِ النُّفُوسُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>