للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَهَذَا يُرْجَعُ فِيهِ إلَى أَجْرِ مِثْلِهِ تَمَّ الْعَمَلُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِحَقِيقَةِ الْجُعْلِ وَفِيهِ أَنَّهُ أَطْلَقَ عَلَى النَّفَقَةِ جُعْلًا تَغْلِيبًا

وَلَمَّا كَانَ الْمَجْعُولُ عَلَيْهِ ضَائِعًا يُشْبِهُ مَوَاتَ الْأَرْضِ نَاسَبَ الْإِتْيَانَ بِهِ بَعْدَ الْجُعْلِ فَقَالَ (بَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ)

قَالَ الشَّارِحُ الْمَوَاتُ بِضَمِّ الْمِيمِ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ هُوَ الْمَوْتُ وَبِفَتْحِهَا مَا لَا رُوحَ فِيهِ وَأَيْضًا هُوَ الْأَرْضُ الَّتِي لَا مَالِكَ لَهَا وَلَا مُنْتَفَعَ بِهَا انْتَهَى قَوْلُهُ مُنْتَفَعَ اسْمُ مَفْعُولٍ بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ أَيْ: لَا انْتِفَاعَ بِهَا الْآنَ فَقَدْ عَلِمْت ضَبْطَ الْمَوَاتِ هُنَا بِأَنَّهُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَأَنَّهُ مِنْ الْأَلْفَاظِ الْمُشْتَرَكَةِ وَبَدَأَ الْمُؤَلِّفُ بِتَعْرِيفِ الْمَوَاتِ عَلَى الْإِحْيَاءِ بِقَوْلِهِ. (ص) مَوَاتُ الْأَرْضِ مَا سَلِمَ عَنْ الِاخْتِصَاصِ (ش) إمَّا؛ لِأَنَّهُ السَّابِقُ عَلَى الْوُجُودِ فَهُوَ مُقَدَّمٌ طَبْعًا فَقُدِّمَ وَضْعًا، وَإِمَّا؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْمَوَاتِ مُتَّحِدَةٌ وَالْإِحْيَاءُ يَكُونُ بِأُمُورٍ كُلٌّ مِنْهَا مُضَادٌّ لِلْمَوَاتِ فَاحْتَاجَ إلَى ذِكْرِهِ أَوَّلًا لِيَذْكُرَ أَضْدَادَهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَوَاتَ الْأَرْضِ مَا سَلِمَ عَنْ الِاخْتِصَاصِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ الْآتِيَةِ وَاسْتَغْنَى الْمُؤَلِّفُ عَنْ أَنْ يَقُولَ مَا سَلِمَ عَنْ الِاخْتِصَاصَاتِ بِالْجَمْعِ بِالِاسْمِ الْمُحَلَّى بِأَلْ الْمُفِيدَةِ لِلْعُمُومِ وَقَدْ عَرَّفَ ابْنُ عَرَفَةَ إحْيَاءَ الْمَوَاتِ بِقَوْلِهِ هُوَ لَقَبٌ لِتَعْمِيرِ دَاثِرِ الْأَرْضِ بِمَا يَقْتَضِي عَدَمَ انْصِرَافِ الْمُعَمِّرِ عَنْ انْتِفَاعِهِ بِهَا انْتَهَى. وَالْمُرَادُ بِتَعْمِيرِ دَاثِرِ الْأَرْضِ مَا يَشْمَلُ تَفْجِيرَ الْمَاءِ وَإِخْرَاجَهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا يَأْتِي لِلْمُؤَلِّفِ فِي بَيَانِ الْإِحْيَاءِ وَأُخْرِجَ بِدَاثِرِ الْأَرْضِ غَيْرُ الدَّاثِرَةِ وَتَعْمِيرُ غَيْرِ الْأَرْضِ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ بِمَا يَقْتَضِي عَدَمَ إلَخْ عَمَّا لَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِحْيَاءُ مِنْ التَّعْمِيرِ كَالتَّحْوِيطِ وَرَعْيِ الْكَلَأِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يُعْلَمُ مِنْ التَّعْرِيفِ مَا يَكُونُ مِنْ التَّعْمِيرِ مُقْتَضِيًا لِلِاخْتِصَاصِ وَمَا لَا يَكُونُ كَذَلِكَ فَهُوَ مِنْ التَّعْرِيفِ بِالْأَخْفَى وَهُوَ مُمْتَنِعٌ وَيُجَابُ بِأَنَّ بَيَانَهُ لِذَلِكَ بَعْدُ يَدْفَعُ عَنْهُ ذَلِكَ ثُمَّ إنَّ مُقْتَضَى التَّعْرِيفِ أَنَّ الْإِقْطَاعَ وَالْحِمَى لَيْسَا مِنْ الْإِحْيَاءِ؛ إذْ لَيْسَ فِيهِمَا تَعْمِيرُ دَاثِرِ الْأَرْضِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ لَا يُخَالِفُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهُمَا مِمَّا يَحْصُلُ بِهِ الِاخْتِصَاصُ الَّذِي الْإِحْيَاءُ مِنْ أَقْسَامِهِ وَلَمْ يَجْعَلْهُمَا مِنْ أَفْرَادِ الْإِحْيَاءِ الَّذِي التَّعْرِيفُ لَهُ فَهُمَا قَسِيمَانِ لِلْإِحْيَاءِ لَا قِسْمَانِ مِنْهُ ثُمَّ إنَّ إضَافَةَ الْمَوَاتِ إلَى الْأَرْضِ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ إلَى الْمَوْصُوفِ أَيْ: الْأَرْضِ الْمَيْتَةِ وَقَوْلُهُ مَا أَيْ: أَرْضٌ وَذِكْرُ الضَّمِيرِ فِي سَلِمَ نَظَرًا لِلَفْظِ مَا.

(ص) بِعِمَارَةٍ وَلَوْ انْدَرَسَتْ إلَّا لِإِحْيَاءٍ (ش) الْبَاءُ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ الِاخْتِصَاصُ كَائِنٌ بِعِمَارَةٍ أَوْ يَكُونُ بِعِمَارَةٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعِمَارَةَ إذَا انْدَرَسَتْ وَكَانَتْ نَاشِئَةً عَنْ بَيْعٍ أَوْ صَدَقَةٍ وَنَحْوِهِمَا مِمَّنْ مَلَكَهَا مِنْ مَوَاتٍ بِإِحْيَاءٍ أَوْ إقْطَاعٍ فَإِنَّهَا لَا تَصِيرُ مَوَاتًا فَإِنْ كَانَتْ الْعِمَارَةُ الْمُنْدَرِسَةُ

ــ

[حاشية العدوي]

أَيْ: فَهَذَا مَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَحِينَئِذٍ صَحَّ قَوْلُهُ وَفِيهِ أَنَّهُ أَطْلَقَ عَلَى النَّفَقَةِ جُعْلًا تَغْلِيبًا (قَوْلُهُ وَلَمَّا كَانَ الْمَجْعُولُ عَلَيْهِ ضَائِعًا إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَلَمَّا كَانَ الْمَوَاتُ يُشْبِهُ الْمَجْعُولَ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ الضَّيَاعِ نَاسَبَ تَعْقِيبَهُ أَيْ: الْمَوَاتِ بِالْجُعْلِ

[بَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ]

(قَوْلُهُ مَا لَا رُوحَ فِيهِ) أَيْ وَإِنْ مِنْ الْحَيَوَانِ، وَقَوْلُهُ وَأَيْضًا هُوَ الْأَرْضُ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَعْنَى عَلَى هَذَا أَخَصُّ مِنْ الْأَوَّلِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُخَصَّ الْأَوَّلُ بِالْحَيَوَانِ فَيَكُونُ مُغَايِرًا لَهُ (قَوْلُهُ وَلَا مُنْتَفِعَ بِهَا) لَا يَخْفَى أَنَّ عَدَمَ الِانْتِفَاعِ بِحَسْبِ الْوُجُودِ بِجَامِعِ الْمَمْلُوكِ وَغَيْرِهِ وَالْمَمْلُوكُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُنْتَفِعًا بِهِ أَمْ لَا فَبَيْنَ الْمُتَعَاطِفَيْنِ تَغَايُرٌ مِنْ حَيْثُ الْمَفْهُومِ وَعُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ بِحَسْبِ الْوُجُودِ (قَوْلُهُ انْتَهَى) أَيْ انْتَهَى كَلَامُ بَهْرَامَ (قَوْلُهُ فَهُوَ مُقَدَّمٌ طَبْعًا) أَيْ: لِأَنَّ الْمُتَقَدِّمَ فِي الْوُجُودِ مُتَقَدِّمٌ فِي التَّعَقُّلِ (قَوْلُهُ فَاحْتَاجَ إلَى ذِكْرِهِ أَوَّلًا لِيَذْكُرَ أَضْدَادَهُ) الْحَاصِلُ أَنَّ بَيْنَ الْمَوَاتِ وَالْإِحْيَاءِ تَضَادًّا فِي الْجُمْلَةِ.

(أَقُولُ) فَإِذًا فَمَا الْمُرَجَّحُ لِتَقَدُّمِ أَحَدِ الضِّدَّيْنِ عَلَى الْآخَرِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَجَّحَ كَوْنُ أَحَدِ الضِّدَّيْنِ بِمَثَابَةِ الْبَسِيطِ وَالثَّانِي بِمَثَابَةِ الْمُرَكَّبِ وَالشَّأْنُ تَقْدِيمُ الْبَسِيطِ عَلَى الْمُرَكَّبِ (قَوْلُهُ بِالِاسْمِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ اسْتَغْنَى وَقَوْلُهُ بِالْجَمْعِ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ حَالٌ مِنْ الِاخْتِصَاصَاتِ أَيْ: حَالَةَ كَوْنِهَا مُلْتَبِسَةً بِكَوْنِهَا جَمْعًا.

(قَوْلُهُ مَا يَشْمَلُ إلَخْ) تَسَمُّحٌ؛ لِأَنَّ تَفْجِيرَ الْمَاءِ وَغَيْرِهِ لَيْسَ مِنْ جُزْئِيَّاتِ التَّعْمِيرِ وَلَا مِنْ أَجْزَائِهِ بَلْ هِيَ سَبَبٌ فِيهِ.

(قَوْلُهُ فَهُوَ مِنْ التَّعْرِيفِ بِالْأَخْفَى) أَيْ بِالْخَفِيِّ فَأَفْعَلُ التَّفْضِيلِ لَيْسَ عَلَى بَابِهِ وَقَوْلُهُ وَيُجَابُ إلَخْ هَذَا جَوَابُ لَا يُنْتَفَعُ؛ لِأَنَّ الْمَنْظُورَ لَهُ التَّعْرِيفُ فِي حَدِّ ذَاتِهِ وَبِالنَّظَرِ لَهُ وَاعْتُرِضَ أَيْضًا بِأَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ دَاثِرَ الْأَرْضِ مَا هُوَ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الدَّاثِرَ هُوَ الَّذِي لَا مِلْكَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ مِنْ الْآدَمِيِّينَ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدَ مَعْرُوضِ الْإِحْيَاءِ مَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ لَا قِسْمَانِ مِنْهُ) ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِحْيَاءَ وَالْإِقْطَاعَ وَالْحِمَى كُلٌّ مِنْهَا مُنْدَرِجٌ تَحْتَ الِاخْتِصَاصِ فَالِاخْتِصَاصُ تَحْتَهُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ.

(قَوْلُهُ أَيْ: الْأَرْضِ الْمَيْتَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ أَنَّ الْمَوَاتَ الْأَرْضُ الَّتِي لَا مَالِكَ لَهَا فَلَا يَكُونُ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ (قَوْلُهُ الْبَاءُ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ) لَعَلَّ سَبَبَ ذَلِكَ مَا يَلْزَمُ عَلَى تَعَلُّقِهِ بِالِاخْتِصَاصِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ إيهَامِ أَنَّ مَا سَلِمَ مِنْ الْعِمَارَةِ يَكُونُ مَوَاتًا وَلَوْ كَانَ مَشْغُولًا بِغَيْرِ الْعِمَارَةِ كَبِشَيْءٍ مِمَّا يَحْصُلُ بِهِ الْإِحْيَاءُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَتْ الْعِمَارَةُ الْمُنْدَرِسَةُ إلَخْ) آفَادَ الشَّارِحُ أَنَّ مَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْعِمَارَةَ يَحْصُلُ بِهَا الِاخْتِصَاصُ وَلَوْ انْدَرَسَتْ تِلْكَ الْعِمَارَةُ مَا لَمْ تَكُنْ تِلْكَ الْعِمَارَةُ نَاشِئَةً عَنْ إحْيَاءٍ بِأَنْ كَانَتْ نَاشِئَةً مِنْ بَيْعٍ أَوْ صَدَقَةٍ فَإِنْ كَانَتْ نَاشِئَةً عَنْ إحْيَاءٍ فَعِنْدَ انْدِرَاسِهَا زَالَ الِاخْتِصَاصُ وَظَاهِرُ ذَلِكَ أَنَّهُ مَتَى انْدَرَسَتْ وَكَانَتْ نَاشِئَةً عَنْ إحْيَاءٍ زَالَ الِاخْتِصَاصُ وَلَوْ لَمْ يَطُلْ زَمَنُ الِانْدِرَاسِ وَلَيْسَ

<<  <  ج: ص:  >  >>