للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نَاشِئَةً عَنْ إحْيَاءٍ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ مَوَاتًا وَيَبْطُلُ اخْتِصَاصُ الْمُحْيِي بِهَا كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُهُ فَفِي الْحَطَّابِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَإِنَّمَا يَكُونُ الثَّانِي أَحَقَّ إذَا طَالَتْ الْمُدَّةُ بَعْدَ عَوْدِهِ إلَى حَالَتِهِ الْأُولَى، وَأَمَّا إنْ أَحْيَاهُ الثَّانِي بِحِدْثَانِ عَوْدِهِ إلَى الْحَالَةِ الْأُولَى فَإِنْ كَانَ عَنْ جَهْلٍ مِنْهُ بِالْأَوَّلِ فَلَهُ قِيمَةُ عِمَارَتِهِ قَائِمَةً لِلشُّبْهَةِ وَإِنْ كَانَ عَنْ مَعْرِفَةٍ بِهِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا قِيمَةُ عِمَارَتِهِ مَنْقُوضَةً بَعْدَ يَمِينِ الْأَوَّلِ إنَّ تَرْكَهُ إيَّاهُ لَمْ يَكُنْ إسْلَامًا لَهُ وَإِنَّهُ كَانَ عَلَى نِيَّةِ إعَادَتِهِ انْتَهَى قُلْت وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِأَنْ لَا يَكُونَ عَلِمَ بِعِمَارَةِ الثَّانِي وَسَكَتَ عَنْهُ وَإِلَّا كَانَ سُكُوتُهُ دَلِيلًا عَلَى تَسْلِيمِهِ إيَّاهُ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى.

(ص) وَبِحَرِيمِهَا كَمُحْتَطَبٍ وَمَرْعًى يَلْحَقُ غُدُوًّا وَرَوَاحًا لِبَلَدٍ (ش) الضَّمِيرُ فِي حَرِيمِهَا يَرْجِعُ لِلْعِمَارَةِ وَهَذَا كَلَامٌ مُجْمَلٌ وَمَا بَعْدَهُ تَفْصِيلٌ لَهُ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُحْدِثَ فِي الْحَرِيمِ بِنَاءً يَضُرُّ بِأَهْلِ تِلْكَ الْعِمَارَةِ ثُمَّ إنَّ الْبَاءَ لَيْسَتْ لِلسَّبَبِيَّةِ كَالْبَاءِ الْوَاقِعَةِ فِيمَا بَعْدَهَا وَفِيمَا قَبْلَهَا لِاقْتِضَائِهَا أَنَّ الْحَرِيمَ سَبَبٌ فِي إحْيَاءِ مَا هُوَ حَرِيمٌ لَهُ مِنْ بَلَدٍ وَغَيْرِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الْحَرِيمُ لَيْسَ سَبَبًا لِلِاخْتِصَاصِ بِالْبَلَدِ كَمَا ذَكَرَهُ تت فَقَالَ وَأَشَارَ لِسَبَبٍ آخَرَ مِنْ أَسْبَابِ الِاخْتِصَاصِ بِقَوْلِهِ وَبِحَرِيمِهَا إلَخْ، وَفِيهِ نَظَرٌ كَمَا عَلِمْت فَالْوَاجِبُ جَعْلُهَا لِلظَّرْفِيَّةِ أَيْ: أَنَّ الِاخْتِصَاصَ الثَّابِتَ لِلْبَلَدِ وَغَيْرِهَا يَثْبُتُ لِحَرِيمِهَا وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ وَبِحَرِيمِهَا عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ يُفِيدُهُ الْمَعْنَى تَقْدِيرُهُ وَإِذَا حَصَلَ الْإِحْيَاءُ فِي الْأَرْضِ بِعِمَارَةٍ ثَبَتَ الِاخْتِصَاصُ فِيهَا وَفِي حَرِيمِهَا وَيَدُلُّ لِمَا ذَكَرْنَا قَوْلُ الْجَوَاهِرِ وَالِاخْتِصَاصُ أَنْوَاعٌ الْأَوَّلُ الْعِمَارَةُ إلَى أَنْ قَالَ النَّوْعُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ حَرِيمَ عِمَارَةٍ فَيَخْتَصَّ بِهِ صَاحِبُ الْعِمَارَةِ وَلَا يُمْلَكُ بِإِحْيَاءٍ اهـ.

وَالضَّمِيرُ فِي أَنْ يَكُونَ لِلِاخْتِصَاصِ بِمَعْنَى الْمُخْتَصِّ بِهِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ وَالْمُحْتَطَبُ اسْمٌ لِلْمَكَانِ الَّذِي يُقْطَعُ مِنْهُ الْحَطَبُ وَكَذَا مَرْعًى اسْمٌ لِمَكَانِ الرَّعْيِ وَقَوْلُهُ لِبَلَدٍ حَالٌ مِنْ الْمُحْتَطَبِ وَالْمَرْعَى وَكَمُحْتَطَبٍ وَمَرْعًى خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: وَذَلِكَ كَمُحْتَطَبٍ وَمَرْعًى يُلْحَقُ كُلٌّ غُدُوًّا وَرَوَاحًا أَيْ: ذَهَابًا وَإِيَابًا فِي يَوْمٍ مَعَ قَضَاءِ مَصَالِحِهِ كَالِانْتِفَاعِ بِالْحَطَبِ مِنْ طَبْخٍ وَنَحْوِهِ وَالِانْتِفَاعِ بِالدَّوَابِّ مِنْ الْحَلْبِ وَالطَّبْخِ وَمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ لَا مُجَرَّدُ الْغُدُوِّ وَالرَّوَاحِ أَيْ: يَلْحَقُ غُدُوًّا وَرَوَاحًا لِتَحْصِيلِ الْمَطْلُوبِ مِنْ الْغُدُوِّ وَالرَّوَاحِ أَيْ: رُجُوعِ آخِرِ النَّهَارِ وَالْمُرَادُ بِأَوَّلِ النَّهَارِ مَا قَبْلَ الزَّوَالِ وَبِآخِرِهِ مَا بَعْدَ الزَّوَالِ.

(ص) وَمَا لَا يَضِيقُ عَلَى وَارِدٍ (ش) يُشِيرُ بِهِ إلَى حَرِيمِ بِئْرِ الْمَاشِيَةِ

ــ

[حاشية العدوي]

كَذَلِكَ فَصَارَ الْحَاصِلُ أَنَّ الْبِنَاءَ الَّذِي دَثَرَ إنْ كَانَ نَاشِئًا عَنْ إحْيَاءٍ فَإِنَّهُ يَزُولُ مِلْكُ بَانِيهِ عَنْهُ بِشَرْطَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنْ يَطُولَ الزَّمَانُ بَعْدَ انْدِرَاسِهِ، وَالثَّانِي: أَنْ يُحْيِيَهُ شَخْصٌ آخَرُ بَعْدَ ذَلِكَ الطُّولِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ نَاشِئًا عَنْ شِرَاءٍ مِمَّنْ أَحْيَاهُ أَوْ قَبِلَهُ مِنْ وَاهِبٍ أَوْ مُتَصَدِّقٍ وَبَنَاهُ فَإِنَّهُ لَا يَزُولُ مِلْكُ بَانِيهِ عَنْهُ وَلَوْ طَالَ الزَّمَانُ بَعْدَ الِانْدِرَاسِ وَلَوْ أَحْيَاهَا آخَرُ فَلَا عِبْرَةَ بِإِحْيَائِهِ أَيْ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الْأَرْضَ كَانَتْ مَوَاتًا، فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِعِمَارَةٍ لِلْمُلَابَسَةِ عَلَى حَلِّ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّ الْعِمَارَةَ فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَتْ سَبَبًا لِلِاخْتِصَاصِ فَيَرْجِعُ حَاصِلُ الْمَعْنَى أَنَّ الِاخْتِصَاصَ مُلْتَبِسٌ بِعِمَارَةٍ أَيْ: بِنَاءٍ إذَا كَانَ نَاشِئًا عَنْ شِرَاءٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ هِبَةٍ لَا إنْ كَانَ نَاشِئًا عَنْ إحْيَاءٍ فَيُفِيدُ أَنَّ الْإِحْيَاءَ لَمْ يَكُنْ بِالْعِمَارَةِ بَلْ الْإِحْيَاءُ حَصَلَ بِشَيْءٍ آخَرَ وَالْعِمَارَةُ نَاشِئَةٌ عَنْ ذَلِكَ الْإِحْيَاءِ مَعَ أَنَّ الْأَمْرَ لَيْسَ كَذَلِكَ وَنُسْخَةُ شَيْخِنَا عَبْدِ اللَّهِ وَالْمَعْنَى إذَا انْدَرَسَتْ وَكَانَتْ نَاشِئَةً عَنْ بَيْعٍ أَوْ صَدَقَةٍ وَنَحْوِهِمَا مِمَّنْ مَلَكَهَا مِنْ مَوَاتٍ بِإِحْيَاءٍ أَوْ إقْطَاعٍ فَإِنَّهَا لَا تَصِيرُ مَوَاتًا فَإِنْ كَانَتْ الْعِمَارَةُ الْمُنْدَرِسَةُ نَاشِئَةً عَنْ إحْيَاءٍ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ مَوَاتًا وَتَبْطُلُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَكُونُ الثَّانِي أَحَقَّ بِهَا) أَيْ إذَا كَانَتْ الْعِمَارَةُ الْأُولَى نَاشِئَةً عَنْ إحْيَاءٍ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ أَحْيَاهُ الثَّانِي) وَلَيْسَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ إشَارَةً إلَى الْإِحْيَاءِ الْوَاقِعِ مِنْ الثَّانِي لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إلَّا لِإِحْيَاءٍ أَيْ: مَا لَمْ تَكُنْ الْعِمَارَةُ نَاشِئَةً عَنْ إحْيَاءٍ.

(قَوْلُهُ وَمَا بَعْدَهُ تَفْصِيلٌ لَهُ) أَيْ: الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ كَمُحْتَطَبٍ وَمَرْعًى (قَوْلُهُ كَالْبَاءِ الْوَاقِعَةِ إلَخْ) الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي الْمَنْفِيِّ أَيْ: أَنَّ الْبَاءَ لِلسَّبَبِيَّةِ فِيمَا قَبْلَهَا الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ بِعِمَارَةٍ وَمَا بَعْدَهَا الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ وَبِإِقْطَاعِ الْإِمَامِ مَعَ أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْبَاءَ فِي بِعِمَارَةٍ لَيْسَتْ لِلسَّبَبِيَّةِ وَإِنَّمَا هُوَ بَاءُ الْمُلَابَسَةِ وَإِنْ جَعَلْتَهُ تَشْبِيهًا فِي النَّفْيِ صَحَّ فِي قَوْلِهِ بِعِمَارَةٍ وَفَسَدَ فِيمَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ الْبَاءَ فِي قَوْلِهِ وَبِإِقْطَاعٍ إلَخْ لِلسَّبَبِيَّةِ قَطْعًا (قَوْلُهُ لَيْسَ سَبَبًا إلَخْ) أَيْ: بَلْ هُوَ مُسَبَّبٌ عَنْ الِاخْتِصَاصِ بِالْبَلَدِ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلْبَلَدِ.

(قَوْلُهُ أَيْ أَنَّ الِاخْتِصَاصَ إلَخْ) نَاظِرٌ لِلْمَعْنَى وَقَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ أَيْ حِينَ قُلْنَا ذَلِكَ الْمَنْظُورُ فِيهِ لِجَانِبِ الْمَعْنَى فَنَنْتَقِلُ لِحَلِّ الْإِعْرَابِ فَنَقُولُ فَقَوْلُهُ وَبِحَرِيمِهَا عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ إلَخْ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُلَائِمُ أَوَّلَ الْعِبَارَةِ حَيْثُ قَالَ وَالِاخْتِصَاصُ كَائِنٌ بِعِمَارَةٍ (قَوْلُهُ وَيَدُلُّ لِمَا ذَكَرْنَا) الدَّلَالَةُ مِنْ قَوْلِهِ يَخْتَصُّ بِهِ صَاحِبُ الْعِمَارَةِ (قَوْلُهُ وَلَا يُمْلَكُ بِإِحْيَاءٍ) أَيْ: إذَا أَرَادَ شَخْصٌ أَنْ يُحْيِيَهُ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْهُ نَعَمْ لَهُ ذَلِكَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ قَطْعًا.

(قَوْلُهُ يُلْحَقُ كُلٌّ غُدُوًّا وَرَوَاحًا) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ يُلْحَقُ كُلٌّ مِنْ الْمُحْتَطَبِ وَالْمَرْعَى فِي الْغُدُوِّ وَالرَّوَاحِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ إنَّمَا يُلْحَقَانِ فِي الْغُدُوِّ فَقَطْ فَقَوْلُهُ وَرَوَاحًا مَعْمُولٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ: وَيَرْجِعُ مِنْهُ رَوَاحًا أَيَفِي وَقْتُ الرَّوَاحِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي يَكُونُ فِي وَقْتِ الرَّوَاحِ إنَّمَا هُوَ رُجُوعُهَا مِنْ الْمَرْعَى لِمَنْزِلِهَا ثُمَّ إنَّهُ قَدْ يَكُونُ الْخُرُوجُ وَقْتَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَدْ يَكُونُ قَبْلَهُ، وَوَقْتُ الرُّجُوعِ يَخْتَلِفُ أَيْضًا وَقَدْ يُقِيلُونَ فِي وَسَطِ النَّهَارِ وَقَدْ لَا يُقِيلُونَ فَيُعْتَبَرُ الْغَالِبُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَقَدْ يَكُونُ الْمُحْتَطَبُ أَبْعَدَ مِنْ الْمَرْعَى وَعَكْسَهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَرِيمَ أَبْعَدُهُمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ (قَوْلُهُ مِنْ الْغُدُوِّ وَالرَّوَاحِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْمَطْلُوبِ وَمِنْ لِلتَّعْدِيَةِ لَا لِلْبَيَانِ

(قَوْلُهُ وَمَا لَا يَضِيقُ) عَطْفٌ عَلَى كَمُحْتَطَبٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>