للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَكْثَرُ الْقَرَوِيِّينَ.

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مَسَائِلِ الصُّلْحِ الَّتِي أَرَادَ وَكَانَتْ الْحَوَالَةُ شَبِيهَةً بِهِ لِأَنَّهُ تَحْوِيلٌ مِنْ شَيْءٍ لِآخَرَ كَمَا أَنَّهَا كَذَلِكَ تَحْوِيلُ الطَّالِبِ مِنْ طَلَبِ غَرِيمِهِ لِغَرِيمِ غَرِيمِهِ أَتْبَعَهَا بِهِ وَهِيَ بِفَتْحِ الْحَاءِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ التَّحْوِيلِ مِنْ شَيْءٍ إلَى شَيْءٍ وَحَدَّهَا ابْنُ عَرَفَةَ فَقَالَ هِيَ طَرْحُ الدَّيْنِ عَنْ ذِمَّةٍ بِمِثْلِهِ فِي أُخْرَى قَالَ وَلَا تَرِدُ الْمُقَاصَّةُ إذْ لَيْسَتْ طَرْحًا بِمِثْلِهِ فِي أُخْرَى لِامْتِنَاعِ تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِذِمَّةِ مَنْ هُوَ لَهُ قَالَ وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ نَقْلُ الدَّيْنِ مِنْ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ تَبْرَأُ بِهَا الْأُولَى تُعُقِّبَ بِأَنَّ النَّقْلَ حَقِيقَةٌ فِي الْأَجْسَامِ انْتَهَى وَاعْتَنَى الْمُؤَلِّفُ بِشُرُوطِهَا فَقَالَ (بَابٌ) شَرْطُ الْحَوَالَةِ رِضَا الْمُحِيلِ وَالْمُحَالِ فَقَطْ (ش) أَيْ شَرْطُ لُزُومِ الْحَوَالَةِ أَيْ حَوَالَةِ الْقَطْعِ رِضَا مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَمَنْ لَهُ لَا الْمُحَالِ عَلَيْهِ إذْ هُوَ مَحَلٌّ لِلتَّصَرُّفِ بِاعْتِبَارِ الدَّيْنِ الَّذِي عِنْدَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ مَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُحَالِ عَدَاوَةٌ فَإِنَّهُ لَا تَصِحُّ الْحَوَالَةُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالْمَازِرِيِّ وَإِنَّمَا يَعْرِضُ الْإِشْكَالُ لَوْ اسْتَدَانَ رَجُلٌ مِنْ آخَرَ دَيْنًا ثُمَّ حَدَثَتْ الْعَدَاوَةُ بَعْدَ الْمُدَايَنَةِ هَلْ يُمْنَعُ مِنْ اقْتِضَاءِ دَيْنِهِ لِئَلَّا يُبَالِغَ فِي إيذَائِهِ بِعُنْفِ مُطَالَبَتِهِ فَيُوَكِّلُ مَنْ يَقْضِيهِ عَنْهُ أَوْ لَا يُمْنَعُ؟ لِأَنَّهَا ضَرُورَةٌ سَبَقَتْ وَقَدْ دَخَلَ عَلَى أَنَّ صَاحِبَ الْحَقِّ يَقْتَضِي حَقَّهُ وَتَرَدَّدَ فِي ذَلِكَ ابْنُ الْقَصَّارِ وَفَحْوَى كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ الِاقْتِضَاءِ بِنَفْسِهِ وَقَوْلُنَا فِي صَدْرِ الْمَسْأَلَةِ أَيْ حَوَالَةِ الْقَطْعِ احْتِرَازًا مِنْ حَوَالَةِ الْإِذْنِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا هَذِهِ الشُّرُوطُ بَلْ تَجُوزُ بِمَا حَلَّ وَبِمَا لَمْ يَحِلَّ وَالطَّعَامِ وَغَيْرِهِ وَهِيَ تَوْكِيلٌ وَلِلْمُحِيلِ عَزْلُ الْمُحَالِ وَلَا تَبْرَأُ ذِمَّةُ الْمُحِيلِ إلَّا بِالْقَبْضِ.

(ص)

ــ

[حاشية العدوي]

[بَاب الْحَوَالَةِ] [شُرُوطُ لُزُومِ الْحَوَالَةِ]

قَوْلُهُ أَتْبَعَهَا بِهِ) الْمُنَاسِبُ أَتْبَعَهَا لَهُ (قَوْلُهُ طَرْحُ الدَّيْنِ) وَرَدَّ عَلَيْهِ مَنْ وَهَبَ لِرَجُلٍ شَيْئًا أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ ثُمَّ أَحَالَهُ بِهِ عَلَى مَنْ لَهُ مِثْلُهُ فَإِنَّهُ حَوَالَةٌ وَلَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ دَيْنٌ عُرْفًا انْتَهَى وَهُوَ وَارِدٌ أَيْضًا عَلَى الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهُ جَعَلَ مِنْ شُرُوطِهَا ثُبُوتَ الدَّيْنِ اللَّازِمِ (قَوْلُهُ إذْ لَيْسَتْ طَرْحًا بِمِثْلِهِ فِي أُخْرَى) أَقُولُ بَلْ هِيَ طَرْحُ الدَّيْنِ بِمِثْلِهِ الْمُتَقَرِّرِ فِي الذِّمَّةِ الْأُخْرَى فَكُلٌّ مِنْهُمَا انْطَرَحَ عَنْهُ الدَّيْنُ بِسَبَبِ مَالِهِ الْمُتَقَرِّرِ فِي الذِّمَّةِ الْأُخْرَى فَوُرُودُهَا عَلَى التَّعْرِيفِ ظَاهِرٌ فَقَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ فِي أُخْرَى لَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِطَرْحٍ بَلْ هُوَ صِفَةٌ لِقَوْلِهِ بِمِثْلِهِ أَيْ هِيَ طَرْحُ الدَّيْنِ عَنْ ذِمَّةٍ بِمُقَابَلَةِ مِثْلِهِ الْمُتَقَرِّرِ فِي الْأُخْرَى وَأَمَّا قَوْلُهُ لِامْتِنَاعِ إلَخْ فَلَا يُفِيدُ شَيْئًا لِأَنَّ مَعْنَاهُ يَمْتَنِعُ تَعَلُّقُ الدَّيْنِ بِذِمَّةِ مَنْ لَهُ ذَلِكَ الدَّيْنُ لِأَنَّ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ لَا يَكُونُ لَهُ بَلْ يَكُونُ عَلَيْهِ فَنَقُولُ لَهُ هَذَا مُسَلَّمٌ وَلَكِنْ وُرُودُهَا عَلَى التَّعْرِيفِ لَا يَقْتَضِي أَنَّ الدَّيْنَ قَدْ تَعَلَّقَ بِذِمَّةِ مَنْ لَهُ الدَّيْنُ حَتَّى يُقَالَ لَا تُرَدُّ لِامْتِنَاعِ تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِذِمَّةِ مَنْ الدَّيْنُ لَهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الدَّيْنَ الْمُتَعَلِّقَ بِذِمَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَلْ لِصَاحِبِهِ وَالدَّيْنُ الَّذِي لِكُلٍّ مِنْهُمَا هُوَ الْمُتَعَلِّقُ بِذِمَّةِ صَاحِبِهِ فَسَقَطَ فِي الْمُقَاصَّةِ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا فِي ذِمَّتِهِ بِسَبَبِ مَا لَهُ فِي ذِمَّةِ صَاحِبِهِ فَالْوُرُودُ عَلَى التَّعْرِيفِ لَا شَكَّ فِيهِ.

(قَوْلُهُ فَقَالَ) وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ حَقِيقَةٌ فِي الْأَجْسَامِ مَجَازٌ فِي الْمَعَانِي وَاسْتِعْمَالُ الْمَجَازِ فِي التَّعَارِيفِ مَهْجُورٌ وَأُجِيبَ بِأَنَّ النَّقْلَ صَارَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً وَبِأَنَّ الْمَجَازَ يَجُوزُ دُخُولُهُ فِي التَّعْرِيفِ بِقَرِينَةٍ وَالْقَرِينَةُ هُنَا إضَافَتُهُ لِلدَّيْنِ وَتَعَقَّبَ قَوْلَهُ تَبْرَأُ بِهَا الْأُولَى فَإِنَّهُ حَشْوٌ لِعَدَمِ إفَادَتِهِ مَدْخَلًا وَمَخْرَجًا وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الْحَمَالَةِ فَإِنْ فِيهَا شَغْلَ ذِمَّةٍ وَلَا تَبْرَأُ بِهَا الْأُولَى وَتَعَقَّبَ ابْنُ نَاجِي هَذَا الْجَوَابَ بِأَنَّ نَقْلَ الدَّيْنِ يَقْتَضِي خُرُوجَ الْحَمَالَةِ وَقَوْلُهُ إلَى ذِمَّةٍ مُخْرِجٌ لِلْحَوَالَةِ عَلَى الْمَيِّتِ إذْ لَا ذِمَّةَ لَهُ لِخَرَابِهَا انْتَهَى

(بَابُ الْحَوَالَةِ) (قَوْلُهُ رِضَا الْمُحِيلِ وَالْمُحَالِ فَقَطْ) لَا الْمُحَالِ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَكَذَا لَا يُشْتَرَطُ حُضُورُهُ وَإِقْرَارُهُ بِالدَّيْنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ مُرَجَّحَيْنِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا أَصْلٌ بِرَأْسِهَا وَالثَّانِي بِاشْتِرَاطِهِمَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَعِبَارَةُ عب لَا تَظْهَرُ وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ رِضَا الْمُحَالِ عَلَيْهِ فِي مَسْأَلَتَيْنِ إحْدَاهُمَا قَوْلُهُ فِيمَا يَأْتِي فَإِنْ أَعْلَمَهُ بِعَدَمِهِ وَشَرَطَ الْبَرَاءَةَ صَحَّ وَالثَّانِيَةِ وُجُودُ عَدَاوَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُحَالِ سَابِقَةٍ عَنْ وَقْتِ الْحَوَالَةِ بَلْ لَا تَصِحُّ الْحَوَالَةُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ الْمَازِرِيُّ وَإِنَّمَا يَعْرِضُ الْإِشْكَالُ) لَيْسَ فِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ وَنُسْخَةُ الشَّارِحِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَمَّا لَوْ حَدَثَتْ الْعَدَاوَةُ بَعْدَ الْمُدَايِنَةِ هَلْ يُمْنَعُ إلَخْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّارِحَ تَكَلَّمَ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْعَدَاوَةُ سَابِقَةً عَلَى الْحَوَالَةِ وَذَلِكَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ مَا لَمْ يَكُنْ إلَخْ وَسَكَتَ عَمَّا إذَا حَدَثَتْ بَعْدَ الْحَوَالَةِ وَهِيَ الْمَقِيسَةُ عَلَى مَسْأَلَةِ الْمُدَايِنَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَعَلَى نُسْخَةِ الشَّارِحِ يَكُونُ قَوْلُهُ وَأَمَّا لَوْ حَدَثَتْ الْعَدَاوَةُ بَعْدَ الْمُدَايِنَةِ إلَخْ مَسْأَلَةٌ خَارِجَةٌ عَنْ الْمَوْضُوعِ فَالْمُنَاسِبُ حَيْثُ ذَكَرَهَا أَنْ يَذْكُرَ الْمَسْأَلَةَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالْمَقَامِ الْمَقِيسَةَ عَلَيْهَا وَهِيَ مَا إذَا حَدَثَتْ الْعَدَاوَةُ بَعْدَ الْحَوَالَةِ وَأَمَّا عَلَى نُسْخَةِ الْمَازِرِيِّ إلَخْ فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا إشْكَالَ إذَا سَبَقَتْ الْعَدَاوَةُ عَلَى الْحَوَالَةِ فَالْمُنَاسِبُ لَهُ أَنْ يَقُولَ وَإِنَّمَا الْإِشْكَالُ إذَا تَأَخَّرَتْ الْعَدَاوَةُ عَلَى الْحَوَالَةِ فَيُقَاسُ عَلَى مَا إذَا حَدَثَتْ الْعَدَاوَةُ عَلَى الْمُدَايِنَةِ.

(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَعْرِضُ الْإِشْكَالُ) أَيْ التَّحَيُّرُ وَالتَّرَدُّدُ (قَوْلُهُ لَوْ اسْتَدَانَ رَجُلٌ إلَخْ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَصْلٌ لِلنَّصِّ فَيُقَاسُ عَلَيْهَا الْحَوَالَةُ إذَا حَدَثَتْ الْعَدَاوَةُ بَعْدَهَا هَلْ يُمْنَعُ مِنْ اقْتِضَاءِ دَيْنِهِ أَوْ يُوَكِّلُ وَالظَّاهِرُ مِنْ التَّرَدُّدِ أَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ الِاقْتِضَاءِ بَلْ يُوَكِّلُ (قَوْلُهُ احْتِرَازًا مِنْ حَوَالَةِ الْإِذْنِ) أَيْ فَالنَّاظِرُ يُحِيلُ بَعْضَ الْمُسْتَحَقِّينَ عَلَى سَاكِنٍ مَثَلًا إلَخْ هَذِهِ حَوَالَةُ الْإِذْنِ وَلِلنَّاظِرِ أَنْ يَعْزِلَ مَنْ أَحَالَهُ وَلَا يَبْرَأُ النَّاظِرُ إلَّا أَنْ يَقْبِضَ الْمُسْتَحَقَّ بِالْفِعْلِ لَا بِمُجَرَّدِ الْحَوَالَةِ وَأَمَّا الْحَوَالَةُ الْقَطْعِيَّةُ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ فِيهَا بِمُجَرَّدِ الْحَوَالَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>